حكومة سيراليون تعلن «سيطرتها على الوضع» بعد بوادر تمرد

حظر تجول بعد هجوم مسلحين مجهولين على ثكنات ومخزن أسلحة في العاصمة

رجل يرتدي زي الشرطة العسكرية يحيي شخصاً مدنياً في شارع خالٍ من المارة بالعاصمة فريتاون الأحد (أ.ف.ب)
رجل يرتدي زي الشرطة العسكرية يحيي شخصاً مدنياً في شارع خالٍ من المارة بالعاصمة فريتاون الأحد (أ.ف.ب)
TT

حكومة سيراليون تعلن «سيطرتها على الوضع» بعد بوادر تمرد

رجل يرتدي زي الشرطة العسكرية يحيي شخصاً مدنياً في شارع خالٍ من المارة بالعاصمة فريتاون الأحد (أ.ف.ب)
رجل يرتدي زي الشرطة العسكرية يحيي شخصاً مدنياً في شارع خالٍ من المارة بالعاصمة فريتاون الأحد (أ.ف.ب)

أكدت حكومة سيراليون «سيطرتها على الوضع» في العاصمة فريتاون وفرضها حظراً للتجول في عموم البلاد، الأحد، بعد هجوم ومحاولة للسيطرة على مخزن أسلحة للجيش في العاصمة.

وأظهرت مقاطع الفيديو جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي هروب الكثير من المعتقلين من السجن المركزي، وبوادر تمرد، في ظروف لم تتضح على الفور. وأشار رجل كان ضمن مجموعة جرى تصويرها في الشارع، إلى أن الآخرين كانوا بالفعل معتقلين وهربوا.

وذكرت الحكومة أن قوات الأمن طردت المسؤولين عن الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة منذ صباح الأحد إلى مشارف فريتاون، وأنها «تسيطر» على الوضع. وقالت وزارة الإعلام في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «الحكومة لا تزال تسيطر على الوضع»، وأقرت بأن «المهاجمين» قد هاجموا سجون فريتاون وأن العديد من السجناء فروا، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول هوية هؤلاء «المهاجمين».

وتحدثت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في بيان عن محاولة الاستيلاء على الأسلحة وعن «الإخلال بالسلام والنظام الدستوري»، علماً أن هذه العبارة عادة ما يجري استخدامها للدلالة على الانقلاب. وشهدت منطقة غرب أفريقيا منذ أغسطس (آب) 2020 سلسلة من الانقلابات العسكرية ومحاولات الانقلاب لا سيما في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغينيا المجاورة لسيراليون.

وأفاد شهود بسماع أصوات إطلاق نار وانفجارات في حي ويلبرفوس حيث يقع المخزن، بينما أشار آخرون إلى تبادل للنيران قرب ثكنة موراي تاون، حيث يوجد مقر سلاح البحرية وأمام منشأة عسكرية أخرى في العاصمة.

وقالت سوزان كارغبو لوكالة الصحافة الفرنسية: «استيقظت نحو الساعة 4:30 صباحاً (بالتوقيت المحلي وغرينتش) على صوت دوي أسلحة رشاشة وانفجارات من صوب ثكنات ويلبرفورس». وأضافت: «كنت في حالة من الصدمة والذعر (...) كان الأمر كما في زمن الحرب. لم أستطع الذهاب إلى الكنيسة بسبب حظر التجول».

شوارع خاوية

وأظهرت مشاهد جوية الشوارع خاوية. وجاء في بيان أصدرته وزارة الإعلام: «نؤكد لعامة الشعب أن الحكومة وقواتنا الأمنية تسيطران على الوضع. فُرض حظر للتجول بشكل فوري على امتداد البلاد من أجل السماح لقواتنا الأمنية بمواصلة البحث عن المشتبه بهم».

ولم يقدم البيان أي تفاصيل إضافية بشأن الأفراد الذين هاجموا مخزن الأسلحة أو دوافعهم، علماً أن سيراليون، البلد الناطق بالانجليزية في غرب أفريقيا، شهد أزمة سياسية حادة في أعقاب انتخابات رئاسية وعامة في يونيو (حزيران) 2023.

وقالت وزارة الإعلام: «في الساعات الأولى من يوم الأحد (...) حاول مجهولون اقتحام مستودع الأسلحة العسكري في ثكنة ويلبرفورس. وجرى صدهم جميعاً». وتعد ويلبرفورس إحدى الثكنات الرئيسية في البلاد. ويضم الحي أيضاً سفارات. وأضاف البيان: «ننصح بشدة مواطنينا بالبقاء في منازلهم».

«صفر تسامح»

وأكد الرئيس جوليوس مادا بيو أنه جرى إحباط الهجوم. وقال على منصة «إكس»: «لقد جرت استعادة الهدوء.... نبقى مصممين على حماية الديمقراطية في سيراليون، وأحض كل مواطني سيراليون على الاتحاد حول هذه المسؤولية الجماعية».

وقالت السفارة الأميركية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: «ندين بأشد العبارات محاولة الاستيلاء القسري ليلاً على ثكنات ومستودع الأسلحة في ويلبرفورس». وأضافت: «تواصل الولايات المتحدة دعم كل أولئك الذين يعملون من أجل سيراليون تنعم بالسلام والديمقراطية والسلامة والرخاء».

كما أعربت مجموعة «إيكواس» عن دعمها للحكومة القائمة، داعية إلى توقيف المسؤولين عن الحادثة. وأضافت: «تشدد الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على مبدأها المتمثل في (صفر تسامح) مع التغييرات غير الدستورية للحكومة».

وبدورها، حثت هيئة الطيران المدني في سيراليون، الأحد، شركات الطيران على إعادة جدولة مواعيد رحلاتها الجوية بعد فرض الحكومة لحظر التجول بأنحاء البلاد. وقالت في بيان إنه يتعين وضع المسافرين على الرحلات التالية المتاحة بعد رفع الحظر. وأضافت أن المجال الجوي للبلاد لا يزال مفتوحاً أمام حركة الملاحة.

وأعيد انتخاب جوليوس مادا بيو، الذي انتخب أول مرة في 2018، رئيساً للبلاد في يونيو (حزيران) اعتباراً من الدورة الأولى بحصوله على 56.17 في المائة من الأصوات وفق النتائج التي نشرتها اللجنة الانتخابية، لكن المراقبين الأجانب نددوا بالعملية الانتخابية مشيرين إلى نقص في الشفافية وكذلك بأعمال عنف وترهيب.

واعتبر حزب المعارضة الرئيسي، حزب «مؤتمر عموم الشعب» الانتخابات الرئاسية وكذلك الانتخابات التشريعية والمحلية، مزوّرة، وقرر مقاطعة البرلمان والمجالس المحلية. وتوصلت الحكومة وحزب المعارضة أخيراً إلى اتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) بوساطة رابطة الكومنولث والاتحاد الأفريقي ومجموعة «إيكواس».

وفي هذا الإطار، وافق حزب «المعارضة» على إنهاء مقاطعته مقابل وقف الاعتقالات والقضايا القانونية التي تحركها وفق قوله، لاعتبارات سياسية.


مقالات ذات صلة

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أميركا اللاتينية وفقاً للتحقيق خطط الانقلابيون لقتل رئيس البلاد لولا دا سيلفا ونائبه جيرالدو ألكمين وقاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس (رويترز)

البرازيل: اعتقال 5 ضباط بتهمة التخطيط للانقلاب على الرئيس لولا دا سيلفا

قالت السلطات البرازيلية، الثلاثاء، إن شرطة البلاد اعتقلت 5 ضباط متهمين بالتخطيط لانقلاب تضمن خططاً للإطاحة بالحكومة بعد انتخابات 2022 وقتل الرئيس.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

أصدرت محكمة عسكرية بكينشاسا حكماً بإعدام 37 متهماً، بينهم 3 أميركيين، في قضية «محاولة الانقلاب» التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
آسيا الشيخة حسينة (رويترز)

بنغلاديش تلغي حظراً مفروضاً على حزب إسلامي بعد رحيل الشيخة حسينة

ألغت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش حظراً على أكبر حزب إسلامي في البلاد، وهو حزب الجماعة الإسلامية، ملغية بذلك قراراً اتخذه نظام رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة

«الشرق الأوسط» (دكا)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.