سلطات النيجر تتعقب خاطفي مواطنة نمساوية في أغاديز

تنظيم «القاعدة» نفى مسؤوليته عن الاختطاف... والأنظار موجهة لـ«داعش»

إيفا غريتزماخر تركت النمسا قبل ثلاثة عقود لتعيش في صحراء النيجر قبل أن يخطفها مجهولون السبت الماضي (صحافة محلية)
إيفا غريتزماخر تركت النمسا قبل ثلاثة عقود لتعيش في صحراء النيجر قبل أن يخطفها مجهولون السبت الماضي (صحافة محلية)
TT

سلطات النيجر تتعقب خاطفي مواطنة نمساوية في أغاديز

إيفا غريتزماخر تركت النمسا قبل ثلاثة عقود لتعيش في صحراء النيجر قبل أن يخطفها مجهولون السبت الماضي (صحافة محلية)
إيفا غريتزماخر تركت النمسا قبل ثلاثة عقود لتعيش في صحراء النيجر قبل أن يخطفها مجهولون السبت الماضي (صحافة محلية)

عززت السلطات في النيجر من الإجراءات الأمنية في إقليم أغاديز، أقصى شمالي البلاد، عقب اختطاف مواطنة نمساوية على أيدي مسلحين مجهولين ليل السبت/ الأحد الماضي، وأطلقت عملية للبحث عن الخاطفين وملاحقتهم.

وترأس حاكم إقليم أغاديز، (الاثنين) اجتماعاً للمجلس الإقليمي للأمن، وصفته الصحافة المحلية بأنه «استثنائي»، وشاركت فيه مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، وكان بهدف وضع خطة للبحث عن مختطفي المواطنة النمساوية إيفا غريتزماخر.

وكان مسلحون مجهولون قد اختطفوا غريتزماخر، البالغة من العمر 73 عاماً وتقيم في مدينة أغاديز بالنيجر منذ ثلاثة عقود، وتشير المعلومات الأولية إلى أن مجهولين أرغموا السيدة على ركوب سيارة رباعية الدفع وغادروا إلى وجهة غير معلومة.

وهاجم المسلحون منزل المواطنة النمساوية في أغاديز بالتزامن مع حلول الظلام، واعتدوا على حارسها وأجبروه على فتح الباب بعد أن وضعوا مسدساً على رأسه، قبل أن يقتحموا المنزل حيث اقتادوا غريتزماخر دون سرقة أي ممتلكات.

* ملاحقة صعبة

السلطات في النيجر أعلنت أن الاجتماع الذي احتضنته مدينة أغاديز خصص لبحث تفاصيل حادثة الاختطاف الأولى من نوعها منذ سنوات، وتدقيق جميع المعلومات المتداولة في هذا الخصوص.

وقال حاكم إقليم أغاديز إن السلطات «اتخذت إجراءات أمنية مشددة فور وقوع الحادث»، وأكد في السياق ذاته أنه «تمت تعبئة قوات الدفاع والأمن بشكل كامل للعثور على السيدة غريتزماخر».

ودعا الحاكم سكان إقليم أغاديز إلى «تعزيز اليقظة»، وطلب منهم «الإبلاغ عن أي تصرفات مشبوهة».

* عشق محفوف بالخطر

إيفا غريتزماخر، سيدة نمساوية وقعت في حب الصحراء الكبرى، وخاصة الطوارق الذين يعيشون في شمال النيجر، وتعد مدينة أغاديز عاصمتهم التاريخية، ومركز نفوذهم التقليدي.

وصلت السيدة النمساوية إلى النيجر قبل ثلاثة عقود، وهي الآن تبلغ من العمر 73 عاماً، لم تغادر النيجر رغم التحديات الأمنية المتصاعدة منذ سنوات في المنطقة، واستهداف الرعايا الغربيين من طرف تنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وسبق أن تلقت غريتزماخر تهديداً من طرف هذه التنظيمات عام 2021، ولكنها قامت بانتداب حارس شخصي، وبقيت مقيمة في مدينة أغاديز، تربي الدجاج وتعلم النسوة حياكة الأقمشة وإطلاق مشاريعهن الصغيرة المدرة للدخل، كما تنشط في مجال حماية البيئة.

أسست غريتزماخر جمعية «أماناي»، وافتتحت مركزاً للمهارات في أغاديز عام 2010، حيث قادت العديد من المشاريع في مجالات التعليم، وتمكين المرأة، والبيئة، والثقافة، والفنون.

ودعمت السيدة النمساوية المنظمات المحلية في مجال الزراعة، وقدمت تدريبات في الخياطة للفتيات والموسيقى للفتيان، كما كانت تدرس اللغات والحاسوب لأطفال المدينة بالتعاون مع المدارس.

* حزن كبير

بعد حادثة الاختطاف كتبت صحيفة محلية في أغاديز أن غريتزماخر كانت «شخصية لها رمزيتها» في مدينة أغاديز، وأضافت: «كانت تحظى باحترام واسع بسبب مشاركتها في مشاريع اجتماعية مختلفة، حيث دعمت المبادرات المتعلقة بالزراعة، والتدريب على الخياطة للفتيات، وتعليم الموسيقى للفتيان».

وأضافت الصحيفة أن اختطاف المواطنة النمساوية، التي اندمجت بشكل عميق في الثقافة النيجرية، سبب «حزناً كبيراً في مجتمع أغاديز»، مشيرة إلى أن «تفانيها والأنشطة العديدة التي قامت بها لصالح التنمية المحلية يجعل منها شخصية تحظى باحترام كبير».

ويدرك سكان أغاديز خطورة الاختطاف، حيث توصف أغاديز الواقعة في أقصى شمالي النيجر، غير بعيدة من الحدود مع الجزائر، بأنها بوابة الصحراء الكبرى، ومعبر رئيس لطرق الهجرة غير الشرعية، حيث تتمركز فيها شبكات التهريب وتتخذ منها ملتقى طرق للطرق العابرة للصحراء من دول غرب أفريقيا نحو ليبيا والجزائر.

وفي العادة يتولى مرتزقة تنفيذ عمليات الاختطاف لصالح التنظيمات الإرهابية التي تطالب بفدية مقابل الإفراج عن الرهينة، في عملية مفاوضات شاقة قد تستمر لعدة سنوات، وليست مضمونة النجاح.

وظل خطف الرهائن، وخاصة الغربيين، تجارة مربحة بالنسبة للتنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، حيث شكلت لسنوات عديدة مصدر التمويل الأول لهذه التنظيمات، وخاصة تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي.

* خاطف مجهول

وبعد مرور يومين على اختطاف الرهينة النمساوية لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عملية الاختطاف، وفيما تحدثت تقارير إعلامية عن وقوف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (القاعدة) وراء العملية، خرج التنظيم لينفي أي علاقة تربطه بالحادثة.

وجاء في بيان نشرته مؤسسة «الزلاقة»، الذراع الإعلامية لجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»: «إننا ننفي نفياً قاطعاً علاقتنا بهذا الاختطاف، ونؤكد للرأي العام العالمي والمحلي على عدم ارتباطنا بملابسات هذا العمل وندحض كل ما يقال حوله من اتهامات وأكاذيب».

وفيما نفت «القاعدة» مسؤوليتها عن اختطاف المواطنة النمساوية، تتجه الأنظار نحو تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى، وربما إلى منظمات إجرامية تتاجر بالرهائن، تسعى لتسليم الرهينة إلى تنظيم مسلح يفاوض بها.


مقالات ذات صلة

إردوغان يطالب أوجلان بحل «العمال الكردستاني» ويرفض إطلاق سراحه

شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يطالب أوجلان بحل «العمال الكردستاني» ويرفض إطلاق سراحه

أبدى الرئيس رجب طيب إردوغان ترحيباً بخطوات الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بهدف إنهاء الإرهاب في تركيا لكنه رفض إطلاق سراحه

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بقادة كوبيين أميركيين بالبيت الأبيض في واشنطن 30 يوليو 2021 (رويترز)

بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب

قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، اليوم الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن قرر رفع كوبا عن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا قوى أجنبية تستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي لتجنيد سويديين ومنهم أطفال لشن هجمات عنيفة في البلاد (رويترز)

الشرطة: قوى أجنبية تجنّد سويديين عبر وسائل التواصل لشن هجمات

قالت مفوضة الشرطة الوطنية في السويد بترا لوند اليوم الثلاثاء إن قوى أجنبية تستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي لتجنيد سويديين ومنهم أطفال لشن هجمات.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أفريقيا جنود من الجيش النيجيري خلال عملية عسكرية ضد «داعش» (صحافة محلية)

قائد جيش نيجيريا: استسلام 120 ألف مسلّح من «بوكو حرام» نصفهم أطفال

شنت جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش» هجوماً إرهابياً على مجموعة من المزارعين في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، وقتلت أكثر من 40 مزارعاً.

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا مسؤولون أمنيون باكستانيون يقفون حراساً عند نقطة تفتيش خارج سجن أديالا في راولبندي في باكستان يوم 13 يناير 2025 (إ.ب.أ)

قوات الأمن الباكستانية تقتل 27 مسلحاً خلال مداهمة في بلوشستان

قال الجيش الباكستاني إن قوات الأمن داهمت مخبأ لمسلحين الاثنين وقتلت 27 عنصراً.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)
وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)
TT

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)
وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية بالمنطقة، في ظل مخاوف عبر عنها قائد جيش نيجيريا من حصول «بوكو حرام» على دعم من «دول أجنبية».

عائلة أحد مقاتلي «بوكو حرام» سلمت نفسها للقوة العسكرية (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

ويشن التنظيم هجماته في كل من نيجيريا وتشاد والنيجر، مع الاقتراب أكثر من حدود الكاميرون وبنين، ورغم أنه فقد كثيراً من قوته في السنوات الأخيرة، فإنه لا يزالُ قادراً على شن هجمات دامية.

ضربة في الصميم

قبلَ سنوات شكلت دول حوض بحيرة تشاد (نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر وبنين) قوة عسكرية مشتركة، من أجل القضاء على «بوكو حرام»، واستطاعت هذه القوة أن تلحق خسائر كبيرة بالتنظيم.

مقاتل في «بوكو حرام» اعتقل أثناء العملية العسكرية (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

اللواء إبراهيم سلاو، قائد أركان القوة العسكرية المشتركة عقد مؤتمراً صحافياً، الخميس في العاصمة التشادية إنجامينا، استعرض فيه حصيلة عملية عسكرية على الحدود بين نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر، حيث توجد معاقل ومعسكرات «بوكو حرام».

وأعلن المسؤول العسكري النيجيري أنهم قضوا على 310 مقاتلين من «بوكو حرام» خلال عملية عسكرية تحت اسم «البحيرة الصافية»، استهدفت بحيرة تشاد واستمرت 3 أشهر، من أبريل (نيسان) 2024 حتى يوليو (تموز) 2024.

وأضاف اللواء سلاو أن العملية العسكرية أسفرت أيضاً عن استسلام أكثر من 800 من مقاتلي التنظيم الإرهابي مع عائلاتهم، بالإضافة إلى توقيف أكثر من 160 شخصاً كانوا يقدمون خدمات لوجيستية واستخباراتية للتنظيم الإرهابي.

وقال إن العملية العسكرية قادت أيضاً إلى تفكيك قواعد لوجيستية حيوية في منطقة بحيرة تشاد، واصفاً العملية العسكرية بأنها «هجوم كبير ومعقد جرى تصميمه للقضاء على كل أنواع الأنشطة الإرهابية».

وأكد اللواء سلاو أن العملية العسكرية نجحت في إعادة أكثر من 30 ألف لاجئ ونازح إلى قراهم التي غادروها، بسبب أنشطة «بوكو حرام» في المنطقة.

هجمات مستمرة

يأتي احتفال قادة القوة العسكرية المشتركة في تشاد بالانتصار على «بوكو حرام»، بعد يوم واحد من هجوم استهدف القصر الرئاسي في إنجامينا، وجهت فيه أصابع الاتهام إلى مقاتلي «بوكو حرام».

وبالتزامن مع الحفل العسكري أيضاً، شنت مجموعة من مقاتلي «بوكو حرام» هجوماً على مركز للشرطة في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، وقتلوا ضابطين، قبل أن ينسحبوا دون أي خسائر.

عائلة أحد مقاتلي «بوكو حرام» سلمت نفسها للجيش (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

وأعلنت الشرطة النيجيرية الجمعة، إطلاق «حملة واسعة لملاحقة إرهابيي جماعة (بوكو حرام) المسؤولين عن الهجوم الدامي»، وعبرت في بيان صحافي عن إدانتها القوية للهجوم، ووصفته بأنه عمل عنيف شنيع، وأكد قائد الشرطة في البيان: «لن يفلت قتلة رجال الشرطة من العقاب».

تمويل أجنبي

في غضون ذلك، عبر قائد أركان الجيش النيجيري الجنرال كريستوفر موسى، عن قلقه من احتمال تلقي جماعة «بوكو حرام» دعماً مالياً ومادياً من دول أجنبية، وقال في مقابلة مع قناة «الجزيرة» الإنجليزية، إن هنالك «أدلة تربط مقاتلي (بوكو حرام) الذين تم القبض عليهم بأموال مصدرها جهات دولية قوية».

وطلب قائد أركان جيش نيجيريا من الأمم المتحدة «فتح تحقيق في مصادر تمويل الجماعة وتدريبها»، مشيراً إلى أن جماعة «بوكو حرام» استمرت في عملياتها رغم جهود الجيش النيجيري على مدى 16 عاماً.

عائلة أحد مقاتلي «بوكو حرام» سلمت نفسها للقوة العسكرية (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

وأوضح أن تكتيكات الجماعة الإرهابية «تطورت بشكل لافت نحو استخدام الطائرات من دون طيار للاستطلاع واستهداف القوات الأمنية»، داعياً إلى ضرورة «تعاون دولي من أجل تحديد وتفكيك الشبكات العالمية التي تدعم الإرهاب».

وقال الجنرال موسى إنه منذ بداية ظهور الجماعة (2009)، نجح الجيش النيجيري في القضاء على الآلاف من مقاتليها، بينما استسلم أكثر من 120 ألف مقاتل، قبل أن يتساءل عن «مصادر التمويل والتسليح التي تحصل عليها الجماعة».