فرنسا والهند عازمتان على تعزيز شراكتهما الإستراتيجية

ماكرون دعا رئيس وزراء الهند ليحل ضيف الشرف في العرض العسكري التقليدي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا والهند عازمتان على تعزيز شراكتهما الإستراتيجية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ف.ب)

تسعى فرنسا لتعزيز شراكتها الإستراتيجية مع الهند التي أبرمت قبل 25 عاما. ولهذا الغرض، فقد دعت رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي ليكون ضيف الشرف في الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي، وحضور العرض العسكري الذي يجرى، تقليديا، في 14 يوليو (تموز) من كل عام، وهو يخلد الثورة الفرنسية التي انطلقت في التاريخ المذكور عام 1789.

ودأب الرؤساء الفرنسيون على اغتنام المناسبة وسيلة لتعزيز علاقات قائمة أو بناء علاقات جديدة. وفي العام الأول من ولايته الأولى (2017) دعا الرئيس إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي دونالد ترمب ليكون ضيف الشرف، ووقتها أعجب الأخير بما رآه إلى درجة الإعلان أنه سيطلب من وزير الدفاع الأميركي تنظيم شيء مشابه في واشنطن بمناسبة العيد الوطني الأميركي.

وأمس، أصدرت باريس ونيودلهي بيانا مشتركا جاء فيه أن كتيبة عسكرية هندية سوف تشارك في العرض العسكري إلى جانب القوات الفرنسية وأن مجيء مودي الى باريس، بهذه المناسبة، «سيشكل فرصة لتحديد أهداف طموحة في مجالات التعاون الإستراتيجي والعلمي والجامعي والاقتصادي وفي عدد كبير من المجالات الصناعية».

وأضاف البيان أن البلدين «يتشاركان الرؤية نفسها بخصوص الأمن والسلام إن في أوروبا أو في منطقة الهندي ـ الهادي» وأنهما «يدافعان عن مبادئ وأهداف شرعة الأمم المتحدة التي يقوم عليها تعاونهما» في المنطقة الأخيرة.

ووصفت باريس زيارة مودي بأنها «تاريخية» وأنها «ستوفر الفرصة لإطلاق مبادرات مشتركة من أجل الرد على تحديات الزمن الراهن» التي ذكر منها البيان المشترك التحدي البيئوي والتنمية المستدامة والتعددية القطبية. وتجدر الإشارة الى أن الهند تترأس العام الجاري مجموعة العشرين.

وليس سرا أن باريس كغيرها من القوى الكبرى، تولي شرق آسيا - منطقة الهندي والهادي أهمية استثنائية لعدة أسباب رئيسية، منها أنها ستضم، بحلول العام 2040، 75 بالمائة من سكان العالم وأن الهند أصبحت الدولة الأولى في العالم من حيث عدد سكانها، متفوقة بذلك على الصين.

يضاف إلى ما سبق أن الاقتصاديين يرون فيها، للسنوات القادمة، نقطة الارتكاز الاقتصادي في العالم. بيد أنها، بالمقابل، آخذة بالتحول الى ميدان منافسة مفتوح بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، كما أن الهند تعد منافسا رئيسيا للصين.

في السنوات الأخيرة، تحاول فرنسا تعزيز حضورها في المنطقة حيث تتمتع بممتلكات شاسعة مثل كاليدونيا الجديدة وأرخبيلات بولينيزيا والقطب الجنوبي وغيرها.

وتنشر فرنسا 7 آلاف جندي في هذه المناطق وعشر فرقاطات وطائرات مراقبة وقتالية... وبعد أن كانت تراهن على أستراليا لتعزيز وجودها في المنطقة مستندة الى العقد العسكري الضخم الذي أبرم بين البلدين (فرنسا وأستراليا)، والذي نص على حصول كانبيرا على 12 غواصة تعمل بالدفع التقليدي وقيمتها تزيد على خمسين مليار يورو، إلا أن فسخ العقد في سبتمبر (أيلول) من العام 2021، شكل ضربة للطموحات الفرنسية. لذا قررت باريس التركيز على الهند التي تعد زبونا مهما للمبيعات المدنية والعسكرية الفرنسية.

ففي فبراير (شباط) الماضي، أبرمت شركة الطيران الهندية عقدا كبيرا مع كونسورسيوم إيرباص ستحصل بموجبه على 250 طائرة إيرباص. وقبل ذلك بخمس سنوات، وقع عقد ثنائي تشتري الهند بموجبه 36 طائرة قتالية فرنسية من طراز «رافال» تصنعها شركة «داسو» للطيران وبلغت قيمة العقد 7.8 مليار يورو، ما يجعل الهند أحد أهم الأسواق للسلاح الفرنسي.

بيد أن الإعلان الفرنسي - الهندي المشترك لجهة تعزيز التعاون الإستراتيجي الذي يعني في جانب منه الجانب الدفاعي والعسكري، صدر في الوقت الذي فتحت فيه النيابة المالية الفرنسية تحقيقا أوليا حول اتهامات بالفساد ضد شركة «طاليس» للإلكترونيات بخصوص حصولها على عقد لتجديد طائرات ميراج 2000 فرنسية الصنع بالتشارك مع «داسو».

ويأتي فتح التحقيق انطلاقا من دعوى قدمها مواطن هندي مقيم في بريطانيا، اتهم فيها «طاليس» بعدم الإيفاء باتفاق ينص على حصوله على عمولة من 20 مليون يورو مقابل تسهيل مهمة «طاليس» للحصول على عقد التجديد في العام 2011، البالغة قيمته 1.4 مليار يورو.

ويجرم القانون الفرنسي دفع العمولات، التي يعدها عمليات فساد وإفساد. من جانبها، نفت الشركة الفرنسية الاتهامات المسوقة ضدها، مؤكدة احترامها وتطبيقها للقوانين الفرنسية.

أما على المستوى السياسي، فإن باريس تحرص على ألا تكون جزءا من المحور الأميركي أو الصيني المتنافسين، وأن تتمتع باستقلالية القرار، وهو ما كرره الرئيس ماكرون بعد انتهاء زيارته للصين وأثار موجة استغراب لدى حلفاء فرنسا ولدى عدد من شريكاتها في الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال البنك الدولي إن الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً، موضحاً أن له تأثيرات البشرية والاقتصادية بعيدة المدى.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)

شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
TT

شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

أكّد المستشار الألماني أولاف شولتس، مساء اليوم الجمعة، أن اللاجئين السوريين «المندمجين» في ألمانيا «مرحَّب بهم»، في حين يطالب المحافظون واليمين المتطرف بإعادتهم إلى بلدهم، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المستشار الديمقراطي الاشتراكي، في رسالة على منصة «إكس»، إنّ «كلّ من يعمل هنا، ومندمج بشكل جيّد، هو موضع ترحيب في ألمانيا، وسيظل كذلك. هذا مؤكَّد»، مشيراً إلى أنّ «بعض التصريحات، في الأيام الأخيرة، أدّت إلى زعزعة استقرار مواطنينا سوريي الأصل».