مقتل 700 جنوب شرقي نيجيريا جراء احتجاجات جماعة انفصالية

مئات السكان يعودون إلى بلدتهم بعد هجوم إرهابي

نامدي كانو زعيم جماعة «شعب بيافرا الأصلي» الانفصالية بالمحكمة العليا في أبوجا (أرشيفية - رويترز)
نامدي كانو زعيم جماعة «شعب بيافرا الأصلي» الانفصالية بالمحكمة العليا في أبوجا (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل 700 جنوب شرقي نيجيريا جراء احتجاجات جماعة انفصالية

نامدي كانو زعيم جماعة «شعب بيافرا الأصلي» الانفصالية بالمحكمة العليا في أبوجا (أرشيفية - رويترز)
نامدي كانو زعيم جماعة «شعب بيافرا الأصلي» الانفصالية بالمحكمة العليا في أبوجا (أرشيفية - رويترز)

قالت شركة استشارات مخابراتية في تقرير جديد إن أمراً أصدرته جماعة «شعب بيافرا الأصلي» الانفصالية المحظورة في جنوب شرقي نيجيريا، بملازمة المنازل أدى إلى مقتل أكثر من 700 في المنطقة على مدى السنوات الأربع الماضية.

وصنَّفت السلطات النيجيرية، الجماعة التي تناضل من أجل انفصال الجنوب الشرقي الذي تقطنه أغلبية من عرقية الإيجبو، منظمةً إرهابيةً.

ضباط الشرطة يفحصون المركبات داخل المحكمة الفيدرالية العليا في أبوجا بنيجيريا 21 أكتوبر 2021 (أرشيفية - رويترز)

وذكرت شركة «إس بي إم إنتيليجينس» أن الوفيات نتجت عن قتل مدنيين عصوا الأمر الأسبوعي بملازمة المنزل كل يوم اثنين وفي أيام محددة أخرى، وأيضاً عن اشتباكات بين جماعة «شعب بيافرا الأصلي» وقوات الأمن النيجيرية.

وجاء في تقرير الشركة: «خلقت أساليب الإنفاذ التي اتبعتها جماعة (شعب بيافرا الأصلي)، بما في ذلك الحرق المتعمَّد والنهب والاغتيالات محددة الهدف، مناخاً من الخوف».

وأضاف: «على الرغم من ارتفاع معدل الامتثال لأوامر الاعتصام في المنزل في 2021 (82.61 في المائة)، تكشف الاستطلاعات عن أن الدعم الفعلي أقل بكثير (29 في المائة) الآن، إذ يمتثل كثيرون بالإكراه».

المشير الجوي حسن بالا أبو بكر يؤدي التحية العسكرية خلال الاحتفال بالذكرى الـ61 لتأسيس القوات الجوية النيجيرية (رويترز)

ونفى متحدث باسم الجماعة مسؤوليتها عن أعمال القتل.

وقال المتحدث: «المتسببون في أعمال القتل هم الخاطفون والمجرمون الذين جنَّدتهم الحكومة لابتزاز وشيطنة جماعة (شعب بيافرا الأصلي)». ولم ترد الحكومة على طلب للتعليق.

كانت الجماعة قد أطلقت احتجاجات ملازمة المنزل في أغسطس (آب) 2021 في ولايات جنوب شرقي نيجيريا الخمس، مستخدمةً إياها وسيلة ضغط للمطالبة بالإفراج عن زعيمها نامدي كانو الذي يواجه محاكمة في العاصمة أبوجا بتهم الإرهاب. وعلقت الجماعة الاحتجاج الأسبوعي بعد أيام، مشيرةً إلى «أمر مباشر» من كانو، المحتجز منذ 2021، وأعادته فقط في الأيام التي سيمثل فيها زعيم الجماعة أمام المحكمة.

ومع ذلك، استمرت الجماعات المسلحة الأخرى التي تبايع «شعب بيافرا الأصلي» وفصائل داخل الجماعة في فرض الاحتجاج الأسبوعي، وشن هجمات على المنشآت الحكومية والأفراد الذين يُعتقد أنهم موالون للحكومة.

وعلى الرغم من محاولات الجماعة إبعاد نفسها عن أعمال العنف في المنطقة، فقد اتهمت الشرطة الجماعة بالتورط في عدة وقائع، بما في ذلك الهجوم على سجن في 2021، وقتل أكثر من 30 مسافراً في وقت سابق هذا الشهر.

ونفت الجماعة مسؤوليتها عن الهجومين.

وأضاف تقرير «إس بي إم» أنه بخلاف الوفيات، أدى أمر ملازمة المنزل، الذي يعلق الأنشطة الاقتصادية في جنوب شرقي البلاد كل يوم اثنين وفي الأيام التي يمْثل فيها كانو أمام المحكمة، إلى خسائر اقتصادية تجاوزت 7.6 تريليون نيرة (4.79 مليار دولار).

واجتاحت الحرب الأهلية منطقة بيافرا المضطربة في أواخر ستينات القرن الماضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من مليون شخص.

في غضون ذلك، عاد مئات السكان إلى بلدتهم في شمال شرقي نيجيريا بعدما فروا من منازلهم في وقت سابق من هذا الشهر إثر هجوم لتنظيم «داعش» على قاعدة عسكرية.

وفي 12 مايو (أيار)، هاجم مقاتلون من تنظيم «داعش - ولاية غرب أفريقيا» قاعدة عسكرية في بلدة مارتي في ولاية بورنو، مما أسفر عن مقتل أربعة جنود والاستيلاء على أسلحة قبل إحراق المنشأة.

وفرَّ الجنود الناجون والسكان المحليون إلى قاعدة أخرى في بلدة ديكوا، على بُعد 38 كيلومتراً. وقال غوني بابا غانا (48 عاماً)، وهو أحد السكان، لدى عودته إلى مارتي: «لقد فرَّ الجنود الذين كان من المفترض أن يحمونا، وتركونا خلفهم».

وصعّد تنظيم «داعش» ومنافسته جماعة «بوكو حرام» هجماتهما في المنطقة في الأسابيع الأخيرة خصوصاً على القواعد العسكرية.

وأسفرت سلسلة من الهجمات في أبريل (نيسان) عن 100 قتيل على الأقل، فيما استهدف متطرفون ما لا يقل عن 10 قواعد في الشهرين الماضيين، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال حاكم ولاية بورنو، بابا غانا أومارا زولوم: «بدأنا نشهد تكرار ما حدث في عامي 2013 و2014، عندما هجّر المتمردون كثيراً من القرى». وانتقل معظم النازحين إلى مخيمات في العاصمة الإقليمية مايدوغوري، معتمدين على المساعدات الغذائية من منظمات الإغاثة الدولية، وعبرَ آخرون إلى الدول المجاورة مثل النيجر وتشاد والكاميرون.

ومنذ عام 2018، تعمل حكومة ولاية بورنو على إعادة النازحين إلى منازلهم رغم إعراب وكالات الإغاثة الدولية عن قلقها إزاء التهديد المستمر من التنظيمات الإرهابية.


مقالات ذات صلة

النساء والفتيات الأفغانيات المُرحَّلات من إيران يخشين العودة إلى «سجن كابل»

آسيا خورشيد البالغة من العمر 17 عاماً تحدت أوامر «طالبان» بارتداء الحجاب عند معبر الحدود... لكن إحدى شقيقاتها أقرَّت بأنه سيتعين عليهن ارتداء ملابس مختلفة في أفغانستان (نيويورك تايمز)

النساء والفتيات الأفغانيات المُرحَّلات من إيران يخشين العودة إلى «سجن كابل»

«استعددن للتأقلم»... كانت هذه الرسالة من إحدى العاملات في مجال المساعدات الإنسانية للنساء العائدات إلى حكم حركة «طالبان» في أفغانستان بعد ترحيلهن من إيران.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا جنود يسيرون خلال يوم الجيش الوطني الصومالي في مقديشو 12 أبريل 2014 (أ.ب)

8 قتلى في اشتباكات بين ميليشيات متناحرة في الصومال

قتل ثمانية أشخاص وجرح 24 آخرون في اشتباكات بين ميليشيات موالية للحكومة وأخرى انفصالية في منطقة بشمال شرق الصومال، حسبما ذكر أحد شيوخ القبائل

«الشرق الأوسط» (مقديشو- نيروبي)
أوروبا صورة دون تاريخ للافتة وزارة الدفاع في لندن... حيث صرّح وزير الدفاع السابق عن حزب المحافظين السير بن والاس بأنه «لا يعتذر» من تقديمه طلباً للحصول على «أمر قضائي» يمنع نشر معلومات بشأن تسريب بيانات عن الأفغان الذين دعموا القوات البريطانية (د.ب.أ)

لندن تطلق خطة سرية لإعادة توطين أكثر من 33 ألف مواطن أفغاني

أطلقت الحكومة البريطانية خطة سرية لإعادة توطين أكثر من 33 ألف مواطن أفغاني؛ مما أثار جدلاً واسع النطاق ومخاوف.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أوروبا ناشط المعارضة البيلاروسية سيرغي تيخانوفسكي (وسط) يوقِّع على العلم البيلاروسي التاريخي ذي اللونين الأبيض والأحمر رمزاً للحركة المؤيدة للديمقراطية في غابة بالقرب من غرودك ببولندا على مقربة من الحدود البيلاروسية (أ.ف.ب)

خبراء أمميون يطالبون بالتحقيق في وفاة أشخاص أثناء الاحتجاز في بيلاروسيا

طالب عدد من خبراء الأمم المتحدة، الأربعاء، بإجراء تحقيقات شفافة في وفاة أشخاص احتُجزوا في بيلاروسيا؛ لتعبيرهم عن معارضتهم السياسية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية جانب من لقاء رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي و«وفد إيمرالي» بمقر البرلمان التركي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

ترقّب تركي للجنة ترسم «خريطة طريق» نزع أسلحة «الكردستاني»

عقد وفد حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، المعروف بـ"وفد إيمرالي" لقاءات مع مسؤولين وقادة أحزاب في أنقرة لبحث ترتيبات ما بعد نزع أسلحة حزب العمال الكردستاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بعد مغادرته السنغال... الجيش الفرنسي يُنهي وجوده في غرب أفريقيا

رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية الجنرال مبايي سيسي برفقة باسكال ياني رئيس قيادة الجيش الفرنسي في أفريقيا بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)
رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية الجنرال مبايي سيسي برفقة باسكال ياني رئيس قيادة الجيش الفرنسي في أفريقيا بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)
TT

بعد مغادرته السنغال... الجيش الفرنسي يُنهي وجوده في غرب أفريقيا

رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية الجنرال مبايي سيسي برفقة باسكال ياني رئيس قيادة الجيش الفرنسي في أفريقيا بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)
رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية الجنرال مبايي سيسي برفقة باسكال ياني رئيس قيادة الجيش الفرنسي في أفريقيا بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)

سلّمت فرنسا رسمياً، الخميس، آخر قواعدها العسكرية في السنغال خلال مراسم تاريخية في دكار، مثّلت نهاية الوجود الدائم للجيش الفرنسي في البلاد، وأيضاً في وسط أفريقيا وغربها.

ويأتي هذا الانسحاب الفرنسي الذي بدأ خلال السنوات الأخيرة، فيما تواجه منطقة الساحل هجمات إرهابية متزايدة في مالي، بما فيها هجوم وقع أخيراً قرب السنغال، وكلٍّ من بوركينا فاسو والنيجر.

وبعد تسليم القاعدة في دكار، الخميس، ستكون جيبوتي -الدولة الصغيرة الواقعة في القرن الأفريقي- الموطن الأفريقي الوحيد لقاعدة عسكرية فرنسية دائمة. وتعتزم فرنسا جعل قاعدتها في جيبوتي، التي تضمُّ نحو 1500 جندي، مقراً عسكرياً لها في أفريقيا.

مراسم التسليم

وأُقيمت مراسم التسليم، صباح الخميس، في دكار بحضور رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية الجنرال مبايي سيسي، والجنرال باسكال ياني، رئيس قيادة الجيش الفرنسي في أفريقيا. وعَدّ سيسي أن هذه المراسم تُمثّل «نقطة تحول مهمة في التاريخ العسكري الغني والطويل بين بلدينا».

وأكّد في كلمته أن هذا الانسحاب «يأتي بعد أشهر من المحادثات الودية والأخوية بشأن إعادة آخر قاعدتين عسكريتين»، مشيراً إلى أن الجيشين «حدّدا أهدافاً جديدة لتعزيز الشراكة الأمنية» بين البلدين.

رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية ورئيس قيادة الجيش الفرنسي خلال مراسم تسليم القاعدة العسكرية بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)

من جهته، تحدّث ياني عن «العلاقة الخاصة والضرورية لدول المنطقة» بين الجيشين الفرنسي والسنغالي، مُعرباً عن «فخره بالواجب الذي تمّ إنجازه». وأضاف: «نحن نُجري تغييراً هيكلياً لوجودنا في أفريقيا. هذا التغيير ضروري، علينا إعادة صياغة شراكاتنا في أفريقيا (...) وهذا يتطلب نهجاً مختلفاً: علينا أن نتصرف بشكل مختلف، ولم نعد نحتاج إلى قواعد دائمة لهذا الغرض»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

أقوى الحلفاء

يعود الوجود الفرنسي الدائم في السنغال إلى سنة 1960، وهو العام الذي حصلت فيه البلاد على استقلالها. ومنذ 2022، أنهى الجيش الفرنسي وجوده الدائم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد والغابون؛ حيث أصبحت القاعدة الفرنسية بمثابة «مُعسكر مشترك» غابوني-فرنسي، يُركّز على التدريب. ويُمثّل هذا اليوم النهاية الرسمية لوجود «العناصر الفرنسيين في السنغال»، الذين بلغ عددهم 350 جندياً كانت مهمتهم الرئيسية إجراء نشاطات شراكة عسكرية عملياتية مع القوات السنغالية.

قوات سنغالية خلال مراسم تسليم القاعدة العسكرية بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)

وبدأ الانسحاب الفرنسي في مارس (آذار) الماضي، وأعاد الجيش الفرنسي عدداً من المنشآت للسنغال منذ مطلع مارس. ويقع «معسكر غاي» في منطقة أواكام في دكار، ويضمُّ مركز قيادة هيئة الأركان المشتركة، ووحدة التعاون الإقليمي.

وبعد استقلالها، بقيت السنغال واحداً من أقوى الحلفاء الأفارقة لفرنسا، القوة الاستعمارية المهيمنة السابقة في غرب أفريقيا، لكن القادة الجدد الذين تولوا السلطة في أبريل (نيسان) 2024 تعهّدوا بمعاملة فرنسا على قدم المساواة مع الشركاء الأجانب الآخرين، باسم استعادة السيادة.

استعادة السيادة

أعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديومايي فايي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أن الوجود العسكري الفرنسي والأجنبي على الأراضي الوطنية سينتهي بحلول عام 2025. وقال إن «السنغال دولة مستقلة، وهي دولة ذات سيادة، والسيادة لا تسمح بوجود قواعد عسكرية في دولة ذات سيادة»، مُؤكّداً أن الأمر ليس بمثابة «قطيعة»، ودافع عن «شراكة متجددة» مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة والحليف التاريخي لبلاده.

ويستند الوجود العسكري الفرنسي في السنغال منذ عام 1960 إلى اتفاقات دفاع وتعاون ثنائية، مع «دعم بناء» الجيش السنغالي بين عامَي 1960 و1974.

قوات سنغالية خلال مراسم تسليم القاعدة العسكرية بدكار في 17 يوليو (أ.ف.ب)

وفي عام 2011، أفسحت «القوات الفرنسية في الرأس الأخضر»، التي أُنشئت عام 1974، الطريق أمام «العناصر الفرنسيين في السنغال» التي لم تكن تضمُّ وحدات قتالية، بل مجموعة من المدربين المتخصصين.

وعام 2012، تمّت المصادقة على تغيير شكل الشراكة العسكرية بتوقيع معاهدة في مجال التعاون العسكري بين البلدين. وأصبحت القوات السنغالية وحدها مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أراضي البلاد.

وبين عامَي 2020 و2023، أدّت الانقلابات في بوركينا فاسو والنيجر ومالي إلى وصول قادة عسكريين إلى السلطة. وقطعت كل هذه الدول علاقاتها مع فرنسا، وتحوّلت إلى روسيا لمساعدتها في مكافحة التمرد الإرهابي. كما طالبت جمهورية أفريقيا الوسطى، وهي مستعمرة فرنسية سابقة أرسل إليها الكرملين مقاتلين من مجموعة «فاغنر»، بانسحاب القوات الفرنسية.