الأمم المتحدة: قتلى طرق الهجرة البرية في أفريقيا يفوقون ما يبتلعه البحر

سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)
سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: قتلى طرق الهجرة البرية في أفريقيا يفوقون ما يبتلعه البحر

سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)
سودانيون ينزحون من منطقة سنجة في ولاية سنار نتيجة المعارك (أ.ف.ب)

أكدت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن مخاطر الموت أو الوقوع ضحية للعنف الرهيب الجسدي والجنسي أو للخطف أكبر من أي وقت مضى على الطرق التي يطرقها المهاجرون من الصحراء إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

ويقدر تقرير جديد صدر تحت عنوان صادم «في هذه الرحلة لا يهم إن نجوت أو متَّ»، أن عدد الذين يلقون حتفهم على هذه الطرق البرية «أكبر بمرتين» مقارنة بالطريق البحري إلى أوروبا، حيث تم تسجيل ما يقرب من 800 وفاة منذ بداية العام، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وعلى الرغم من أن معدي التقرير يدركون أن الأرقام قد لا تكون دقيقة بسبب نقص البيانات حول ضحايا الطرق البرية، فإنهم يقدرونها بالآلاف كل عام.

قال فنسان كوشتيل، المبعوث الخاص لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لغرب ووسط البحر الأبيض المتوسط، خلال مؤتمر صحافي في جنيف: «سيخبركم كل شخص عبر الصحراء عن الجثث التي شاهدها، الجثث الملقاة على الطريق».

رحلة الموت

وأضاف أن «كل من عبر الصحراء الكبرى يمكنه أن يخبركم عن أشخاص يعرفهم ماتوا في الصحراء».

هؤلاء القتلى إما تركهم المهربون في الصحراء وإما كانوا ضحايا لحوادث، وإما ببساطة مرضى ألقوا بهم من الشاحنة المكشوفة الصغيرة التي أقلتهم. فهم محكوم عليهم عموماً بالموت في غياب هياكل الدعم الكافية ونظام حقيقي للبحث وتوفير المساعدة.

أعد التقرير الجديد الذي يعتمد على مقابلات مع أكثر من 30 ألف مهاجر أو لاجئ جرت بين عامي 2020 و2023، بشكل مشترك بين المفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة ومركز الهجرة المشترك، للنظر في سبل توفير مساعدة ملموسة، واطلاع القادة السياسيين على الوضع على نحو أفضل لإيجاد الاستجابات المناسبة لهذه الظاهرة.

على الرغم من المخاطر، تزداد أعداد من يسلكون طريق الهجرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى «تدهور الوضع في بلدانهم الأصلية وفي البلدان التي تستضيفهم، ولا سيما بسبب اندلاع نزاعات جديدة في منطقة الساحل والسودان، والأثر المدمر لتغير المناخ والحالات الطارئة الجديدة أو المزمنة في القرن الأفريقي وفي شرق أفريقيا»، وفق بيان للأمم المتحدة.

ويشير البيان أيضاً إلى أسباب أخرى منها «العنصرية وكراهية الأجانب التي يقع اللاجئون والمهاجرون ضحية لها».

هنا أيضاً، لا تتوافر إحصاءات دقيقة، لكن بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر، على سبيل المثال، زيادة عدد الوافدين إلى تونس ثلاث مرات بين عامي 2020 و2023.

وقال فنسان كوشتيل إن «الأمر لا يتعلق بتشجيع الناس على القيام بهذه الرحلة الخطيرة، بل بإيجاد حلول لتوفير الحماية والتصدي للانتهاكات والتجاوزات التي يقعون ضحايا لها».

وبدا كوشتيل وكأنه يتوجه إلى القادة والسياسيين الأوروبيين الذين جعلوا مكافحة الهجرة أولوية لهم. ولفت كوشتيل إلى أن هؤلاء المهاجرين واللاجئين لا يسعون بغالبيتهم للذهاب إلى أوروبا.

عنف

ولأسباب تتعلق بأخلاقيات مهنية، لا يمكن لمن يجمعون البيانات تقديم مساعدة ملموسة للمهاجرين، كما أن أسئلة الاستطلاع ركزت على تصور المهاجرين للمخاطر وليس على تجربتهم الفعلية.

وخلص المسح إلى أن الخطر الرئيسي الذي ذكره 38 في المائة من المستجوبين في هذا التقرير يتعلق بالعنف الجسدي. وأشار 14 في المائة إلى خطر الموت، وذكر 15 في المائة منهم العنف الجنسي.

وتحدث كوشتيل أيضاً عن عمليات الخطف التي ذكرها 18 في المائة من المشاركين. وقدَّر عدد ضحايا الاتجار بالأعضاء «بعدة مئات». هناك أولئك الذين، على سبيل المثال، يبيعون كليتهم للبقاء على قيد الحياة، ولكن هناك أيضاً أولئك الذين وقعوا ضحية لسرقة أعضائهم.

وقال كوشتيل: «في معظم الأحيان يتم تخديرهم وإزالة العضو من دون موافقتهم، ثم يستيقظون وكليتهم مفقودة»، مذكراً بأنها ممارسة قديمة ومعروفة، وفي بعض البلدان، تُنشر إعلانات تشجع على بيع الأعضاء.

ويكشف التقرير أيضاً عن أن طالبي الهجرة واللجوء لا ينظرون إلى المهربين والمتاجرين بالبشر بالضرورة على أنهم المسؤولون الرئيسيون عن العنف. فقد ذكر من تمت مقابلتهم خصوصاً العصابات، وكذلك جهات إنفاذ القانون أو «جهات غير حكومية» مثل الجماعات المتمردة أو المسلحة.


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.