ما آثار انسحاب قوة حفظ السلام الأممية من مالي؟

بعد إنهاء مجلس الأمن مهمتها

جنود سنغاليون ضمن مهمة «مينوسما» في مالي خلال زيارة لمنطقة سو في إقليم دوغون بوسط البلاد في يوليو 2019 (أ.ف.ب)
جنود سنغاليون ضمن مهمة «مينوسما» في مالي خلال زيارة لمنطقة سو في إقليم دوغون بوسط البلاد في يوليو 2019 (أ.ف.ب)
TT

ما آثار انسحاب قوة حفظ السلام الأممية من مالي؟

جنود سنغاليون ضمن مهمة «مينوسما» في مالي خلال زيارة لمنطقة سو في إقليم دوغون بوسط البلاد في يوليو 2019 (أ.ف.ب)
جنود سنغاليون ضمن مهمة «مينوسما» في مالي خلال زيارة لمنطقة سو في إقليم دوغون بوسط البلاد في يوليو 2019 (أ.ف.ب)

وسط أوضاع أمنية متردية قابلة لمزيد من التفجر، يطرح إنهاء مهام بعثة حفظ السلام الأممية في مالي «مينوسما»، تساؤلات عما قد يسببه ذلك من تبعات. وتوقع خبراء أن «يترك انسحاب البعثة فراغاً أمنياً كبيراً ستستغله الجماعات الإرهابية»، كما «سيؤثر بالسلب على اتفاق السلام الهش بالفعل مع الجماعات الانفصالية».

وقرر مجلس الأمن الدولي، الجمعة، بالإجماع إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي، على أن تتم العملية خلال ستة أشهر.

ويأتي القرار استجابة لمطالب باماكو، بعدما وصف وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب مهمة الأمم المتحدة، التي بدأت عام 2013، بأنها «فاشلة». وينص القرار على «وقف أنشطة جنود حفظ السلام ابتداء من أول يوليو (تموز) الحالي، تمهيدا لتنظيم عودة هؤلاء «بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتوقع الباحث السياسي المالي محمد اغ عيسى أن «تتأثر عملية السلم والمصالحة بانسحاب البعثة لوجستياً وسياسياً على الأقل في المستوى المنظور، حيث تقوم البعثة بتسهيل التفاوض بين الفرقاء وحفظ وقف إطلاق النار بين الجانبين».

جنود من قوات السلام الأممية في قاعدة لـ«مينوسما» في باماكو يحملون نعوش ثلاثة جنود بنغاليين قُتلوا بانفجار في شمال مالي عام 2017 (رويترز)

وقبل أسبوع، حذر تحالف جماعات مسلحة في شمال مالي من أنّ رحيل «مينوسما» سيوجه «ضربة قاضية» لاتفاق السلام. وقال التحالف المسمى «الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية»، في بيان، إنّ «رحيل (مينوسما) دون بديل موثوق سيشكل تهديداً لأمن مالي والمنطقة بأسرها». والتحالف هو مزيج من الطوارق وقوميين عرب من شمال مالي متمرد على السلطة المركزية تأسس في 2014 ثم وقع في الجزائر اتفاق سلام مع باماكو في 2015. لكن الاتفاق بصدد الانهيار.

من جهة أخرى، قال اغ عيسى لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعات الإرهابية ستستغل الفراغ الأمني الذي ستتركه القوات الدولية للمزيد من السيطرة على المنطقة إن لم تقم الحكومة بإرسال أعداد هائلة من قوات الجيش إلى ولايات الشمال».

ويتفق سيدي المختار ولد سيدي، الخبير الموريتاني في الشؤون الأفريقية، في أن انتهاء البعثة سيؤدي لـ«مضاعفة تأثيرات الأزمة الأمنية في مالي ويزيد من هشاشة الأمن في دول الساحل عموما». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك «سيؤدي أيضا لتوسيع الهوة بين مالي والمجتمع الدولي».

وتشن جماعات إرهابية على صلة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، تمرداً في شمال مالي منذ عام 2012. وقتل الآلاف وشرد أكثر من ستة ملايين بسبب القتال.

مجلس الأمن قرر إنهاء مهمة بعثة السلام الأممية في مالي (د.ب.أ)

وسحبت فرنسا آلاف الجنود من مالي هذا العام، بعد ما وصفته بـ«تحالف مالي مع مجموعة (فاغنر) العسكرية الروسية». في حين أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الاثنين، أن «مجموعة فاغنر ستواصل عملياتها في مالي»، وشدّد على أن تمرّد قائدها، يفغيني بريغوجين، «لن يؤثر على علاقات موسكو بحلفائها».

ويعتقد ولد سيدي أن الانسحاب يعني «سحب القوة المثبتة للأمن في المناطق المحررة من سيطرة الإرهابيين وبالتالي يسهل عودة هذه الجماعات لدخول تلك المناطق، خاصة أن الجيش المالي ينفذ عمليات في مناطق ساخنة أخرى تقع تحديداً في المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر».

وكان مجلس الأمن قد بحث للمرة الأولى في يناير (كانون الثاني) الماضي، تقريراً للأمين العام أنطونيو غوتيريش أكد فيه أن استمرار المهمة في شكلها الحالي «غير ممكن».


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.