هافانا غارقة في عتمة شاملة هذه الأيام... تنسدل على ركام الأزمات المعيشية الخانقةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/5074808-%D9%87%D8%A7%D9%81%D8%A7%D9%86%D8%A7-%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%AA%D9%85%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D9%86%D8%B3%D8%AF%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B1%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%AA
هافانا غارقة في عتمة شاملة هذه الأيام... تنسدل على ركام الأزمات المعيشية الخانقة
أحد شوارع العاصمة الكوبية هافانا (رويترز)
أربع ساعات بالطائرة فوق زرقة البحر الكاريبي تفصل بين كاراكاس التي تطفو على أضواء احتفالات سوريالية بميلاد لا وجود له سوى في مرسوم نيكولاس مادورو، وهافانا الغارقة منذ أيام في عتمة شاملة تنسدل على ركام الأزمات المعيشية الخانقة، من شحّ في المواد الغذائية الأساسية وتراجع في الخدمات الصحية والتعليمية، وعطش للحريات التي ما زال الإفراج عنها عصيّاً على هذه الثورة التي كانت بمثابة المرأة الثانية في حياة كل تقدمي قبل أن تكاد تصبح هيكلاً عظمياً لذلك الحلم الجميل الذي راود الجماهير اليسارية في العالم.
نضبت إمدادات المساعدات الاقتصادية السخية التي كان الاتحاد السوفياتي يغدقها على كوبا يوم كانت رأس الحربة المتقدمة في ذروة الحرب الباردة، ولحية فيديل كاسترو تتدلّى بتحدٍ وإباء على مرمى حجر من سواحل الولايات المتحدة... وجفّت منابع الدعم الذي كانت تغدقه عليها فنزويلا على عهد هوغو تشافيز بعد أن صار نظام مادورو يستجدي هو الدعم للنهوض من الضائقة التي وضعت الدولة التي تملك أكبر احتياطي للنفط في العالم على شفا الجوع.
تخال نفسك في مدينة أشباح على الطريق من المطار إلى الفندق، حيث تخيّم ظلمة حالكة على امتداد الأحياء التي تجتازها، في حين يردد السائق، وعلى وجهه ابتسامة غير بريئة، إن السبب في انقطاع التيار الكهربائي هو الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على الجزيرة ويمنعها من استيراد الكثير من المواد والمعدات الأساسية.
في زياراتي الكثيرة إلى الجزيرة لم ألمس مثل هذا الفراغ الذي تضجّ به هافانا. المدارس مقفلة، وبعض المتاجر أيضاً، وفي الأحياء الشعبية عجائز فوق الكراسي الهزازة يتقون الشمس الحارقة في ظل شرفات مداخل المباني العريقة التي تبدو خارجة لتوها من حرب أهلية.
منذ جائحة «كوفيد» التي أوقعت خسائر بشرية فادحة في الجزيرة، انخفض كثيراً عدد السياح الذين كان الاقتصاد قد انتعش بفضلهم في السنوات الأخيرة، والمارة في الشوارع هائمون مثل العسكر المهزوم العائد من معركة لم يعد قادراً على خوضها.
من حين إلى آخر تهبّ نسائم خفيفة من جهة البحر، وتلطّف من رطوبة الحر الجاثم على صدر الجزيرة في هذه الأيام. البحر الذي عبره إلى الولايات المتحدة في السنوات الثلاث المنصرمة أكثر من 850 ألف شاب، أي ما يقارب 18 في المائة من مجموع السكان، فيما يشبه التفريغ الديموغرافي الذي يبدو نهائياً بسبب الأوضاع المعيشية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها الجزيرة. هذه الأرقام صدرت عن مكتب الجمارك وحماية الحدود في إدارة بايدن، والأرجح أنها دون الأعداد الحقيقية.
في الماضي كان الكوبيون يهاجرون هرباً من القمع السياسي وسعياً إلى الحرية، أما اليوم فقد أصبحت أسباب هذا النزوح، الذي فاق بكثافته جميع الأزمات السابقة، وليدة يأس هيكلي مديد تراكمت فيه ندرة مزمنة في المواد الغذائية، والأدوية والسلع الأساسية، وزاده حدة انهيار القطاع السياحي وتضخم جامح تعجز الدولة عن السيطرة عليه. يضاف إلى ذلك أن الحكومة والأجهزة الأمنية رفعت منسوب القمع في أعقاب الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي عمّت أنحاء الجزيرة في يوليو (تموز) 2021.
لا شك في أن الحصار الاقتصادي الصارم الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا منذ عقود قد ساهم في تفاقم الأزمات المعيشية التي تعاقبت على هذه الجزيرة، وهو حصار أدانته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة مرات عدّة وطالبت برفعه. لكن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الحكومة التي فشلت في توفير الظروف التي تحول دون دفع المواطنين إلى مثل هذا النزوح، وعجزت عن إجراء الإصلاحات الاقتصادية الكافية لدفع عجلة التنمية. ولم تعد قليلة تلك الأصوات التي ترى أن النظام ليس قادراً على تصويب المسار بما يحول دون انفجار كبير للأزمة، وأنه لا بد من دور فاعل للأسرة الدولية، لا يقتصر فحسب على أزمة الهجرة، بل على الأسباب العميقة التي تسببت في هذا النزوح التاريخي.
كثرة الأزمات المشتعلة اليوم في مناطق عدّة من العالم تقصي الكابوس الكوبي عن العناوين الرئيسية في وسائل الأعلام، لكن ما يعتمل في «لؤلؤة الكاريبي» منذ أشهر لا مثيل له في تاريخ الثورة التي جردتها السنون من معظم الإنجازات التي حققتها رغم الحصار وأنواء الرياح الإقليمية المعاكسة. حتى مطالع الصيف الماضي كان الكوبيون يخرجون إلى الاحتجاج في الشوارع وعلى وسائل التواصل في حالات نادرة عندما تشتدّ الأزمة المعيشية، يطالبون بعودة التيار الكهربائي والمواد الغذائية والسلع الأساسية. أما اليوم، فقد أصبحت هذه الاحتجاجات تتكرر أحياناً كل أسبوع، ولم تعد تقتصر على بعض الأحياء في بعض المدن الكبرى، وصارت تبدأ بالمطالبة بالغذاء والأدوية والكهرباء وتنتهي مطالبة بالحرية، الغائب الأكبر عن سماء الثورة التي ألهمت حركات التحرير في العالم طيلة عقود.
حتى كتابة هذه السطور انقضت أيام ستة على انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء كوبا، وليس من حل يلوح في الأفق.
النظام التعليمي أوقف محركاته، المستشفيات على شفا الانهيار، والأطعمة القليلة التي كانت في الثلاجات تلفت، في حين تلجأ الأسر إلى الطهي على مواقد الحطب أمام المنازل، وتضرب على الطناجر الفارغة من باب الاحتجاج والتنفيس عن الغضب والإحباط.
تقول غراسيلا، وهي أم لأربعة أولاد لم يذهبوا إلى المدرسة منذ منتصف الأسبوع الفائت: «نتحمّل الشحّ في المواد الغذائية، وتراجع الخدمات الصحية، وتعطّل المواصلات العامة، لكن انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة يفاقم كل هذه الأزمات في مثل هذا الحر الخانق».
المكسيك هبّت إلى النجدة وأعلنت رئيستها الجديدة كلاوديا شاينباوم عن تقديم مساعدة عاجلة بإرسال شحنات من الوقود وطواقم تقنية متخصصة تملك خبرة في إصلاح شبكات الكهرباء التي غالباً ما تتضرر في مثل هذا الموسم الذي تكثر فيه الأعاصير والعواصف. لكن السلطات الكوبية تقرّ بأن أزمة الكهرباء تحتاج إلى ما لا يقلّ عن عامين لمعالجتها؛ نظراً لتقادم البنية التحتية وازدياد الطلب على الاستهلاك. في غضون ذلك، يسود الشعور بأن هذه الأزمة ليست عابرة مثل سابقاتها، بل هي تراكم لسلسلة من المعاناة الطويلة التي تكشف انهيار بلد يصرخ مطالباً بنور يضيء دربه، في حين يردد أبناؤه تحت جنح الظلام «لن يكون أبدياً هذا الليل».
أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.
ندد الرئيس الأميركي جو بايدن بإصدار الجنائية الدولية أوامر لاعتقال نتنياهو وغالانت، وقال في بيان: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».
قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمبhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/5083353-%D9%82%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8020-%D8%AA%D8%B9%D8%B7%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE-%D8%B2%D8%AE%D9%85%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D9%83%D9%86%D9%87%D8%A7-%D9%85%D9%86%D9%82%D8%B3%D9%85%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
TT
TT
قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
في اليوم الثاني الأخير أعطت قمة مجموعة العشرين زخماً محدوداً لمفاوضات مناخية متعثّرة في باكو وسادها انقسام في المواقف بشأن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وخيّم عليها طيف ترمب العائد إلى البيت الأبيض. وتضمّن البيان تعهّداً «بالحرص على أن يدفع أصحاب الثروات الطائلة ضرائب كما ينبغي» وبوضع آليات لمنعهم من التهرّب من دفع الضرائب.
سعى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية في صلب نهجه اليساري ونجح في حشد دعم القادة لمقترح يقضي بفرض مزيد من الضرائب على أكبر الأثرياء.
غير أن هذه المسألة لقيت تحفّظات من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي المعجب بنهج ترمب. ولم يعرقل ميلي صدور البيان، لكنه أعرب علناً عن معارضته تلك البنود وغيرها، مثل زيادة تدخّل الدولة لمكافحة الجوع.
إلا أن البرازيل نجحت بصفتها الدولة المضيفة، في تشكيل جدول أعمال القمة، وإدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة، بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ، إلى جانب جهود إصلاح المنظمات الدولية. وأكد البيان الختامي أن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.
إذ أعلن الرئيس البرازيلي عن إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر» في بداية القمة. وقال لولا: «الجوع والفقر ليسا نتيجة للندرة أو الظواهر الطبيعية»، بل هما نتيجة لقرارات سياسية تؤدي إلى استبعاد جزء كبير من الإنسانية. وتعد هذه المبادرة من الموضوعات الرئيسية للمجموعة، التي تجمع أكبر اقتصادات العالم، وقد لقيت دعماً علنياً من 81 دولة. وقال لولا إن المجموعة ستتبادل الخبرات وتنسق التدابير من أجل الأمن الغذائي: «سيكون هذا أعظم إرث لنا». وأضاف الرئيس البرازيلي أن مكافحة الجوع والفقر هي شرط أساسي لبناء عالم سلمي.
تمكنت مجموعة العشرين، التي انطلقت قمتها في ريو دي جانيرو، الاثنين، من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة. وهناك نقطة رئيسية تم الاتفاق عليها خلال القمة كانت الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر «تمثيلاً وشمولاً وكفاءة وفاعلية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة».
ودعا لولا أيضاً إلى تعزيز التعددية، مؤكداً الحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لضمان الاستقرار وتعزيز السلام. وقال لولا: «استقرار العالم يعتمد على مؤسسات أكثر تمثيلاً»، مشيراً إلى أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار. ووصف هذا التنوع بأنه «طريق السلام» وضروري لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.
4 مليارات دولار من بايدن و25 من بنك التنمية الأمريكي
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أن الولايات المتّحدة ستقدّم مساهمة «تاريخية» بأربعة مليارات دولار لصندوق تابع للبنك الدولي يدعم البلدان الأكثر فقراً، في خطوة تسبق تسليمه السلطة إلى دونالد ترمب العازم على خفض الإنفاق العام. وتعهد بايدن بتقديم هذا المبلغ لـ«المؤسسة الدولية للتنمية». وهذا آخر اجتماع لبايدن مع كبار زعماء العالم قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).
وقال مسؤول أميركي كبير إنّ هذه مساهمة بـ«أربعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات»، ما يعني أنّها غير ملزمة للإدارة الجمهورية المقبلة برئاسة دونالد ترمب.
لكنّ المسؤول عينه أشار إلى أنّ الجمهوريين، عندما كانوا في السلطة، أيّدوا ضخّ أموال في هذا الصندوق. والمؤسسة الدولية للتنمية هي ذراع للبنك الدولي تساعد أفقر بلدان الكوكب. وتمنح المؤسسة قروضاً وهبات مخصّصة لبرامج مثل مكافحة عدم المساواة ومكافحة الاحتباس الحراري.
وتعهد بنك التنمية الأميركي بالفعل بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة. من جانبها، طالبت منظمة أوكسفام غير الربحية بأن تقوم دول مجموعة العشرين نفسها بالاستثمار العام بشكل كبير في أعمال الزراعة الصغيرة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي سيشارك أيضاً في هذه المبادرة.
«كوب 29» يرحب بالمؤشّرات الإيجابية
رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان المجموعة في ريو بشأن تمويل الحلول المناخية للبلدان النامية، لكنهم شدّدوا على أن الشقّ الأصعب من المهمّة ينبغي إنجازه في باكو. ورغم المخاوف الأولية بشأن احتمال وجود خلافات من الرئيس الأرجنتيني المتطرف، خافيير ميلي، ركزت المجموعة على تغير المناخ مع ختام القمة، وأعرب قادة الدول الصناعية والناشئة الرائدة في العالم عن التزامهم بفرض ضرائب أكثر فاعلية على فائقي الثراء، وأكدوا الهدف الدولي المتفق عليه للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.
ولم يتطرّق بيان ريو إلى مسألة الخروج التدريجي من مصادر الطاقة الأحفورية التي تمّ الاتفاق عليها خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ في دبي، ما أثار استياء في أوساط المنظمات غير الحكومية.
وقال سيمن ستيل، الأمين التنفيدي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، الثلاثاء، إن «وفود مجموعة العشرين لها نظامها الخاص هنا في باكو حيث نحن بأشدّ الحاجة إلى أن تتوقّف البلدان عن التشبّث بمواقفها وتتّجه سريعاً نحو أرضية مشتركة للتفاهم». وقد دعا القادة في تصريحاتهم إلى «زيادة الموارد التمويلية والاستثمارات العامة والخاصة لصالح المناخ في البلدان النامية». وتطرّقت عدّة فقرات من البيان إلى الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة والمتعددة الأطراف باتّجاه البلدان قيد النموّ.
وجاء في بيان المجموعة: «نقرّ بالحاجة إلى تعزيز الاستثمارات وزيادتها من كلّ المصادر والقنوات المالية لسدّ الثغرة التمويلية فيما يخصّ الانتقال بمجال الطاقة في العالم، لا سيّما في البلدان النامية».
وأثار البيان أيضاً فكرة فرض ضريبة على كبار الأغنياء على نحو مبدئي. وهي فكرة أشادت بها عدّة منظمات غير حكومية، متلمّسة فيها بصمة الرئيس البرازيلي لولا.
وفي تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من باكو، أشاد رئيس فريق المفاوضات الذي يمثّل أغلبية البلدان النامية المعروف باسم «مجموعة السبع والسبعين+الصين»، الدبلوماسي الأوغندي أدونيا أييباري، بإقرار مجموعة العشرين «بالحاجة إلى زيادة التمويل في مجال المناخ لرفعه من مليارات إلى آلاف المليارات المتأتية من المصادر كافة»، وفق الصياغة المستخدمة في بيان ريو.
وقدّر عالما اقتصاد معروفان مفوّضان من الأمم المتحدة المساعدة المناخية الخارجية للبلدان النامية بألف مليار في السنة. غير أن الدبلوماسي الأوغندي أعرب عن الأسف على أن البيان لم يحدّد الجهات الواجب عليها تقديم التمويل، مع الاكتفاء باستخدام عبارة «من المصادر كافة» بدلاً من استعراض جهات التمويل العام بوضوح، وهي إحدى المسائل الخلافية في باكو.
وقال أدونيا أييباري: «طلبنا بوضوح أن يأتي ذلك من مصادر عامة على شكل قروض بأسعار فائدة تفضيلية أو مساعدات»، مشيراً إلى أن البيان يبقى على الرغم من ذلك «خطوة جيّدة» للتوصّل إلى اتفاق بحلول نهاية المؤتمر، الجمعة.
وقال محمّد أدوو من مجموعة «باوورشيفت أفريكا» البحثية: «كنّا بحاجة إلى مؤشّر قويّ من مجموعة العشرين وحصلنا عليه على الصعيد المالي». غير أن آخرين هم أكثر حذراً فيما يتعلّق بالأثر الفعلي على مؤتمر «كوب 29»، إذ إن بيان مجموعة العشرين لم يتطرّق إلى صلب المناقشات الجارية في باكو والقائمة على القيمة الإجمالية للمبلغ ومساهمة بلدان مثل الصين.
وكشف مفاوض أوروبي رفيع المستوى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن أنه بدأ العمل يوم الثلاثاء، ككلّ المشاركين في «كوب 29»، بتفحّص بيان مجموعة العشرين الممتدّ على 22 صفحة «كنّا ننتظر زخماً كبيراً ولعلّ توقّعاتنا كانت جدّ مرتفعة».
وقالت فريديريكي رودر من منظمة «غلوبال سيتيزن» غير الحكومية إن مجموعة العشرين «أعادت رمي الكرة في مرمى الكوب»، مقرّة بأن «البرازيل أدّت دورها على أكمل وجه لكن مجموعة العشرين لم تحذ حذوها».
وصرّحت ريبيكا تيسن من الشبكة الواسعة للمنظمات غير الحكومية «كلايمت أكشن نتوورك» بأن «قادة مجموعة العشرين لم يرسلوا الإشارات السياسية اللازمة من ريو». واكتفت المجموعة بالقول بشأن المفاوضات الجارية في باكو: «نتوقّع النجاح للهدف الكمّي الجماعي الجديد في باكو».
ولفتت تيسن إلى أن «الصمت بشأن الهدف الجديد لتمويل مكافحة التغير المناخي وبشأن التخلّي التدريجي عن الوقود الأحفوري غير مقبول من أكبر الاقتصادات وأكبر الملوّثين». وعدّ هارجيت سينغ من المبادرة من أجل اتفاق لعدم انتشار الوقود الأحفوري أن «القادة العالميين الملتئمين في قمّة مجموعة العشرين أظهروا نقصاً فادحاً في الحسّ القيادي وغفلوا عن إعادة التأكيد على التزامهم بالتخلّي عن الوقود الأحفوري، وهو محور رئيسي من العمل المناخي العالمي».
الشرق الأوسط
وأعرب الإعلان الختامي عن «قلق عميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان»، ودعت القمّة إلى وقف «شامل» لإطلاق النار.
وأشار البيان إلى ضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين، في رسالة واضحة لإسرائيل. كما أكدت مجموعة العشرين على «حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«التزام لا يتزعزع برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
ولم يتم التطرق في الإعلان الختامي لهجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. وقبل القمة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مجموعة العشرين إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، والمطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن، وإدانة «حماس» و«حزب الله»، اللذين تخوض إسرائيل حرباً ضدهما في قطاع غزة ولبنان على التوالي. وكتب ساعر أن أي بيان لا يتناول هذه النقاط سيشجع إيران وحلفاءها على مواصلة نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
أعلنت دول المجموعة في بيان مشترك صدر الاثنين أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان. وقال قادة الدول العشرين في بيانهم: «نحن متّحدون في دعم وقف شامل لإطلاق النار في غزة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، وفي لبنان بما يمكّن المواطنين من العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق» الذي يقوم مقام خط الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف القادة في بيانهم الختامي: «إنّنا وإذ نعرب عن قلقنا العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان، فإنّنا نؤكّد على الحاجة الملحّة لزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيّين».
وتابعوا: «نحن نسلّط الضوء على المعاناة الإنسانية والآثار السلبية للحرب» في قطاع غزة، و«نكرّر التزامنا الثابت بحلّ الدولتين الذي تعيش فيه إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
الحرب في أوكرانيا والتوتر بين الكوريتين
وفي ظلّ هذه التطوّرات، رحّبت المجموعة «بكلّ المبادرات الوجيهة والبنّاءة التي تدعم سلاماً شاملاً وعادلاً ومستداماً» في أوكرانيا. وفي البيان الختامي قال القادة إنّهم «يرحّبون بكلّ المبادرات ذات الصلة والبنّاءة التي تدعم التوصّل إلى سلام شامل وعادل ودائم» في أوكرانيا يتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة ويشيع علاقات «سلمية وودّية وطيّبة» بين الدول المتجاورة. لكن كما الحال في القمم السابقة للمجموعة، لم يأت البيان على ذكر الغزو الروسي. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جانبه بالخطوة «الجيّدة» التي صدرت عن بايدن بخصوص الصواريخ البعيدة المدى.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذت «قراراً جيداً» بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب داخل روسيا.
وعلى هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، قال ماكرون إن دعوة إدارة بايدن جاءت بسبب تدخل جنود من كوريا الشمالية في أوكرانيا، ووصف قرار روسيا في هذا الشأن بأنه «تصعيدي». غير أن المستشار الألماني أولاف شولتس أكّد أنه لن يتأثّر بخطوة بايدن وتمسّك بموقفه بعدم تسليم كييف صواريخ متطوّرة ألمانية الصنع. وعلى هامش القمّة، اجتمع شولتس بالرئيس الصيني في لقاء ثنائي للتطرّق إلى مسائل عدّة منها، العلاقات بين البلدين، لا سيما في المجال التجاري، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وبحث وزيرا خارجية الصين وروسيا الحرب في أوكرانيا والتوترات بين الكوريتين خلال لقاء على هامش القمة، وفق ما أوردت «القناة التلفزيونية الصينية» الرسمية، الثلاثاء. واجتمع وانغ يي وسيرغي لافروف في ريو دي جانيرو، و«تبادلا وجهات النظر حول الأزمة في أوكرانيا والوضع في شبه الجزيرة الكورية»، بحسب قناة «سي سي تي في». ونقلت القناة عن وانغ يي قوله إن الصين «مستعدة للعمل مع الجانب الروسي من أجل تعزيز التعاون والتحالف الاستراتيجي».
وقال لافروف، الثلاثاء، إن شن أوكرانيا هجمات بصواريخ أميركية الصنع على منطقة بريانسك الروسية إشارة واضحة إلى أن الغرب يريد تصعيد الصراع. وأضاف لافروف: «حقيقة استخدام صواريخ أتاكمز مراراً في منطقة بريانسك خلال الليل هي بالطبع إشارة إلى أنهم يريدون التصعيد». وتابع: «من المستحيل استخدام هذه الصواريخ المزودة بتكنولوجيا متطورة من دون الأميركيين، مثلما قال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مراراً وتكراراً». غير أن لافروف قال إن روسيا ستفعل كل ما بوسعها لتجنب اندلاع حرب نووية. وذكر للصحافيين أن الأسلحة النووية ستمثل رادعاً عن شن حرب نووية. وقالت روسيا إن أوكرانيا أطلقت ستة صواريخ أتاكمز أميركية الصنع صوب منطقة بريانسك غرب البلاد.
ووجهت دول غربية حليفة لكييف انتقادات إلى بكين على خلفية عدم إدانتها الغزو صراحة. لكن بعض الخبراء يرون أن بكين لا تشعر بالارتياح إزاء قرار كوريا الشمالية بإرسال قوات إلى روسيا بهدف احتمال نشرها في أوكرانيا، خشية عواقبها على الأمن في شرق آسيا، بسبب اتفاقية الدفاع الموقعة بين موسكو وبيونغ يانغ. والصين حليف دبلوماسي تقليدي لكوريا الشمالية، وتقدم لها الدعم الاقتصادي الحيوي. وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن العالم يواجه مرحلة جديدة من «الاضطراب»، مشدّداً على ضرورة «تجنّب التصعيد في الحروب وتأجيج النيران».