إثيوبيا: مخاوف من اتساع القتال في إقليم «أمهرة»

بعد اشتباكات بين الجيش وميليشيا «فانو» أسفرت عن إصابات

آبي أحمد في مبنى البرلمان بأديس أبابا (رويترز)
آبي أحمد في مبنى البرلمان بأديس أبابا (رويترز)
TT

إثيوبيا: مخاوف من اتساع القتال في إقليم «أمهرة»

آبي أحمد في مبنى البرلمان بأديس أبابا (رويترز)
آبي أحمد في مبنى البرلمان بأديس أبابا (رويترز)

أثارت اشتباكات بين الجيش الإثيوبي ومسلحين من ميليشيا «فانو» بولاية أمهرة، مخاوف من تصعيد كبير لنزاع بين جانبين كانا حليفين في السابق، لكن العلاقة بينهما توترت بعد قرار حكومي بدمج القوات الإقليمية في الجيش المركزي. ورأى خبيران تحدثا لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع في الإقليم «يقترب من مواجهة عسكرية واسعة بين قوات وزارة الدفاع والميليشيات الرافضة لنزع السلاح والدمج».

وقال طبيب في مستشفى بمدينة «ديبري تابور» في أمهرة لـ«رويترز» إن مسلحين من ميليشيا «فانو» اشتبكوا مع جنود من الجيش الإثيوبي بالقرب من المدينة، يومي الثلاثاء والأربعاء. وأضاف أن المستشفى استقبل 3 إصاباتهم خطيرة و10 مصابين بجروح طفيفة، بما في ذلك إصابات بأعيرة نارية وأسلحة ثقيلة. ونقلت «رويترز»، الأربعاء، عن مصدر دبلوماسي، أن القتال اندلع قبل عدة أيام عندما شن الجيش عملية لإجبار مسلحي "فانو" على الخروج من منطقة كوبو ومناطق أخرى في الإقليم.

وقال نائب رئيس الوزراء الإثيوبي دمقي مكونن إن المشكلات الأمنية في مناطق مختلفة من أمهرة «صارت مقلقة»، مضيفاً عبر صفحته على «فيسبوك»: «نحن في لحظة تاريخية يجب فيها أن نأخذ في الاعتبار حقيقة أنه إذا لم يكن لديك سلام فستفقد كل شيء»، داعياً إلى «حوار سلمي».

ويرى المحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم، أن تحركات ميليشيا فانو «تطورت مؤخراً وبصورة كبيرة، وبدأت في محاربة القوات الحكومية بصورة علنية في عدة مناطق من إقليم أمهرة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن تلك التحركات «تطورت من مناوشات لحرب كاملة للاستيلاء على المدن، ما يعد تحولاً كبيراً».

وشهدت إحدى مدن الإقليم وهي مدينة قوندر (الخميس) اشتباكات، وباتت فيها الحركة شبه معطلة، وفقاً لإبراهيم الذي أوضح أن «القتال توسع بين الجيش وميليشيا فانو، بعد انضمام العديد من الميليشيات المسلحة التي كانت ضمن القوات الخاصة للإقليم».

يذكر أن ميليشيا «الفانو»، التي كان يطلق عليها (القوات الخاصة الأمهرية)، ناصرت القوات الاتحادية في حرب أهلية استمرت عامين بمنطقة «تيغراي» المجاورة، وانتهت في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي بعد توقيع اتفاقية «بريتوريا» للسلام، لكن العلاقات توترت بعد أن بدأت الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي عملية مفاجئة لنزع سلاح وتفكيك قوات شكّلتها بعض الولايات تمهيداً لدمج عناصرها في الجيش الفيدرالي أو الشرطة أو في الحياة المدنية.

ويتهم القوميون في أمهرة الحكومة الفيدرالية بالسعي لنزع سلاح القوات الخاصة «فقط من أجل إضعاف المنطقة المنخرطة تاريخياً في نزاعات إقليمية مع أقاليم تيغراي وأوروميا».

والشهر الماضي، أكد رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على تعهداته السابقة بمواصلة عملية تفكيك القوات شبه العسكرية الإقليمية في البلاد، مؤكداً أن صعود هذه الجماعات غير القانونية يشكل «خطراً كبيراً» على «الوحدة الوطنية». وتعهد في خطاب للبرلمان بأنه «لن يكون هناك أي قوات مسلحة سوى قوات الدفاع والشرطة وغيرها من قوى الأمن النظامية»، نافيها أن تكون العملية «تستهدف أمهرة بشكل انتقائي».

ويرى محمود أبو بكر المحلل الإريتري في الشؤون الأفريقية، أن عدداً كبيراً من الميليشيات المسلحة في إقليم أمهرة منخرط حالياً في مواجهة مشتعلة مع قوات الجيش الإثيوبي رفضاً لنزع السلاح والدمج في الجيش المركزي، مشيراً إلى أن الجيش الإثيوبي في المقابل «يتبنى خطاباً يشي باقتراب مواجهة شاملة مع تلك الميليشيات لتصفيتها بهدف إنفاذ القانون».

وقال أبو بكر لـ«الشرق الأوسط» إن «وزارة الدفاع الإثيوبية أعلنت تحذيرها باتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة ضد «أعداء السلام» في إشارة لميليشيا فانو، وهو ما رآه «بمثابة إعلان حرب، ويعبر عن أن العلاقة بين الطرفين وصلت إلى طريق مسدودة»، مشيراً إلى أن فانو «مدعومة بظهير شعبي كبير في الإقليم بوصفها تمثل قومية الأمهرة تاريخياً بدليل المظاهرات واسعة النطاق التي شهدها الإقليم ضد رغبة رئاسة الوزراء في نزع سلاح قواته الإقليمية».


مقالات ذات صلة

بعد قرار تشاد... هل خسرت فرنسا آخر موطئ قدم في الساحل؟

أفريقيا أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)

بعد قرار تشاد... هل خسرت فرنسا آخر موطئ قدم في الساحل؟

تشاد تنهي اتفاق التعاون العسكري والأمني مع فرنسا، لتلتحق بركب دول الساحل؛ مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي دخلت في قطيعة مع فرنسا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل بارو (د.ب.أ)

تشاد تلغي اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا

أعلن وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله، أنّ بلاده ألغت اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا، بعيد ساعات قليلة على زيارة نظيره الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (نجامينا)
الخليج عبد المجيد تبون خلال استقباله الأمير عبد العزيز بن سعود في القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر (واس)

بتوجيه من ولي العهد السعودي... وزير الداخلية يلتقي الرئيس الجزائري

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، التقى الأمير عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية، الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي (متداولة)

قائد الجيش المصري يتفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي»

قال بيان للمتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، إن قائد الجيش المصري تفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار بانتظام خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، يستمر كثير من النزاعات التي لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية في أماكن كثيرة في العالم، حسبما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي ما يأتي خمسة منها.

السودان

يشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً بين القوات شبه العسكرية والجيش.

وقد تسبب الصراع، الذي تعدّه الأمم المتحدة إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى ما يقدَّر بنحو 11 مليون نازح.

ويضاف إلى تداعيات هذا النزاع المتواصل، شبح المجاعة، إذ يحتاج 26 مليون شخص، أي نحو نصف السكان، إلى المساعدات الغذائية بشكل متواصل.

ووُجِّهت مراراً وتكراراً اتهامات إلى الأطراف المتنازعة بارتكاب جرائم حرب، لاستهدافهم المدنيين عمداً.

وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، حذَّرت الأمم المتحدة من الحجم «المذهل» للعنف الجنسي المتفشي منذ بداية النزاع، مؤكدةً أن حالات الاغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، مستشرية.

معلّم في مدرسة خلال امتحانات نهاية السنة الدراسية في قرية بشمال السودان يوم 24 نوفمبر الجاري (أ.ف.ب)

جمهورية الكونغو الديمقراطية

يواجه شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ نهاية عام 2021، عودة ظهور حركة «إم 23»، (حركة «23 مارس»)، وهي تمرد تدعمه رواندا استولى على مساحات كبيرة من الأراضي إثر مواجهات مع القوات المسلحة الكونغولية والميليشيات التابعة لها.

وقد أدى هذا التمرد إلى تفاقم أزمة إنسانية مستمرة منذ ثلاثين عاماً في شمال كيفو (شرق)، وهي منطقة غنية بالمعادن، حيث يوجد مئات الآلاف من النازحين في ملاجئ مؤقتة على مشارف غوما، عاصمة الإقليم.

وانتهى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين كيغالي وكينشاسا في بداية أغسطس (آب) إلى استقرار خط المواجهة، لكن «حركة 23 مارس» استأنفت الهجوم في نهاية أكتوبر، واستولت على عدة مواقع.

ومع ذلك، يتشبث البلدان المتجاوران بالحوار، فقد التقى وزيرا خارجيتهما في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكدا من جديد ضرورة احترام وقف إطلاق النار.

صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)

الساحل

تعاني دول منطقة الساحل من هجمات لمتشددين.

وبدأت «بوكو حرام»، أحد التنظيمات المتشددة الرئيسية في المنطقة، تمرداً في نيجيريا في عام 2009، مما أسفر عن مقتل نحو 40 ألف شخص وتشريد أكثر من مليوني شخص، قبل أن تنتشر في البلدان الحدودية.

وفي تشاد، تتواصل الهجمات التي تشنها جماعة «بوكو حرام» أو جماعة منشقة عنها في منطقة بحيرة تشاد.

وأطلق الجيش عملية عسكرية في نهاية أكتوبر بهدف «القضاء على القوة الضاربة» لـ«بوكو حرام».

وفيما تسمى منطقة «الحدود الثلاثة»، تواجه مالي وبوركينا فاسو والنيجر متشددين في منطقة الساحل ينتسبون إلى تنظيمَي «داعش» و«القاعدة».

وطردت هذه الدول الثلاث -بقيادة أنظمة عسكرية في أعقاب الانقلابات بين عامي 2020 و2023- الجيش الفرنسي من أراضيها وشكَّلت تحالف دول الساحل، للتعاون في مواجهة تهديد المتشددين.

ولم تحقق الهجمات نجاحاً في الوقت الحالي، وتسببت في مقتل ما يقرب من 7 آلاف مدني وعسكري في بوركينا فاسو منذ يناير (كانون الثاني)، وأكثر من 1500 في النيجر وأكثر من 3600 في مالي، وفق منظمة «أكليد» غير الحكومية مع ازدياد الصعوبات للحصول على المعلومات.

هايتي

تعاني هايتي من عدم الاستقرار السياسي المزمن منذ عقود.

وتفاقم مستوى عنف العصابات، المتأصل بشكل فعلي في الدولة الكاريبية منذ فبراير (شباط).

وتسيطر العصابات على 80 في المائة من العاصمة بورت أو برنس.

وسجلت الأمم المتحدة 4544 حالة وفاة بسبب أعمال العنف منذ بداية العام، مؤكدةً أن الإحصاءات «ربما تكون أعلى».

وتستهدف أعمال العنف بشكل خاص الأطفال في بعض الأحيان، حيث يجري تشويه الضحايا أو رجمهم أو قطع رؤوسهم أو إحراقهم أحياء أو دفنهم أحياء.

ودفعت أهوال العنف أكثر من 700 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، إلى الفرار من منازلهم، حسب المنظمة الدولية للهجرة.

وبدعم من الأمم المتحدة وواشنطن، بدأت بعثة دعم الشرطة المتعددة الجنسيات بقيادة كينيا في الانتشار هذا الصيف.

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال ميانمار (أ.ب)

بورما

تشهد بورما (ميانمار) صراعاً دموياً منذ عام 2021 بعد الانقلاب الذي قاده المجلس العسكري ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً.

وتصاعدت حدة الحرب الأهلية، التي تسببت في مقتل أكثر من 5300 مدني وتشريد أكثر من 3.3 مليون شخص وفق الأمم المتحدة، خلال العام الفائت بسبب صعود القوات المعارضة للمجلس العسكري.

وفي الأشهر الأخيرة، هاجم المتمردون ماندالاي، ثاني أكبر مدينة في البلاد، بالصواريخ والمسيّرات، وفي نهاية أكتوبر سيطروا على الطريق الذي يربطها بالصين، الشريك التجاري الرئيسي للبلاد.

والسيطرة على هذا المحور تحرم المجلس العسكري من الضرائب المربحة وتهدد قواعده في السهول الوسطى.

وفي مواجهة هذه الصعوبات، دعا المجلس العسكري الجماعات المسلحة في نهاية سبتمبر (أيلول) إلى بدء محادثات السلام، وهو المقترح الذي ظل حتى الآن حبراً على ورق.