أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الولايات المتحدة ستسحب جنودها مؤقتاً من تشاد بعد أيام من الموافقة على سحب قواتها من النيجر المجاورة. وقال الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، في مؤتمر صحافي الخميس، إن القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» تدرس حالياً إعادة تمركز بعض القوات العسكرية الأميركية في تشاد، التي كان من المقرر بالفعل مغادرة جزء منها.
وأضاف: «إنها خطوة مؤقتة في المراجعة المستمرة لتعاوننا الأمني، التي ستستأنف بعد الانتخابات الرئاسية في 6 مايو (أيار) في تشاد».
وفي تشاد، تنشر الولايات المتحدة نحو مائة جندي في إطار محاربة الجهاديين في منطقة الساحل.
وفي رسالة إلى وزير القوات المسلحة دعا رئيس أركان القوات الجوية التشادية في مطلع أبريل (نيسان) إلى انسحاب الجنود الأميركيين، وعزا السبب إلى عدم وجود اتفاق يسمح بوجودهم.
وقال المتحدث باسم الحكومة التشادية عبد الرحمن كلام الله، الجمعة، إن «وجود القوات الأميركية في تشاد كان مدفوعاً في البداية بالالتزام المشترك بمكافحة الإرهاب».
وأضاف: «لكن هيئة الأركان العامة التشادية أعربت عن مخاوف بشأن هذا الوجود»، و«تقديراً للمخاوف التي تم التعبير عنها، قررت الحكومة الأميركية سحب قواتها مؤقتاً من تشاد». وأوضح «أن هذا الانسحاب لا يعني بأي حال من الأحوال وقف التعاون بين البلدين في محاربة الإرهاب».
وفشلت الجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلتها الولايات المتحدة مع السلطات العسكرية بالنيجر، في التوصل إلى شكل من أشكال التعاون الأمني الذي يمكن أن يلبي احتياجات الجانبين واهتماماتهما.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن المحادثات مع المجلس العسكري، المستمرة منذ يوليو (تموز) 2023 فشلت في التوصل إلى تفاهمات، وستبدأ هذا الأسبوع والأسبوع المقبل مفاوضات بشأن «انسحاب منظم ومسؤول» في العاصمة النيجرية نيامي.
ويتمركز 100 جندي أميركي في قاعدة عسكرية رئيسية في النيجر، وتعد مركزاً لعمليات الجيش الأميركي لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. ويأتي قرار سحب القوات، استجابة لطلب من القيادة العسكرية التي استولت على السلطة بانقلاب في يوليو (تموز) 2023، وألغى المجلس العسكري اتفاق تعاون عسكري مع الولايات المتحدة في مارس (آذار). وبرر المتحدث باسم المجلس أمادو عبد الرحمن إنهاء الاتفاق بدعوى اتباع وفد أميركي «سلوكاً متعالياً»، وتوجيهه تهديداً مزعوماً بالانتقام من المجلس.
غير أن انسحاب القوات الأميركية المتوقع من النيجر الذي قد يستغرق أشهراً، وفق البنتاغون، لم يكن الانسحاب الوحيد المتوقع. فقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستسحب عشرات من القوات الخاصة الأميركية من تشاد المجاورة في الأيام المقبلة. وهو ما عد ثاني ضربة كبيرة خلال أسبوع للأمن الأميركي وسياسة مكافحة الإرهاب في منطقة مضطربة بغرب أفريقيا ووسطها.
ويأتي قرار سحب نحو 75 من أفراد القوات الخاصة العاملين في نجامينا، عاصمة تشاد، استجابة لطلبات الحكومات الأفريقية بإعادة التفاوض على القواعد والشروط التي يمكن أن يعمل بموجبها الأفراد العسكريون الأميركيون، غير أن محللين يقولون إن كلا البلدين يريد شروطاً مع الولايات المتحدة تخدم مصالحه بشكل أفضل. ويعد قرار الانسحاب من النيجر نهائياً، لكن مسؤولين أميركيين قالوا إنهم يأملون في استئناف المحادثات بشأن التعاون الأمني بعد الانتخابات في تشاد في السادس من مايو. وقبل استيلاء الجيش على السلطة، كان يُنظر إلى النيجر على أنها حليف وثيق في الحرب ضد الإرهاب والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وأنها شريك ديمقراطي وحيد للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في المنطقة.
ويأتي رحيل المستشارين العسكريين الأميركيين من كلا البلدين في الوقت الذي تبتعد فيه النيجر، وكذلك مالي وبوركينا فاسو، عن سنوات من التعاون مع الولايات المتحدة، وعقد شراكات مع روسيا أو على الأقل استكشاف علاقات أمنية أوثق معها. وأرسلت موسكو للنيجر بداية هذا الشهر، نظام دفاع جوي و100 مدرب عسكري، من قواتها المرتزقة.