بعد الانقلاب في النيجر... فرنسا تخشى غلبة النفوذ الأميركي

أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون بمظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي بالنيجر الجمعة 11 أغسطس 2023 (رويترز)
أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون بمظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي بالنيجر الجمعة 11 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

بعد الانقلاب في النيجر... فرنسا تخشى غلبة النفوذ الأميركي

أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون بمظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي بالنيجر الجمعة 11 أغسطس 2023 (رويترز)
أنصار المجلس العسكري في النيجر يشاركون بمظاهرة أمام قاعدة للجيش الفرنسي في نيامي بالنيجر الجمعة 11 أغسطس 2023 (رويترز)

في الخارجية الفرنسية، مثلما في رئاسة الجمهورية... تلقى الخيارات الدبلوماسية الأميركية في النيجر صدى سيئاً؛ إذ تخشى باريس من تنامي النفوذ الأميركي في نيامي على حساب الفرنسيين، وفق تقرير نشرته أمس (الأحد) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

حضرت الولايات المتحدة بشكل كبير في النيجر منذ الأزمة التي بدأت في 26 يوليو (تموز) الماضي. ومن علامات هذا الحضور الكبير، جلوس الشخصية الثالثة في الدبلوماسية الأميركية فيكتوريا نولاند، إلى طاولة الانقلابيين في 7 أغسطس (آب).

أشار التقرير إلى أنه منذ بداية الأحداث، اتخذت فرنسا خطاً واضحاً ومن دون تردد: إعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى الرئاسة؛ لأن خطاب فرنسا المؤيد للديمقراطية بات على المحك، وفق دبلوماسي فرنسي يرى أنه «بالنسبة للأميركيين، حتى لو كانوا مهتمين بالعودة السريعة للنظام الدستوري، فإن الأولوية هي استقرار المنطقة». وقد أيدت فرنسا قرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عندما أعلنت الأخيرة في 10 أغسطس تعبئة «قوة احتياطية»، وهو شرط مسبق محتمل لعملية عسكرية. ومن جانبهم، سارع الأميركيون إلى إدانة الخيار العسكري: «لا يوجد حل عسكري مقبول»، قال أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي. توقفت الولايات المتحدة بهدوء عن المطالبة بإعادة الرئيس المخلوع إلى منصبه، وركزت على إطلاق سراحه وظروف احتجازه.

يقول الدبلوماسي الفرنسي ومقره باريس، وفق التقرير الذي لم يذكر اسمه، إن «هدف الأميركيين بسيط: الحفاظ على قواعدهم العسكرية». وأضاف: «إذا كان من الضروري تقديم تنازلات للعودة إلى الشرعية الدستورية، فلن يترددوا. يرجح ألا يشكل الجنود النيجريون خطراً في الخارج؛ فهم يعلمون أنه من دون قدرات المخابرات الأميركية، كل جهودهم لمحاربة المتطرفين ستذهب سدى».

للولايات المتحدة قوة عسكرية كبيرة نسبياً في النيجر. وينتشر نحو 1300 جندي أميركي بين قواعدهم في نيامي وقاعدة أغاديز في شمال البلاد. هذه المنشأة (في أغاديز) هي حقاً استراتيجية في نظر البنتاغون الأميركي. تقع في قلب ما يسميه الجيش الأميركي «شريط الساحل والصحراء»، هذه القاعدة هي مدرج الإقلاع لطائراته المسيرة، وعصب قدرات الجيش الأميركي الاستطلاعية في جميع أنحاء المنطقة، خصوصاً في ليبيا.

وأفاد التقرير بأن الولايات المتحدة ترى أن لها امتيازاً مع الانقلابيين يتمثل في شخص الجنرال النيجري بارمو، الذي يطلق عليه الجنود الأميركيون تسمية «رَجُلِنا»، للإشارة إلى القائد السابق للقوات الخاصة الذي أصبح قائداً لأركان الجيش النيجري. دربت الولايات المتحدة الجنرال بارمو، وحافظ على علاقة وثيقة معها. هذا هو الضابط الذي التقت به فيكتوريا نولاند خلال زيارتها لنيامي.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)
وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)
TT

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)
وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية بالمنطقة، في ظل مخاوف عبر عنها قائد جيش نيجيريا من حصول «بوكو حرام» على دعم من «دول أجنبية».

عائلة أحد مقاتلي «بوكو حرام» سلمت نفسها للقوة العسكرية (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

ويشن التنظيم هجماته في كل من نيجيريا وتشاد والنيجر، مع الاقتراب أكثر من حدود الكاميرون وبنين، ورغم أنه فقد كثيراً من قوته في السنوات الأخيرة، فإنه لا يزالُ قادراً على شن هجمات دامية.

ضربة في الصميم

قبلَ سنوات شكلت دول حوض بحيرة تشاد (نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر وبنين) قوة عسكرية مشتركة، من أجل القضاء على «بوكو حرام»، واستطاعت هذه القوة أن تلحق خسائر كبيرة بالتنظيم.

مقاتل في «بوكو حرام» اعتقل أثناء العملية العسكرية (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

اللواء إبراهيم سلاو، قائد أركان القوة العسكرية المشتركة عقد مؤتمراً صحافياً، الخميس في العاصمة التشادية إنجامينا، استعرض فيه حصيلة عملية عسكرية على الحدود بين نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر، حيث توجد معاقل ومعسكرات «بوكو حرام».

وأعلن المسؤول العسكري النيجيري أنهم قضوا على 310 مقاتلين من «بوكو حرام» خلال عملية عسكرية تحت اسم «البحيرة الصافية»، استهدفت بحيرة تشاد واستمرت 3 أشهر، من أبريل (نيسان) 2024 حتى يوليو (تموز) 2024.

وأضاف اللواء سلاو أن العملية العسكرية أسفرت أيضاً عن استسلام أكثر من 800 من مقاتلي التنظيم الإرهابي مع عائلاتهم، بالإضافة إلى توقيف أكثر من 160 شخصاً كانوا يقدمون خدمات لوجيستية واستخباراتية للتنظيم الإرهابي.

وقال إن العملية العسكرية قادت أيضاً إلى تفكيك قواعد لوجيستية حيوية في منطقة بحيرة تشاد، واصفاً العملية العسكرية بأنها «هجوم كبير ومعقد جرى تصميمه للقضاء على كل أنواع الأنشطة الإرهابية».

وأكد اللواء سلاو أن العملية العسكرية نجحت في إعادة أكثر من 30 ألف لاجئ ونازح إلى قراهم التي غادروها، بسبب أنشطة «بوكو حرام» في المنطقة.

هجمات مستمرة

يأتي احتفال قادة القوة العسكرية المشتركة في تشاد بالانتصار على «بوكو حرام»، بعد يوم واحد من هجوم استهدف القصر الرئاسي في إنجامينا، وجهت فيه أصابع الاتهام إلى مقاتلي «بوكو حرام».

وبالتزامن مع الحفل العسكري أيضاً، شنت مجموعة من مقاتلي «بوكو حرام» هجوماً على مركز للشرطة في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، وقتلوا ضابطين، قبل أن ينسحبوا دون أي خسائر.

عائلة أحد مقاتلي «بوكو حرام» سلمت نفسها للجيش (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

وأعلنت الشرطة النيجيرية الجمعة، إطلاق «حملة واسعة لملاحقة إرهابيي جماعة (بوكو حرام) المسؤولين عن الهجوم الدامي»، وعبرت في بيان صحافي عن إدانتها القوية للهجوم، ووصفته بأنه عمل عنيف شنيع، وأكد قائد الشرطة في البيان: «لن يفلت قتلة رجال الشرطة من العقاب».

تمويل أجنبي

في غضون ذلك، عبر قائد أركان الجيش النيجيري الجنرال كريستوفر موسى، عن قلقه من احتمال تلقي جماعة «بوكو حرام» دعماً مالياً ومادياً من دول أجنبية، وقال في مقابلة مع قناة «الجزيرة» الإنجليزية، إن هنالك «أدلة تربط مقاتلي (بوكو حرام) الذين تم القبض عليهم بأموال مصدرها جهات دولية قوية».

وطلب قائد أركان جيش نيجيريا من الأمم المتحدة «فتح تحقيق في مصادر تمويل الجماعة وتدريبها»، مشيراً إلى أن جماعة «بوكو حرام» استمرت في عملياتها رغم جهود الجيش النيجيري على مدى 16 عاماً.

عائلة أحد مقاتلي «بوكو حرام» سلمت نفسها للقوة العسكرية (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

وأوضح أن تكتيكات الجماعة الإرهابية «تطورت بشكل لافت نحو استخدام الطائرات من دون طيار للاستطلاع واستهداف القوات الأمنية»، داعياً إلى ضرورة «تعاون دولي من أجل تحديد وتفكيك الشبكات العالمية التي تدعم الإرهاب».

وقال الجنرال موسى إنه منذ بداية ظهور الجماعة (2009)، نجح الجيش النيجيري في القضاء على الآلاف من مقاتليها، بينما استسلم أكثر من 120 ألف مقاتل، قبل أن يتساءل عن «مصادر التمويل والتسليح التي تحصل عليها الجماعة».