وسط عاصفة الانقلاب... الأمطار تودي بحياة 27 شخصاً في النيجر

البلد المهدد بالاجتياح العسكري... تنهكه تغيرات المناخ وتعصف به الفيضانات

مواطن نيجري أمام بيوت طينية دمرتها الفيضانات (أرشيف - أ.ف.ب)
مواطن نيجري أمام بيوت طينية دمرتها الفيضانات (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

وسط عاصفة الانقلاب... الأمطار تودي بحياة 27 شخصاً في النيجر

مواطن نيجري أمام بيوت طينية دمرتها الفيضانات (أرشيف - أ.ف.ب)
مواطن نيجري أمام بيوت طينية دمرتها الفيضانات (أرشيف - أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة المعينة من طرف المجلس العسكري الحاكم في النيجر، السبت، أن 27 شخصاً لقوا حتفهم بسبب الأمطار والفيضانات، منذ يوليو (تموز) الماضي. وتأتي هذه الأمطار لتهدد البلد الأفريقي بأزمة إنسانية تعمق جراحه، وهو الغارق في أزمة سياسية منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم واحتجازه من طرف عسكريين نهاية يوليو الماضي.

أزمة إنسانية

وقالت وزيرة العمل الإنساني وتسيير الكوارث في الحكومة الجديدة، عيشة لاوان وانداراما، خلال احتفال باليوم العالمي للدعم الإنساني، إن النيجر منذ يوليو الماضي سجلت على عموم محافظاتها، سقوط 27 قتيلاً وأكثر من 71 ألف منكوب جراء الأمطار والفيضانات. وأضافت الوزيرة في خطاب رسمي أن أغلب القتلى كانت وفاتهم بسبب انهيار مساكنهم عليهم وهم نيام، مشيرة إلى أن الكثير من المساكن في الأرياف شيدت من الطين والخشب، وحين تهاطلت الأمطار الغزيرة، وجرت الفيضانات في بعض المناطق، أدى ذلك إلى انهيار قرابة 9 آلاف منزل.

وفي حين أكدت الوزيرة أن الحصيلة الأولية تشير إلى مقتل 27 شخصاً، أشارت إلى أن الأمطار أدت إلى إصابة 30 شخصاً آخر بجراح متفاوتة الخطورة، كما أدت إلى نفوق المئات من قطعان الماشية، وانهيار عشرات من الفصول الدراسية، وأضرار مادية أخرى كبيرة.

وتعد النيجر واحدة من أفقر دول العالم، ولكنها في الوقت نفسه تصنف ضمن الدول الأكثر تضرراً من تغير المناخ، حيث تتعاقب عليها موجات جفاف حادة، ومنذ سنوات بدأت تتكرر فيها الفيضانات بسبب الأمطار الغزيرة، ما يتسبب في أضرار بشرية ومادية كبيرة.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن السلطات في النيجر، إلى أن الأمطار والفيضانات تسببت العام الماضي في مصرع 196 شخصاً، بينما أدت إلى تضرر أكثر من 400 ألف شخص، وذلك بعد انهيار أكثر من 40 ألف منزل، وسقوط 89 مدرسة، ومصرع 700 رأس من المواشي.

عقوبات خانقة

وبينما يواجه النيجر أزمة إنسانية تلوح في الأفق، فإنه يعاني من عقوبات اقتصادية وتجارية خانقة تفرضها عليه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، لإرغام قادة الانقلاب على التراجع والتخلي عن السلطة، وأدت هذه العقوبات إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونقص حاد في المحروقات والوقود، وانقطاع مستمر للتيار الكهربائي في المدن الكبيرة، خصوصاً العاصمة نيامي.

شباب يشاركون في مظاهرة دعماً للمجلس العسكري في النيجر السبت (أ.ب)

في الوقت نفسه، لا تزال طبول الحرب تدق عند حدود البلد. وبينما أكدت مجموعة «إيكواس» استعدادها للتدخل العسكري في النيجر، وأنها حددت موعد هذا التدخل دون أن تكشف عنه، أقدمت مالي وبوركينا فاسو على إرسال طائرات حربية إلى نيامي، في سياق رفضهما التدخل العسكري، ودعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي.

تصاعد التوتر العسكري

وظهرت صور الطائرات العسكرية القادمة من مالي وبوركينا فاسو في تقرير بثه التلفزيون الحكومي في النيجر، مع تعليق ورد فيه أن البلدين «حوّلا التزاماتهما إلى عمل ملموس من خلال نشر طائرات حربية للرد على أي هجوم على النيجر». ويتعلق الأمر بمقاتلات من طراز «سوبر توكانو».

وسبق أن أصدر البلدان المجاوران للنيجر، واللذان يحكمهما مجلسان عسكريان، بياناً لدعم البلاد ضد العملية العسكرية التي تخطط لها مجموعة «إيكواس»، بل إنهما اعتبرا أي تدخل عسكري في النيجر «إعلان حرب» عليهما. وتحدثت تقارير إعلامية عن اتصالات بين قادة انقلاب النيجر و«فاغنر»، بوساطة من السلطات في مالي.

جانب من اجتماع مسؤولي دفاع دول «إيكواس» في أكرا الجمعة (إ.ب.أ)

وقال وزير الدفاع في بوركينا فاسو، قاسم كوليبالي، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية السبت: «نحن نتوقع العدوان. على أية حال قال رئيس دولتنا: نحن مستعدون للعدوان، نحن ندعم النيجر». وأضاف الوزير أن بلاده «مستعدة حتى للانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، لأنها تعد سياسة المنظمة تجاه النيجر غير منطقية».

وفي غضون ذلك، عقد رؤساء أركان جيوش دول المنظمة خلال اليومين الماضيين اجتماعاً بشأن التدخل العسكري. وقال مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن بالمجموعة، عبد الفتاح موسى، إن القوة التابعة للمنظمة الإقليمية «مستعدة للتدخل» في النيجر بمجرد أن يصدر زعماء دول غرب أفريقيا الأمر بذلك.

بل إن المفوض أكد أن قادة أركان جيوش دول «إيكواس» خلال اجتماعاتهم: «حددوا يوم التدخل»، قبل أن يضيف: «نحن مستعدون للتدخل بمجرد تلقي أمر بذلك».

ومع ذلك، تؤكد المنظمة الإقليمية أن الخيار العسكري سيكون «الحل الأخير».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
TT

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)
جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

شنت «جبهة تحرير ماسينا»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، ليل الاثنين - الثلاثاء، هجوماً عنيفاً على مدينة نيورو، الواقعة شمال غربي مالي على الحدود مع موريتانيا، لتندلع مواجهات بين مقاتلي «القاعدة» والجيش المالي، أسفرت عن مقتل عدد من الجنود و30 إرهابياً، حسب حصيلة صادرة عن الجيش.

ويأتي الهجوم في وقت يصعد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم، بدعم من مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

هجوم عنيف

شن العشرات من مقاتلي «جبهة تحرير ماسينا» المنخرطة في صفوف تنظيم «القاعدة»، هجوماً مسلحاً عنيفاً في حدود العاشرة من ليل الاثنين - الثلاثاء، ضد موقع تابع للجيش المالي في مدينة نيورو.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر قوة المواجهات التي شهدتها المدينة، وظهرت في المقاطع ألسنة اللهب وهي تعلو في المنطقة المحيطة بثكنة عسكرية تابعة للجيش، كما سمع دوي المدفعية الثقيلة.

وأثار الهجوم المسلح هلع سكان المدينة، ومع استمراره عدة ساعات، وصلت تعزيزات من الجيش المالي إلى المدينة، قبل أن ينسحب مقاتلو «القاعدة» نحو الغابات الواقعة في المنطقة المحاذية للحدود مع موريتانيا.

رواية الجيش

بعد ساعات من الهجوم، أصدرت قيادة الأركان العامة للجيش المالي بياناً قالت فيه إن الوحدة العسكرية المتمركزة في مدينة نيورو نجحت في التصدي لهجوم إرهابي استهدف المدينة، ووصفت ما حدث بأنه «رد قوي».

وقالت قيادة الجيش المالي إن «عدداً كبيراً من العناصر الإرهابية تسللوا إلى المدينة بمساعدة داخليّة، واستهدفوا عدة مواقع حساسة في المنطقة»، دون إعطاء أي تفاصيل عن طبيعة المساعدة الداخلية التي حصل عليها مقاتلو «القاعدة».

وأضاف الجيش أنه «بفضل الاحترافية والتزام الجنود الماليين، لم يتمكن المهاجمون من تحقيق أهدافهم»، قبل أن يشير إلى أن الحصيلة الأولية تؤكد «وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش المالي، إضافة إلى تدمير مركبة عسكرية جراء طلقات نارية حارقة».

ولكن الجيش المالي أكد أنه نجح خلال صد الهجوم في «قتل 30 إرهابياً بقيت جثثهم في موقع الهجوم، كما تركوا أيضاً 19 بندقية رشاش (AK-47)، و3 رشاشات (PKM)، وقاذف صواريخ مضاد للدبابات (LRAC)، إلى جانب كمية كبيرة من الذخائر التي تم الاستيلاء عليها».

ضربة موجعة

على صعيد آخر، كان الجيش المالي قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي اعتقال قيادي بارز في تنظيم «داعش» في منطقة الصحراء الكبرى، وذلك عقب ما سماه الجيش «عملية استخباراتية ناجحة».

وأعلنت القيادة العامة لأركان الجيش المالي أنها نفذت يوم الجمعة الماضي «عملية دقيقة» أسفرت عن اعتقال القيادي محمد ولد أركحيل، المعروف في الأوساط «الجهادية» بكنية «أبي رقية»، كما يعرف في بعض الأوساط بلقب «أبو حاش».

وأكدت قيادة الجيش المالي أن المدعو «أبو حاش» كان مطلوباً منذ مدة بسبب «دوره المحوري في تنسيق العديد من الفظائع الجماعية والانتهاكات ضد السكان في منطقتي ميناكا وغاو»، الواقعتين شرق مالي على الحدود مع دولة النيجر، حيث يتمركز تنظيم «داعش».

كما أكد الجيش المالي أن العملية الاستخباراتية أسفرت عن القضاء على «عدد من مقاتلي التنظيم»، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بينها «مكونات لتصنيع العبوات الناسفة».

ضحايا مدنيون

وفيما يخوض الجيش المالي بدعم من مجموعة «فاغنر» حرباً شرسةً ضد تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، قالت منظمات من المجتمع المدني إن تسعة مدنيين بينهم نساء وأطفال قتلوا في إطلاق نار مجهول المصدر.

وقالت هذه المنظمات، في بيان، إن إطلاق نار استهدف سيارة كانت تقل مدنيين في منطقة سيغو، وسط مالي، متوجهة نحو مخيم «امبره» للاجئين داخل أراضي موريتانيا المجاورة.

في غضون ذلك، قالت مصادر من داخل المتمردين الطوارق إن بحوزتهم أدلة تثبت تورط الجيش المالي ومجموعة «فاغنر» في إطلاق النار على السيارة المدنية، أما منظمات المجتمع المدني فدعت إلى «فتح تحقيق في الحادث»، نافية أن يكون بحوزتها ما يثبت تورط الجنود الماليين في إطلاق النار.

ولم يصدر أي تعليق من الحكومة المالية أو الجيش على الحادثة.