نفذت جماعة «بوكو حرام» هجوماً انتحارياً ضد وحدة من الجيش النيجيري، وقتلت 27 جندياً على الأقل، في محطة جديدة من الحرب الدائرة منذ سنوات بين التنظيم الإرهابي والجيش، ولكنها تصاعدت خلال الأشهر الأخيرة.
وفي حين يخوض الجيش عمليات عسكرية مكثفة منذ أسابيع ضد معاقل التنظيم، في مناطق واسعة من شمال شرقي البلاد، فإن انتحارياً نصب كميناً لوحدة من الجيش وفجر سيارته المفخخة ليقتل 27 جندياً، وفق ما أكدت مصادر عدة الأحد.
وكان الجيش ينفذ عملية برية يوم الجمعة الماضي بين ولايتي بورنو ويوبي الواقعتين شمال شرقي نيجيريا؛ غير بعيد من الحدود مع النيجر، ضد معاقل تابعة لفصيل من «بوكو حرام» يتبع تنظيم «داعش في غرب أفريقيا»، قبل أن يتعرض للهجوم المباغت.
وقالت المصادر إن انتحارياً كان على متن سيارة مفخخة مختبئة بين أشجار الغابات، هاجم الموكب العسكري بعد حلول الظلام، وقال مصدر عسكري من الجيش لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قتل في الهجوم الانتحاري 27 جندياً؛ بينهم القائد، وأصيب عدد آخر بجروح خطرة».
وقال مصدر آخر من الجيش: «لم تتسنَّ للقوّات رؤيةٌ واضحةٌ للمحيط بسبب الظلام»، قبل أن يتوقع ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود مصابين وضعيتهم «حرجة».
معارك عنيفة
وتتحدث المصادر عن معارك عنيفة دارت بين الطرفين، وذلك بعد وصول تعزيزات من «داعش» تمثلت في مئات المقاتلين على متن شاحنات مسلحة، وعن أنهم حاولوا محاصرة وحدة من الجيش في قرية مالام فاتوري، التي تنطلق منها الطريق نحو الحدود مع النيجر.
وقال أحد الجنود الذين شاركوا في المعركة، في حديث هاتفي مع وكالة «رويترز»، إن القوات «فوجئت» بالهجوم الإرهابي، وأضاف أن الإرهابيين «كانوا يطلقون الرصاص في كل مكان».
وأضاف الجندي: «حاولنا جاهدين صد الهجمات، وبعد أكثر من 3 ساعات من تبادل إطلاق النار تمكنوا من التغلب علينا، وقُتل قائدنا، وهو برتبة مقدم».
خسائر «بوكو حرام»
من جانب آخر أعلن الجيش أن عملياته العسكرية المتواصلة أسفرت، خلال الأسبوع الماضي، عن مقتل 76 من مقاتلي تنظيمَي «بوكو حرام» و«داعش»، مؤكداً أنها مستمرة حتى القضاء على التنظيمَين.
وأوضح المتحدث باسم الجيش، اللواء إدوارد بوبا، أن من بين هؤلاء القتلى 24 مسلحاً قُتلوا خلال عمليات عسكرية بمناطق دامبوا وباما وتشيبوك خلال الفترة من 7 إلى 13 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وقال إن الجيش اعتقل 72 مشتبهاً فيه وأنقذ 8 رهائن خلال تلك العمليات، وصادر أسلحة وذخائر؛ منها بنادق «كلاشنيكوف» وقنابل يدوية وقذائف «آر بي جي» وعبوات ناسفة.
تمويل الإرهاب
في غضون ذلك، أجرى قائد أركان الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، لقاء تلفزيونياً تحدث فيه عن أسباب تأخر القضاء على تمرد «بوكو حرام» الموجود منذ أكثر من 14 عاماً، وأرجعه إلى عوامل كثيرة؛ أبرزها «التمويل الخارجي».
وقال الجنرال، خلال الحديث الذي تناقلته الصحافة المحلية على نطاق واسع، إن «استمرار المعركة ضد جماعة (بوكو حرام) يعود إلى عوامل عدة معقدة؛ تتمثل في طبيعة الصراع، حيث تقاتل آيديولوجيا متطرفة وليست دولاً؛ مما يجعل القضاء عليها أمراً بالغ الصعوبة».
وأكد الجنرال موسى أن «(بوكو حرام) تستفيد من تمويل خارجي، فضلاً عن فِدَى الاختطاف والسرقات المسلحة»، وأشار إلى احتمالية تلقيها «دعماً خارجياً من دول تسعى لزعزعة استقرار نيجيريا».
وخلص إلى التأكيد على أن «الصراع مع (بوكو حرام) ليس مجرد معركة عسكرية؛ بل هو تحدٍّ آيديولوجي وأمني يتطلب استراتيجيات معقدة للتعامل مع طبيعة هذه الجماعات»، على حد تعبيره.
تهمة الإجهاض
وتطرق الجنرال النيجيري إلى اتهامات موجهة إلى الجيش بالتورط في عمليات إجهاض قسري تعرضت لها نساء «بوكو حرام» بعد القبض عليهن أو تحرير بعض المختطفات، ضمن برنامج عسكري خاص.
ونفى الجنرال هذه الاتهامات بشدة، ووصفها بأنها مجرد محاولة لتشويه الجيش ونيجيريا من طرف منظمات غير حكومية «لا ترغب في استقرار نيجيريا»، على حد تعبيره.
وكانت «رويترز» قد نشرت عام 2022 تقريراً أشارت فيه إلى أن الجيش النيجيري يدير برنامجاً خاصاً للإجهاض القسري في شمال نيجيريا، يستهدف بشكل خاص النساء اللاتي يرجعن من معسكرات «بوكو حرام»، أو اللاتي يحررهن الجيش بعد اختطافهن من طرف التنظيم.
وقال الجنرال موسى إن «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» حققت بشكل مستقل لمدة عام ونصف العام ولم تجد أي دليل يدعم هذه الادعاءات، ودعا في هذا السياق إلى «اعتذار علني» من طرف الجهات التي نشرت هذه الاتهامات، مؤكداً أن الجيش سيلاحقها قانونياً.