في أول حديث يدلي به إلى وسيلة إعلام غربية، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد البشير، في مقابلة مع صحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية: «إن خزائن الدولة خاوية، بعد أن التهم النظام وحده كل شيء».
وقال البشير، الذي تصفه الصحيفة بأنه «الوجه التكنوقراطي» لما تسميه «مجموعة إدلب»، وصاحب تجربة ناجحة بصفته رئيس بلدية سابقاً، فضّله الجولاني على منسّق المعارضة الذي كان يقيم في الدوحة: «وضعنا المالي سيئ جدّاً، ليس لدينا نقد أجبني، ولا يوجد في خزائن الدولة سوى الليرة السورية، التي تكاد تكون لا قيمة لها»، مضيفاً أن «حكومته ستسلّم السلطة إلى الحكومة الجديدة مارس (آذار) المقبل، وأن مهمة تحسين الأوضاع في سوريا لن تكون سهلة، (لكننا قادرون على تحقيقها)».
وأوضح البشير، أيضاً، أن القائمة التي وضعها زعيم «هيئة تحرير الشام» بالمطلوبين من العدالة، تتضمّن 160 اسماً لمسؤولين عن جرائم حرب ارتكبت خلال الثورة السورية وقبلها؛ حيث أخفوا آلاف المواطنين طوال سنوات في السجون، واعتقلوا عدداً هائلاً من السوريين خلال الثورة 2011، وقاموا بتعذيبهم.
وشدد على أنهم «أشخاص معروفون، ارتكبوا جرائم تعذيب واغتيالات، وأن معظم أفعالهم موثقة من قِبل مؤسسات دولية ومنظمات غير حكومية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وأن عدداً منهم يخضع لعقوبات حكومات غربية»، مؤكداً أنهم «سيحاكمون وفقاً للقوانين السورية».
وعن الأهداف الرئيسة الثلاثة التي تعتزم حكومته تحقيقها، قال البشير، إن أولها استعادة الأمن والاستقرار في جميع المدن السورية، لأن المواطنين أنهكهم الظلم والاستبداد، ولا بد من استعادة هيبة الدولة، بما يتيح للناس العودة إلى أعمالهم وحياتهم الطبيعية.
وثاني الأهداف «إعادة ملايين اللاجئين السوريين من الخارج، والاستفادة من قدراتهم وخبراتهم للنهوض بالبلاد». ووجّه نداءه لهم: «إن سوريا اليوم بلد حر، استعاد عزته وكرامته، عودوا لنبني وننهض، فنحن بحاجة لكم جميعاً».
وثالث الأهداف، وفق رئيس الحكومة الجديد، يتركز على صعيد التخطيط الاستراتيجي، وقال: «إنه لا يمكن للسوريين أن يعيشوا في ظل شحّ الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والخبز والمياه. نحن حكومة انتقالية، لكن لا بد لنا أن نباشر العمل فوراً. عندما دخلنا حلب وحماة ودمشق كان الناس يعيشون في ظلمة مزدوجة: ظلمة غياهب النظام، وظلمة انقطاع الكهرباء، وهذا ليس مقبولاً على الإطلاق».
الإرث الجهادي
وعند استفسار مراسل الصحيفة الإيطالية منه عن الإرث الجهادي الذي يحمله، وانضواء عدد من أفراد «هيئة تحرير الشام» سابقاً في «تنظيم القاعدة»، قال البشير: «إن التصرفات الخاطئة التي ارتكبتها بعض المجموعات الإسلامية، حملت كثيرين في الغرب إلى الربط بين المسلمين والإرهاب، والإسلام والتطرف. تلك التصرفات الخاطئة شوّهت الدين الإسلامي الذي هو دين العدالة. ونحن، لأننا مسلمون، سنضمن حقوق جميع الطوائف في سوريا».
وعمّا إذا كان الدستور الجديد سيخرج بحلة إسلامية، قال البشير: «بعونه تعالى سنوضح كل هذه التفاصيل خلال العملية التأسيسية».
علاقة مع إسرائيل
وعن السياسة الخارجية للنظام الجديد، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية: «منذ بداية العمليات العسكرية تواصلنا مع بلدان، مثل العراق والصين، وغيرهما، لنشرح لهم أن هدف الثورة هو تحرير السوريين من نظام بشّار الأسد، ولا مشكلة لدينا مع أي بلد أو حزب أو طائفة، ما داموا قد نأوا بأنفسهم بعيداً عن التعامل مع نظام الأسد».
وعندما سُئل البشير عمّا إذا كان كلامه هذا يعني أنه على استعداد لتوقيع سلام مع إسرائيل، وأن النظام الجديد يناصب إيران وروسيا و«حزب الله» العداء، شكر الصحيفة، ثم نهض وغادر.