«تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسية

عشرات القتلى من الجانبين في عملية «ردع العدوان»... وتركيا تتابع التطورات

TT

«تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسية

مقاتل من «هيئة تحرير الشام» يتابع القصف المستمر على قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)
مقاتل من «هيئة تحرير الشام» يتابع القصف المستمر على قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)

دخلت عملية «ردع العدوان» التي أطلقتها «هيئة تحرير الشام» ضد الجيش السوري في حلب يومها الثاني، الخميس، وسط قصف سوري وروسي على مواقع الهيئة وفصائل المعارضة المسلحة في إدلب. وأعلنت تركيا أنها تراقب التطورات واتخذت جميع الاحتياطات لتأمين قواتها في المنطقة.

وسيطرت قوات «تحرير الشام» وفصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» على 10 بلدات وقرى في محافظة حلب، شمال غربي البلاد، كانت خاضعة لسيطرة الجيش السوري.

وفي حصيلة أوّلية نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قُتِل 80 من عناصر «هيئة تحرير الشام»، و19 من فصائل «الجيش الوطني» السوري الموالي لتركيا، و54 من القوات السورية، بينهم 4 ضباط برتب مختلفة.

تقدم لـ«تحرير الشام»

وسيطرت «تحرير الشام»، الخميس، على 3 قرى استراتيجية في شرق إدلب، هي شابور وداديخ وكفربطيخ، وعلى قريتي كفربسين وأرناز في ريف حلب الغربي بعد مواجهات عنيفة مع القوات السورية، التي وقع 8 من جنودها في الأسر خلال هذه المعارك، واثنان آخران في ريف حلب الغربي.

قصف لـ«قوات تحرير الشام» على محاور حلب (أ.ف.ب)

وكثفت الطائرات الحربية الروسية غاراتها الجوية، فاستهدفت بـ4 غارات محيط مدينة سرمين، و4 غارات أخرى محيط بلدة مجدليا، كما شنت عدة غارات على أطراف بلدة النيرب في ريف إدلب الشرقي، وفق المرصد السوري.

وقال الجيش السوري ومصادر من فصائل المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا قرب الحدود مع تركيا، لصد هجوم «تحرير الشام» الذي يعد الأكبر منذ هجوم وقع بإدلب في فبراير (شباط) 2020، وتوقف بموجب اتفاق تركي روسي وقّع في 5 مارس (آذار) من العام ذاته.

وبموجب الاتفاق، أوقفت تركيا عملية عسكرية باسم «درع الربيع» استهدفت منع موجة جديدة من اللاجئين السوريين إلى أراضيها بسبب هجوم المعارضة.

وقال مصدر عسكري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مقاتلي تحرير الشام والفصائل تقدموا وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين فيهما حضور قوي لعناصر «حزب الله» اللبناني المدعومة من إيران، كما هاجموا مطار النيرب شرق حلب حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

شابان من سكان قرى حلب يتابعان عن بُعد القصف المتبادل بين «تحرير الشام» والجيش السوري (أ.ف.ب)

وقالت «تحرير الشام» إن العملية التي سبق أن حذرتها تركيا من القيام بها، جاءت رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قِبَل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع فصائل المعارضة.

ولفتت إلى أن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيّرة على قرى تخضع لسيطرة المعارضة، في مسعى من جانب دمشق للسيطرة على آخر الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في إدلب، قرب الحدود مع تركيا، حيث يعيش أكثر من 3 ملايين نسمة، وحيث مخيمات تؤوي ملايين النازحين؛ فراراً من الحرب الأهلية المستمرة منذ 2011.

الجيش السوري يتصدى

وفي أول بيان له منذ بدء عملية «ردع العدوان» التي انطلقت بشكل مفاجئ، فجر الأربعاء، قال الجيش السوري، في بيان الخميس: «تصدت قواتنا المسلحة لـ(الهجوم الإرهابي) الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح بتعاون مع روسيا و(قوات صديقة) -لم يسمها- لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه».

مدفعية الجيش السوري تتصدى لضربات «تحرير الشام» (إعلام سوري)

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم «القاعدة»، في إشارة إلى «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل معارضة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة، التي أعلنت فيها منطقة لخفض التصعيد باتفاق بين روسيا وتركيا تحت اسم «منطقة بوتين - إردوغان».

تركيا تراقب التطورات

وهدأت جبهات ريف حلب في شمال سوريا لأشهر طويلة قبل هذه المعارك، وتشهد المنطقة بين الحين والآخر قصفاً متبادلاً تشنه أطراف عدة، كما تتعرض لغارات من جانب القوت السورية والروسية، لكن الاتفاق الروسي التركي لوقف إطلاق النار لا يزال صامداً إلى حد كبير.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع التركية، في إفادة صحافية، إن تركيا تتابع عن كثب التحركات الأخيرة لفصائل المعارضة في شمال سوريا، واتخذت كل الاحتياطات لضمان أمن القوات التركية هناك.

عناصر من «قوات تحرير الشام» المشاركة في عملية «ردع العدوان» (أ.ف.ب)

ودفعت تركيا يومي الثلاثاء والأربعاء بتعزيزات ضخمة إلى مواقع قواتها بمنطقة «درع الفرات» في حلب، فضلاً عن نقاطها العسكرية في إدلب.

من ناحية أخرى قتل أحد مسلحي «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في قصف طائرة مسيّرة تابعة لسلاح الجو التركي على دراجة نارية في قرية الدبس بريف عين عيسى شمال محافظة الرقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بالمدفعية الثقيلة قرى التوخار والجات وعرب حسن وجبل صياد وأم جلود الخاضعة لسيطرة مجلس منبج العسكري التابع لـ«قسد» في ريف منبج شرق حلب، ما أدى إلى إصابة أحد المدنيين.


مقالات ذات صلة

كيف أمضت دمشق يومها الأول بعد إسقاط الأسد؟

المشرق العربي عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (الشرق الأوسط)

كيف أمضت دمشق يومها الأول بعد إسقاط الأسد؟

للمرة الأولى منذ 24 سنة، بات السوريون ليلتهم من دون أن يكونوا تحت وطأة حكم بشار الأسد، فكيف جاءت تعليقاتهم؟ وما ملامح الحياة العادية في الشوارع الاثنين؟

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي سوريون في برلين يحتفلون بسقوط الأسد (رويترز)

ألمانيا تبدأ مراجعة سياساتها الخارجية والداخلية حول سوريا واللاجئين

بدأت ألمانيا تراجع سياساتها الخارجية والداخلية فيما يتعلق بسوريا والسوريين الذين وصلوا لاجئين إليها فور سقوط نظام الأسد، والحكومة تنتظر «أفعال هيئة التحرير».

راغدة بهنام (برلين)
المشرق العربي سوريون يوزعون الحلوى في شوارع تركيا احتفالاً بسقوط الأسد (أ.ف.ب)

تركيا ستدعم مرحلة «ما بعد الأسد» وتواصل اتصالاتها مع دول عربية وأميركا

أكدت تركيا أنها تولي أهمية كبيرة لوحدة سوريا الوطنية وسيادتها وسلامة أراضيها، وتتصرف بحذر شديد لضمان عدم إساءة استغلال التنظيمات الإرهابية للوضع الراهن.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي  الجولاني في الجامع الأموي بدمشق اليوم (أ.ف.ب)

الجولاني يلقي كلمة من داخل الجامع الأموي في دمشق

زار قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، المكنَّى بـ«أبي محمد الجولاني»، الجامع الأموي في دمشق، الأحد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي زعيم مقاتلي المعارضة السورية أبو محمد الجولاني (أ.ف.ب)

الجولاني: لا مجال للتراجع... والمستقبل لنا

قال زعيم «هيئة تحرير الشام»، في بيان بثه التلفزيون السوري الرسمي، إنه لا مجال للعودة إلى الوراء وإن الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته في 2011.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الدفاع المدني السوري يعلن انتهاء عمليات البحث في سجن صيدنايا

عناصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) خلال البحث عن أقبية سرية في سجن صيدنايا (الدفاع المدني السوري عبر إكس)
عناصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) خلال البحث عن أقبية سرية في سجن صيدنايا (الدفاع المدني السوري عبر إكس)
TT

الدفاع المدني السوري يعلن انتهاء عمليات البحث في سجن صيدنايا

عناصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) خلال البحث عن أقبية سرية في سجن صيدنايا (الدفاع المدني السوري عبر إكس)
عناصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) خلال البحث عن أقبية سرية في سجن صيدنايا (الدفاع المدني السوري عبر إكس)

أعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في وقت مبكر من صباح اليوم (الثلاثاء)، انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في سجن صيدنايا دون العثور على معتقلين إضافيين.

وأضاف: «يعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا سيئ السمعة، دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد». وتجمع آلاف الأشخاص منذ الأحد، يوم سقوط بشار الأسد، حول السجن في انتظار أخبار عن أقاربهم المفقودين.

رجل يمسك بحبلين مربوطين على شكل حبال مشنقة عُثر عليهما في سجن صيدنايا العسكري سيئ السمعة شمال دمشق مباشرة (أ.ب)

وقال في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع «إكس» إن «فرقه المتخصصة بحثت في جميع أقسام ومرافق السجن وفي أقبيته وباحاته وخارج أبنيته، بوجود أشخاص كانوا بمرافقتها ولديهم دراية كاملة في السجن وتفاصيله، ولم تعثر على أي دليل يؤكد وجود أقبية سرية أو سراديب غير مكتشفة».

وتابع «الدفاع المدني» في بيانه: «وإننا إذ نعبر عن شعورنا بخيبة أمل كبيرة لوجود آلاف المعتقلين الذين ما زالوا في عداد المفقودين، ولم يتمكن ذووهم من الوصول لأي معلومات تكشف مصيرهم، فإننا في الوقت نفسه نتضامن مع ذوي الضحايا ونتفهم تماماً شعورهم بانتظار أحبابهم وفلذات أكبادهم».

وكانت منظمة الدفاع المدني السوري قد عرضت مكافأة مالية أمس (الاثنين) لمن يقدم معلومات تساعد في العثور على أماكن السجون ومراكز الاعتقال السرية التي يوجد فيها معتقلون، وخصصت مكافأة مالية بمبلغ 3 آلاف دولار أميركي، لكل من يدلي بمعلومات مباشرة تؤدي إلى تحديد أماكن سجون سرية في سوريا يوجد فيها معتقلون.