روسيا تنفي تحقيق أوكرانيا «ثغرة مهمة» في خطوطها الدفاعية

موسكو تحذّر من «تلوث نووي» في حال هاجمت كييف محطة زابوريجيا

جندي أوكراني خلال معارك ضد القوات الروسية في إقليم دونيتسك يوم الخميس (رويترز)
جندي أوكراني خلال معارك ضد القوات الروسية في إقليم دونيتسك يوم الخميس (رويترز)
TT

روسيا تنفي تحقيق أوكرانيا «ثغرة مهمة» في خطوطها الدفاعية

جندي أوكراني خلال معارك ضد القوات الروسية في إقليم دونيتسك يوم الخميس (رويترز)
جندي أوكراني خلال معارك ضد القوات الروسية في إقليم دونيتسك يوم الخميس (رويترز)

بعد تقارير ليل الخميس تحدثت عن هجوم أوكراني عنيف على خطوط الدفاع الروسية في جنوب البلاد، نفت موسكو اليوم (الجمعة) صحة معطيات حول نجاح كييف في إحداث «ثغرة مهمة» على محورَي زابوريجيا ودونيتسك. وقالت إن قواتها «تحكم سيطرتها» على المنطقتين، مؤكدة تكبيد الجانب الأوكراني خسائر فادحة «على الجبهات كلها»، الأمر الذي أسفر عن تخفيف وتيرة «الهجوم المضاد».

وجاءت هذه التطورات الميدانية في ظل مخاوف من هجوم أوكراني يهدف إلى استعادة محطة زابوريجيا النووية، ما يثير قلقاً من حصول تسرب إشعاعي. وقال مسؤول نووي روسي، اليوم، إن ما وصفها بمزاعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن موسكو تخطط لهجوم على محطة زابوريجيا للطاقة النووية هي تمهيد لمحاولة من كييف للسيطرة على المحطة، محذراً من وقوع كارثة نووية. وذكر رينات كارتشا مستشار المدير العام لشركة «روس إينيرجو أتوم»، في مقابلة مع وكالة «تاس» الروسية، نشرتها اليوم (الجمعة)، أن تصريحات زيلينسكي في هذا الصدد تهدف لتهيئة الرأي العام لحادث نووي قد ينجم عن محاولة أوكرانيا السيطرة على المحطة. وأضاف: «وفقاً لتوقعاتي، فإن احتمالات الاستيلاء العنيف على المحطة قد زادت كثيراً. لكن عملية الاستيلاء ليست هي ما تدعو للخوف، بل خطر التلوث النووي الممتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة الذي قد يحدث نتيجة استخدام القوة».

آلية روسية مدمرة قرب كاتدرائية متضررة جراء المعارك في إقليم دونيتسك يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتزامن تصريحه مع إعلان وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن قواتها نجحت في صد هجوم أوكراني قوي ليلة الخميس - الجمعة، وحافظت على مواقعها في إقليمي دونيتسك زابوريجيا. وكانت كييف أعلنت أنها استعادت بلدة سادوفويه القريبة من مدينة توكماك في مقاطعة زابوريجيا، ومدينة أوروجاينويه في دونيتسك، في إطار هجوم قوي نجح في إحداث ثغرة قوية في صفوف القوات الروسية.

وأكد بيان الوزارة الروسية أن «قواتنا الآن في سادوفويه في مقاطعة زابوريجيا، وبالنسبة للمعلومات حول أن القوات الأوكرانية احتلت المنطقة، فهي غير صحيحة. نحن متمسكون هنا بقوة، ونحافظ على خطوط الدفاع، ولن نسمح للعدو بالتسلل. سادوفويه تحت السيطرة الكاملة للقوات الروسية». ووفقاً لوزارة الدفاع فإن «القوات المسلحة الأوكرانية لا تتوقف عن محاولة التقدم على هذا القطاع من الجبهة، وتستمر المعارك بالمدفعية ليل نهار».

وأشار بيان وزارة الدفاع إلى أن مدينة أوروجاينويه في دونيتسك ما زالت كذلك تحت سيطرة القوات الروسية، ونشرت الوزارة مقطع فيديو ظهر فيه جندي روسي واقفاً بالقرب من مبنى بلدية المدينة. وقال الجندي أمام الكاميرا: «ستبقى مدينة أوروجاينويه تحت سيطرة القوات الروسية... رجالنا قوة فولاذية».

وشددت الوزارة الروسية على أن «القوات الأوكرانية لم تنجح في التقدم في أي اتجاه، وتكبدت خسائر فادحة، فقد تم بالفعل تدمير مئات من المعدات».

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وقائد الأركان فاليري غيراسيموف خلال لقاء سابق مع الرئيس فلاديمير بوتين عام 2022 (أ.ب)

وجاءت هذه التطورات بعد ساعات على إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، تشكيل جيش احتياطي جديد في قوام الجيش الروسي، قال إنه سيكون في الخدمة الميدانية مع حلول نهاية الشهر الحالي.

وقال شويغو، خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي، (مساء الخميس): «نشكل قوات احتياطية في فيلق جديد، بالإضافة إلى 5 أفواج في قوام جيش الدبابات الـ20، ونعمل على تجهيز 3700 آلية عسكرية لهذه القوات». وأضاف: «كل شيء يسير حسب الخطة، وحتى نهاية يونيو (حزيران) سنكمل تشكيل جيش الاحتياط». وتابع: «الأفواج الخمسة باتت جاهزة بنسبة 60 في المائة، سواء من حيث الأفراد أو المعدات».

وذكر شويغو أن القوات الروسية جندت 114 ألف متطوع بعقود مباشرة، إضافة إلى 52 ألف متطوع آخرين قيد التعاقد معهم. ووفقاً للوزير: «يلتحق يومياً 1336 متعاقداً جديداً، حيث نشكّل فوجاً جديداً كل يوم».

وخلال الاجتماع أعلن شويغو، أن القوات الأوكرانية حدّت من هجماتها على مختلف الجبهات، و«تعمل حالياً على إعادة ترتيب صفوفها». وقال: «بعد شن هجماته على مدار الـ16 يوماً الماضية، وتكبده خسائر فادحة، قلل العدو من نشاطه، ويعيد تجميع صفوفه الآن». وأكد أن «ما تم تسليمه من أسلحة غربية إلى كييف، وما سيتم تسليمه مستقبلاً لن يؤثر في مسار العملية الروسية في أوكرانيا».

وقال الوزير إن الحصيلة الإجمالية لخسائر أوكرانيا منذ بدء «الهجوم المضاد» قبل 16 يوماً (بحسب التقدير الروسي) بلغت 18 مدرعة أميركية «برادلي» من أصل 109 تم تسليمها لكييف، كما تم تدمير 246 دبابة غربية وسوفياتية. وأوضح شويغو أن البيانات المتعلقة بالخسائر التي لحقت بقوات كييف خلال هجومها المضاد «تم الحصول عليها باعتراض اتصالات القادة الأوكرانيين». ولفت إلى أن القوات الأوكرانية سوف تتسلم 250 دبابة من الغرب خلال هذا العام بما فيها 120 «ليوبارد» (ألمانية الصنع) و«31 أبرامز» (أميركية).

سيارة تسير يوم الخميس على طريق قرب جسر مدمر في قرية ليبتسي بإقليم خاركيف على بعد 10 كيلومترات من الحدود الروسية (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أعلن سلاح الجو الأوكراني (الجمعة) أنه أسقط خلال الليل 13 صاروخ «كروز» روسياً كانت تستهدف مدرجاً عسكرياً في غرب البلاد. وأفاد سلاح الجو عبر «تلغرام» بأن «الدفاعات الجوية دمرت كل الصواريخ الـ13 من طراز (كه-101/كه-555)»، مضيفاً: «هذه المرة كان الهجوم يستهدف مدرجاً عسكرياً في منطقة خميلنيتسكي» في غرب أوكرانيا، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح سلاح الجو الأوكراني أن الصواريخ «أُطلقت قرابة منتصف الليل من بحر قزوين من 4 قاذفات (توبوليف 95 إم إس)». وأشار رئيس بلدية خميلنيتسكي، أولكسندر سيمتشيشين، إلى وقوع انفجارات في المدينة التي كانت تضم 275 ألف نسمة قبل بدء الهجوم الروسي في نهاية فبراير (شباط) 2022. وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن أوكرانيا أعلنت (الجمعة) تحقيق بعض التقدم في الجنوب، حيث سجلت قواتها «نجاحاً جزئياً»، وفق متحدث عسكري أوكراني هو أندريي كوفاليوف. وقال المتحدث إن الجيش الأوكراني «يواصل احتواء هجوم القوات الروسية» في الشرق، مضيفاً أن «معارك على قدر خاص من الصعوبة تتواصل». من جانبها أفادت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار على «تلغرام»: «قواتنا الدفاعية أوقفت هجوم العدو في منطقة كوبيانسك وليمان».

نشكل قوات احتياطية في فيلق جديد بالإضافة إلى 5 أفواج في قوام جيش الدبابات الـ20، ونعمل على تجهيز 3700 آلية عسكرية لهذه القوات

سيرغي شويغو

مجلس الشيوخ الأميركي... السلاح النووي

امرأة تجر مساعدات غذائية في قرية ليبتسي بإقليم خاركيف قرب الحدود الروسية يوم الخميس (أ.ف.ب)

على صعيد آخر، انتقد السفير الروسي في واشنطن، أناتولي أنطونوف، بعبارات حادة، قرار مجلس الشيوخ الأميركي حول استخدام روسيا المحتمل للأسلحة النووية. ووصف تكهنات أعضاء مجلس الشيوخ باحتمال استخدام روسيا الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا بأنها «تكهنات سخيفة» و«خطاب رخيص، تظهر من خلاله النخبة الأميركية جهلاً مطلقاً في المجال الاستراتيجي».

ورأى السفير الذي كان سابقاً جنرالاً بارزاً في الجيش الروسي أن «مشروع قرار الحزبين إلى مجلس الشيوخ حول الرد على تهديد الأسلحة النووية التكتيكية الروسية في بيلاروسيا مظهر آخر من مظاهر الكراهية العمياء لروسيا. أصحاب هذا المشروع حريصون على انخراط الولايات المتحدة بشكل أعمق في نزاع أوكرانيا». وأضاف أن مثل هذه الممارسات تتجاوز «مبادرة مجنونة أخرى لأعضاء مجلس الشيوخ الذين يعانون من الخوف من روسيا، وهي مثال لشخص يقود نحو مواجهة مباشرة بين روسيا ودول الناتو بقيادة الولايات المتحدة».

وحذر من أن التصريحات «الاستفزازية وقصيرة النظر لأعضاء مجلس الشيوخ لا تؤدي إلا إلى تصعيد التوتر، وزيادة خطر انزلاق الوضع إلى خط أكثر خطورة».

وأشار أنطونوف إلى أن موسكو تنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا لأسباب قانونية، ومن دون انتهاك أي التزامات دولية.

وكان مجلس الشيوخ الأميركي أعد الخميس مشروع قرار ينص على اعتبار استخدام روسيا المحتمل للسلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا اعتداء على حلف «الناتو».

وقال أحد مهندسي القرار، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، خلال مؤتمر صحافي: «نطرح اليوم مشروع قرار على مجلس الشيوخ، ينص على أنه إن قامت روسيا أو بيلاروسيا بتفجير شحنة نووية في أوكرانيا لوقف الهجوم المضاد أو كسر إرادة الشعب الأوكراني، فسوف ينظر إلى هذا الهجوم على أنه هجوم على حلف الناتو».

وأشار السيناتور إلى تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً بأن «خطر استخدام روسيا السلاح النووي واقعي».

وتحدث غراهام عن الوضع الميداني في أوكرانيا، معتبراً أن القوات الأوكرانية تبحث حالياً عن نقاط الضعف في الدفاعات الروسية لتحقيق النجاح، ثم الدفع بالتعزيزات من القوات المدربة غربياً، ذات المستوى العالي من الإعداد والتجهيز.

وشدد السيناتور على أنه في حال استخدام روسيا السلاح النووي في أوكرانيا، سيكون هناك «رد واسع النطاق من الناتو»، مضيفاً أن روسيا ستكون «بحالة حرب مع الناتو» في هذه الحال.


مقالات ذات صلة

واشنطن تحوّل لكييف 20 مليار دولار قرضا مضمونا بالأصول الروسية المجمدة

الولايات المتحدة​ دمار ناجم عن غارة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية (أ.ب)

واشنطن تحوّل لكييف 20 مليار دولار قرضا مضمونا بالأصول الروسية المجمدة

أعلنت واشنطن الثلاثاء أنّها حوّلت إلى صندوق في البنك الدولي 20 مليار دولار ستحصل عليها أوكرانيا على شكل قرض بضمان فوائد الأصول الروسية المجمّدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا Polish Prime Minister Donald Tusk attends a press conference following a meeting the Nordic and Baltic countries' leaders at the Swedish Prime Minister summer residence, Harpsund, south of Stockholm, Sweden, 27 November 2024. (EPA)

رئيس وزراء بولندا يتوقع أن تبدأ مفاوضات حرب أوكرانيا «هذا الشتاء»

قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إن المفاوضات بشأن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تبدأ «هذا الشتاء» حيث تستعد بلاده لتولي الرئاسة الدورية للاتحاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي منفتح على انتشار قوات غربية في أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه منفتح على الانتشار المحتمل لقوات غربية في كييف لضمان أمن البلاد في إطار جهود أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: حصيلة قتلى القوات الأوكرانية تسجل زيادة قدرها 12 ألف جندي

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن عدد الجنود الأوكرانيين القتلى ارتفع إلى 43 ألف جندي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 988 مليون دولار، في حين تسابق واشنطن الوقت لتقديم دعم لكييف قبل تولي ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نائب وزير الخارجية الروسي: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)
أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)
TT

نائب وزير الخارجية الروسي: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)
أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في مقابلة بثت يوم أمس (الثلاثاء)، إن روسيا نقلت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى روسيا بشكل آمن للغاية.

وأضاف ريابكوف د لشبكة (إن.بي.سي نيوز): «هو آمن وهذا يظهر أن روسيا تتصرف كما هو مطلوب في مثل هذا الموقف الاستثنائي».

وعندما سئل عما إذا كانت موسكو ستسلم الأسد للمحاكمة قال ريابكوف «روسيا ليست طرفا في الاتفاقية التي أسست المحكمة الجنائية الدولية».