أوروبا تتجه لصيف «قياسي» بسبب الاحتباس الحراري

مؤشرات ارتفاع الطقس بدأت مبكراً

بريطانيا شهدت موجة حر قياسية في 2022 (أ.ب)
بريطانيا شهدت موجة حر قياسية في 2022 (أ.ب)
TT

أوروبا تتجه لصيف «قياسي» بسبب الاحتباس الحراري

بريطانيا شهدت موجة حر قياسية في 2022 (أ.ب)
بريطانيا شهدت موجة حر قياسية في 2022 (أ.ب)

ترجح توقعات أن يكون الصيف في أوروبا أكثر سخونة من المعتاد، غير أن احتمالات أخرى تشير إلى تجاوزه المستوى القياسي، المسجل العام الماضي حتى الآن، الذي لا يزال محل جدل. كما تشير العلامات المبكرة إلى احتمال حدوث حرارة أعلى من المتوسط في المملكة المتحدة وعبر جنوب أوروبا لبقية شهر يونيو (حزيران) الجاري، وبداية شهر يوليو (تموز) المقبل؛ لكن من الصعب الآن التكهن بأن تشهد أوروبا يوماً آخر يخترق فيه الزئبق علامة 40 درجة مئوية، مثل تلك التي حدثت في يوليو الماضي، وذلك وفقاً لعلماء المناخ من مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، وبرنامج «كوبرنيكوس» لمراقبة الأرض، التابع للاتحاد الأوروبي.

وقال كريغ سنيل، خبير الأرصاد الجوية بمكتب الأرصاد الجوية البريطاني، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمكتب 12 يونيو الجاري: «لا يمكنك أبداً استبعاد ذلك، وفي هذه المرحلة، كل ما يمكننا قوله هو أنه من المحتمل أن تكون هناك فرصة معقولة لأن تكون درجات الحرارة بحلول نهاية أغسطس (آب) المقبل في حدود المتوسط أو أعلى».

وشهدت بريطانيا حرارة شديدة في يوليو من العام الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة إلى مستوى غير مسبوق قدره 40.2 درجة مئوية في لندن، واشتعلت الحرائق في جميع أنحاء المدينة، ولم تشهد لندن أمطاراً لأكثر من ثلاثة أسابيع، وهي فترة جفاف طويلة بشكل غير عادي في العاصمة.

ويرى سنيل أن «درجات الحرارة التي وصلت إلى 30 درجة مئوية نهاية الأسبوع الماضي أعلى من المتوسط، لكنها ليست غير مسبوقة أو غير عادية بشكل خاص لشهر يونيو، وما نعرفه بدرجة عالية من اليقين هو أنه سيكون صيفاً أدفأ من المتوسط».

ولا يبدو هذا الوضع مفاجأة، كما يقول سيباستيان لونينغ، من معهد الهيدروغرافيا والجيولوجيا وعلوم المناخ بسويسرا. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ظاهرة الاحتباس الحراري تعني أن ارتفاع درجة الحرارة هو الوضع الطبيعي الجديد، فنحن نحصل على متوسطات أكثر دفئاً، وليالٍ أكثر دفئاً كما نحصل أيضاً على أيام أكثر دفئاً، من الصيف إلى الصيف، أو من يوم لآخر، لا نلاحظ هذه التغييرات، إلا عندما نشهد موجة حر كبيرة»، مضيفاً أن «هذا الوضع في بريطانيا صورة مماثلة لما سيحدث في أنحاء مختلفة من قارة أوروبا، حيث تبدو درجات الحرارة الدافئة أكثر احتمالية من الطقس الأكثر برودة أو متوسطاً».

وكانت التوقعات في هذا الوقت من العام الماضي قدمت التنبؤ نفسه، لكن بثقة أكبر، حيث أشارت الإشارات المبكرة في عام 2022 إلى أن الحرارة الشديدة كانت في طريقها إلى بريطانيا وأوروبا، وخلقت الأرض الجافة، بمساعدة سماء صافية ورياح تجلب الهواء الساخن والجاف من القارة، ظروفاً لطقس شديد الحرارة.

ويرى لونينغ أنه «ليس هناك شك في أن الظروف الجافة والحارة بشكل غير عادي تتكرر بشكل متكرر، فحوالي 37 في المائة من أوروبا تخضع لتحذيرات أو إنذارات من الجفاف، لا سيما في إسبانيا والبرتغال»، وفقاً لمرصد الجفاف الأوروبي.

وبينما شهد جنوب أوروبا بعض الأمطار الغزيرة أخيراً، تشير توقعات برنامج «كوبرنيكوس» إلى أنه لن يكون هناك ما يكفي من الأمطار لتعويض الجفاف تماماً، ومن المرجح أيضاً أن تتساقط الأمطار الغزيرة التي تسقط على الأرض الجافة بدلاً من امتصاصها، فيبدو أنه صيف سيكون دافئاً جداً، ولكن من المحتمل أيضاً أن يكون صيفاً رعدياً قليلاً.

ويتسبب الطقس الحار في مشاكل صحية، فضلاً عن مشاكل تتعلق بالبنية التحتية للنقل والطاقة. وأصدرت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة تنبيهاً محدثاً بشأن «الصحة الحرارية» الخميس، محذرة من ارتفاع درجة الحرارة في الأماكن المغلقة، ودرجات الحرارة (غير الآمنة) في المستشفيات ودور الرعاية، وزيادة الوفيات. وقال التحذير إن «كبار السن والضعفاء معرضون للخطر بشكل خاص لكن الشباب قد يتأثرون أيضاً».

وتم تحديث نظام تنبيه حكومة المملكة المتحدة للحرارة هذا العام، في أعقاب صيف العام الماضي الحار، للتركيز أكثر على الآثار الصحية. وتشير النمذجة الحكومية إلى أنه من المتوقع أن تكلف الوفيات الناجمة عن الحرارة المرتبطة بتغير المناخ الاقتصاد 6.4 مليار جنيه إسترليني سنوياً هذا العقد، وتم تسجيل ما يقرب من 3000 حالة وفاة إضافية خلال موجات الحر العام الماضي، وهي الأكبر في أي عام واحد على الإطلاق.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

بيئة رجل يركب دراجة هوائية في شارع غمرته المياه جنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

أقرت الحكومة الإسبانية اليوم (الخميس) «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» لأربعة أيام لتجنب تنقل الموظفين في حال وجود تحذير بسبب سوء الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

شهدت العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، تغييراً مفاجئاً في طقسها.

بدر الخريف (الرياض)
الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق أحداث الطقس المتطرفة كلّفت العالم تريليوني دولار خلال عقد (أ.ب)

تقرير: الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار خلال العقد الماضي

كشف تقرير جديد عن أن الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار على مدى العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بوتين: بايدن يحاول خلق صعاب لترمب

ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
TT

بوتين: بايدن يحاول خلق صعاب لترمب

ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)
ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الخميس)، بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وعبر عن اعتقاده أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحاول خلق صعاب له مع روسيا.

ووصف بوتين في تصريحات للصحافيين بعد قمة في كازاخستان، ترمب بأنه سياسي محنك وذكي، وتساءل عما إذا كان آمناً بعد محاولات اغتياله.

وذكر بوتين، من جهة أخرى، أن بلاده ستستخدم كل الأسلحة المتاحة لديها في مواجهة أوكرانيا إذا حصلت كييف على سلاح نووي. وجاء هذا التصريح بعدما أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي بأن بعض المسؤولين الغربيين الذين لم تحدد أسماءهم، أشاروا إلى أن الرئيس بايدن قد يمنح أوكرانيا أسلحة نووية قبل تركه الرئاسة.

ميدانياً، انقطعت الطاقة عن أكثر من مليون أوكراني في ظلّ تدنّي درجات الحرارة إلى حدّ التجمّد بعدما أطلقت روسيا نحو 200 صاروخ «كروز» وطائرة مسيّرة على بنى تحتية مرتبطة بالطاقة في أنحاء أوكرانيا. وندّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، بما سمّاه «التصعيد الحقير» لموسكو، متهماً الجيش الروسي باستهداف شبكة الطاقة داخل بلاده بـ«الذخائر العنقودية» في هجوم ليلي كبير. ودعا زيلينسكي حلفاء بلاده إلى «ردّ حازم» على «ابتزاز» نظيره الروسي الذي هدّد قبل ساعات من ذلك بضرب كييف بصاروخ «أوريشنيك» الاستراتيجي الجديد. وقال زيلينسكي إنّ «أيّ ابتزاز من جانب روسيا يجب أن يُقابَل بردّ حازم».