«حروب المسيرات»... كيف مهد الصراع في أوكرانيا الطريق للقدرات العسكرية الجديدة؟

أصبحت الطائرات المسيّرة أساسية بالنسبة لأوكرانيا (رويترز)
أصبحت الطائرات المسيّرة أساسية بالنسبة لأوكرانيا (رويترز)
TT

«حروب المسيرات»... كيف مهد الصراع في أوكرانيا الطريق للقدرات العسكرية الجديدة؟

أصبحت الطائرات المسيّرة أساسية بالنسبة لأوكرانيا (رويترز)
أصبحت الطائرات المسيّرة أساسية بالنسبة لأوكرانيا (رويترز)

لطالما كانت الطائرات المسيرة (الدرون) جزءاً من المخزون العسكري لمختلف الدول لعقود من الزمن، لكن الحرب في أوكرانيا شهدت تصعيداً هائلاً في استغلالها.

فهل ينذر هذا ببدء حقبة جديدة في الحرب الحديثة؟ وهل سيؤدي التطور السريع لأنظمة الذكاء الصناعي إلى بزوغ فجر حروب الطائرات المسيرة؟ هذا ما تحدث عنه تقرير جديد لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وقال التقرير إن المسيرات تطورت خلال السنوات الأخيرة من أداء مهام التجسس إلى المهام الهجومية، وإنها قد تكون أسرع وأدق في إصابة الأهداف مقارنة بالطائرات التقليدية المأهولة.

وفي وقت مبكر من عام 1794، تم استخدام بالونات المراقبة كمنصة جوية لجمع المعلومات الاستخباراتية والمدفعية. وخلال الحرب العالمية الأولى، انتهزت الطائرات الاستطلاعية البريطانية «رويال فلايينغ كوربس» الفرصة لإلقاء قنابل يدوية على مواقع خنادق العدو. وبعد أكثر من قرن من الزمان، تُستخدم الطائرات المسيرة الصغيرة لأداء الدور نفسه.

انفجار مسيّرة روسية في سماء كييف (رويترز)

واعتمدت الولايات المتحدة على المسيرات أثناء وجودها في أفغانستان بشكل كبير، حيث استخدمت بكثرة مسيرات «ريبر» التي يمكن أن تطير لأكثر من 20 ساعة، وترسل بث فيديو مباشراً إلى المقرات الاستخباراتية والعسكرية الرئيسية في الجانب الآخر من العالم.

واستخدمت روسيا مؤخراً مئات المسيرات لاستهداف المدن الأوكرانية والبنية التحتية الوطنية الحيوية، حيث يمكن لهذه الطائرات إطلاق صواريخ، يكلف كل منها مئات الآلاف أو ملايين الدولارات، وتتميز بأنها تطير بسرعة ويصعب إسقاطها وتحمل حمولة متفجرة ضخمة.

وحين انخفضت إمدادات موسكو من هذه الأسلحة، استوردت «المسيّرات الانتحارية» المعروفة رسمياً باسم «شاهد 136» من إيران. وهذا النوع من الطائرات يعد بطيئاً إلى حد كبير، وعرضة لنيران الأسلحة الصغيرة، لكنه يمكن استخدامها سرباً لإرباك الدفاعات، بل واختراق بعضها، وفقاً للتقرير.

أجزاء من مسيرة تقول أوكرانيا إنها إيرانية الصنع أسقطت قريباً من كييف (أرشيف - أ.ب)

ومن جهتهم، استغل الأوكرانيون أيضاً الطائرات المسيرة لاستهداف المراكز اللوجيستية الروسية بشكل كبير، حيث استهدفوا مؤخراً منشأة لتخزين الوقود في شبه جزيرة القرم، ومرفقاً آخر شرق جسر كيرتش الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.

ويوم الأربعاء الماضي، قال الكرملين إنه أسقط طائرتين مسيّرتين أطلقتهما أوكرانيا، واتّهم كييف بمحاولة قتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح الكرملين في بيان: «استهدفت مسيّرتان الكرملين... تم تعطيل الجهازين»، واصفاً العملية بأنها «عمل إرهابي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الاتحادية».

ومع ذلك، بدا هذا الهجوم المزعوم على الكرملين غريباً للغاية، فالكرملين معروف بأنه محصن بطبقات متعددة من الدفاعات الجوية والبرية، ومن المفترض ألا تتمكن طائرة مسيرة بطيئة السرعة من اختراقه.

إلا أن هذا الحادث أظهر الفائدة الواسعة للطائرات المسيرة، كسلاح للتدمير والخداع في الحروب.

جنود أوكرانيون يطلقون مسيّرة باتجاه المواقع الروسية قريباً من باخموت (أ.ب)

وقديماً، كانت الحكمة الحربية التقليدية أن الحجم الأكبر هو الأفضل، حيث كان الاهتمام الأكبر بتطوير واستيراد الدبابات والطائرات والسفن المتطورة. ومع ذلك، فقد أثبتت المسيرات التكتيكية الصغيرة أنها لا تقدر بثمن في صراع أوكرانيا، لا سيما في الخطوط الأمامية.

وتختلف تكنولوجيا المراقبة بهذه الطائرات عن أساليب المراقبة القديمة، حيث إن المستشعرات الموجودة بها أخف وزناً وأكثر قوة، بالإضافة لتمتعها بمتطلبات طاقة منخفضة إلى حد كبير.

علاوة على ذلك، فإن المسيرات الصغيرة هادئة ورخيصة ويمكن إعادة تجميعها بسهولة، ويمكن أن توفر بث فيديو مباشراً لمواقع العدو مباشرة إلى المدفعية.

أفراد وحدة أوكرانية تتدرب على إطلاق المسيرات في وسط أوكرانيا (رويترز)

وعلى الرغم من حرص الولايات المتحدة الشديد على تطوير هذه الطائرات باستمرار، فإن الصين هي الدولة الرائدة عالمياً في سوق المسيرات.

وأشار تقرير «سكاي نيوز» إلى أن العالم أصبح مهيأً الآن لجيل جديد من القدرات العسكرية، ولما يسمى «حروب المسيرات»، التي ستكون حرباً حاسمة «منخفضة الميزانية»، لكنها ستترك تداعيات عميقة على الأمن العالمي.


مقالات ذات صلة

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

أبلغ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية القضاة أن علي عبد الرحمن (كوشيب)، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع.

شمال افريقيا أحد سكان حي أم درمان القديم ينظر إلى منزله بعد أن تضرر بالقذائف (رويترز)

لجنة الإنقاذ الدولية: الأزمة الإنسانية في السودان هي الأكبر على الإطلاق

قال تقرير أصدرته لجنة الإنقاذ الدولية الأربعاء إن الأزمة في السودان أصبحت «أكبر أزمة إنسانية مسجلة على الإطلاق».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا أرشيفية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (ا.ف.ب)

الخارجية الروسية: الأسد آمن في موسكو... ولسنا طرفاً في اتفاقية «الجنائية الدولية»

قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، في مقابلة بثت يوم أمس، إن روسيا نقلت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى روسيا بشكل آمن للغاية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا حاكم الخرطوم وأعضاء لجنة أمن الولاية يزورون المواقع التي استهدفتها «قوات الدعم السريع»... (حكومة ولاية الخرطوم)

السودان: مقتل أكثر من 65 شخصاً في قصف مدفعي على أم درمان

أعلنت السلطات الحكومية السودانية، اليوم الثلاثاء، مقتل أكثر من 65 شخصاً، وإصابة المئات، في قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة أم درمان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا تصاعُد الدخان في أم درمان خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني عام 2023 (رويترز)

الخرطوم: مقتل 65 شخصاً في قصف نفذته «قوات الدعم السريع»

أعلن والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، اليوم الثلاثاء، أن عمليات قصف نفّذتها «قوات الدعم السريع» طالت مدينة أم درمان، أسفرت عن مقتل 65 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

المستشار الألماني لا يرغب في إعادة اللاجئين السوريين المندمجين جيداً

المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
TT

المستشار الألماني لا يرغب في إعادة اللاجئين السوريين المندمجين جيداً

المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

حتى عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن عدم رغبته في إعادة أي لاجئ سوري مندمج بشكل جيد في ألمانيا، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال شولتس في المدونة الصوتية: «نهاية العالم وقهوة مصفاة»، إن أي شخص مندمج جيداً، ويتحدث اللغة الألمانية، ولديه عقد عمل يمكنه أن يشعر بالأمان في ألمانيا، وأضاف: «هذا ينطبق أيضاً على السوريين... لن نطلب منهم ترك وظائفهم والرحيل».

وعقب الإطاحة بنظام الأسد في سوريا، حذَّرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بالفعل من عواقب سلبية على سوق العمل الألمانية، خصوصاً في قطاع الصحة، حال تم إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وتحدث وزير الصحة كارل لاوترباخ عن أكثر من 6 آلاف طبيب سوري مندمجين بالكامل ولا غنى عنهم في نظام الرعاية الصحية.