لماذا تراجعت وتيرة عنف «داعش» في أفغانستان؟

تكتيكات قمعية تستخدمها «طالبان» وتقارير عن إفلاس التنظيم الإرهابي

مقاتلون من «طالبان» في دورية على الطريق خلال احتفال بالذكرى الثانية لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في قندهار (أ.ب)
مقاتلون من «طالبان» في دورية على الطريق خلال احتفال بالذكرى الثانية لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في قندهار (أ.ب)
TT

لماذا تراجعت وتيرة عنف «داعش» في أفغانستان؟

مقاتلون من «طالبان» في دورية على الطريق خلال احتفال بالذكرى الثانية لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في قندهار (أ.ب)
مقاتلون من «طالبان» في دورية على الطريق خلال احتفال بالذكرى الثانية لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في قندهار (أ.ب)

خلال الأشهر الستة الماضية، شهدت أفغانستان انخفاضاً في الأنشطة الإرهابية التي يقودها تنظيم «داعش» في البلاد، ويعزو محللون أمنيون هذا الانخفاض إما إلى التكتيكات القمعية التي يستخدمها نظام حركة «طالبان» وإما إلى التقارير التي تفيد بإفراغ خزائن التنظيم.

أفراد أمن من «طالبان» في سوق بمنطقة باهاراك بمقاطعة بدخشان الخميس (أ.ف.ب)

ووفقاً لتقارير نشرتها وسائل الإعلام الأفغانية، استخدمت «طالبان» أجهزتها الأمنية لقتل واعتقال أعضاء «داعش» في جميع أنحاء أفغانستان، إذ قُتل وأُصيب المئات من مقاتلي التنظيم على يد قوات الأمن التابعة لـ«طالبان» في شرق وشمال وغرب أفغانستان.

ويشير بعض الخبراء إلى أن استخبارات «طالبان» قد ضغطت على قنوات تحويل الأموال الخاصة غير المصرفية الموجودة في كابل وغيرها من المدن الكبرى لعدم الانخراط في المعاملات المالية لأشخاص مشبوهين، كما طُلب من صرافي العملات هؤلاء تتبع الأشخاص الذين يتلقون تحويلات بمبالغ كبيرة من خلالهم، وقد أثّرت هذه الإجراءات بشكل كبير على عمليات «داعش» في أفغانستان على المستوى المالي.

مسلح من «طالبان» في العاصمة الأفغانية كابل (إ.ب.أ)

ويشير كثير من الخبراء الدوليين إلى أن «داعش» في حالة مالية سيئة للغاية في سوريا، حيث يحصل «داعش - خراسان» على تمويله، ويؤكد هؤلاء الخبراء نقلاً عن مصادر حكومية غربية أن «داعش» في أفغانستان يعاني من وضع مالي سيئ للغاية.

وتتناقل وسائل الإعلام الأفغانية تقارير عن عمليات قوات أمن «طالبان» ومداهماتها مقاتلي «داعش» بشكل يومي منذ انتصار «طالبان» في أغسطس (آب) 2021، وفي بعض الأحيان تزعم التقارير الإعلامية أن مئات المقاتلين قُتلوا في عملية واحدة.

مسلحون من «طالبان» في كابل خلال الذكرى الرابعة للاتفاق بين الولايات المتحدة والحركة في أفغانستان يوم 26 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

فرار إلى المناطق الحدودية

ووردت كذلك تقارير عن فرار مقاتلي «داعش» من أفغانستان للاحتماء في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية، ويبدو أن هذا تكرار للوضع الذي نشأ بعد الغزو الأميركي لأفغانستان في أكتوبر (تشرين أول) 2001 عندما فرَّ مقاتلو تنظيم «القاعدة» من أفغانستان بحثاً عن ملجأ في المناطق القبلية الباكستانية.

وكانت هناك زيادة مقابلة في وتيرة أعمال العنف التي يقودها «داعش» في أفغانستان عندما أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجيرين انتحاريين، على الأقل، في المقاطعات الباكستانية المتاخمة لأفغانستان.

وجديرٌ بالذكر أن قيادة «طالبان» الأفغانية تقدم عملياتها ضد مقاتلي «داعش» بوصفها قصة نجاح وتزعم أنها كسرت شوكة «داعش» في أفغانستان، ومع ذلك، يشير خبراء الأمن إلى أن هذا ليس صحيحاً، إذ يقول الخبراء إن استخدام سياسة الإكراه ضد المتعاطفين مع «داعش» هو شيء، وكسر شوكة منظمة إرهابية هو شيء آخر تماماً، كما يقول خبراء عسكريون باكستانيون إن «طالبان» ليست لديها الخبرة والأسلحة والتدريب اللازم لملاحقة منظمة إرهابية متطورة مثل «داعش».

كوماندوز «طالبان» قبل عمليات إعدام بالاستاد الرئيسي في كابل (الإعلام الأفغاني)

وفي السنوات الأولى، قدمت باكستان ودول إقليمية أخرى معلومات استخباراتية في الوقت الفعلي لقوات أمن «طالبان» لملاحقة «داعش» داخل أفغانستان، ولكنّ هذه القنوات لم تعد قائمة الآن. وهناك احتمال أن تكون الاستخبارات الروسية والصينية لا تزال تساعد «طالبان» في ملاحقة «داعش».

وتراجعت هجمات «داعش» داخل أفغانستان إلى بضع عشرات فقط خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبعض هذه الهجمات لا تعدو كونها مجرد هجمات بالأسلحة النارية على مواكب «طالبان».

ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن «داعش - خراسان» يبدو نشطاً للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي مما قد يشير إلى أنها لم ينتهِ بعد.

وثانياً، لا تزال حركة «طالبان» الأفغانية تخشى من أن حملتها ضد المنظمات الأجنبية المسلحة مثل «طالبان» الباكستانية والجماعة الانفصالية الصينية قد تؤدي إلى تضخم صفوف «داعش»، إذ أفادت التقارير بأن قيادة حركة «طالبان» الباكستانية أخبرت «طالبان» الأفغانية بأنها قد تتعاون مع «داعش» حال اضطرت إلى وقف عملياتها التي تنطلق من الأراضي الأفغانية تحت ضغط من إسلام آباد.

مراقبة للمشاة في العاصمة الأفغانية (الخميس) خلال الذكرى الرابعة للاتفاق بين الولايات المتحدة والحركة و«طالبان» (إ.ب.أ)

وفي وضع كهذا، تواجه حركة «طالبان» الأفغانية معضلة: فهي من ناحية ستواجه غضب المجتمع الدولي إذا لم تشن حملة ضد الجماعات الإرهابية المتمركزة على أراضيها، ومن ناحية أخرى فإنها إذا تحركت ضد هذه الجماعات الإرهابية، فإنها ستعزز من قدرات «داعش».


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

وقال جاويد الله محسود، المسؤول المحلي في كورام؛ حيث وقع الهجومان، إنه بالإضافة إلى القتلى «أُصيب 16 شخصاً، منهم 11 في حالة حرجة».

وأكد شرطي في الموقع هذه الحصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول محلي آخر في باراشينار، معقل الشيعة في كورام، إن «السكان أقاموا اعتصاماً في أثناء الليل في السوق المركزية يتواصل حتى الآن».

ورداً على ذلك «قُطعت شبكة الهاتف الجوال، وفُرض حظر تجول على الطريق الرئيس» و«عُلّقت» حركة المرور.

من جهته، أشار محسود إلى أن مجلساً قبلياً «عُقد من أجل إعادة فرض السلام والنظام».

منذ يوليو (تموز)، خلّفت أعمال العنف بين القبائل الشيعية والسُّنِّية في هذه المنطقة الجبلية أكثر من 70 قتيلاً، بحسب اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية مدافعة عن الحريات في البلاد.

وتندلع بشكل دوري اشتباكات قبلية وطائفية، ثم تتوقف حين يتم التوصل إلى هدنة من قبل مجلس قبلي (الجيرغا). وبعد أسابيع أو أشهر تتجدد أعمال العنف.

وشهدت كورام في يوليو، وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) حوادث سقط فيها قتلى.

منذ ذلك الحين تواكب الشرطة العائلات التي تنتقل إلى المناطق التي يسكنها أتباع الديانة الأخرى.

وتتعلق النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة، خصوصاً بمسألة الأراضي في المنطقة؛ حيث تكون قواعد الشرف القبلية قوية، وغالباً ما تسود على النظام الذي تكافح قوات الأمن للحفاظ عليه.