تقرير أممي: خطر «القاعدة» و«داعش» وصل إلى الذروة في أفريقيا

محللو الأمم المتحدة يدقون ناقوس الخطر في منطقة الساحل

مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التي تتبع «القاعدة» في صحراء مالي (مؤسسة الزلاقة ذراع القاعدة الإعلامية)
مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التي تتبع «القاعدة» في صحراء مالي (مؤسسة الزلاقة ذراع القاعدة الإعلامية)
TT

تقرير أممي: خطر «القاعدة» و«داعش» وصل إلى الذروة في أفريقيا

مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التي تتبع «القاعدة» في صحراء مالي (مؤسسة الزلاقة ذراع القاعدة الإعلامية)
مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التي تتبع «القاعدة» في صحراء مالي (مؤسسة الزلاقة ذراع القاعدة الإعلامية)

لفت تقرير صادر عن الأمم المتحدة، في شهر فبراير (شباط) الماضي، إلى أن الآلاف من مقاتلي تنظيمي «القاعدة» و«داعش» ينتشرون في مناطق مختلفة من قارة أفريقيا، وخصوصاً في منطقتي الساحل والقرن الأفريقي، ليصل التهديد الإرهابي إلى ذروته في القارة الأفريقية، بالتزامن مع تراجعه في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.

تضمّن التقرير تحليلات من خبراء في الأمم المتحدة، استناداً إلى بيانات صادرة عن الدول الأفريقية الأعضاء بالأمم المتحدة، والمتضررة من الإرهاب، كما تضمّن معلومات وافية عن التنظيمين الإرهابيين، والجماعات التي ترتبط بهما وهويات أمرائها ومصادر تمويلها والشبكات التي تربطها فيما بينها.

مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التي تتبع «القاعدة» في صحراء مالي (مؤسسة الزلاقة ذراع القاعدة الإعلامية)

الإرهاب والانقلابات

ربط التقرير الأممي بين انعدام الأمن في مناطق متفرقة من أفريقيا، بتوسع انتشار التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً في منطقتي الساحل وغرب أفريقيا، حيث يرتبط انعدام الأمن بشكل وثيق مع ازدياد نفوذ «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» الموالية لتنظيم «القاعدة»، و«الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» المُوالية لـ«داعش».

قافلة لقوات أزوادية في كيدال بشمال مالي عام 2016 (أ.ف.ب)

ويقول الخبراء المشاركون في إعداد التقرير إن الانقلابات العسكرية التي قوّضت الديمقراطية، وعطّلت العمل بالدستور في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، كانت حجتها الأولى هي «محاربة الإرهاب»، وبالتالي فإن التنظيمات الإرهابية كانت سبباً مباشراً في وقوع هذه الانقلابات، ودخول الدول الثلاث في نفق مظلم.

مقاتلون من جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التي تتبع «القاعدة» في صحراء مالي (مؤسسة الزلاقة ذراع القاعدة الإعلامي)

وكانت الأنظمة العسكرية التي حكمت دول الساحل الثلاث قد برّرت تحركها للسيطرة على الحكم والإطاحة بالأنظمة المدنية المنتخَبة، بفشل الأخيرة في القضاء على الإرهاب، حيث ظلت، طيلة السنوات العشر الأخيرة، دائرة نفوذ الإرهابيين تتسع بشكل مستمر.

هدنة «داعش» و«القاعدة»

يشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن تنظيمي «القاعدة» و«داعش» أوقفا الحرب الطاحنة التي دارت بينهما، طيلة السنوات الماضية، في وسط مالي وفي بوركينا فاسو وعلى حدود النيجر، وهو الصراع الذي أودى بحياة كثير من مقاتلي التنظيمين الإرهابيين.

وقال التقرير الأممي إن «التنظيمين ظلا حتى عهد قريب يراقبان بعضهما البعض، وهما يتقاتلان على بسط نفوذهما، ولكن تغير الوضع الآن». ويضيف خبراء الأمم المتحدة: «في وسط مالي وجنوب غرب بوركينا فاسو، يثير الانفراج بين الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بواعث القلق بشأن احتمالية إنشاء ملاذ للإرهابيين».

وأضاف التقرير أن التنظيمين الإرهابيين، بعد سنوات من الاقتتال، توصّلا إلى صيغة للتعايش، يحترم بموجبها كل منهما مناطق نفوذ الآخر. وتنص هذه الصيغة على «تقاسم الأراضي في بوركينا فاسو ومالي»، وهو ما يؤكد التقرير الأممي أنه «أتاح لهما التركيز على قتال قوات الأمن».

كما مكّنت هذه الهدنة غير المعلَنة بين التنظيمين الإرهابيين اللدودين، كليهما من «مواصلة الانخراط وسط الأهالي، ويقومان بذلك في بعض الحالات بفرض الأمن، وتوفير الخدمات الأخرى، بدلاً من الحكومة المحلية»، وفق نص التقرير.

تغلغل في السكان

في النيجر، تبدو الصورة مختلفة تماماً عنها في مالي وبوركينا فاسو، إذ يشير التقرير الأممي إلى أن الوضع في النيجر كان مختلفاً قبل سنوات من الآن، فتنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى كان يشن هجمات عنيفة ضد الأهداف الأمنية، وأيضاً ضد السكان المحليين.

لكن التقرير الأممي أكد، نقلاً عن أحد الخبراء أنه في الفترة الأخيرة، «أصبحت مجتمعات بأكملها تبايع (داعش)، في ظل توسعها بغرب أفريقيا، وينجذب الأهالي في بعض الحالات إلى ما يقوم به المتطرفون من تطبيق أحكام الشريعة».

ويضيف الخبير، في حديثه ضمن التقرير، أن «بقية الأهالي لا يستطيعون الذهاب إلى أي مكان آخر، وبالتالي يجدون أنفسهم مجبَرين على مبايعة التنظيم؛ لإنقاذ أنفسهم»، مشيراً إلى أن ذلك تزامن مع توقف التنظيم الإرهابي عن «مهاجمة المجتمعات المحلية التي تقيم في مناطق نفوذه، وفتح مراكز لتدريب مزيد من المقاتلين، وغرس فكره المتطرف في أوساط السكان».

بقاع أخرى

رغم الحيز الكبير الذي يخصصه الخبراء والمحللون لمتابعة ما يجري في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، فإن مناطق أخرى لا يمكن إغفالها في ظل تصاعد خطر التنظيمات الإرهابية داخلها، على غرار جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تعيش واحدة من أبشع الحروب في أفريقيا منذ سنوات، وتعاني من هجمات «تحالف القوى الديمقراطية» الموالية لـ«داعش».

كما أشار التقرير إلى أن المتطرفين في مصر والمغرب يواجهون إجراءات قوية وصارمة لمنعهم من أي نشاط، إلا أنهم لا يزالون يملكون القدرة على التحرك، وشن بعض العمليات في جنوب ليبيا، وهي المنطقة القريبة من الساحل، وتدخل ضمن دائرة الصحراء الكبرى.

موزمبيق هي الأخرى تخوض حربها الخاصة ضد الإرهاب، وبفضل قوة عسكرية إقليمية استطاعت أن تحقق انتصارات مهمة ضد «داعش» التي حاولت السيطرة على إقليم كابو ديلغادو، فقُتل أمير «داعش» هناك، وأصبح عدد مقاتلي التنظيم يقدَّر بنحو مائتي مقاتل يختبئون في إحدى الغابات.

وأشار التقرير الأممي إلى أن «ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا»، التي تتمركز في شمال نيجيريا، لا تزال قادرة على شن هجمات بمنطقة حوض بحيرة تشاد، لكنها تعاني من حربها على النفوذ ضد جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«القاعدة».

وخلص التقرير الأممي إلى أن العلاقة لا تزال وطيدة بين انعدام الأمن والإرهاب، وفي أغلب الأحيان «يذكي غياب الأمن جَذوة التطرف في ربوع القارة»، في حين أكد المحللون، التابعون للأمم المتحدة، أن «تصاعد الخطر في مناطق الصراع بأفريقيا لا يزال يثير قلق الدول الأعضاء، ولا سيما في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث استغل تنظيم (داعش) ضعف قدرات مكافحة الإرهاب».


مقالات ذات صلة

مقتل 8 أشخاص في هجوم نُسب لمتطرفين شمال بنين

أفريقيا جنود من جيش بنين في حالة استنفار (متداولة)

مقتل 8 أشخاص في هجوم نُسب لمتطرفين شمال بنين

قُتل 8 جنود في بنين، الخميس، في هجوم نفَّذه مسلّحون يُشتبه بأنّهم متطرفون، على مواقع للجيش في متنزه دبليو الوطني، وهو منطقة حدودية مع بوركينا فاسو والنيجر.

«الشرق الأوسط» (دكار - كوتونو)
أفريقيا يقف أفراد من قوات الشرطة الخاصة الصومالية في تشكيل بعد تدريبهم وتجهيزهم من قبل الاتحاد الأوروبي في إطار تعاون يهدف إلى تعزيز السلامة وتعزيز مكافحة التهديد الذي يشكله مسلحو حركة «الشباب» في منشأة هالاني للتدريب في مقديشو (رويترز)

السلطات الصومالية تعلن القضاء على عشرات من مقاتلي حركة «الشباب»

أعلنت السلطات الصومالية تدمير سفن محملة بمعدات عسكرية والقضاء على العشرات من مسلحي حركة «الشباب» المتطرفة، بينهم 12 في غارة جوية مع القوات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أفريقيا صورة أرشيفية: أفراد من قوات الشرطة الخاصة الصومالية يقفون في تشكيل في منشأة هالاني للتدريب في مقديشو بالصومال... 14 أبريل 2025 (رويترز)

«حركة الشباب» تسيطر على بلدة استراتيجية في وسط الصومال

سيطرت «حركة الشباب» الصومالية المتطرفة على عدن يابال، البلدة الواقعة في وسط البلاد، التي تعدّ استراتيجيةً للجيش؛ بسبب وجود قاعدة عسكرية أساسية فيها.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أفريقيا رجل يُشير بيده وهو ينظر إلى جثمان أنجيلا نيوكابي التي قُتلت خلال الهجوم على جامعة غاريسا في مشرحة جامعة كينياتا في نيروبي في 10 أبريل 2015 (أ.ف.ب )

القضاء على عدد من عناصر حركة «الشباب» الإرهابية جنوب شرقي الصومال

قضت السلطات الصومالية على عدد من عناصر حركة «الشباب» الإرهابية في عملية أمنية نفذها الجيش الصومالي في منطقة عيلك نور غادو بإقليم شبيلي الوسطى.

«الشرق الأوسط» (مقديشو )
الولايات المتحدة​ أرسلت الإدارة الأميركية نحو 400 رجل نصفهم على الأقل من الفنزويليين إلى غوانتانامو منذ فبراير كجزء من حملة الرئيس ترمب على الهجرة غير الشرعية (نيويورك تايمز)

واشنطن تنفق 40 مليون دولار لسجن نحو 400 مهاجر في غوانتانامو

وجه 5 أعضاء في مجلس الشيوخ، زاروا قاعدة خليج غوانتانامو بكوبا، انتقادات إلى المهمة المتعلقة بالمهاجرين، واصفين إياها بإهدار للموارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

مقتل 8 أشخاص في هجوم نُسب لمتطرفين شمال بنين

جنود من جيش بنين في حالة استنفار (متداولة)
جنود من جيش بنين في حالة استنفار (متداولة)
TT

مقتل 8 أشخاص في هجوم نُسب لمتطرفين شمال بنين

جنود من جيش بنين في حالة استنفار (متداولة)
جنود من جيش بنين في حالة استنفار (متداولة)

قُتل 8 جنود في بنين، الخميس، في هجوم نفَّذه مسلّحون يُشتبه بأنّهم متطرفون، على مواقع للجيش في متنزه دبليو الوطني، وهو منطقة حدودية مع بوركينا فاسو والنيجر تواجه بشكل متزايد هجمات دامية.

انتشرت الهجمات الإرهابية في شمال بنين بعدما انتقلت إليها من بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين، اللتين تشهدان منذ نحو 10 أعوام توسعاً للمجموعات المسلّحة المتحالفة مع تنظيمَي «داعش» و«القاعدة».

نساء يَنْعَيْنَ وفاة أحد أفراد الأسرة بعد هجوم شنَّه مسلحون على مجتمع زيكي الزراعي في شمال وسط نيجيريا... 15 أبريل (أ.ب)

في غضون ذلك، ذكرت مجموعة «سايت إنتيليجنس» المتخصصة في تتبع أخبار الجماعات المتشددة أن جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» أعلنت أنها قتلت 70 جندياً في هجمات على موقعين عسكريَّين في بنين. وشهدت بنين وكذلك توغو المجاورة سلسلةً من الهجمات في السنوات القليلة الماضية مع توسيع جماعات مرتبطة بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش» وجودها خارج منطقة الساحل في القارة الأفريقية صوب الشمال. ولم يتسنَّ لـ«رويترز» التحقُّق بشكل مستقل من ذلك التقرير. ووصفت «سايت إنتيليجنس» عدد القتلى بأنه الأكبر على الإطلاق في بنين.

وفي يناير (كانون الثاني) 2022، نشرت بنين نحو 3 آلاف جندي لتأمين حدودها في إطار عملية «ميرادور»، قبل أن تقوم بتجنيد 5 آلاف جندي إضافي لتعزيز الأمن في الشمال.

بينما قال مصدران عسكريان في بنين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» دون الكشف عن هويتيهما: «تمّ تسجيل 8 قتلى و13 جريحاً في صفوف القوات المسلّحة» في هجوم على موقعين تابعين لها الخميس، في متنزه دبليو الوطني. وأضافا أنّ «11 إرهابياً» قُتلوا.

واستهدف الهجوم موقعَين لجنود مكافحة الإرهاب من عملية «ميرادور» عند شلالات كودو والنقطة الثلاثية، وهو الاسم الذي يُطلَق على منطقة الحدود بين بنين والنيجر وبوركينا فاسو.

عناصر من شرطة بنين (أرشيفية - متداولة)

وأشار أحد المصدرين العسكريَّين إلى أنّه «تمّ نقل الجرحى إلى المستشفيات لتلقي العلاج المناسب»، موضحاً أنّ «الجيش يواصل تمشيط المنطقة للقضاء على أي وجود للعدو فيها».

قوات من جيش بنين (متداولة)

وتكثّفت الهجمات ضد الجيش في الأشهر الأخيرة في شمال بنين، وغالباً ما تنسبها السلطات لمسلّحين متشددين من تنظيمَي «داعش» و«القاعدة»، قدِموا من الدول المجاورة، حيث ينشطون بقوة. وتظل منطقة النقطة الثلاثية الحدودية مع بوركينا فاسو مركزاً لهذه الهجمات.