أضواء صالات الزفاف تكسر ظلام الليل في العاصمة الأفغانية

مشكلة يعالجها الأثرياء عن طريق المولدات الباهظة الثمن

صالة زفاف ليلاً في العاصمة كابل تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)
صالة زفاف ليلاً في العاصمة كابل تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)
TT

أضواء صالات الزفاف تكسر ظلام الليل في العاصمة الأفغانية

صالة زفاف ليلاً في العاصمة كابل تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)
صالة زفاف ليلاً في العاصمة كابل تحت حراسة مشددة (إ.ب.أ)

عندما يحلّ الليل في كابل، تخترق أضواء بعض المصابيح الصغيرة واللافتات الظلام وسحابة التلوّث الكثيفة. لكن في بعض زوايا الشوارع، تبرز قاعات زفاف ضخمة، في مؤشر نادر على البذخ في العاصمة الأفغانية.

فر الموسيقي الأفغاني حشمت أوميد (49 عاماً) إلى باكستان بعد أن استولت «طالبان» على كابل مع زوجته وثلاثة أبناء وابنة تاركاً وراءه ابنة متزوجة في كابل (إ.ب.أ)

غالباً ما يحلّ الظلام في المدينة التي يزيد عدد سكانها على ستة ملايين نسمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وهي مشكلة يعالجها الأثرياء عن طريق المولدات الباهظة الثمن أو الألواح الشمسية.

حشمت أوميد مغنٍ أفغاني يبلغ من العمر 49 عاماً يطلب اللجوء في باكستان بعد فراره من حكم «طالبان» في أفغانستان، يسجل أغنية في استوديو خاص به في بيشاور 14 يناير 2025 (صدر في 11 فبراير 2025)

وباستثناء عدد قليل من الباعة المتجوّلين، تكون الشوارع خالية في مشهد يتناقض مع ضجيج النهار. فالجميع يلتزمون منازلهم لحماية أنفسهم من البرد وقلة الأنشطة الليلية.

منذ أن عادت «طالبان» إلى السلطة في عام 2021 وفرضت رؤية متشددة للشريعة، تشهد العاصمة حالة من الحزن: لا موسيقى تصدح من المطاعم، ومُنعت النساء من ارتياد المتنزهات، في حين غُطّيت الجدران الملوّنة التي تحمل كتابات مؤيدة للسلام بشعارات جهادية.

الأضواء الوحيدة الساطعة منبعثة من قاعات الزفاف في وسط المدينة، التي تشكل متنفساً من تشدّد حركة «طالبان»؛ لأنّ الزواج أمر أساسي في الثقافة المحلية.

مصور أوميد أفغاني يبلغ من العمر 15 عاماً من عائلة موسيقية يطلب اللجوء في باكستان بعد فراره من حكم «طالبان» في أفغانستان يسجل أغنية في استوديو خاص به في بيشاور 14 يناير 2025 (أ.ب.أ)

الجناح المخصص للنساء

الموسيقى مسموحة فقط من الجناح المخصص للنساء، اللواتي يجلسن في مكان منفصل عن الرجال.

يقول محمد واصل قومي، مدير فندق «إمبريال كونتيننتال» المشابهة أجواؤه للكازينوهات في لاس فيغاس في أفغانستان: «تُعدّ حفلة الزفاف أهم محطة في حياة الفتيات والفتيان على السواء: تحدث مرة واحدة فقط؛ لأنّ عمليات الطلاق ليست كثيرة هنا».

«القليل من الترف»

ويقول: «إنها بداية حياة جديدة، ينبغي أن تكون الأضواء في كل مكان مع القليل من الترف».

داخل مجمعّه المؤلف من أربع صالات تبلغ القدرة الاستيعابية لبعضها سبعة آلاف شخص، تبرز زهور بلاستيكية، وأرائك على شكل عرش، في حين يطغى اللون الذهبي وأضواء النيون على الجدران.

إلهام أوميد أفغاني يبلغ من العمر 20 عاماً من عائلة موسيقية يطلب اللجوء في باكستان بعد فراره من حكم «طالبان» في أفغانستان يسجل أغنية في استوديو خاص به في بيشاور 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ويقول قومي (32 عاماً) إنه يدفع ما بين نحو 25 ألف دولار شهرياً و30 ألفاً مقابل كهرباء البلدية، وهي متاحة فقط لبضع ساعات في اليوم، يُضاف إلى هذا المبلغ نحو 14 ألف دولار لمولداته.

ولتغطية تكاليفه، يتقاضى ما يصل إلى نحو 20 ألف دولار لقاء حفلة الزفاف، في بلد يعيش 85 في المائة من سكانه على أقل من دولار يومياً، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

يؤكد رئيس «ستارز بالاس» الحاج صفي الله إسمافي، أن «الزواج أساسي في الثقافة الأفغانية، وينبغي دائماً دعوة عدد كبير من الأشخاص».

شاداب مناور مغنٍ أفغاني يبلغ من العمر 17 عاماً يطلب اللجوء في باكستان بعد فراره من حكم «طالبان» يشتري قبعة تقليدية من إحدى الأسواق في بيشاور 18 يناير 2025 (صدر في 11 فبراير 2025). يعيش شاداب مناور في جلال آباد بإقليم ننكرهار بأفغانستان مع عائلته وقد هددتهم الحركة بالمغادرة (إ.ب.أ)

في حيّ آخر، يستقبل «سيتي ستار» ضيوفه بواجهة لونها بيج وذهبي وتبرز فيها ثلاث قباب منحوتة ودائرة ضخمة متلألئة.

يقول مدير هذا الفندق سيير بايمان (24 سنة) إنّ «الكهرباء باهظة الثمن، لكن الناس في أفغانستان يحبون كل ما يبرق».

لقد اشترى ألواحاً شمسية وينفق ما يعادل 12 ألف دولار إلى 20 ألفاً على المولدات والكهرباء التي لا تصله إلا من ست إلى سبع ساعات «وليس دائماً في المساء».

حفل زفاف بإحدى الصالات في العاصمة الأفغانية كابل (متداولة)

«أضواء المدينة»

تستورد أفغانستان احتياجاتها من الكهرباء من جيرانها في آسيا الوسطى وتشارك في مشاريع إقليمية لزيادة إمداداتها.

يشير أحد العاملين في القطاع فضّل عدم ذكر اسمه إلى أنّ «الطلب الحالي في أفغانستان يتراوح بين 7 و8 آلاف ميغاواط، لكن يتم إنتاج ألف فقط محلياً». ويشدد على ضرورة «تطوير الطاقات المتجددة»، لافتاً في الوقت نفسه إلى «وجود نقص في التمويل». ويؤثر انقطاع التيار الكهربائي على التدفئة أيضاً.

لمواجهة درجات الحرارة المنخفضة، يستخدم سكان كابل المواقد التي تعمل بكل ما يمكن التخلص منه تقريباً - الفحم والخشب والبلاستيك والنفايات المنزلية؛ مما يؤدي إلى تشكّل سحابة تلوّث في العاصمة التي تقع على ارتفاع 1800 متر.

في ظلام الليل، «تُعد قاعة حفلات الزفاف أضواء المدينة»، على قول قومي. ويضيف: «هنا، الجميع سعداء. يأتي الناس للقاء الأصدقاء والعائلة والتباهي بملابسهم ومجوهراتهم الجديدة».

وهذه الصالات هي من الأماكن الوحيدة في كابل، حيث لا يزال الفرح ممكناً.


مقالات ذات صلة

«الشرق ديسكفري» تقدم أضخم برامج الحياة البرية في الشرق الأوسط وأفريقيا

يوميات الشرق تتميز برامج الحياة البرية الشهيرة بتصوير سينمائي مذهل وسرد قصصي مشوق (الشرق الأوسط)

«الشرق ديسكفري» تقدم أضخم برامج الحياة البرية في الشرق الأوسط وأفريقيا

أطلقت «الشرق ديسكفري» قائمة بمحتوى استثنائي عن الحياة البرية، تتضمن وثائقيات عالمية جديدة تعرض حصرياً ومجاناً على القناة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تقرع إيقاعياً مثل البشر (أ.ب)

قرود على وَقْع الطبول... الشمبانزي تُبدع في القَرْع الإيقاعي

تستطيع قرود الشمبانزي القَرْع على نحو إيقاعي، كما يفعل البشر، ويتمتّع نوعان فرعيان من هذه الرئيسيات التي تعيش في شرق أفريقيا وغربها بطريقة خاصة في هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق نوعٌ بارع في الإدهاش (أ.ب)

حلزون نيوزيلندي نادر يُدهش العلماء بوضع بيضة من عنقه

ظهرت بيضة دجاجة صغيرة وهي تخرج من فتحة تحت رأس حلزون «باويلي فانتا أوغوستا»؛ وهو نوع متوطن في نيوزيلندا ومهدّد بالانقراض.

«الشرق الأوسط» (ويلينغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق ألمُ المصير (غيتي)

500 عام تنتهي بلحظة: احتجاجات ضدَّ قطع شجرة بلوط في لندن

اشتعلت مشاعر الغضب والحزن بين حشود تجمَّعت خلال عطلة عيد الفصح؛ للاحتجاج على قطع شجرة يُعتقد أنَّ عمرها يصل إلى 500 عام في أنفيلد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يمتدُّ مشروع «Farmville» على مساحة 10 آلاف متر مربَّع ويظلِّله أرز الباروك المعمِّر (الشرق الأوسط)

الريف اللبناني ينتعش بسواعد الجيل الشاب... ومنطقة الباروك تقدِّم النموذج

من فكرة لمعت في رأس شابٍّ عاشقٍ لبلدته الجبليَّة، إلى شبكة من المشاريع السياحية الناجحة والهادفة. إنها حكاية «Farmville» وأخواتها.

كريستين حبيب (بيروت)

تقرير: محتالون من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في أميركا بمساعدة شركات صينية

التقرير قال إن هناك «محتالين» من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في الولايات المتحدة بمساعدة شركات صينية (رويترز)
التقرير قال إن هناك «محتالين» من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في الولايات المتحدة بمساعدة شركات صينية (رويترز)
TT

تقرير: محتالون من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في أميركا بمساعدة شركات صينية

التقرير قال إن هناك «محتالين» من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في الولايات المتحدة بمساعدة شركات صينية (رويترز)
التقرير قال إن هناك «محتالين» من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في الولايات المتحدة بمساعدة شركات صينية (رويترز)

كشف تقرير جديد عن أن هناك «محتالين» من كوريا الشمالية يحصلون على وظائف في الولايات المتحدة بمساعدة شركات صينية.

وحسب التقرير الذي نشره موقع «أكسيوس»، فإن المحتالين الكوريين الشماليين الذين يعملون في مجال تكنولوجيا المعلومات يُنشئون شركات وهمية في جميع أنحاء الصين بصفتها جزءاً من عملياتهم لخداع الشركات الغربية لتوظيفهم.

وأشار التقرير إلى أن منصة «سترايدر تكنولوجيز»، وهي منصة استخبارات سيبرانية تعمل مع عدد من أكبر الشركات في الولايات المتحدة، كشفت عن أنها نجحت في تحديد أسماء 35 شركة، مقرها الصين، مرتبطة بهذه العلميات.

ويُعتقد بشدة أن هذه الشركات الـ35 تابعة لشركة «لياونينغ تشاينا تريد إندستري»، وهي شركة خاضعة لعقوبات أميركية شحنت معدات تكنولوجيا المعلومات إلى وكالة حكومية كورية شمالية.

وأشار التقرير إلى أن جميع شركات «فورتشن 500» (أكبر 500 شركة في الولايات المتحدة) تقريباً شهدت محاولات من أشخاص يعملون في مجال تكنولوجيا المعلومات للحصول على وظائف فيها.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «سترايدر تكنولوجيز»، جريغ ليفيسك، لـ«أكسيوس»: «لسنوات، دأب موظفو تكنولوجيا المعلومات الكوريون الشماليون على الاحتيال على الشركات الأميركية لتوظيفهم، بهدف استخدام الرواتب العالية التي يتلقونها بها للمساعدة في تمويل برنامج بلادهم الصاروخي، وكذلك لجمع المعلومات الاستخبارية عن الشركات التي يعملون بها، بما في ذلك الملكية الفكرية وأي أسرار أخرى لهذه الشركات».

وكثّف مُزوّدو خدمات الأمن السيبراني جهودهم لرفع مستوى الوعي بهذه المشكلة خلال العام الماضي.

وقال ليفيسك إن إشعاراً من مكتب التحقيقات الفيدرالي أُرسل إلى الشركات في وقت سابق من هذا العام قد رفع مستوى الوعي بشكل كبير بشأن نطاق المشكلة.

وذكرت شركة «غوغل» الشهر الماضي أنها لاحظت تقدم عمال تكنولوجيا معلومات من كوريا الشمالية إلى وظائف في شركتها. وذكرت «SentinelOne» و«KnowBe4» -وهما شركتان متخصصتان في الأمن السيبراني- أنهما وظفتا هؤلاء العمال عن طريق الخطأ.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مخطط مزعوم حصل من خلاله عمال تكنولوجيا من كوريا الشمالية على وظائف في شركات أميركية ثم سرقوا أسرارها التجارية من أجل طلب فدية، واستُخدمت العائدات في تمويل برامج الأسلحة لبيونغ يانغ.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، حينها، إن نحو 130 عاملاً من كوريا الشمالية حصلوا على وظائف في تكنولوجيا المعلومات لدى شركات ومنظمات غير ربحية أميركية بين عامي 2017 و2023، وجمعوا 88 مليون دولار على الأقل استخدمتها بيونغ يانغ في أسلحة الدمار الشامل.