تنصيب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية وسط احتجاج المعارضة

إجراءات أمنية مشددة في العاصمة وحضور 18 رئيساً للتنصيب

الرئيس المنتخب فيليكس تشيسكيدي لدى وصوله لحفل التنصيب لتأدية اليمين الدستورية رئيساً للبلاد (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب فيليكس تشيسكيدي لدى وصوله لحفل التنصيب لتأدية اليمين الدستورية رئيساً للبلاد (إ.ب.أ)
TT

تنصيب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية وسط احتجاج المعارضة

الرئيس المنتخب فيليكس تشيسكيدي لدى وصوله لحفل التنصيب لتأدية اليمين الدستورية رئيساً للبلاد (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب فيليكس تشيسكيدي لدى وصوله لحفل التنصيب لتأدية اليمين الدستورية رئيساً للبلاد (إ.ب.أ)

دعت المعارضة في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى التظاهر، السبت، بالتزامن مع حفل يؤدي فيه فيليكس تشيسكيدي اليمين الدستورية رئيساً للبلاد، بعد أن فاز بانتخابات رئاسية نظمت الشهر الماضي، وتطعن المعارضة في نتائجها بسبب ما تقول إنه «تزوير واسع».

الرئيس المنتخب فيليكس تشيسكيدي لدى وصوله لحفل التنصيب لتأدية اليمين الدستورية رئيساً للبلاد (إ.ب.أ)

جاءت الدعوة إلى التظاهر من طرف المرشحَين المعارضَين مويس كاتومبي ومارتن فايولو، اللذين خسرا الانتخابات بعد أن حصلا على 18 في المائة و5 في المائة على التوالي، مقابل حصول تشيسكيدي على نسبة 73 في المائة من الأصوات ليفوز بولاية رئاسية ثانية، وهي النتائج التي أكدتها المحكمة الدستورية لتصبح نهائية.

الجماهير تحتفل بتنصيب الرئيس (إ.ب.أ)

فيليكس تشيسكيدي البالغ من العمر 60 عاماً وصل إلى الحكم في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2019، ولم يجد أي صعوبة في الفوز بالانتخابات التي نظمت 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رغم الشكوك التي أثارتها المعارضة حول شفافية الاقتراع، وما جرى رصده من نواقص لوجيستية وعنف انتخابي.

ودعا عدد من قادة المعارضة إلى إلغاء نتائج الانتخابات الأخيرة، وتنظيمها من جديد في ظروف تكون أكثر شفافية، إلا أن السلطات رفضت هذا الطلب، وقالت إن صفحة الانتخابات طويت نهائياً.

أرشيفية لجنود من الجيش الكونغولي (أ.ب)

ويخشى مراقبون دخول جمهورية الكونغو الديمقراطية في أزمة سياسية، وهي التي تعاني من اضطرابات أمنية في شرقي البلاد، بسبب حركات مسلحة متمردة على الحدود مع رواندا وأوغندا، كما تنشط على حدودها جماعات موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي، كما تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية ثالث أكبر منتج للنحاس في العالم، وموطن أكبر احتياطي للكوبالت في العالم.

وأمام هذه الوضعية نشر بيان صادر عن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الكونغو، وهو هيئة تتمتع بنفوذ واسع، وكثيراً ما تبدي رأيها في الأحداث السياسية، وصف الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأنها «كارثة» بسبب الأخطاء التي ارتكبتها اللجنة المشرفة على الانتخابات، وحذر المؤتمر من «الخطر» المحدق بجمهورية الكونغو.

ووسط هذا الاحتقان السياسي، تستعد السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، السبت، لتنظيم حفل تنصيب الرئيس، وأعلنت أن 18 رئيس دولة وحكومة أكدوا حضورهم، بالإضافة إلى وفود رفيعة المستوى من دول أوروبية ومن الولايات المتحدة الأميركية.

احتياطات أمنية مشددة بوجود القائد العام (إ.ب.أ)

وقال سيرج كابونغو، وهو أحد المستشارين المقربين من رئيس البلاد، وهو المسؤول عن تنظيم حفل التنصيب، إن الحضور سيشمل أيضاً أربعة رؤساء سابقين، وأضاف أن «هؤلاء الزعماء يحضرون تعبيراً عن تضامنهم مع شعب الكونغو، (وهناك) مسؤولون على مستوى رفيع من أوروبا وأميركا وصلوا بالفعل إلى البلاد منذ بداية الأسبوع».

الحفل الذي يقام في واحد من أكبر ملاعب كرة القدم في العاصمة كينشاسا، صاحبته إجراءات أمنية مشددة، حتى إن صحيفة محلية قالت إن الإجراءات الأمنية غطت على الحدث نفسه، إلا أن الحكومة بررت هذه الإجراءات بما قالت إنه «المستوى العالي للوفود المشاركة في الحفل».

الرئيس المنتخب فيليكس تشيسكيدي لدى وصوله لحفل التنصيب لتأدية اليمين الدستورية رئيساً للبلاد (إ.ب.أ)

وطلبت الحكومة من سكان العاصمة «الهدوء وعدم الارتباك» بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، خاصة بعد نشر أفراد من الجيش الوطني في عدة أحياء من العاصمة، وقال المتحدث باسم الحكومة باتريك مويايا: «ستكون هنالك مسيرة وعرض، وعدد الوفود وأهميتها يفرضان علينا اتخاذ مثل هذه الإجراءات الأمنية، وبعد أن يؤدي الرئيس اليمين الدستورية سيتم إطلاق 21 طلقة في الجو، لذا لا داعي للارتباك».

في غضون ذلك، قال سيرج كابونغو، خلال مؤتمر صحافي، ليل الجمعة - السبت، إن حفل التنصيب مفتوح أمام جميع الطيف السياسي من الموالاة والمعارضة، وأضاف في سياق الرد على سؤال إن كانت قد وجهت دعوات لقادة المعارضة: «لا توجد دعوات موجهة لشخصيات بعينها من الساحة السياسية، ولكن الجميع مدعوون؛ لأن الرئيس حين يؤدي اليمين سيصبح رئيساً للجميع».

وحول المظاهرة التي دعت لها المعارضة، قال المتحدث باسم الحكومة: «يجب عليهم أن يتعلموا تقبل الخسارة، لقد أغلقنا ملف الانتخابات الرئاسية نهائياً بعد أن صدر قرار المحكمة الدستورية».

نازحون غادروا مناطقهم هرباً من القتال في شمال البلاد بين الجيش الكونغولي وحركة «إم 23» يوم 2 أكتوبر (أ.ف.ب)

ولم تعلن أي جهة في المعارضة أنها ستحضر حفل التنصيب، بل إن نشطاء المعارضة كانوا منخرطين في التعبئة للمظاهرة التي سينظمونها بالتزامن مع الحفل رفضاً لنتائج الانتخابات، رغم الإجراءات الأمنية المشددة.

وفي تصريحات أدلى بها وزير الداخلية بيتير كازادي، صباح السبت، فإن السلطات لم تتلق أي طلب من المعارضة لترخيص مظاهرتها، وقال الوزير في حديث أمام الصحافيين: «قبل الصعود لهذا المنبر، اتصلت على حاكم مدينة كينشاسا لمعرفة إن كان تلقى رسالة من المعارضة، وأكد لي أن ذلك لم يحدث».

وأضاف الوزير: «أعتقد أنهم تراجعوا عن مشروع التظاهر حتى يتركوا المواطنين يحتفلون بتنصيب رئيسهم».

إلا أن الشرطة فرقت عدة مظاهرات نظمها ناشطون شباب في عدد من مدن البلاد، استجابة لدعوات قادة المعارضة، رفعوا خلالها شعارات مناهضة للرئيس فيليكس تشيسكيدي وتتهمه بالتزوير، وأغلقوا بعض الشوارع وأحرقوا إطارات السيارات.


مقالات ذات صلة

الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية

الاقتصاد صائغ يعرض قطعة من الذهب في متجره بمدينة الكويت (أ.ف.ب)

الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الخميس، للجلسة الرابعة على التوالي مدعومة بزيادة الطلب على الملاذ الآمن وسط احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
شؤون إقليمية آموس هوكستين (أ.ف.ب)

هوكستين يصل إلى تل أبيب قادماً من بيروت: هناك أمل

وصل المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، إلى إسرائيل قادماً من لبنان، في إطار جهود الوساطة لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» والدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد عملة ذهبية نادرة بقيمة 20 دولاراً تحمل صورة نسر مزدوج من عام 1870 بِيعت بمليون و440 ألف دولار في مزاد علني (أ.ب)

الذهب يرتفع على وقع تفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا

ارتفعت أسعار الذهب، للجلسة الثالثة على التوالي، إلى أعلى مستوى في أسبوع، يوم الأربعاء، مدفوعةً بتراجع الدولار وتفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.