كيف تستخدم الصين الذكاء الاصطناعي للتأثير على الرأي العام محلياً وحول العالم؟

شعار الذكاء الاصطناعي خلال مؤتمر تكنولوجي في الصين (أرشيف - رويترز)
شعار الذكاء الاصطناعي خلال مؤتمر تكنولوجي في الصين (أرشيف - رويترز)
TT

كيف تستخدم الصين الذكاء الاصطناعي للتأثير على الرأي العام محلياً وحول العالم؟

شعار الذكاء الاصطناعي خلال مؤتمر تكنولوجي في الصين (أرشيف - رويترز)
شعار الذكاء الاصطناعي خلال مؤتمر تكنولوجي في الصين (أرشيف - رويترز)

تستخدم الحكومة الصينية شركاتٍ ذات خبرة في مجال الذكاء الاصطناعي لمراقبة الرأي العام والتلاعب به، مما يمنحها سلاحاً جديداً في حرب المعلومات، وفقاً لمسؤولين أميركيين حاليين وسابقين ووثائق كشف عنها باحثون.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، تُظهر وثائق داخلية لإحدى الشركات كيف قامت بحملات تأثير في هونغ كونغ وتايوان، وجمعت بيانات عن أعضاء في الكونغرس وشخصيات أميركية مؤثرة أخرى.

وفي حين لم تشنّ الشركة حملات في الولايات المتحدة، فإن وكالات التجسس الأميركية راقبت نشاطها بحثاً عن أي مؤشرات على محاولتها التأثير على الانتخابات الأميركية أو المناظرات السياسية، وفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين.

وأصبح الذكاء الاصطناعي، على نحو متزايد، المجال الجديد لعمليات التجسس، حيث يسمح لأجهزة الاستخبارات بشن حملات أسرع وأكثر كفاءة وعلى نطاق أوسع من أي وقت مضى.

ولطالما وجدت الحكومة الصينية بعض الصعوبة في شن حروب معلوماتية تستهدف دولاً أخرى، مفتقرة إلى عدوانية أو فعالية وكالات الاستخبارات الروسية. لكن مسؤولين وخبراء أميركيين يقولون إن التقدُّم في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الصين على التغلب على نقاط ضعفها.

تقنية جديدة لمراقبة الرأي العام والتلاعب به

ويمكن لتقنية جديدة تتبع النقاشات العامة التي تهم الحكومة الصينية، مما يتيح لها مراقبة الرأي العام على نطاق واسع. كما يمكن لهذه التقنية إنتاج دعاية ضخمة قادرة على التلاعب بالرأي العام محلياً ودولياً.

وبحسب وثائق حصلت عليها «نيويورك تايمز»، تسمح التقنية الجديدة لشركة «GoLaxy» الصينية بشن حملات تأثير انتخابي في تايوان وهونغ كونغ وداخل الصين.

ولا يتضح من الوثائق مدى فعالية حملات «GoLaxy»، أو ما إذا كانت تقنيتها قادرة على تحقيق كل ما تعد به.

وفي بيان، نفت شركة «GoLaxy» إنشاء أي نوع من «شبكات الروبوتات أو شن حملات تأثير نفسي» أو قيامها بأي عمل يتعلق بانتخابات هونغ كونغ أو غيرها. ووصفت المعلومات التي قدمتها «نيويورك تايمز» عن الشركة بأنها «معلومات مضللة».

ووفقاً للتقرير، فقد سُربت الوثائق من قِبل موظف ساخط منزعج من الأجور وظروف العمل في الشركة. وفي حين أن معظم الوثائق غير مؤرخة، فإن غالبية الوثائق التي تتضمن تواريخ تعود إلى أعوام 2020 و2022 و2023. وقد حصل عليها معهد الأمن القومي بجامعة فاندربيلت الأميركية، وهو مركز بحثي وتعليمي غير حزبي يدرس الأمن السيبراني والاستخبارات وغيرها من التحديات الحرجة.

وتُسوّق «GoLaxy» نفسها علناً كشركة تجمع البيانات وتُحلل الرأي العام تجاه الشركات الصينية والحكومة. لكن في الوثائق، تزعم الشركة سراً قدرتها على استخدام تقنية جديدة لإعادة تشكيل الرأي العام والتأثير عليه نيابة عن الحكومة الصينية.

وتشرح الشركة كيف يمكنها بدقة توجيه جهودها نحو مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت باستخدام تقنية تُسمى نظام الدعاية الذكية، أو «GoPro».

تجمع شركة «GoLaxy» عشرات الملايين من البيانات من مواقع التواصل (رويترز)

«محرك دعاية»

وكشف الباحثان في معهد الأمن القومي بجامعة فاندربيلت، بريت غولدشتاين وبريت بنسون، عن وجود هذه الوثائق، في مقال نُشر بقسم الرأي في صحيفة «نيويورك تايمز»، مجادلين بأن «GoLaxy» قادرة على التنقيب في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، ثم إنشاء محتوى مُخصص يبدو حقيقياً، وغير قابل للكشف.

وقالا إن النتيجة هي إنشاء «محرك دعاية» قادر على إنتاج مواد أكثر بكثير مما كان يُعتقد سابقاً.

وتابعا: «لم تعد الدعاية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تهديداً مستقبلياً افتراضياً، بل إنها عملية متطورة تُعيد بالفعل صياغة كيفية التلاعب بالرأي العام على نطاق واسع».

ويقول الخبراء إن الشركة تتبنى بسرعة تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في الصين، التي، من شأنها، وفقاً لوثائق الشركة الداخلية، أن تسمح لها بالقيام بعمليات تأثير أكثر تطوراً بكثير من تلك التي كانت الحكومات الأجنبية، مثل الحكومة الروسية، قادرة على القيام بها في السابق.

ففي عمليات التأثير السابقة التي قامت بها هذه الحكومات، كان لا بد من إنتاج المعلومات المضللة تدريجياً. لكن الآن، بإمكان الروبوتات الآلية فعل ذلك بسرعة وعلى نطاق أوسع.

ووفقاً للوثائق، تجمع الشركة عشرات الملايين من البيانات، بما في ذلك المنشورات وبيانات المستخدمين، من منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة «ويبو (Weibo)» و1.8 مليون مقال يومياً من «وي شات (WeChat)»، وأربعة ملايين منشور من «إكس»، و10 آلاف منشور من «فيسبوك».

وبحسب الوثائق، قامت الشركة بأعمال لصالح الاستخبارات الصينية، بما في ذلك وزارة أمن الدولة - وكالة التجسس الرئيسية في البلاد - ووكالات الأمن الداخلي.

وصرح مسؤولون أميركيون سابقون بأن وكالات التجسس الأميركية لديها معلومات تؤكد هذه الشراكات.

وتزعم إحدى الوثائق أن الشركة جمعت ملفات تعريف افتراضية لـ117 عضواً حالياً وسابقاً في الكونغرس، بمن فيهم النواب بايرون دونالدز من فلوريدا، وتشيب روي من تكساس، وآندي بيغز من أريزونا. وجميع النواب المدرجين في الوثائق التي حصل عليها باحثو «فاندربيلت» كانوا جمهوريين، مع أنه من المرجح أن الشركة جمعت معلومات عن الديمقراطيين أيضاً.

بالإضافة إلى ذلك، فقد ذكرت الوثائق أن «GoLaxy» تتتبع وتجمع معلومات عن أكثر من 2000 شخصية سياسية وعامة أميركية، و4 آلاف مؤثر يميني ومؤيد للرئيس ترمب، بالإضافة إلى صحافيين وباحثين ورجال أعمال.

ولا تُظهر الوثائق ما تفعله «GoLaxy» بهذه المعلومات. لكن المسؤولين الأميركيين لطالما زعموا أن الصين تتتبع مواقف السياسيين الأميركيين بشأن القضايا التي تهم بكين.

ولا تزال وكالات التجسس الأميركية تجمع معلومات عن محاولات التلاعب الأجنبي والتأثير على الانتخابات والرأي العام، لكن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فكّكت الفرق في وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية التي حذّرت الجمهور من التهديدات المحتملة.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

باكستان: مقتل 9 إرهابيين في عمليتين منفصلتين بإقليم خيبر بختونخوا

عناصر أمنية من «طالبان» تقف في دورية للحراسة داخل المنطقة الحدوية بين باكستان وأفغانستان (إ.ب.أ)
عناصر أمنية من «طالبان» تقف في دورية للحراسة داخل المنطقة الحدوية بين باكستان وأفغانستان (إ.ب.أ)
TT

باكستان: مقتل 9 إرهابيين في عمليتين منفصلتين بإقليم خيبر بختونخوا

عناصر أمنية من «طالبان» تقف في دورية للحراسة داخل المنطقة الحدوية بين باكستان وأفغانستان (إ.ب.أ)
عناصر أمنية من «طالبان» تقف في دورية للحراسة داخل المنطقة الحدوية بين باكستان وأفغانستان (إ.ب.أ)

أعلن الجيش الباكستاني، اليوم السبت، أن قواته نفذت عمليتين منفصلتين، استناداً إلى معلومات استخباراتية أفادت بوجود «إرهابيين» في منطقتي تانك ولاككي مروت، حسبما أفاد موقع قناة «جيو نيوز» الباكستاني. وقال الجيش في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»، إن العمليتين أسفرتا عن «مقتل تسعة إرهابيين» ينتمون لجماعة «فتنة الخوارج»، المدعومة من الهند في إقليم خيبر باختونخوا.

وحسب بيان صحافي أصدره الجهاز الإعلامي العسكري، فقد تم تنفيذ العمليتين المنفصلتين أمس الجمعة في المنطقتين، بإقليم خيبر باختونخوا. وأضاف الجيش موضحاً أنه خلال العملية في منطقة تانك، «اشتبكت القوات الأمنية بفعالية مع موقع الخوارج، وبعد تبادل كثيف للنيران، لقي سبعة إرهابيين حتفهم».

وشهدت الهجمات الإرهابية زيادة حادة في باكستان، خصوصاً في إقليمَي خيبر باختونخوا وبلوشستان الحدوديين، منذ عام 2021، منذ عودة حركة «طالبان» الأفغانية للسلطة، حسب «جيو نيوز».

وقال المتحدث العسكري الباكستاني، الفريق أول أحمد شريف شودري، في بيان يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنه جرى خلال العام الحالي تنفيذ 67023 عملية في أنحاء البلاد، استناداً لمعلومات استخباراتية، معظمها في خيبر باختونخوا وبلوشستان، وذلك في إطار جهود مكافحة الإرهاب.

وناشدت باكستان بشكل متكرر نظام «طالبان» في كابول العمل من أجل منع استخدام الإرهابيين أراضيها في تنفيذ هجمات ضد باكستان، وأدت هذه القضية مؤخراً إلى تصاعد حدة التوتر بين الجانبين، وشن هجمات عبر الحدود من الجانب الأفغاني، أدت إلى رد من القوات الباكستانية.

وفي نوفمبر الماضي، قالت إدارة العلاقات العامة للجيش الباكستاني إن القوات الأمنية قتلت ما لا يقل عن 15 «إرهابياً»، بينهم زعيم شبكة على صلة بتنظيم «فتنة الخوارج»، الذي يعمل بالوكالة لصالح الهند، في عمليتين منفصلتين اعتمدتا على معلومات استخباراتية في إقليم خيبر بختونخوا.

ونقلت «قناة جيو» الباكستانية عن الجناح الإعلامي للجيش القول في بيان، إن العمليات تمت يومي 8 و9 نوفمبر الماضي ضد إرهابيين مدعومين من الهند.

وقالت إدارة العلاقات العامة في بيان، إنه بعد ورود معلومات بوجود أفراد من تنظيم «فتنة الخوارج»، نفذت القوات الأمنية عملية، بناء على معلومات استخباراتية في منطقة كولاشي العامة في مدينة ديرة إسماعيل خان، مضيفة أنه أثناء تنفيذ العملية تم قتل 10 إرهابيين، بينهم زعيم الشبكة علام محسود.

وأضاف البيان أنه تم تحييد خمسة إرهابيين آخرين بنجاح في عملية أخرى تم تنفيذها في داتا خيل بمنطقة وزيرستان الشمالية، حسب «وكالة الأنباء الألمانية».


4 قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية - الباكستانية

خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
TT

4 قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية - الباكستانية

خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)

أسفر تبادل إطلاق النار على الحدود الأفغانية - الباكستانية ليل الجمعة، عن مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين بجروح، بحسب ما أعلنت السلطات المحلية في منطقة سبين بولداك الأفغانية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتبادلت سلطات «طالبان» في أفغانستان والحكومة الباكستانية الجمعة، الاتهامات بالمسؤولية عن هذا الهجوم «غير المبرر»، بعد نحو شهرين من سقوط عدد كبير من القتلى في أسوأ اشتباكات عابرة للحدود منذ عقود. وتحدثت تقارير غير مؤكدة عن وقوع إصابات على جانبي الحدود.

وقال مسؤول باكستاني لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الأعمال العدائية الأخيرة التي اشتملت على إطلاق قذائف مدفعية وأسلحة أخرى، وقعت بين مقاطعة بلوشستان الباكستانية ومنطقة قندهار الأفغانية.

وصرّح مسؤول من قوات حرس الحدود الباكستانية التي تراقب الحدود: «استمر إطلاق النار لمدة ساعتين، وكان مكثفاً وشرساً».

وقال متحدث باسم حكومة «طالبان» الأفغانية إن قواتهم ردّت على إطلاق النار الذي بدأته باكستان. بينما قال مسؤولون باكستانيون إن مقاتلي «طالبان» هم الذين بدأوا إطلاق النار على المدنيين عبر الحدود.

وتأتي الاشتباكات بعد أشهر من مناوشات دامية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي أثارتها غارات جوية باكستانية على أهداف داخل أفغانستان، بينها العاصمة كابل، استهدفت زعيم ميليشيا يُزعم أنها وراء هجمات عابرة للحدود.

وتم التوصل إلى هدنة هشّة توسطت فيها قطر، ولا تزال سارية منذ ذلك الحين.


مودي وبوتين يعلنان اتفاقية تعاون اقتصادي تصل إلى 100 مليار دولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
TT

مودي وبوتين يعلنان اتفاقية تعاون اقتصادي تصل إلى 100 مليار دولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)

أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته الرسمية إلى الهند، استمرار بلاده في تزويد نيودلهي بالنفط رغم العقوبات الأميركية، بينما أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي اتفاقاً ثنائياً واسعاً لتعزيز التعاون الاقتصادي؛ بهدف رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030.

وأوضح مودي، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع بوتين، أن الجانبين يعملان على اتفاقية للتجارة الحرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، ويضم كلاً من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان.

بدوره، قال بوتين، لمودي خلال المؤتمر الصحافي، إن «روسيا مزوّد موثوق للنفط والغاز والفحم وكل ما يلزم لتطوير قطاع الطاقة في الهند»، مضيفاً: «نحن مستعدون لمواصلة توريد النفط دون انقطاع لاقتصاد الهند سريع النمو».

ومن دون الإشارة مباشرة إلى النفط الروسي، شكر مودي ضيفه على «دعمه الراسخ للهند»، مشدداً على أن «أمن الطاقة ركيزة أساسية وقوية» في الشراكة بين البلدين.

وتتعرَّض نيودلهي منذ أشهر لضغوط من الولايات المتحدة التي تتهمها بالمساهمة في تمويل المجهود الحربي الروسي عبر شراء النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة. وفي أواخر أغسطس (آب)، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على الصادرات الهندية، في وقت كانت تُجرى فيه محادثات ثنائية حول اتفاقية تجارة حرة. وأكد ترمب لاحقاً أنه حصل على تعهّد من مودي بوقف واردات النفط الروسي التي تُشكِّل نحو 36 في المائة من النفط المكرر في الهند.

وبحسب منصة «كبلر» للمعلومات التجارية، تراجعت المشتريات الهندية من الخام الروسي، رغم عدم صدور تأكيد رسمي من نيودلهي، بينما أعلنت مجموعات هندية عدة أنها ستتوقف عن الاعتماد على الواردات المقبلة من موسكو.

وكان مودي قد استقبل بوتين شخصياً، مساء الخميس، في مطار نيودلهي، واستضافه على مأدبة عشاء خاصة. ومنذ بداية الزيارة، تبادل الجانبان عبارات الإطراء وأشادا بمتانة العلاقات التاريخية بين البلدين.

ووصف مودي ضيفه أمام الصحافيين بأنه «صديق حقيقي»، معرباً عن تفاؤله بإمكان إيجاد تسوية للنزاع في أوكرانيا، ومؤكداً أنه «علينا جميعاً العودة إلى طريق السلام».

وردَّ بوتين بشكر جهود مودي «الرامية إلى إيجاد تسوية لهذا الوضع»، مشيداً بالعلاقات «العميقة تاريخياً» بين البلدين وبـ«الثقة الكبرى في التعاون العسكري والتقني» بينهما.

ويسعى البلدان إلى إعادة التوازن في المبادلات التجارية التي بلغت مستوى قياسياً وصل إلى 68.7 مليار دولار خلال عامَي 2024 – 2025، رغم أنها تُظهر حالياً اختلالاً كبيراً لصالح روسيا. وما زالت الهند تمتنع عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا بشكل صريح، مع حفاظها في الوقت ذاته على علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة.

وكان مودي قد عبّر لأول مرة عام 2022 خلال لقاء في أوزبكستان عن موقفه حيال الأزمة، حين دعا إلى وقف الحرب «في أسرع وقت ممكن»، مؤكداً لاحقاً تمسكه بنظام عالمي «متعدد الأقطاب» ومقاومة الضغوط الغربية لقطع العلاقات مع موسكو.

واستغلت روسيا والهند الزيارة لمناقشة التعاون في المجال العسكري. وقال الدبلوماسي الهندي الكبير فيكرام ميسري إن وزيرَي الدفاع في البلدين عقدا اجتماعاً، من دون التوقيع على أي اتفاق جديد. ورغم توجه نيودلهي مؤخراً إلى مورِّدين آخرين مثل فرنسا، وزيادة اعتمادها على التصنيع المحلي، فإن موسكو لا تزال من أبرز مورِّدي السلاح للهند.

وبعد الاشتباكات التي شهدتها الحدود الهندية - الباكستانية في مايو (أيار)، أبدت نيودلهي اهتماماً بالحصول على منظومات دفاع جوي روسية متقدمة من طراز «إس - 400». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قبل الزيارة: «لا شك أنه سيتم بحث هذا الموضوع خلال الزيارة». كما أشارت تقارير صحافية هندية إلى اهتمام الجيش الهندي بالمقاتلات الروسية من طراز «سوخوي - 57».

ومن المقرر أن يغادر بوتين الهند عائداً إلى موسكو، مساء الجمعة.