موسكو تصر على اتهام واشنطن بـ«الوقوف» وراء هجوم الكرملين

«فاغنر» تستعد لتسليم مواقعها في باخموت إلى الجيش الروسي

موسكو تصر على اتهام واشنطن بـ«الوقوف» وراء هجوم الكرملين
TT

موسكو تصر على اتهام واشنطن بـ«الوقوف» وراء هجوم الكرملين

موسكو تصر على اتهام واشنطن بـ«الوقوف» وراء هجوم الكرملين

نشطت الدبلوماسية الروسية في حشد تأييد حلفاء الكرملين لمواقفها، وجددت التأكيد على استعدادها للرد بشكل حازم على هجوم المسيرات على القصر الرئاسي الروسي قبل يومين.

وتعمد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التأكيد بعد سلسلة لقاءات ثنائية أجراها على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة «شنغهاي للتعاون» في الهند، على حجم التأييد الواسع الذي تلقته موسكو من الحلفاء من المجموعة. وأكد أن كل البلدان أعضاء المجموعة أعربت عن تضامنها مع المواقف الروسية.

وصعد لافروف من لهجته رداً على سؤال في ختام اجتماعات المجموعة حول ما إذا كان الهجوم على الكرملين بالمسيرات قبل يومين يشكل ذريعة لإطلاق حرب شاملة، وقال: إن روسيا «سترد بشكل عملي على هجوم الطائرات المسيرة، ولن تتوقف كثيراً عند المصطلحات اللفظية»، مشدداً على أن «صبرنا محدود».

زعيم «فاغنر» يفغيني بريغوجين هدد بترك مواقعه في باخموت في 10 مايو لصالح انتشار القوات المسلحة الروسية (أ.ف.ب)

جاء هذا الموقف على خلفية الرفض الغربي للرواية الروسية حول الهجوم، التي حمّلت كييف مسؤولية «القيام بمحاولة لاغتيال رئيس الاتحاد الروسي». وحذرت البلدان الغربية موسكو من «استخدام الحادثة لشن هجوم واسع على أوكرانيا».

وقال الوزير تعليقاً على تساؤلات حول طبيعة الرد الروسي المنتظر: «لا ينبغي للمرء أن يفكر في المصطلحات هنا، من الواضح أنه كان عملاً عدائياً، ومن الواضح تماماً أنه من دون علم الراعي الأميركي لم يكن بإمكان إرهابيي كييف أن يرتكبوه. لن نرد بالحديث عما إذا كان ذلك سبباً للحرب أم لا، لكننا سنرد بأفعال ملموسة».

وشدد على أن التصريحات الصادرة عن كييف وواشنطن بشأن عدم تورطهما في الهجوم لا تعني أنه يمكن الوثوق بذلك. ولفت لافروف الانتباه إلى كلمات وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الذي قال: إن الولايات المتحدة «لن تملي على أوكرانيا الأساليب التي تدافع بها عن سيادتها». وحملت تلك العبارات تجديداً روسياً لاتهام واشنطن بالوقوف وراء هجوم الكرملين.

ورغم اللهجة الصدامية التي اتخذها، قال وزير الخارجية اليوم الجمعة إن إجراء محادثات مع الغرب أمر «حتمي»، مؤكداً على استعداد موسكو لذلك. وقال: إن «روسيا مستعدة لإجراء محادثات مع الدول الغربية عاجلاً أو آجلاً».

وهاجم لافروف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واصفاً إياه بأنه «دمية في يد الغرب».

وأضاف: «من دون حل المشكلة الجيوسياسية الرئيسية المتمثلة في رغبة الغرب في الحفاظ على هيمنته بإملاء إرادته على الجميع، لا يمكن حل أي أزمات سواء في أوكرانيا أو في أي جزء آخر من العالم».

ورأت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في مقابلة مع «فرانس إنتر» الخميس، أنّ قضية الطائرات المسيّرة الأوكرانية التي تقول روسيا إنّها أسقطتها وكانت تستهدف الرئيس فلاديمير بوتين هي «على أقل تقدير غريبة».

ورفضت كولونا «الخوض في لعبة الفرضيات». وقالت: إن حقيقة أن تصل طائرات مسيّرة إلى الكرملين «يصعب فهمها في الظروف العادية».

وأشارت إلى أنّ الأوكرانيين «أعلنوا رسمياً أمس أنّه لا علاقة لهم بهذا الحدث الذي لا يزال غير مفسر». كذلك، استنكرت تصريحات الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف الذي دعا الأربعاء إلى «تصفية» الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رداً على هذا الهجوم المفترض. وقالت: «مدفيديف يتميّز بتصريحات شائنة، بتصعيد لفظي مؤسف».

وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا قالت إن قضية الطائرات المسيّرة الأوكرانية التي تقول روسيا إنّها أسقطتها وكانت تستهدف الرئيس فلاديمير بوتين هي «على أقل تقدير غريبة» (أ.ف.ب)

وأضافت: «مرة أخرى، يأتي هذا التصعيد من روسيا، مرة أخرى تسعى للترهيب والتخويف، وإيجاد الذرائع التي يمكن أن تبرر ما لا يمكن تبريره».

وفيما رفضت التطرّق إلى فرضية اغتيال الرئيس الأوكراني، أكّدت أهمية «احترام السلامة الجسدية» لرئيس دولة منتخب ديمقراطياً.

ومن جهة أخرى، أشارت كولونا إلى أنّ قنوات الاتصال مع روسيا «تبقى ضرورية»، عادّة أنّ إحدى مشكلات السلطة الروسية هي «حصر نفسها في حقيقة موازية».

ولم يُجر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أي محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ أشهر، لكنّه كرر بانتظام وجوب الحفاظ على الحوار مع كلّ الأطراف.

وفي السياق نفسه، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية: «لا مصلحة لدينا في تعزيز هذه العزلة الذهنية التي دفعت روسيا إلى اختيار غزو أوكرانيا»، من دون أن تشير إلى إمكانية التشاور قريباً مع نظيرها الروسي.

وأكدت أنّ فرنسا يجب أن تواصل مساعدة أوكرانيا كي تتمكّن من شنّ هجوم مضاد لاستعادة «توازن قوى أكثر ملاءمة» في الميدان، على أمل عودة روسيا إلى طاولة المفاوضات. كذلك، أشارت إلى أنّ الحكومة الفرنسية تعدّ حزمة مساعدات جديدة، من دون كشف موعد الإعلان عنها.

وكان الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف قد جدد صباح الجمعة دحض الرواية الأميركية حول أن واشنطن لا معطيات لديها تؤكد تورط كييف في الهجوم.

ورد بيسكوف على تصريحات للبيت الأبيض نفت ضلوع واشنطن في هجوم المسيرتين على الكرملين، مؤكداً أن روسيا «قالت بالتحديد ما أرادته» في هذا الصدد.

وكان منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، جون كيربي، قد نفى مشاركة واشنطن في هجوم الطائرتين المسيّرتين على الكرملين.

بينما شدد بيسكوف على القناعة الروسية بأن الولايات المتحدة تقف وراء هذا الهجوم الأوكراني على الكرملين، وأنها هي من اختارت أهداف كييف.

وقال: «مثل هذه المحاولات في كييف وواشنطن هي بالطبع سخيفة تماماً. نحن نعلم جيداً أن القرارات بشأن مثل هذه الأعمال والهجمات الإرهابية لا تتخذ في كييف، بل في واشنطن. وكييف تفعل ما تؤمر به، وقد جاءت الأوامر بذلك».

وبدا لافتاً الجمعة أن تصعيد المواقف السياسية جاء متصلاً مع تكثيف الإعلانات الروسية عن هجمات بمسيرات استهدفت عدة مواقع في روسيا. فيما بدا أنه يعزز الرواية الروسية حول تعرض البلاد لهجوم واسع النطاق ومدبر مع الغرب.

وكانت جهات أمنية قد أعلنت إحباط هجوم شنته أربع مسيرات على مصنع لتكرير النفط في إقليم كراسنودار، المحاذي لأوكرانيا ما تسبب بوقوع حريق ضخم في المنشأة.

كذلك قال محافظ مقاطعة فورونيغ ألكسندر غوسيف، في وقت متزامن إن وسائط الدفاع الجوي بالجيش الروسي تمكنت من اعتراض وإسقاط طائرة من دون طيار فوق أراضي المنطقة.

وكتب المحافظ على قناته في «تلغرام»: «في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس)، اكتشفت منظومة الدفاع الجوي في السماء فوق مقاطعة فورونيغ، طائرة من دون طيار. جرى اعتراض هذه المسيرة الجوية وتدميرها بنجاح».

وفي غضون ذلك، فاجأت التصريحات الروسية الرسمية حول انسحاب مرتقب لقوات «فاغنر» من مدينة باخموت أوساط المتابعين للصراع الدموي على هذه المدينة المتواصل منذ أشهر.

وأعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن «الرئاسة الروسية أحيطت علماً بإعلان زعيم (فاغنر) يفغيني بريغوجين ترك مواقعه في أرتيوموفسك (باخموت)، في 10 مايو (أيار)، لصالح انتشار القوات المسلحة الروسية».

جاء ذلك في الإفادة الصحافية الصباحية لبيسكوف الجمعة.

وشكّل هذا التصريح مفاجأة لأن قوات «فاغنر» كانت قد أعلنت قبل يومين النجاح في إحراز تقدم جديد على الأرض، وقالت في بيان إنها تقدمت على مساحة 230 متراً في محيط إحدى أبرز نقاط الاشتباك مع القوات الأوكرانية المدافعة عن المدينة الاستراتيجية.

وقد ترافق ذلك الإعلان مع تجديد بريغوجين الشكوى من أن قواته ما زالت لا تحصل على الإمدادات اللازمة من الأسلحة والمعدات من وزارة الدفاع الروسية.

ومع التطور الأخير، الذي لم تعرف بعد كل دوافعه، نشرت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية حديثاً نسب إلى بريغوجين قال فيه إن «مقاتليه سيذهبون إلى المعسكرات الخلفية لتضميد جراحهم هناك»، ووفقاً للمعطيات فمن المنتظر أن تنسحب قوات «فاغنر» من المدينة التي قاتلت للاستيلاء عليها في مواجهات ضارية لعدة أشهر في العاشر من مايو، و«سوف يترك المقاتلون مواقعهم للقوات المسلحة الروسية».

ووفقاً للوكالة الرسمية الروسية فقد طالب بريغوجين في رسالة مفتوحة وجهها على قناته في شبكة «تلغرام» رئيس الأركان العامة «بالتوقيع على أمر قتالي إلى مجموعة (فاغنر) لنقل مواقع باخموت إلى وحدات تابعة لوزارة الدفاع».

وكانت السجالات بين «فاغنر» ووزارة الدفاع قد بلغت مستويات حادة خلال الفترة الماضية، وانتقل جزء منها إلى صفحات وسائل الإعلام، في حين التزم الكرملين الصمت حيالها سابقاً.

وقد يعني الانسحاب من المدينة إذا حدث في الموعد المعلن إقراراً من جانب قوات «فاغنر» بفشلها في السيطرة عليها بعد محاولات حثيثة، ما يضع مسؤولية هذا الفشل على القوات النظامية.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

برلين وباريس تناقشان إرسال قوات سلام أجنبية إلى أوكرانيا

ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
TT

برلين وباريس تناقشان إرسال قوات سلام أجنبية إلى أوكرانيا

ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)

تستضيف برلين، الخميس، وزراء من بولندا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا وبريطانيا، بالإضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ووزير خارجية أوكرانيا، في مؤتمر يركز على دعم كييف وكذلك التطورات في سوريا، في حين أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أنه ناقش، الخميس، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكان إرسال قوات إلى أوكرانيا، في حال التوصل إلى هدنة أو إحلال السلام في هذا البلد.

وقال توسك في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو: «أود (...) أن أضع حداً للتكهنات بشأن الوجود المحتمل لقوات من هذا البلد أو ذاك في أوكرانيا بمجرد إرساء وقف إطلاق النار أو إرساء السلام. الرئيس (ماكرون) على علم بذلك، وقد ناقشناه»، مشيراً إلى أن بلاده «لا تخطط لمثل هذه الإجراءات... في الوقت الحالي».

توسك وماكرون في وارسو الخميس (أ.ب)

وعلمت وكالة الأنباء الألمانية أن ممثلين لدول عدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يجرون محادثات سرية منذ أسابيع بشأن كيفية مراقبة وقف إطلاق النار المحتمل في أوكرانيا في المستقبل. وتفيد تقارير بأن فرنسا وبريطانيا تأخذان زمام المبادرة في هذا الشأن. ولم يتضح مدى مشاركة الحكومة الألمانية في هذه المباحثات حتى الآن. وذكر موقع «بوليتيكو» نقلاً عن دبلوماسي أوروبي ومسؤول فرنسي أن هدف زيارة ماكرون لوارسو كانت لمناقشة توسك حول احتمال نشر قوة حفظ سلام تتألف من جنود أجانب بعد انتهاء الحرب. ونقلت صحيفة Rzeczpospolita البولندية عن خبير من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية القول إن مثل هذه المهمة يمكن أن تتألف من خمسة ألوية يبلغ قوامها نحو 40 ألف جندي، حيث من المحتمل أن تتولى بولندا قيادة إحداها.

بدوره، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن استعداده للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرة أخرى رغم أن مكالمته الهاتفية الأخيرة لم تسفر عن أي نتائج. وقال شولتس في تصريحات متلفزة، الأربعاء: «كان الأمر محبِطاً»، وأضاف: «لأنه ببساطة كرر كل صيغه مرة أخرى». وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهتها أوكرانيا ودول شرق أوروبا بشأن المكالمة، قال شولتس إنه كان من الضروري أن يفهِم بوتين أنه لا يمكنه التعويل على أن تخفض ألمانيا دعمها لأوكرانيا.

وتعرَّضت المجر لانتقادات شديدة من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بسبب استمرار اتصالاتها مع الكرملين بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الهجوم الروسي في أوكرانيا.

وقال شولتس إنه دعا بوتين إلى «سحب القوات حتى يتسنى ظهور أساس للتطور السلمي». وعن هذه الدعوة، قال المستشار الألماني: «ويجب أن يتم ذلك، وسأفعل ذلك مرة أخرى. لكن يجب ألا نقع تحت أي أوهام بشأن ذلك».

وكان شولتس قد اتصل ببوتين في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بمبادرة منه، وهي المرة الأولى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شولتس بفتح «صندوق الشرور» بهذه المكالمة.

واقترح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هو الآخر هدنة لمناسبة عيد الميلاد في أوكرانيا خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي في اليوم السابق. وأوربان، وهو أحد الزعماء الأوروبيين القلائل الذين احتفظوا بعلاقات مع موسكو، قال إن أوكرانيا رفضت الاقتراح، لكن كييف أكدت أنها لم تناقش المبادرة.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ومستشار ألمانيا أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: «خلال محادثة هاتفية، قدَّم أوربان اقتراحاً بإجراء عملية تبادل كبيرة للأسرى عشية عيد الميلاد والإعلان عن وقف إطلاق النار خلال عيد الميلاد في أوكرانيا».

وأضاف بيسكوف، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن روسيا قدَّمت «مقترحاتها» بشأن التبادل إلى السفارة المجرية في موسكو «في ذلك اليوم»، مؤكداً دعم «جهود أوربان». ومن المقرر أن يلتقي أوربان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت لاحق، الخميس، في إطار ما يسميه «مهمة سلام».

وأكد دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أنه أجرى محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، الخميس، ناقشا خلالها الأزمات في أوكرانيا وسوريا. وقال ميدفيديف إن روسيا مستعدة لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا، لكن فقط إذا أقرَّت كييف بالحقائق على الأرض، حسبما ذكرت «تاس».

* ضمانات أمنية

من جانب آخر، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن عدداً من وزراء الخارجية الأوروبيين اتفقوا على أن أوكرانيا تحتاج إلى ضمانات أمنية طويلة الأمد وسيناقشون هذه القضية خلال اجتماع في برلين الخميس. وأضافت بيربوك: «هنا في هذه الدائرة، نتفق جميعاً على أن أوكرانيا تحتاج إلى ضمانات أمنية صارمة. وهذا يشمل الدعم العسكري والمالي طويل الأمد لأوكرانيا».

ووصلت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه إلى أوكرانيا، الخميس، في زيارة جديدة. وعند وصولها إلى العاصمة الأوكرانية كييف، قالت الوزيرة المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي: «لقد سافرت إلى أوكرانيا حتى أسلّم حزمة الدعم الشتوي الخاصة بنا». وأضافت أنه خلال أكثر من 1000 يوم من الحرب، كان هدف روسيا ضرب إمدادات الطاقة لجعل الناس يجلسون في البرد والظلام، وأردفت: «لهذا السبب قمنا مجدداً بتعبئة موارد إضافية للمساعدة في إعادة بناء إمدادات الطاقة هنا»، مشيرة إلى أن ذلك أمر مهم للبقاء على قيد الحياة في ظل درجات الحرارة الشتوية.

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

وشددت الوزيرة الألمانية قائلة: «أريد أن أتأكد شخصياً هنا من أن الأموال تصل حقاً إلى الأماكن التي تحتاج إليها». وتشمل الزيارة عقد اجتماعات مع ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني، كما تعتزم شولتسه تفقد الكثير من مشاريع إعادة الإعمار.

وقدرت شولتسه المساعدات الشتوية بـ90 مليون يورو، موضحة أن هذا الدعم سيتيح توفير الكهرباء والتدفئة لـ2.6 مليون شخص. وأكدت: «نشعر في هذا البرد بمدى الأهمية المحورية لوجود هذه المرافق المتنقلة»، لافتة إلى أن الهدف من ذلك هو مساعدة الأوكرانيين على الحفاظ على قدرتهم على الصمود.

* تهديد روسي

على صعيد آخر، قال الكرملين، الخميس، إن روسيا سترد بالتأكيد على استخدام أوكرانيا لصواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع لضرب الأراضي الروسية في الآونة الأخيرة.

وكانت روسيا قد قالت، الأربعاء، إن أوكرانيا قصفت مطارا عسكريا على ساحل بحر آزوف بستة صواريخ باليستية أميركية الصنع من طراز «أتاكمز»، في خطوة قد تدفع موسكو إلى إطلاق صاروخ متوسط المدى فرط صوتي آخر على أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن «هذا الهجوم بالأسلحة الغربية بعيدة المدى لن يمر دون رد وستُتخذ الإجراءات المناسبة». ولم يتضح كيف سترد روسيا.

وقال دميتري بيسكوف: «أود أن أشير إلى البيان المباشر الذي لا لبس فيه على الإطلاق لوزارة الدفاع في روسيا الاتحادية، والذي صدر الأربعاء؛ إذ ذكر بوضوح أن الرد سيلي ذلك». وأضاف: «سيحدث الرد بطريقة تعدّ مناسبة. لكنه حتماً سيأتي».

وأطلقت روسيا صاروخاً باليستياً جديداً متوسط المدى فرط صوتي يُعرف باسم «أوريشنيك» على أوكرانيا في 21 نوفمبر فيما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه رد مباشر على الضربات التي تشنّها القوات الأوكرانية بصواريخ أميركية وبريطانية على بلاده. وقال مسؤول أميركي، الأربعاء، إن روسيا قد تطلق صاروخاً باليستياً آخر فرط صوتي على أوكرانيا في الأيام المقبلة، لكن واشنطن لا تعدّ سلاح «أوريشنيك» بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في الحرب.

ميدانياً، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، الخميس، إن قواتها سيطرت على بلدة زوريا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.