نزوح جماعي للأفغان من باكستان مع انتهاء مهلة مغادرتهم

سلطات إسلام آباد تفتح «مراكز احتجاز»... واكتظاظ على الحدود

حافلات تنقل أطفالاً إلى الحدود الباكستانية - الأفغانية الأربعاء (أ.ف.ب)
حافلات تنقل أطفالاً إلى الحدود الباكستانية - الأفغانية الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

نزوح جماعي للأفغان من باكستان مع انتهاء مهلة مغادرتهم

حافلات تنقل أطفالاً إلى الحدود الباكستانية - الأفغانية الأربعاء (أ.ف.ب)
حافلات تنقل أطفالاً إلى الحدود الباكستانية - الأفغانية الأربعاء (أ.ف.ب)

يواجه مئات آلاف الأفغان المقيمين بصفة غير قانونية في باكستان خطر التوقيف والترحيل، بعد انتهاء المهلة التي حدّدتها الحكومة لهم لمغادرة البلاد الأربعاء، ما أدى إلى حركة نزوح جماعي. وأمهلت باكستان الأفغان المقيمين في وضع غير قانوني على أراضيها، الذين تقدر أعدادهم بـ1.7 مليون شخص، حتى الأربعاء للمغادرة طوعاً تحت طائلة ترحيلهم. وانضم آلاف الأشخاص الراغبين في تجنب الترحيل الأربعاء إلى طابور السيارات الطويل في تورخام، المعبر الحدودي الرئيسي بين البلدين. وعبر 29 ألف مهاجر الحدود، الثلاثاء، من خلال نقاط عبور مختلفة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

ترحيل المقيمين «غير القانونيين»

وقالت وزارة الداخلية الباكستانية، في بيان، إنه «اعتباراً من 1 نوفمبر (تشرين الثاني)، بدأت عملية توقيف الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية وترحيلهم. ومع ذلك، سنستمر في تشجيع العودة الطوعية (...) أيضاً». وأضافت أن أكثر من 140 ألف شخص غادروا باكستان منذ إعلان هذه الخطة مطلع أكتوبر (تشرين الأول). وتقول إسلام آباد إنها تستهدف جميع المهاجرين غير القانونيين وليس الأفغان فحسب. لكن في الواقع، غالبيتهم العظمى من الأفغان.

لاجئون أفغان ينتظرون بعد وصولهم إلى الحدود الأفغانية الأربعاء (أ.ف.ب)

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أنه تمّ فتح 49 مركز احتجاز، الأربعاء، كل واحد قادر على استقبال آلاف الأشخاص، لوضع الأفغان الذين ينتظرون ترحيلهم. وفي هذا الصدد، قال عرفان الله، وهو مهاجر غير قانوني يبلغ 32 عاماً، ذهب طوعاً إلى أحد هذه المراكز قرب تورخام: «لا أريد العودة إلى أفغانستان، لكن ليس لدي خيار آخر». وتابع متحدّثاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنت أتعرض لمضايقات من الشرطة (...) كان عناصرها يظهرون عدم احترام تجاه الرجال والنساء بدخولهم منازلنا. نحن نعود لتجنب المزيد من الإذلال».

مستقبل غامض

باتت باكستان من الدول التي تستقبل أكبر من عدد من اللاجئين في العالم، بعد توافد ملايين الأفغان إليها خلال الحرب التي استمرت عقوداً في بلادهم، بينهم 600 ألف على الأقل منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في كابل في أغسطس (آب) 2021. ويخشى كثيرون العودة إلى أفغانستان؛ حيث منعت حكومة «طالبان» الفتيات من مواصلة التعليم بعد المدرسة الابتدائية. وقالت فتاة أفغانية تبلغ 14 عاماً، الثلاثاء، في بيشاور، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن نعود لأن تعليمي سيتوقف في أفغانستان (...) لن تكون لنا حياة هناك».

لاجئون أفغان يصلون إلى الحدود الباكستانية - الأفغانية الأربعاء (أ.ف.ب)

وفي مواجهة انتقادات متزايدة، قالت الحكومة الباكستانية إنها تسعى من خلال هذا الإجراء إلى الحفاظ على «رفاهية وأمن» البلاد، مع تصاعد المشاعر المعادية للأفغان على خلفية الأزمة الاقتصادية وتكثيف الهجمات على الحدود. وبالنسبة إلى بعض هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون في باكستان منذ عقود، أو وُلدوا فيها ولا يعرفون شيئاً عن أفغانستان، فإن المستقبل في بلدهم الجديد غامض. وصرحت بنافشا (35 عاماً) وهي أم لستة أطفال كانت تنتظر في تورخام، الاثنين، للعودة مع عائلتها إلى قندوز: «ليس لدينا أرض ولا منزل ولا عمل. ليس لدينا أي شيء هناك». وحذّرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» من أن العديد من الأشخاص الذين فروا من أفغانستان في العامين الماضيين، ويطلبون اللجوء في بلدان أخرى بعد انتهاء تأشيراتهم الباكستانية، معرضون لخطر الترحيل.

تدفق اللاجئين

واجهت سلطات «طالبان» هذا التدفق المفاجئ للاجئين الذين يعبرون الحدود في شاحنات مليئة بالأغراض الشخصية، في فوضى عارمة. ويشعر الوافدون بالإحباط، حيث يضطرون في كثير من الأحيان إلى الانتظار أياماً عدة ليتم تسجيلهم، دون مأوى مع القليل من الماء والغذاء والدواء. وقالت غولانا، التي وصلت إلى الجانب الأفغاني من الحدود في تورخام مع زوجة ابنها وحفيديها، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن عالقون هنا منذ يومين. أوقفت الشرطة ابني في باكستان، في حين هربنا نحن». وأوضحت المرأة التي تبلغ 60 عاماً: «الآن لا نعرف ماذا سنفعل هنا، لا أحد يرشدنا أو يخبرنا بما يجب أن نفعله بعد ذلك».


مقالات ذات صلة

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

أوروبا امرأة أفغانية تدفع عربة يد خارج مدينة مزار شريف (أ.ف.ب)

القضاء الأوروبي: كل النساء الأفغانيات يحق لهن طلب وضع لاجئ في دول الاتحاد

قضت محكمة العدل الأوروبية، الجمعة، بأن الجنسية والجنس «كافيان» لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي لمنح حق اللجوء للنساء الأفغانيات بسبب «الإجراءات التمييزية».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
آسيا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأفغاني أمير خان متقي في موسكو (الخارجية الروسية - رويترز)

روسيا: قرار رفع «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية «اتخذ على أعلى مستوى»

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء أن وزارة الخارجية الروسية قالت، الجمعة، إن قرار رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية «اتخذ على أعلى مستوى».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»

روسيا لرفع «طالبان» من لائحة الإرهاب... وتعارض نشر قوات أجنبية في أفغانستان

سارت موسكو خطوة إضافية نحو تطوير العلاقات مع حكومة حركة «طالبان» في أفغانستان.

رائد جبر (موسكو)
آسيا الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)

الجيش الباكستاني يخوض حرباً ضد الإرهاب على جبهتين

يخوض الجيش الباكستاني صراعاً شرساً على جبهتين، حيث يشارك في عمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا ميريل ستريب خلال حدث «إشراك المرأة في مستقبل أفغانستان» (إ.ب.أ)

ميريل ستريب: القطط تتمتع بحقوق أكثر من النساء في أفغانستان

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب، الاثنين، إن القطط تتمتع اليوم بحرية أكبر من النساء في أفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان».

«الشرق الأوسط» (كابل)

روسيا: دعوات إلى دعم إيران ترافقها تلميحات رسمية

المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)
TT

روسيا: دعوات إلى دعم إيران ترافقها تلميحات رسمية

المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)

عزَّزت تصريحات مسؤولين روس وخبراء في وسائل إعلام رسمية، اليوم (الأربعاء)، عن المواجهة بين إسرائيل وإيران، تكهنات حول موقف موسكو، في حال تفاقم التوتر، ودعمها المحتمل لطهران.

وفي حين حافظت الرئاسة الروسية على موقف حذر تجاه احتمالات تطوّر موقفها، نبه معلقون روس إلى أن إلحاق هزيمة استراتيجية بطهران سيشكل «ضرراً لا يُعوَّض» بالنسبة إلى موسكو.

وحذر «الكرملين» من أن الوضع في الشرق الأوسط يتطور في «الاتجاه الأكثر إثارة للقلق»، داعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس. وحمّل واشنطن مسؤولية تصعيد التوتر، لتقديمها «دعماً غير مشروط» لإسرائيل.

ورداً على سؤال عما ستفعله موسكو في حال تدهور الموقف أكثر، وما إذا كانت ستدعم إيران في حالة دخولها في صراع شامل مع إسرائيل، قال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف: «لدينا اتصالات مع جميع الأطراف في هذا الصراع. وسنستمر في إجراء هذه الاتصالات، وندعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس».

وعززت صيغة الرد تكهنات عدة، خصوصاً بعدما برزت مواقف في روسيا تدعو إلى تقديم الدعم لطهران. ونشرت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية مقالة لمعلق سياسي رأى فيها أن «إسرائيل أشعلت حرب لبنان الثالثة، وتشعل فتيل حرب عالمية ثالثة».

وذكّر معلقون بتلويح الرئيس فلاديمير بوتين، في وقت سابق، بتسليح خصوم الولايات المتحدة وحلفائها، على خلفية مواصلة واشنطن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا.

الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (إ.ب.أ)

وفي هذا الإطار تحديداً، حملت تصريحات بيسكوف حول موقف واشنطن دلالات مهمة، عندما قال إن «الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في الصراع بالشرق الأوسط... وتقدم دعماً غير مشروط لها؛ إمدادات الأسلحة والمساعدات المالية وبالطبع المساعدة العسكرية التقنية. هذه حقائق معروفة».

كان لافتاً أيضاً نفي بيسكوف صحة معطيات إسرائيلية عن احتمال ترتيب اتصال هاتفي لبوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رغم أنه قال إن بلاده تحافظ على اتصالات مع الأطراف في المنطقة. وعندما سُئل الناطق الروسي عن صحة تقارير إسرائيلية عن اتصال مرتقب مع نتنياهو، أجاب: «لا توجد حالياً ترتيبات بهذا الشأن».

في الوقت ذاته، نقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن وزير الخارجية، سيرغي لافروف، أن موسكو «تنطلق من حقيقة أن إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة إلى حرب في الشرق الأوسط، بينما يتصرف القادة الإيرانيون بمسؤولية كبيرة، ويجب تقييم ذلك بشكل صحيح».

لافروف خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي (رويترز)

وكتب محلِّل سياسي في منصة «فوكوس» أن «الإيرانيين يدركون جيداً أن المهمة الرئيسية للإسرائيليين هي التأثير على إيران استراتيجياً، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جر الولايات المتحدة إلى الحرب».

ووفقاً لإيغور سيميفولوس، مدير «مركز دراسات الشرق الأوسط»، فإن «إيران ما زالت مترددة، لكن فترة التردُّد ستنتهي بعد قمة مجموعة (بريكس) المنتظَرة في مدينة كازان الروسية بين 22 و24 أكتوبر (تشرين الأول)».

وزاد الخبير: «تحتاج إيران إلى اتفاق مع موسكو، حيث يجب ضمان الأمن الإيراني... إن إضعاف إيران حالياً لا يصب في صالح روسيا، بل في صالح خصومها»، ملاحظاً أن موسكو قد تخسر «حليفاً مهماً في حرب أوكرانيا، وهذا أمر لا يمكن السماح به».

إلى ذلك، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن روسيا تدعو جميع الأطراف المعنية بالصراع في الشرق الأوسط إلى ممارسة ضبط النفس، ومنع المزيد من تدهور الوضع.

وأضافت: «ندعو مرة أخرى جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة ضبط النفس، لمنع المزيد من التدهور في الوضع العسكري السياسي وانزلاق المنطقة إلى هاوية حرب كبرى».

وأشارت إلى أن «مثل هذا السيناريو الكارثي لا يلبي مصالح أي من البلدان... نأمل أن يستغل جميع اللاعبين الدوليين ذوي التفكير البنّاء أي فرص متاحة لمنع ذلك».

وناقش لافروف التصعيد في الشرق الأوسط مع السفراء العرب في موسكو. وقالت زاخاروفا إنه تم خلال اللقاء «تبادل وجهات النظر، وركز المشاركون في الاجتماع على التصعيد المستمر غير المسبوق للعنف في المنطقة، ودعا المشاركون في الاجتماع إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية في منطقة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. كما تم الإعراب عن القلق العميق بشأن المخاطر المتزايدة لاندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، مع عواقب مدمّرة على المنطقة بأكملها، بما في ذلك على خلفية الهجوم الصاروخي الإيراني الانتقامي على مواقع إسرائيلية».