البرازيل: المحكمة العليا تقرر محاكمة بولسونارو بتهمة محاولة الانقلاب

الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو يتحدث إلى الصحافة في الكونغرس في برازيليا 26 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو يتحدث إلى الصحافة في الكونغرس في برازيليا 26 مارس 2025 (أ.ب)
TT

البرازيل: المحكمة العليا تقرر محاكمة بولسونارو بتهمة محاولة الانقلاب

الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو يتحدث إلى الصحافة في الكونغرس في برازيليا 26 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو يتحدث إلى الصحافة في الكونغرس في برازيليا 26 مارس 2025 (أ.ب)

قرّرت المحكمة العليا في البرازيل بالإجماع، اليوم (الأربعاء)، إحالة جايير بولسونارو إلى المحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب التي تعرّضه لعقوبة السجن، وتقضي على طموحاته للعودة إلى السلطة.

ولكن الرئيس السابق (2019 - 2022) الذي غاب عن جلسة الأربعاء، يقول إنه ضحية «أكبر اضطهاد سياسي وقضائي في تاريخ البرازيل».

وقال بولسونارو، الأربعاء، أمام الصحافيين في برازيليا: «يبدو أن ثمة أمراً شخصياً ضدي، والاتهامات بالغة الخطورة، ولا أساس لها»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وتتهم النيابة قائد الجيش السابق، البالغ 70 عاماً، بأنه يتزعم «منظمة إجرامية» دبّرت مؤامرة منذ فترة طويلة للبقاء في السلطة «بأي ثمن» بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2022، التي فاز فيها الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

ويقول محققو الشرطة الفيدرالية إن بولسونارو ومجموعته عملوا على صوغ مرسوم يدعو إلى إجراء انتخابات جديدة، وخططوا لاغتيال لولا، ونائبه المنتخب جيرالدو ألكمين، وألكسندر دي مورايس قاضي المحكمة العليا.

قوات الأمن تواجه أنصار الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو الذين اقتحموا قصر بلانالتو الرئاسي في برازيليا في 8 يناير 2023 (أ.ف.ب)

ووجّهت إليه، عدا محاولة الانقلاب، تهماً خطيرة أخرى، مثل «محاولة إلغاء دولة القانون الديموقراطية بالعنف» و«التنظيم الإجرامي المسلح». ومن ثم فهو يواجه عقوبة تراكمية بالسجن تصل إلى 40 عاماً، لكن الخبراء يتوقعون محاكمته، وهو طليق.

وعلى الرغم من أن القانون البرازيلي لا ينصّ على إطار زمني محدد للمحاكمة، فإن إنزو فاتشيني، المحامي الجنائي في مؤسسة جيتوليو فارغاس، قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «يمكننا أن نتوقع محاكمته حتى نهاية العام»، لتجنب أي تدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2026.

ورغم أن جايير بولسونارو ليس مؤهلاً للترشح حتى عام 2030 بسبب تهجمه بلا دليل على الاقتراع بالبطاقة الإلكترونية، فإنه ما زال يأمل في إلغاء هذه العقوبة أو تخفيفها للسماح له بالترشح عام 2026. لكن إدانته بالتآمر ضد الديمقراطية البرازيلية من شأنها أن تحطم آماله.

ما سيضطر معسكرَه إلى اختيار خليفة له، في حين تبدو الساحة متاحة لمنافسة لولا، الذي تتراجع شعبيته في ظل التضخم.


مقالات ذات صلة

بالصور: كيم جونغ أون يتفقد التدريبات التكتيكية المشتركة في كوريا الشمالية

آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يتفقد التدريبات العسكرية في مكان غير معلن عنه في كوريا الشمالية... 13 مايو 2025 (أ.ف.ب)

بالصور: كيم جونغ أون يتفقد التدريبات التكتيكية المشتركة في كوريا الشمالية

ذكرت تقارير أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أشرف على تدريبات تكتيكية مشتركة ودعا القوات المسلحة في بلاده إلى تكثيف الاستعدادات للحرب.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا مهاجرون على متن قارب دورية تابع للشرطة البحرية القبرصية يتم نقلهم إلى الميناء بعد إنقاذهم من سفينتهم قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لجزيرة بروتاراس في قبرص على البحر المتوسط (أ.ب)

السويد تمنح منظمة الهجرة الدولية 9.2 مليون يورو لإعادة المهاجرين

أعلنت الحكومة السويدية، الثلاثاء، منح المنظمة الدولية للهجرة 9.2 مليون يورو لإعادة المهاجرين من السويد والاتحاد الأوروبي والحد من أعداد المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولهم)
يوميات الشرق بيتر سوليفان الذي سُجن 38 عاماً بقضية قتل عام 1986 قبل أن تُبرئه المحكمة مؤخراً (شرطة منطقة مرسيسايد البريطانية)

رجل قبع 38 عاماً في السجن ظلماً... والعدالة أخيراً تنتصر

بعد نحو 38 عاماً من السجن، برّأت محكمة الاستئناف البريطانية بيتر سوليفان من جريمة قتل وقعت عام 1986، بعد ظهور أدلة حمض نووي جديدة أثبتت عدم ضلوعه في الجريمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث في مركز إقامته بداونينغ ستريت في لندن 12 مايو 2025 (إ.ب.أ)

الحكومة البريطانية تشدد سياسة الهجرة تصدياً لتقدم اليمين المتطرف

تعهّد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، «استعادة السيطرة أخيراً» على حدود بلاده، في حين أعلنت حكومته سياسات تهدف إلى الحد من الهجرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يلتقطان صورة خلال حفل توقيع شراكة جديدة في بيونغ يانغ 19 يونيو 2024 (أ.ب)

بيونغ يانغ: كوريا الشمالية وروسيا ستظلان معاً دائماً

قالت تشو سون هوي، وزيرة الخارجية الكورية الشمالية، الجمعة، إن بيونغ يانغ وموسكو ستظلان معاً دائماً، وذلك بمناسبة احتفالات يوم النصر في روسيا.

«الشرق الأوسط» (سيول)

خوسيه موخيكا... رحيل الثوري الهادئ «أفقر رئيس في العالم»

الرئيس الأسبق للأوروغواي خوسيه موخيكا في كولومبيا عام 2012 (إ.ب.أ)
الرئيس الأسبق للأوروغواي خوسيه موخيكا في كولومبيا عام 2012 (إ.ب.أ)
TT

خوسيه موخيكا... رحيل الثوري الهادئ «أفقر رئيس في العالم»

الرئيس الأسبق للأوروغواي خوسيه موخيكا في كولومبيا عام 2012 (إ.ب.أ)
الرئيس الأسبق للأوروغواي خوسيه موخيكا في كولومبيا عام 2012 (إ.ب.أ)

عندما دخل عليه الطبيب، مطالع العام الحالي، ليبلغه أن الفحوصات المخبرية أظهرت عدم تجاوبه مع العلاج الأخير للسرطان الذي كان يعاني منه منذ سنوات، قال الرئيس الأسبق للأوروغواي خوسيه موخيكا: «أزف وقت الرحيل، واني أرمي سلاحي راضياً».

وبعد أشهر من الاحتضار البطيء والهادئ في بيته المتواضع خارج مونتيفيديو، انطفأ الرجل الذي كان يحمل لقب «أفقر رئيس في العالم»، ورمزاً لليسار الأميركي اللاتيني المناضل جسّد الزهد والبساطة في الحياة العامة.

الناس أمام بيت خوسيه موخيكا «أفقر رئيس في العالم» الذي جسّد الزهد والبساطة في الحياة العامة (أ.ب)

لكن لم يكن سهلاً بالنسبة لموخيكا أن يرحل ويترك وراءه هذا العدد من اليتامى، مثلما حصل معه منذ خمسين عاماً عندما استقرت في صدره ست رصاصات، وخلال السنوات العشر التي أمضاها معتقلاً في قبضة النظام العسكري داخل بئر لا تزيد مساحتها على متر واحد مربع. في المرة الأولى نجا بفضل اثني عشر ليتراً من الدم تبرّع بها رفاقه في جبهة «توبامارو» الذين كانوا يقاتلون إلى جانبه في الأدغال. وفي المرة الثانية كان يدجّن الضفادع ويطعم الجرذان كي لا يفقد توازنه العقلي. وقد روى بعد ذلك أنه خرج من تلك البئر أكثر حكمة، وعاد إلى السياسة التي كرّس لها حياته.

في عام 1994 خاض الانتخابات النيابية وفاز بمقعد في البرلمان، ثم بمقعد في مجلس الشيوخ عام 1999، وفي عام 2010 أصبح رئيساً لجمهورية الأوروغواي بأغلبية ساحقة، وأدهش العالم بتقشفه وعزوفه عن البهرجة التي تحيط بالمنصب.

رئيس الأوروغواي الحالي يماندو أورسي قدم إلى بيت الراحل لتقديم العزاء (أ.ب)

هزمه السرطان بعد أن انتصر في كل المعارك التي خاضها، وكانت أولاها تلك المظاهرات الصغيرة التي كان يقودها في شوارع بلدته عندما كان لا يزال دون الخامسة عشرة من عمره للمطالبة بأجور عادلة للعمال. في عام 1964 انضمّ إلى حركة التحرير الوطني «توبامارو». دخل السجن أربع مرات، وهرب منه مرتين، ثم أعيد اعتقاله وأصبح واحداً من «الرهائن التسع» الذين هدد النظام العسكري بإعدامهم في السجن إذا عادت المنظمة الثورية إلى حمل السلاح.

عن الفترة الأخيرة التي أمضاها في السجن روى موخيكا: «الهدف من ذلك الاعتقال كان أن نفقد عقولنا، لكني خرجت عاقداً العزم على مواصلة النضال وتغيير العالم. لم أغيّر شيئاً، لكني تعلمت الكثير وأعرف أني سأموت سعيداً رغم كل ما حصل». وإلى الذين انتقدوه لعدم ملاحقته رموز النظام العسكري عندما تولّى الرئاسة كان يقول: «قررت ألا أستوفي الدَّيْن الذي كان لي في رقاب السجّانين. ثمة جراح في الحياة لا تندمل أبداً، ويجب أن نتعلم العيش ناظرين إلى الأمام».

أفراد من عامة الناس أمام بيت الرئيس الذي جسّد الزهد والبساطة في الحياة العامة (أ.ب)

منذ أن خرج من السجن بعد العفو الذي صدر عنه عام 1985، حتى وفاته مطلع هذا الأسبوع، وخلال توليه الرئاسة، لم يغادر منزله المتواضع في أرباض مونتيفيديو، محاطاً بكلبته «مانويلا» وبعض الحيوانات الداجنة التي كان يربّيها بين مزروعات الخضار التي كان يقتات منها. لم يترجل عن جرّاره الزراعي ولا عن سيارته الفولسفاكن طراز عام 1987 التي رافق فيها الرئيس البرازيلي لولا في جولة ريفية عندما زاره. وعندما ذهب العاهل الإسباني السابق خوان كارلوس الأول إلى زيارته في منزله الريفي، قال له: «يقال عني أني رئيس فقير. الفقراء هم الذين يحتاجون للكثير. أنا تعلمّت العيش خفيف الأحمال، لكن أنت لست قادراً على ذلك لأن من سوء حظك أنك ملك».

خوسيه موخيكا مع الرئيس الراحل البوليفي إيفو موراليس (أ.ف.ب)

«السرّ، كل السرّ، في الأخلاق» كان يردد، ويقول: «هذا هو عالمي، ليس أفضل أو أسوأ من غيره. المشكلة هي أننا نعيش في عصر استهلاكي، ونعتقد أن النجاح يكمن في اقتناء الجديد والثمين، وبالتالي نساهم في بناء مجتمع يستغل ذاته بذاته، ونخصص الوقت كي نعمل وليس لنعيش».

كان يقول إن أجمل ذكرياته هي عندما تسلّم وشاح رئاسة الجمهورية من رفيقة دربه لوسيّا توبولانسكي التي تعرّف عليها خلال إحدى العمليات الثورية السرية قبل أن يفترقا لسنوات ويلتقيا مجدداً بعد الإفراج عنه. وقد سلّمته هي الوشاح الرئاسي بوصفها يومها الأكبر سناً بين أعضاء مجلس الشيوخ. وعن علاقته بلوسيّا قال يوماً: «للحب أعماره. الحب في الصبا نيران مشتعلة. أما في الشيخوخة فهو عادة لذيذة. وإن كنت ما زال على قيد الحياة، فبفضلها».

جارة الرئيس الأسبق للأوروغواي خوسيه موخيكا فاليريا غونزاليس أمام بيته المتواضع خارج مونتيفيديو (أ.ب)

أول خطاب سياسي ألقاه عندما دخل مجلس الشيوخ كان حول الأبقار، وبعد سنوات تولّى وزارة الثروة الحيوانية. وعندما وصل إلى الرئاسة أطلق مجموعة من المبادرات الرائدة والطليعية في المنطقة، وبدأ العالم يوجه أنظاره إلى الأوروغواي. كان يكنّ تقديراً عالياً للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي قال عنه إنه حاد الذكاء ويتمتع ببصيرة ثاقبة، وكان يعتزّ بشكل خاص بصداقته بالرئيس البرازيلي لولا الذي كان يعدّه شخصية عالمية.

وعندما دنت ساعة الرحيل، طلب أن يوارى تحت الشجرة الباسقة التي تظلّل بيته الصغير، بالقرب من المكان الذي منذ سبع سنوات دفن فيه «مانويلا»، فيما يتساءل كثيرون: لماذا كنا نحبّه، ونصدّق ما يقوله؟ ولماذا كنا نقدّره في عالم اعتاد تحقير السياسيين؟