السنغال تقطع الإنترنت عبر الهاتف استعداداً لمحاكمة سونكو

مخاوف من عودة العنف إلى الشارع

أحد أنصار عثمان سونكو يرفع قميصاً يحمل اسمه في مظاهرات يونيو (حزيران) الماضي (رويترز)
أحد أنصار عثمان سونكو يرفع قميصاً يحمل اسمه في مظاهرات يونيو (حزيران) الماضي (رويترز)
TT

السنغال تقطع الإنترنت عبر الهاتف استعداداً لمحاكمة سونكو

أحد أنصار عثمان سونكو يرفع قميصاً يحمل اسمه في مظاهرات يونيو (حزيران) الماضي (رويترز)
أحد أنصار عثمان سونكو يرفع قميصاً يحمل اسمه في مظاهرات يونيو (حزيران) الماضي (رويترز)

قررت السلطات في السنغال بدءاً من اليوم (الاثنين)، أن تقطع مؤقتاً خدمة الإنترنت عبر الهاتف الجوال، تفادياً لعودة البلد إلى حالة التوتر التي عاشها مطلع يونيو (حزيران) الماضي، حين اندلعت مظاهرات سقط فيها أكثر من 20 قتيلاً، بسبب محاكمة المعارض عثمان سونكو في إطار «فضيحة جنسية».

جاء قرار القطع الجزئي لخدمة الإنترنت في وثيقة صادرة عن وزير الاتصالات موسى بوكار ثيام، الذي برر القرار بما قال إنها «رسائل كراهية» بدأت تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مباشرة بعد عودة ملف المعارض عثمان سونكو إلى القضاء وتوجيه اتهامات له من أبرزها التحريض على التمرد.

وقال الوزير إن القرار يأتي «بسبب نشر رسائل كراهية، تدعو للتخريب، على شبكات التواصل الاجتماعي في مناخ يهدد باضطرابات في النظام العام»، وأضاف أن «خدمة الإنترنت في الهاتف الجوال سيتم تعليقها مؤقتاً في بعض الأوقات ابتداء من اليوم (الاثنين)»، مؤكداً أن «الشركات المشغّلة للهواتف مطالبة بالامتثال للتوجيهات التي تم إخطارها بها».

وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ سلطات السنغال قراراً بقطع خدمة الإنترنت مؤقتاً وجزئياً في البلاد، بل إنها اتخذت قراراً مشابهاً نهاية مايو (أيار) ومطلع يونيو (حزيران)، حين اندلعت مظاهرات غاضبة من محاكمة عثمان سونكو، يقودها أنصاره الذين يتهمون السلطات باستهدافه لمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية.

لكن المظاهرات سرعان ما تحولت إلى صدامات عنيفة مع الشرطة، واستخدم فيها الرصاص الحي، بل إن السلطات اتهمت «مندسين» بإطلاق النار على الشرطة والمحتجين، وسقط 16 قتيلاً حسب حصيلة رسمية وأكثر من 20 قتيلاً، حسب حصيلة غير رسمية، أغلبهم من المدنيين، في عنف غير مسبوق في البلد المعروف بالاستقرار والديمقراطية بغرب أفريقيا.

وبدأ هذا التوتر السياسي في السنغال قبل سنوات، حين تقدمت شابة تعمل في صالون تدليك بشكوى إلى العدالة تتهم فيها المعارض عثمان سونكو باغتصابها وتهديدها بالقتل، وهي التهم التي نفاها سونكو، متهماً السلطات بالتخطيط لكل شيء من أجل إنهاء مستقبله السياسي، كما رفض المثول أمام المحكمة لتتم محاكمته غيابياً والحكم عليه بالسجن النافذ عامين بعد إدانته بتهمة «إفساد الشباب».

وعاد الملف إلى الواجهة يوم الجمعة الماضي، حين اعتقل سونكو من جديد، ووجهت إليه 7 تهم في قضية منفصلة، وشملت التهم الجديدة «الدعوة إلى التمرد، وتشكيل منظمة أشرار مرتبطة بمنظمة إرهابية، والإضرار بأمن الدولة، والتآمر على سلطة الدولة، والتخطيط والقيام بأعمال تضر بالأمن العام، والوقوف خلف اضطرابات سياسية خطيرة، وأيضاً سرقة هاتف جوال»، حسبما أعلن المدعي العام في محكمة دكار عبد الكريم ديوب.

وقال المدعي العام إن «هذا الاعتقال ليست له علاقة بالإجراءات الأولى التي حوكم فيها (سونكو) غيابياً».

في غضون ذلك، أعلن سونكو أمس (الأحد)، أنه بدأ إضراباً عن الطعام، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه «في مواجهة كثير من الكراهية والأكاذيب والقمع والاضطهاد، قررت المقاومة. ألتزم بإضراب عن الطعام بدءاً من يوم الأحد»، بل إنه طلب من «المعتقلين السياسيين فعل الشيء نفسه».

ومن المرتقب أن يخضع سونكو للاستجواب اليوم (الاثنين)، أمام القضاء، وبناء على ذلك سيقرر القاضي إن كان هنالك وجه لمتابعة سونكو، أم أنه سيلغي التهم الموجهة له، وفق ما أعلن فريق المحامين الذين يدافع في مؤتمر صحافي عقده في دكار مساء أمس (الأحد).

لكن المحامين في مؤتمرهم الصحافي شنوا هجوماً لاذعاً على السلطات التي قالوا إنها «تقاعست عن احترام حقوق موكلهم».

وكانت السلطات قد أعلنت في يونيو الماضي، فتح تحقيق في أعمال العنف التي وصفتها بأنها «غير مسبوقة»، وجاء في بيان صادر عن الحكومة مطلع يونيو، أن الهدف من التحقيق «كشف المسؤوليات المتعلقة بهذه الأحداث» التي وقعت بين الأول والثالث من يونيو، في دكار ومناطق أخرى بعد إدانة سونكو في إطار فضيحة جنسية.

وتحمل السلطات المسؤولية في كل ذلك للمعارض سونكو وأنصاره، وفي هذا الإطار تأتي محاكمته الجديدة، في ظل توقعات بأن يصدر حكم يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهي الانتخابات التي أعلن الرئيس ماكي صال أنه لن يترشح لها احتراماً للدستور.

ويعد سونكو من أكثر السياسيين السنغاليين شعبية، خصوصاً في أوساط الشباب والطبقات الفقيرة، وأصبح خلال السنوات الأخيرة الوجه السياسي الذي يمثل التغيير في البلد، بسبب خطابه الحاد تجاه السلطات والمعادي لفرنسا.


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )
أوروبا من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

السويد تلمّح لتورط إيران في هجمات قرب سفارتين إسرائيليتين

أعلنت وكالة الاستخبارات السويدية، الخميس، أن إيران قد تكون متورطة في الانفجارات وإطلاق النار قرب السفارتين الإسرائيليتين في السويد والدنمارك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الولايات المتحدة​ عافية صديقي (متداولة)

«سيدة القاعدة» السجينة تقاضي الولايات المتحدة لتعرُّضها لاعتداءات جسدية وجنسية

رفعت سيدة باكستانية سجينة في سجن فورت وورث الفيدرالي دعوى قضائية ضد المكتب الفيدرالي للسجون والإدارة الأميركية، قالت فيها إنها تعرَّضت لاعتداءات جسدية وجنسية

«الشرق الأوسط» (تكساس)

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
TT

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية تتمركز في منطقة كوكوا، التابعة لولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا.

القوات العسكرية متعددة الجنسيات، يوجدُ مركز قيادة عملياتها في العاصمة التشادية أنجمينا، وتشارك فيها دول تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون وبنين، حيث تخوض منذ عدة سنوات حرباً شرسة ضد مقاتلي جماعة «بوكو حرام»، الموالين لتنظيم «داعش»، والساعين لإقامة ما يسمونه «إمارة غرب أفريقيا».

وقال الضابط المقدم أولانيي أوسابا، وهو المسؤول عن الإعلام العسكري في القوة العسكرية متعددة الجنسيات، إن «إرهابياً معروفاً في المنطقة بسمعته السيئة، يدعى بوتشو أباتشا استسلم، وسلم نفسه وسلاحه لقوة عسكرية متمركزة في شمال شرقي نيجيريا».

شخصية محورية في التنظيم الإرهابي

وأضاف الضابط أن «أباتشا شخصية محورية في التنظيم الإرهابي، ولعب أدواراً رئيسية في العديد من العمليات الإرهابية»، مشيراً إلى أنه «اعترف بمشاركته في عمليات إرهابية متعددة على محور مونغونو-باغا».

وأوضح الضابط أن القيادي في التنظيم حين سلم نفسه برر ذلك بتضييق الخناق على التنظيم بسبب العمليات العسكرية المكثفة التي تشنها القوة العسكرية متعددة الجنسيات، كما أعلن أنه «لم يعد مؤمناً بأفكار وعقيدة التنظيم الإرهابي».

وقال الضابط إن القيادي الإرهابي كانت بحوزته حين استسلم «بندقية من نوع (آكا 47)، ومخزن ذخيرة يحتوي على 11 رصاصة من عيار 7.62 مم، وهاتف جوال، وشريحة إحدى شركات الاتصال المحلية، ومبلغ من المال».

وبدأ التحقيق مع القيادي الإرهابي حول العمليات التي أشرف على تنفيذها والتخطيط لها، وقال الضابط أولانيي أوسابا إنه «بالفعل بدأ يقدم معلومات استخباراتية قيمة للسلطات»، حول خطط التنظيم الإرهابي وأساليب عمله.

وفي سياق متصل، أعلن الضابط أولانيي أوسابا أن وحدة تابعة للقوات العسكرية متعددة الجنسيات «بالتعاون مع عملاء الاستخبارات، نصبت كميناً لإرهابيين من جماعة (بوكو حرام) كانوا ينقلون إمدادات لوجستية كبيرة في ثلاث مركبات من نوع (تويوتا) تحت جنح الظلام».

وأوضح الضابط أن «الوحدة العسكرية اشتبكت مع الإرهابيين في معركة شرسة»، مشيراً إلى أن الاشتباك «أسفر عن مقتل أحدهم وفرار الآخرين، في حين صادرت القوة العسكرية المعدات والإمدادات التي كانت بحوزة الإرهابيين»، مشيراً إلى أنها تمثلت في «ثلاث مركبات (تويوتا) محملة بمواد غذائية متنوعة ومستلزمات أخرى ومبلغ مالي معتبر».

ونجحت هذه القوة العسكرية المشكلة من طرف دول حوض بحيرة تشاد في تقليص كثير من قوة «بوكو حرام»، ولكن التنظيم ما يزال قادراً على شن هجمات عنيفة بين الفينة والأخرى، وهو الذي يسعى منذ 2009 لإقامة إمارة إسلامية في شمال نيجيريا، الدولة الغنية بالنفط وصاحبة الاقتصاد الأقوى في غرب أفريقيا.