جيش بوركينا فاسو يطيح بالشخص الثاني في «داعش»

«هارون أوليل» سقط في ضربة جوية دقيقة قرب حدود النيجر

جنود مجتمعون في واغادوغو ببوركينا فاسو الجمعة 14 أكتوبر 2022 (أ.ب)
جنود مجتمعون في واغادوغو ببوركينا فاسو الجمعة 14 أكتوبر 2022 (أ.ب)
TT

جيش بوركينا فاسو يطيح بالشخص الثاني في «داعش»

جنود مجتمعون في واغادوغو ببوركينا فاسو الجمعة 14 أكتوبر 2022 (أ.ب)
جنود مجتمعون في واغادوغو ببوركينا فاسو الجمعة 14 أكتوبر 2022 (أ.ب)

أعلن جيش بوركينا فاسو أنه تمكن من القضاء على واحد من أبرز قيادات «تنظيم داعش» الإرهابي في البلد، في عملية عسكرية خاصة جرت على الحدود مع النيجر، وصفها الجيش بأنها «ضربة قوية» للتنظيم الذي يسيطر على مناطق في شمال وشرق البلاد.

ويتعلق الأمر بالمدعو «هارون أوليل»، الذي يعرف في الأوساط الإرهابية بكنية «عبد الملك»، ويوصف بأنه الرجلُ الثاني في «تنظيم داعش» ببوركينا فاسو، البلد الذي يواجه تصاعد وتيرة الإرهاب منذ 2015.

ووفق ما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية في بوركينا فاسو، ليل الثلاثاء إلى الأربعاء، فإن العملية العسكرية التي قتل فيها القيادي الإرهابي جرت يوم 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، في منطقة الساحل المحاذية للنيجر، عبر غارة جوية نفذتها مروحية عسكرية كانت تتعقبه. وبحسب الرواية الصادرة عن مصدر في الجيش ونشرتها الوكالة الحكومية، فإن «عبد الملك» كان على متن سيارة رباعية الدفع عابرة للصحراء، وترافقه مجموعة من المقاتلين على متن دراجات نارية، لعبور منطقة الحدود الثلاثية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهي المنطقة التي ينشط فيها «داعش».

وبدأت مروحيات جيش بوركينا فاسو تعقب «عبد الملك» ومرافقيه حين عبر نحو أراضي بوركينا فاسو، وأضاف الجيش أن «القافلة الإرهابية جرى قصفها عبر الجو حين كانت تستعد للتوقف تحت بعض الأشجار»، مشيراً إلى أن القصف أسفر عن مقتل خمسة إرهابيين وإصابة أربعة آخرين بجراح، وتدمير دراجات نارية وبعض الأسلحة.

وأعلنت الحكومة أن مقتل «عبد الملك» يمكن وصفه بأنه «نصر مهم للقوات المسلحة وقوات الأمن في بوركينا فاسو. إنها ضربة قاسية لـ(تنظيم داعش) الذي يتعرض لضغط عسكري قوي من طرف الجيش في منطقة الساحل».

«قيادي مهم»

ويوصف «عبد الملك» بأنه أحد القيادات المهمة وذات الخبرة والتجربة في التنظيم الإرهابي، وكان يتولى مسؤولية التخطيط للهجمات الإرهابية في شمال بوركينا فاسو، فيما قالت الحكومة إن «مقتله سيساهم في تقليص قدرات التنظيم الإرهابي على شن هجمات جديدة».

وأضافت الحكومة أن هذه العملية العسكرية «نجاح للقوات المسلحة في بوركينا فاسو، من شأنه أن يعزز من ثقة وقدرة دول المنطقة (النيجر ومالي وبوركينا فاسو) على مواجهة خطر الإرهاب»، كما أكدت الحكومة على «أهمية التعاون الفعال ما بين جيوش دول الساحل لمكافحة الإرهاب».

وكان «عبد الملك» يعد واحداً من أبرز القيادات الإرهابية المطلوبة في الساحل وبوركينا فاسو، حيث وضعت الحكومة في بوركينا فاسو منتصف العام الماضي (2023) مبلغ 150 مليون فرنك غرب أفريقي (ربع مليون دولار أميركي) مكافأة لمن يدلي بأي معلومات تقود إليه.

وظهر «عبد الملك» في القائمة الصادرة عن سلطات بوركينا فاسو في صورة متوسطة الجودة، وهو يرتدي لثاماً أسود ويضع نظارات شمسية سوداء، بلحية خفيفة وملامح هادئة، دون أي إشارة إلى تاريخ ميلاده، وكان معه خمسة من المطلوبين الآخرين.

ويحمل «عبد الملك» جنسية بوركينا فاسو، وهو من مواليد قرية (بولا) التي تتبع محافظة الساحل، أقصى شمال شرقي بوركينا فاسو. وتشير التقارير إلى أنه تلقى التدريب والتأطير من طرف «عبد الحكيم الصحراوي»، الذي اغتاله الفرنسيون عام 2021، وهو قيادي بارز في «تنظيم داعش» في الصحراء الكبرى، وكان أحد المقربين من أمير التنظيم «عدنان أبو الوليد الصحراوي».

بعد أن تلقى «عبد الملك» التدريب وأصبح يحملُ صفة مقاتل، أرسله التنظيم الإرهابي عام 2019 نحو المنطقة التي ينحدر منها في شمال بوركينا فاسو، وبدأ تشييد أول قاعدة تتبع «داعش» في منطقة (غونتوري جني جني)، وهي القاعدة التي انطلقت منها منذ 2019 أغلب الهجمات الإرهابية التي شنها التنظيم ضد الجيش والسكان المحليين.

استهداف القوافل العسكرية

ويوصف «عبد الملك» بأنه كان العقل المدبر والمخطط لكثير من العمليات التي استهدفت القوافل العسكرية، والتي مكنته من الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة، كما أنه عمل بشكل مكثف على اكتتاب مقاتلين من السكان المحليين وتدريبهم على استخدام الأسلحة وإعداد الكمائن وصناعة العبوات المتفجرة.

وشكل مقتل «عبد الملك» نصراً احتفت به السلطات في بوركينا فاسو، وعرض التلفزيون الحكومي مقاطع فيديو للعملية التي قتل فيها، وقدمتها على أنها «دليل» يثبت مقتل الرجل الذي أرهق سلطات بوركينا فاسو لسنوات كثيرة.

الفيديو الذي صورته مروحية عسكرية يظهر شاحنة بيضاء عابرة للصحراء متوقفة تحت شجرة وسط الصحراء، قال التلفزيون الحكومي إن السيارة كانت «مليئة بالمتفجرات»، وحولها عدد من الدراجات النارية، قبل أن تتعرض للقصف أعقبه انفجار قوي، ليبدأ عدة أشخاص الفرار من مكان القصف.

وأعلن التلفزيون الحكومي عن عملية تمشيط واسعة قام بها الجيش في المنطقة، بحثاً عن أي مقاتلين محتملين في المنطقة.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده النقيب إبراهيم تراوري، وأصبح بعده الرئيس الفعلي للبلاد نهاية سبتمبر (أيلول) من عام 2022، بدأ الجيش عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة السيطرة على أكثر من 40 في المائة من أراضي بوركينا فاسو تقع تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية.

ورغم أن خطر الإرهاب لا يزال يزداد في بوركينا فاسو، فإن الجيش نجح في تحقيق بعض النصر، وخاصة عبر التركيز على سلاح الجو لحسم المعركة، ما مكن من تصفية عدد كبير من مقاتلي التنظيمات الإرهابية في شمال وشرق بوركينا فاسو.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.