زعيم «فاغنر»... حسين كامل الروسي

بريغوجين يقدّم الطعام لبوتين في مطعم خارج موسكو عام 2011 (أ.ب)
بريغوجين يقدّم الطعام لبوتين في مطعم خارج موسكو عام 2011 (أ.ب)
TT

زعيم «فاغنر»... حسين كامل الروسي

بريغوجين يقدّم الطعام لبوتين في مطعم خارج موسكو عام 2011 (أ.ب)
بريغوجين يقدّم الطعام لبوتين في مطعم خارج موسكو عام 2011 (أ.ب)

بعض الأحداث تغري بالمقارنات، على رغم اختلاف الحقب والمسارح والرجال. وما أصعب أن يستيقظ السيد الرئيس على رائحة الخيانة. وأن يتلقى «طعنة في الظهر» من تحت جناحيه. وأن يكون المُرتكب رجلاً منحه ثقته. وفتح له أبواب القصر والثروة والنفوذ وأعاره من قوته وحماه من المنافسين والحسّاد. وأن يكون تسامح حيال تحوّله قائداً يتباهى بانتصاراته ونجماً تتجاذب الشاشات صوره وعباراته المسنونة.

على رغم براعته في إخفاء مشاعره، لاحت المرارات اليوم في وجه فلاديمير بوتين وهو يخاطب شعبه. ليس بسيطاً على الرجل الغارق في معركة إخضاع أوكرانيا والغرب أن يرى النار تندلع في الدار وأن يُستدعى إلى مبارزة مع الرجل الذي ما كان شيئاً لولاه. ولا مبالغة في القول إن بوتين اخترع يفغيني بريغوجين ودفعه إلى مسارح الحروب والأضواء.

حسين كامل (الأول من اليمين في الصف الثاني) مع عائلة صدام حسين (غيتي)

ذكّرتني قصة الخيانة الروسية بقصة عراقية. يقول أحد المقيمين طويلاً في قصر صدام حسين إنه لم يلمح مرارات في عيني السيّد الرئيس كتلك التي سكنتهما بعد «الطعنة في الظهر» التي تلقاها من صهره حسين كامل، وتمثّلت في فراره إلى الأردن. اعتبر صدام الرجل الفار خائناً حين تناهى إليه أنه سلّم الأجهزة الغربية أسراراً عسكرية كانت لجان التفتيش عجزت عن اكتشافها.

وعلى رغم قرار سابق اتخذه يحظر على المخابرات العراقية تنفيذ هجمات في الخارج، خرق صدام قراره وطالب المخابرات بتأديب حسين كامل في منفاه الأردني. أرسل الجهاز إلى عمّان فريقاً من 5 أشخاص، بينهم سيدتان، لكن هؤلاء عجزوا عن الاقتراب من الهدف وعادوا إلى بغداد. بعدها اختار النظام أسلوباً آخر في العقاب. طمأن المستهدف فعاد إلى العراق، وكان الإخراج أن تتولى العشيرة قتله لغسل خيانته، وهكذا كان.

كان حسين كامل مجرّد جندي في الحماية. شجاعته استوقفت الرئيس فاستدعاه وقرّبه ودفعه إلى صعود السلالم سريعاً في ظله. أعطاه النفوذ وأعاره من قوته ثم أعطاه ابنته والحقائب الوزارية فصار الأقوى تحت سقف صدام حسين.

رئيس مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية يفغيني بريغوجين (أ.ب)

كان بريغوجين مجرد سجين سابق. افتتح مطعماً وأرضى الزبائن وبينهم سيد الكرملين، فتحوّل متعهداً لولائم الكرملين ثم لأغذية الجيش. وكانت النقلة الكبرى حين تحوّل في 2014 زعيماً لميليشيا اسمها جماعة «فاغنر».

اجتاح الجيش الروسي أوكرانيا وسرعان ما تكشفت مواطن ضعفه. انتهز بريغوجين الفرصة. أحضر السجناء والمرتزقة ومن تدربوا في حرائق دول بعيدة وزجّهم في الحرب الأوكرانية ونجح في تحقيق انتصار في باخموت فوق بحر من الجثث. هاله أن يجلس جنرالات الجيش في مكاتبهم في موسكو وأن يراقبوا الحرب بالمناظير. هاجمهم بلا هوادة ونشر غسيل العجز والفساد على الشاشات.

صدام قائد «الحشد الشعبي» الروسي مع المؤسسة العسكرية تحوّل تمرداً دموياً جرح هيبة الرئيس وصورة البلاد. لا صدّام غفر لحسين كامل خيانته، ولا بوتين سيفعل.

دائماً يكمن تحت جناحي القائد رجل شجاع لا حدود لجشعه. دائماً هناك رجل قوي يخفي لعابه بانتظار الخيانة في الوقت المناسب.


مقالات ذات صلة

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

أفريقيا مواطنون ماليون يحتفلون بعودة جنود من الجيش من معارك ضد الإرهاب (الجيش المالي)

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

نفذ الجيش المالي عملية عسكرية «خاصة» على الحدود مع النيجر، أسفرت عن اعتقال قيادي بارز في «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)

بعد قرار تشاد... هل خسرت فرنسا آخر موطئ قدم في الساحل؟

تشاد تنهي اتفاق التعاون العسكري والأمني مع فرنسا، لتلتحق بركب دول الساحل؛ مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي دخلت في قطيعة مع فرنسا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية»


ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)
TT

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية»


ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)

شغلت أوكرانيا حيزاً أساسياً في خطاب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمام الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم، بالإليزيه أمس، موجهاً رسائل بشأنها في اتجاهات عدة.

فقد لمح ماكرون للأوكرانيين بأن وضع حد للحرب لا يمكن أن يتم من غير تنازل كييف عن بعض أراضيها. وقال إن على الأوكرانيين تقبل «إجراء مناقشات واقعية حول القضايا الإقليمية»، أي حول الأراضي.

وخاطب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قائلاً: «لا يوجد حل سريع وسهل في أوكرانيا»، داعياً إلى «توفير المساعدة من أجل تغيير طبيعة الوضع وإقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات». كما حذر من أن أميركا «لا تملك أي فرصة للفوز بأي شيء إذا خسرت أوكرانيا».

وهاجم ماكرون بعنف إيلون ماسك من دون تسميته، عادّاً أنه يشكل خطراً على الديمقراطية ومؤسساتها.