هل تحد الحلول الأمنية من «الاضطرابات السياسية» في السنغال؟

عقب إعلان تعليق الدراسة في بعض المدارس لمواجهة التجمعات

محتجون مناصرون لسونكو في مواجهات مع الأمن  (رويترز)
محتجون مناصرون لسونكو في مواجهات مع الأمن (رويترز)
TT

هل تحد الحلول الأمنية من «الاضطرابات السياسية» في السنغال؟

محتجون مناصرون لسونكو في مواجهات مع الأمن  (رويترز)
محتجون مناصرون لسونكو في مواجهات مع الأمن (رويترز)

هل تحد الحلول الأمنية من «الاضطرابات السياسية» في السنغال؟ بات تساؤلاً يشغل المراقبين، وذلك عقب إعلان «تعليق الدراسة في بعض المدارس لمواجهة أي تجمعات»، حيث يتصاعد التوتر السياسي في السنغال على خلفية المواجهة مع المعارض عثمان سونكو، ويلجأ النظام إلى تبني «إجراءات أمنية لمواجهة الاضطرابات المُحتملة» على خلفية محاكمته المقررة لاحقاً هذا الشهر، فيما قررت السلطات السنغالية تعليق الدراسة لمدة أسبوع تقريباً في منطقة زيغينشور جنوب البلاد، التي كانت مسرحاً للاشتباكات والاضطرابات على خلفية محاكمة سونكو بتهمة «الاغتصاب».

وذكرت السلطات التعليمية أنه «جرى تعليق الدراسة والأنشطة التعليمية في جميع أنحاء المنطقة في المدارس والمؤسسات ومراكز التدريب المهني، من (الجمعة) حتى 25 مايو (أيار) الحالي». ووفق مراقبين «تغطي هذه الفترة الموعد الجديد المقرر لمحاكمة سونكو بعد إرجاء المحاكمة إلى 23 مايو الحالي».

وسابقاً هذا الأسبوع، أُرجئت محاكمة سونكو، المرشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024، وسط اضطرابات واشتباكات عنيفة بين أنصاره والأمن في مختلف أنحاء البلاد. وقبل المحاكمة وتزامناً معها، وقعت اشتباكات بين مؤيدين لسونكو وقوات الأمن. وأفادت السلطات بـ«وقوع 3 قتلى». ولم تنسب وزارة الداخلية بشكل مباشر الوفيات إلى «الاحتجاجات»، لكنها دعت الأهالي إلى «منع أبنائهم من المشاركة في المظاهرات».

ويرى المحلل الإريتري المختص في الشؤون الأفريقية، محمود أبو بكر، أن «المقاربة الأمنية في مواجهة سونكو (لن تجدي) بسبب شعبيته الكبيرة، ليس فقط في أوساط طلبة الجامعات والمدارس؛ بل في قطاعات كبيرة من المنتمين للمؤسسات الدينية، علاوة على قوى المعارضة المتضامنة معه»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «السلطة تُدرك أن ترشح سونكو يعني نهاية النظام السياسي».

في حين قال المحلل السنغالي، عبد الأحد أمبينغ، إن «تعليق الدراسة مُجرد إشارة إلى الضرر الكبير الذي سيلحق بالدولة والمجتمع لو أصر النظام على استهداف سونكو وغيره من المعارضين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع (شديد التوتر)، وسيستمر في تهديد حياة السنغاليين اليومية، بالإضافة إلى تهديد الانتخابات ومستقبل البلاد».

وسابقاً خلال هذا الشهر، قضت محكمة سنغالية بسجن سونكو ستة أشهر مع وقف التنفيذ في إطار محاكمته بتهمة «التشهير»، في حكم «قد يجعله غير مؤهل لخوض الانتخابات إذا جرى تأييده»، وفق المراقبين.

وكان سونكو قد أعلن سابقاً قراره «عدم التعاون مع القضاء من دون ضمانات لسلامته، مشيراً إلى تعرضه لمحاولة اغتيال في طريقه إلى المحكمة في مارس (آذار) الماضي». ويتّهم سونكو وأنصاره الحكومة بـ«استخدام القضاء لمنعه من الترشح للرئاسة»، بعدما حل في المرتبة الثالثة خلال انتخابات الرئاسة عام 2019، فيما يتهمه الحزب الرئاسي بـ«الرغبة في شل البلاد، واستخدام الشوارع للإفلات من العدالة».

وعثمان سونكو، سياسي سنغالي ومؤسس «حزب الوطنيين» (باستيف) المعارض. ويروّج سونكو لنفسه على أنه «ضد الفساد»، ويتبنى مشروعاً سياسياً يتمحور حول التوجه إلى «الاستقلال الوطني ومناهضة فرنسا، الحليف التقليدي للسنغال، وهو ما يجد صدى لدى الأوساط المدنية والشبابية والطلابية على نطاق واسع».

ولم يعلن الرئيس سال، الذي يتولى السلطة منذ 2012، عزمه تقديم أوراق ترشحه، لكنه رفض الادّعاء بأن «ترشحه لولاية ثالثة أمر غير دستوري». وحشدت المعارضة السنغالية، الشهر الماضي، أكثر من 120 حزباً وجماعة سياسية ومنظمة مجتمع مدني. ووقّعوا ميثاق حركة (القوى الحية) «إف 24» ضد ترشحه المحتمل.

واعتقد أبو بكر أن «النظام يجعل سونكو وأنصاره مضطرين إلى اللجوء للشارع، ويخاطر بـتقويض مؤسسات الدولة والإساءة لصورته في الخارج»، فيما يرى أمبينغ أن «الاضطرابات مُرشحة للتصاعد بوتيرة خارجة عن السيطرة، حال إدانة سونكو، ولن يكون الأمن وقتها قادراً على حماية الشعب والدولة».


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )
أوروبا من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

السويد تلمّح لتورط إيران في هجمات قرب سفارتين إسرائيليتين

أعلنت وكالة الاستخبارات السويدية، الخميس، أن إيران قد تكون متورطة في الانفجارات وإطلاق النار قرب السفارتين الإسرائيليتين في السويد والدنمارك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الولايات المتحدة​ عافية صديقي (متداولة)

«سيدة القاعدة» السجينة تقاضي الولايات المتحدة لتعرُّضها لاعتداءات جسدية وجنسية

رفعت سيدة باكستانية سجينة في سجن فورت وورث الفيدرالي دعوى قضائية ضد المكتب الفيدرالي للسجون والإدارة الأميركية، قالت فيها إنها تعرَّضت لاعتداءات جسدية وجنسية

«الشرق الأوسط» (تكساس)

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
TT

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)
القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية تتمركز في منطقة كوكوا، التابعة لولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا.

القوات العسكرية متعددة الجنسيات، يوجدُ مركز قيادة عملياتها في العاصمة التشادية أنجمينا، وتشارك فيها دول تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون وبنين، حيث تخوض منذ عدة سنوات حرباً شرسة ضد مقاتلي جماعة «بوكو حرام»، الموالين لتنظيم «داعش»، والساعين لإقامة ما يسمونه «إمارة غرب أفريقيا».

وقال الضابط المقدم أولانيي أوسابا، وهو المسؤول عن الإعلام العسكري في القوة العسكرية متعددة الجنسيات، إن «إرهابياً معروفاً في المنطقة بسمعته السيئة، يدعى بوتشو أباتشا استسلم، وسلم نفسه وسلاحه لقوة عسكرية متمركزة في شمال شرقي نيجيريا».

شخصية محورية في التنظيم الإرهابي

وأضاف الضابط أن «أباتشا شخصية محورية في التنظيم الإرهابي، ولعب أدواراً رئيسية في العديد من العمليات الإرهابية»، مشيراً إلى أنه «اعترف بمشاركته في عمليات إرهابية متعددة على محور مونغونو-باغا».

وأوضح الضابط أن القيادي في التنظيم حين سلم نفسه برر ذلك بتضييق الخناق على التنظيم بسبب العمليات العسكرية المكثفة التي تشنها القوة العسكرية متعددة الجنسيات، كما أعلن أنه «لم يعد مؤمناً بأفكار وعقيدة التنظيم الإرهابي».

وقال الضابط إن القيادي الإرهابي كانت بحوزته حين استسلم «بندقية من نوع (آكا 47)، ومخزن ذخيرة يحتوي على 11 رصاصة من عيار 7.62 مم، وهاتف جوال، وشريحة إحدى شركات الاتصال المحلية، ومبلغ من المال».

وبدأ التحقيق مع القيادي الإرهابي حول العمليات التي أشرف على تنفيذها والتخطيط لها، وقال الضابط أولانيي أوسابا إنه «بالفعل بدأ يقدم معلومات استخباراتية قيمة للسلطات»، حول خطط التنظيم الإرهابي وأساليب عمله.

وفي سياق متصل، أعلن الضابط أولانيي أوسابا أن وحدة تابعة للقوات العسكرية متعددة الجنسيات «بالتعاون مع عملاء الاستخبارات، نصبت كميناً لإرهابيين من جماعة (بوكو حرام) كانوا ينقلون إمدادات لوجستية كبيرة في ثلاث مركبات من نوع (تويوتا) تحت جنح الظلام».

وأوضح الضابط أن «الوحدة العسكرية اشتبكت مع الإرهابيين في معركة شرسة»، مشيراً إلى أن الاشتباك «أسفر عن مقتل أحدهم وفرار الآخرين، في حين صادرت القوة العسكرية المعدات والإمدادات التي كانت بحوزة الإرهابيين»، مشيراً إلى أنها تمثلت في «ثلاث مركبات (تويوتا) محملة بمواد غذائية متنوعة ومستلزمات أخرى ومبلغ مالي معتبر».

ونجحت هذه القوة العسكرية المشكلة من طرف دول حوض بحيرة تشاد في تقليص كثير من قوة «بوكو حرام»، ولكن التنظيم ما يزال قادراً على شن هجمات عنيفة بين الفينة والأخرى، وهو الذي يسعى منذ 2009 لإقامة إمارة إسلامية في شمال نيجيريا، الدولة الغنية بالنفط وصاحبة الاقتصاد الأقوى في غرب أفريقيا.