رئاسيات ليبيريا تتجه نحو الشوط الثاني والتوتر يتصاعد

منظمات مستقلة تحذر من خطورة الوضع في البلاد

تصويت... (رويترز)
تصويت... (رويترز)
TT

رئاسيات ليبيريا تتجه نحو الشوط الثاني والتوتر يتصاعد

تصويت... (رويترز)
تصويت... (رويترز)

تتجه ليبيريا لتكرار سيناريو انتخابات 2017 الرئاسية، حيث تُظهر نتائج الاقتراع الرئاسي المنظم في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، والتي لا يزال إعلانها يتوالى، أن الحسم سيتأجل إلى الشوط الثاني ما بين الرئيس المنتهية ولايته جورج ويا، وزعيم المعارضة جوزيف بواكاي، بعد حصول كل من الرجلين على نسبة 43 في المائة من الأصوات، إثر فرز نحو 99 في المائة من الأصوات.

وتعد هذه الانتخابات اختباراً للديمقراطية الوليدة في الدولة الصغيرة الواقعة في غرب أفريقيا، والتي انسحبت منها مؤخراً قوات حفظ سلام أممية، جاءت بعد حرب أهلية طاحنة استمرت بين عامي 1989 و2003، وخلّفت أكثر من ربع مليون قتيل، وكانت لها تداعيات أمنية على عدد من دول غرب أفريقيا.

استمرار فرز أصوات الناخبين وسط الضغط والتوتر (أ.ف.ب)

ورغم أن الأمور تتجه نحو جولة تصويت ثانية، حسب نتائج لا تزال جزئية وغير نهائية، فإن الصورة لا تزال مشوشة. فبعد أن كان مرشح المعارضة جوزيف بواكاي (78 عاماً) في الصدارة بفارق ضئيل جداً، أظهرت النتائج الجديدة، الأربعاء، تقدم الرئيس المنتهية ولايته ونجم كرة القدم السابق جورج ويا (57 عاماً) بنسبة 43.79 في المائة، مقابل 43.49 في المائة لمرشح المعارضة.

ويبدو الفارق ضئيلاً، ويمكن أن يتغير في أي وقت. وتُظهر هذه النتائج الصادرة عن اللجنة الوطنية للانتخابات، حدة التنافس بين الرجلين اللذين سبق أن خاضا في رئاسيات 2017 تنافساً مشابهاً، حسمه ويا لصالحه في الشوط الثاني؛ إذ ينص الدستور في ليبيريا على أنه في حالة لم يحصل أي مرشح على نسبة تتجاوز 51 في المائة من الأصوات، يتم اللجوء إلى جولة ثانية بين المرشحين الحاصلين على النسبة الأعلى للأصوات.

ويلقي هذا التنافس الحاد بظلاله على أجواء الانتخابات في البلاد، حيث جرى الشوط الأول في أجواء متوترة، أدت إلى أعمال عنفٍ قُتل فيها ثلاثة أشخاص على الأقل، فيما أعلنت رئيسة اللجنة الوطنية للانتخابات في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أن مكاتب تصويت تعرضت للتخريب، وأخرى تمت سرقة محاضرها.

منظمات من المجتمع المدني حذرت من تدهور الوضع (صحافة محلية)

وأضافت رئيسة اللجنة أن هذه الحوادث هي التي تؤخر فرز الأصوات وإعلان النتائج، متوقعة أن يجري إعلان النتائج الكاملة يوم 24 أكتوبر الجاري، على أن ينظم الشوط الثاني في حالة تأكد رسمياً اللجوء إليه، في السابع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وطلبت اللجنة من الأحزاب السياسية والمرشحين «ضبط النفس والهدوء»، ودعتهم إلى عدم إعلان أي نتائج قبل اللجنة «تفادياً لزيادة التوتر والتصعيد».

وعبرت 12 منظمة مدنية عن قلقها حيال ظروف إعلان النتائج، داعية اللجنة المشرفة عليها إلى الإسراع في إعلانها مع «التمسك بنزاهة الانتخابات والحفاظ على السلام في ليبيريا».

وأعلنت المنظمات المدنية أنها كانت «حاضرة في مراقبة» الانتخابات، مسجلة تقدماً «في الشفافية والنزاهة»، ولكنها رصدت في المقابل ثغرات تنظيمية تتعلق بوعود الحملات الانتخابية وآلية تمويل المرشحين، وحالات من العنف الانتخابي، بما في ذلك استهداف النساء والفئات المحرومة.

وقالت المتحدثة باسم تلك المنظمات في مؤتمر صحافي: «تلقينا تقارير مؤلمة عن أعمال عنف واقتحام لمراكز فرز الأصوات في مقاطعتي مونتسيرادو ونيمبا من قبل أنصار بعض الأحزاب السياسية والمرشحين، وبخاصة «التحالف من أجل التغيير الديمقراطي»، وهو الحزب الحاكم الذي يرأسه جورج ويا.

صناديق اقتراع ومراقبون في أحد مراكز الفرز (إ.ب.أ)

ووصفت الوضع في البلاد بأنه «مقلق للغاية»، محذرة من أن ما يجري «يمكن تفسيره على أنه محاولات للتلاعب أو تقويض نزاهة وشفافية واستقلال عملية فرز الأصوات»، قبل أن تعبر عن «قلقها العميق إزاء إعلان بعض المرشحين والأحزاب السياسية أنفسهم فائزين، في حين أن اللجنة الوطنية للانتخابات هي المؤسسة الوحيدة التي يفوضها القانون للقيام بذلك». وعبرت عن «قلقها حيال بطء إعلان النتائج»، وقالت: «مع تزايد القلق والتوتر ما بين المواطنين والأحزاب السياسية والمرشحين، تحتاج لجنة الانتخابات إلى أن تكون أكثر كفاءة في فرز النتائج النهائية وإعلانها لتهدئة الأعصاب».

ولا يزال شبح الحرب الأهلية حاضراً في أذهان سكان ليبيريا، تلك الدولة الفقيرة والصغيرة التي تطل على المحيط الأطلسي في أقصى غرب القارة الأفريقية، والتي أقامها أفارقة فارون من العبودية في الولايات المتحدة مطلع القرن التاسع عشر، حين قرروا العودة إلى أرض الأجداد لإقامة دولتهم الخاصة.


مقالات ذات صلة

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
أفريقيا الرئيس المؤقت نانجولو مبومبا يدلي بصوته (رويترز)

بعد وفاة حاكمها منذ الاستقلال... ناميبيا تصوّت لاختيار رئيس جديد

يتوجه قرابة مليون ونصف المليون ناخب في دولة ناميبيا إلى صناديق الاقتراع للتصويت على رئيس جديد للبلد الواقع في أقصى جنوب القارة الأفريقية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)

بعد وفاة حاكمها منذ الاستقلال... ناميبيا تصوّت لاختيار رئيس جديد

الناخبون في طوابير بانتظار التصويت (أ.ب)
الناخبون في طوابير بانتظار التصويت (أ.ب)
TT

بعد وفاة حاكمها منذ الاستقلال... ناميبيا تصوّت لاختيار رئيس جديد

الناخبون في طوابير بانتظار التصويت (أ.ب)
الناخبون في طوابير بانتظار التصويت (أ.ب)

يتوجه قرابة مليون ونصف المليون ناخب في دولة ناميبيا، الأربعاء، إلى صناديق الاقتراع؛ للتصويت على رئيس جديد للبلد الواقع في أقصى جنوب القارة الأفريقية، ويمتلك ثروات معدنية كبيرة، ولكن أغلب سكانه يعيشون تحت خط الفقر.

حاجي جينجوب يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

فتحت مكاتب التصويت أبوابها في تمام السابعة صباحاً، على أن تغلق في السابعة مساءً، فيما يجرى التصويت بشكل متزامن على أعضاء البرلمان، وهي الانتخابات التي توصف من طرف المراقبين بأنها «الأكثر تأرجحاً»، حيث تنظم بعد وفاة الرئيس حاج جينجوب، في شهر فبراير (شباط) الماضي، الذي حكم ناميبيا منذ استقلالها عام 1990، وتولى الحكم بعده نانجولو مبومبا، بصفته رئيساً مؤقتاً.

الناخبون في طوابير بانتظار التصويت (أ.ب)

وتهيمن على الانتخابات نقاشات حول انتشار البطالة والتفاوت الاقتصادي، وغياب حلول ناجعة لدى الحزب الذي يحكم البلد منذ استقلاله عن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قبل 34 عاماً.

وظلت ناميبيا منذ استقلالها تحت حكم حزب «سوابو» الذي يقوده عدد من أبرز وجوه حركة التحرر الوطني، ويرشح الحزب لهذه الانتخابات نيتومبو ناندي ندايتواه، وهي سيدة معروفة بنضالها من أجل التحرر الوطني، وكانت تشغل منصب نائب الرئيس، وتبلغُ من العمر 72 عاماً، ومرشحة بقوة لأن تكون أول سيدة تحكم البلاد.

نيتومبو بعد أن أدلت بصوتها صباح اليوم، في أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة، حثت المواطنين على التصويت، وقالت: «عبر التصويت، تجعل صوتك مسموعاً ويؤثر على حياتك في السنوات الخمس المقبلة. لذا، شاركوا بأعداد كبيرة».

نيتومبو ناندي ندايتواه تشغل منصب نائب الرئيس ومرشحة بقوة لأن تكون أول سيدة تحكم البلاد (أ.ب)

لا يستبعد مراقبون اللجوء إلى جولة ثانية من أجل حسم السباق الرئاسي في ناميبيا، حيث تواجه نيتومبو، منافسة قوية من بانديوليني إيتولا، طبيب أسنان يبلغ من العمر 67 عاماً، انشق قبل سنوات عن الحزب الحاكم، وحصل في الانتخابات الرئاسية السابقة على نسبة 29 في المائة من الأصوات.

ويسعى إيتولا إلى قلب الطاولة على الحزب الحاكم، مستغلاً تراجع شعبيته، حيث تشير الأرقام إلى أن حزب (سوابو) الحاكم حصل في انتخابات 2019 على نسبة 56 في المائة من الأصوات، بينما كان قد حصل عام 2014 على 87 في المائة من الأصوات.

ملصق للمنافس بانديوليني إيتولا طبيب أسنان يبلغ من العمر 67 عاماً انشق قبل سنوات عن الحزب الحاكم (أ.ف.ب)

ويفسر مراقبون تراجع شعبية الحزب الحاكم، بتغير كبير في طبيعة الناخبين، بسبب فئة الشباب التي ولدت بعد الاستقلال، وتهتم أكثر بالأوضاع المعيشية، ولم تعد تولي أهمية كبيرة لإرث النضال التحرري، الذي يستند إليه الحزب الحاكم في كثير من خطاباته.

وفيما يُشكّل الناخبون الشباب النسبة الأكبر من المسجلين على اللائحة الانتخابية، تشير الإحصائيات إلى أن 46 في المائة من الشباب في ناميبيا يعانون من البطالة، وبالتالي توقع خبراء أن يسهم ذلك في ترجيح كفة المعارضة، وربما الإطاحة بالحزب الحاكم، على غرار ما تعرض له حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، وحزب الديمقراطيين في بوتسوانا (البلدين المجاورين).

يشكل الناخبون الشباب النسبة الأكبر من المسجلين على اللائحة الانتخابية (أ.ف.ب)

ومن أجل كسب أصوات الناخبين الجدد، حاولت مرشحة الحزب الحاكم أن تتبنى خطاباً جديداً يولي أهمية كبرى للأوضاع المعيشية، ويقلص المساحة المخصصة لإرث التحرر، وتعهدت خلال الحملة الانتخابية بخلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة.

ويشير البنك الدولي، في آخر تقاريره، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، ولكنه يؤكد أنها تعاني من «مستويات عالية من الفقر وعدم المساواة»، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكانها في «فقر متعدد الأبعاد».