في غضون يوم ونصف اليوم، واجهت روسيا تهديداً خطيراً يتمثل في تمرد مسلح شنه مقاتلو مجموعة «فاغنر»، الذين كانوا يسيرون نحو موسكو ويحتلون المدن على طول الطريق، قبل أن يقرروا التراجع والانسحاب بعد صفقة مفاجئة مع بيلاروسيا لنزع فتيل الأزمة.
لكن، على الرغم من ذلك، فقد حذر عدد من الخبراء من أن هذا الانسحاب لا يعني انتهاء خطر «فاغنر»، مشيرين إلى أنه «من غير المحتمل أن تنتهي هذه الانتفاضة النادرة بهذه السرعة دون عواقب لاحقة»، وفقاً لما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
ولا يزال الكثير غير واضح بشأن مستقبل قائد «فاغنر» يفغيني بريغوجين، داخل المجموعة، وما إذا كانت مشاركته في حرب أوكرانيا ستنتهي.
أما بالنسبة للمقاتلين، فقد أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف، للصحافيين، أن جزءاً من قوات «فاغنر»، الذين قرروا عدم المشاركة في التمرد المسلح، سيتمكنون من توقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية.
وقال بيسكوف: «تم التوصل إلى اتفاق يقضي بعودة قوات مجموعة (فاغنر) العسكرية الخاصة إلى معسكراتها وأماكن انتشارها... ويمكن لبعضهم أن يوقعوا عقوداً في وقت لاحق مع وزارة الدفاع إذا رغبوا في ذلك... كما ينطبق (الاتفاق) على المقاتلين الذين قرروا عدم المشاركة في هذا (التمرد المسلح)»، حسب وكالة أنباء «تاس» الروسية.
وقال الرائد المتقاعد بالجيش الأميركي مايك ليونز، يوم السبت، إن «فاغنر» هي مجموعة «سرية قتالية مستقلة» تعيش في ظروف مختلفة عن ظروف الجيش الروسي.
وأوضح قائلاً: «على سبيل المثال، اعتاد مقاتلو (فاغنر) على تناول أطعمة أفضل بكثير من تلك التي يتناولها أفراد الجيش الروسي. وأعتقد أن المجموعة لن تستطيع التعايش مع هذه الظروف الصعبة».
وأضاف: «أتوقع أن ينشق بعض أفراد المجموعة عن الجيش إذا انضموا إليه. هؤلاء الناس مخلصون لبريغوجين، وليس للبلد. أعتقد أن لدينا الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها في الوقت الحالي».
ومن جهتها، قالت جيل دوغيرتي، الخبيرة في الشؤون الروسية، إن بوتين «لا يغفر للخونة»، وإنه قد يقتل بريغوجين في بيلاروسيا. لكنها أشارت إلى أن هذا الأمر قد يعرض موسكو لمعضلة كبيرة، لأن بريغوجين يحظى بدعم كبير.
وتابعت: «بريغوجين يمثل تهديداً قوياً لبوتين، بغض النظر عن مكان وجوده».
وقال العديد من الخبراء لشبكة «سي إن إن»، إنه بينما نجا الرئيس الروسي من الأزمة، فإنه يبدو الآن ضعيفاً، ليس فقط أمام العالم وأعدائه، ولكن أيضاً أمام شعبه وجيشه. وقد يشكل ذلك خطراً عليه، لأن معارضيه وخصومه قد يستغلون هذا الأمر ضده.
وقالت دوغيرتي: «لو كنت مكان بوتين، كنت سأكون قلقة جداً بشأن أولئك الناس الذين هتفوا لقوات (فاغنر) أثناء مغادرتهم مدينة روستوف أون دون».
وتابعت: «لماذا يهتف الروس العاديون في الشوارع لأشخاص حاولوا للتو القيام بانقلاب؟ هذا يعني أنهم ربما يدعمونهم أو يحبونهم. هذه أخبار سيئة حقاً لبوتين».
ومن جهته، قال ستيف هول، رئيس العمليات الروسية السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إن بوتين «في وضع سيئ وضعيف».
وأضاف: «كان ينبغي على بوتين توقع حدوث ذلك منذ شهور. سنرى كيف ينتهي الأمر. لا أعتقد أن القصة قد انتهت بعد».