أعلنت النيجر أن جيوش 5 دول أفريقية تخوض مناورات عسكرية منذ يوم 20 مايو (أيار) الحالي، في إقليم تاهوا الواقع جنوب غربي النيجر، وهدفها من المناورات تعزيز قدرات جيوشها على محاربة المجموعات الإرهابية التي أصبح خطرها يتوسع نحو مناطق جديدة في غرب أفريقيا.
وجاء في منشور على حساب تابع للجيش الوطني النيجري على تطبيق «إكس» أن المناورات العسكرية تشاركُ فيها جيوش تحالف دول الساحل (النيجر ومالي وبوركينا فاسو)، بالإضافة إلى جيش كل من تشاد وتوغو، ووصفهما منشور الجيش النيجري بأنهما «دولتان صديقتان».
قرب الخطر
وأضاف المصدر في منشور، السبت، أن المناورات العسكرية تجري تحت اسم «تارحنا كالي»، وهي كلمة من لغة «التماشق» التي يتحدث بها الطوارق في منطقة الصحراء الكبرى، وتعني الكلمة «حب الوطن».
وتشملُ المناورات تدريبات عسكرية مكثفة في مركز تابع للقوات الخاصة النيجرية في مدينة تيليا بمنطقة تاهوا الواقعة غرب النيجر، بالقرب من الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وهي المنطقة التي تنشط فيها جماعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بل إن نفس المنطقة تصاعدت فيها وتيرة الهجمات الإرهابية خلال الأسابيع الأخيرة، ووصل عدد ضحايا هذه الهجمات إلى العشرات، أغلبهم مدنيون من سكان القرى الصغيرة، ولكن قُتل أيضاً أكثر من 10 جنود في هجمات استهدفت ثكنات عسكرية ودوريات للجيش.
عبر الحدود
ووفق ما أعلن مصدر عسكري، فإن المناورات تهدف إلى «تعزيز القدرات العملياتية، وصمود القوات المسلحة لتحالف دول الساحل في مواجهة أي تهديدات محتملة»، وذلك من خلال إجراء «مناورات تكتيكية ومبادرات لتعزيز العلاقات مع السكان المحليين».
المناورات ستستمر أسبوعين، ما بين 20 مايو (أيار) إلى الثالث من يونيو (حزيران) المقبل، ويشرفُ عليها قادة المؤسسات العسكرية في الدول الخمس، دون أن يُعْلَن بشكل رسمي عدد الجنود المشاركين فيها، ولا نسبة حضور الدول.
ولكن، وفق المصادر، فإن جيوش مالي والنيجر وبوركينا فاسو هي العمود الفقري للمناورات، بينما تشارك تشاد بصفتها الدولة التي تمتلك واحداً من أقوى الجيوش في المنطقة، ولديها خبرة كبيرة في مواجهة الجماعات الإرهابية، وسبق أن خاضت عمليات عسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو خلال العقد الأخير.
أما توغو فهي الأقل خبرة في التعامل مع الإرهاب، حيث بدأت خلال السنوات القليلة الماضية تواجه بعض الهجمات الإرهابية الخاطفة في غابات ومحميات طبيعية على الحدود مع بوركينا فاسو، وتحاول أن تكون جاهزة لمواجهة خطر يقترب منها أكثر فأكثر.
دول الساحل
رغم حضور تشاد وتوغو، فإن التدريب يتمحور حول تعزيز مستوى التعاون بين جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي الأكثر تضرراً من الهجمات الإرهابية، وتتمركز فيها مجموعات موالية لتنظيم «القاعدة» وأخرى موالية لتنظيم «داعش»، وقد كان المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ سنوات مركزاً نشطاً للجماعات الإرهابية، وفشل الفرنسيون في السيطرة عليه حين كانوا ينشرون 5 آلاف جندي في الساحل لمحاربة الإرهاب، ولا يزال خارج سلطة أي دولة.
وبسبب هذه الأوضاع الأمنية الصعبة، انهارت الأنظمة السياسية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وقادت جيوشها انقلابات عسكرية، وأسست قبل أكثر من عام تحالفاً إقليمياً تحت اسم «تحالف دول الساحل»، ووقَّعت على ميثاق دفاع مشترك بهدف مواجهة التهديدات الأمنية، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وانسحبت الدول الثلاث من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وأبدت رغبتها في قطع خطوات جدية نحو إقامة وحدة فيدرالية ذات جيش واحد وعملة موحدة، وهو مشروع لا يزال مجرد فكرة، رغم تأكيدات رسمية أن خطوات جدية قطعت نحوه، من أبرزها تعزيز الشراكة العسكرية.
الصراع الدولي
وتأتي هذه المناورات العسكرية بالتزامن مع شروع الولايات المتحدة في سحب نحو 1000 جندي من قواتها الخاصة كانوا يتمركزون في النيجر، بموجب اتفاق لمحاربة الإرهاب، ولكن السلطات الجديدة في النيجر ألغته من طرف واحد، على غرار ما فعلت قبل ذلك مع فرنسا التي أكملت سحب جميع جنودها من البلاد، لكن النيجر وهي تطلب من الأميركيين والفرنسيين الانسحاب، توجهت نحو عقد شراكة مع روسيا، حيث تمركز فيها أكثر من 100 عسكري روسي من «فيلق أفريقيا»، الاسم الجديد لمجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة التي تقول النيجر إنهم في مهمة تدريبية.
ومن جهة أخرى، استقبلت النيجر، منذ العام الماضي، مئات المقاتلين من مجموعة «صادات» التركية، وهي شركة أمنية خاصة تقولُ إنها تعملُ في مجال الاستشارات الدفاعية والإنشاءات والصناعة والتجارة المساهمة، ولكن شبهات كثيرة تثار حولها.