الجيش الباكستاني يخوض حرباً ضد الإرهاب على جبهتين

«طالبان» الحركة المسلحة الرئيسية في البلاد كثَّفت هجماتها

الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)
الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)
TT

الجيش الباكستاني يخوض حرباً ضد الإرهاب على جبهتين

الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)
الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)

يخوض الجيش الباكستاني صراعاً شرساً على جبهتين، حيث يشارك في عمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، من جهة، وفي الوقت نفسه يتم استهدافه من قِبل أحزاب المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفه قوة تتدخل في النظام السياسي للبلاد.

وفي الأشهر الستة الماضية، كثَّفت حركة «طالبان الباكستانية»، وهي الحركة المسلحة الرئيسية في البلاد، هجماتها الإرهابية على قوات الأمن، ومن ناحية أخرى، أطلق حزب المعارضة الرئيسي حركة «تحريك إنصاف» الباكستانية، حملة ضخمة من الدعاية المناهضة للجيش على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي كلمة ألقاها أمام حشد من الجماهير في إسلام آباد، قال قائد الجيش الباكستاني، الجنرال عاصم منير، أثناء إعلانه الحازم إن الجيش الباكستاني لن يسمح لأي شخص بزعزعة السلام في المجتمع الباكستاني، وإن الجيش يواجه «إرهاباً رقمياً» من قوى معادية مدعومة من أعداء إسلام آباد.

الجنرال عاصم منير رئيس أركان الجيش الباكستاني (الجيش الباكستاني)

ولم يحدد الجنرال عاصم منير مَن يقف وراء هذا «الإرهاب الرقمي»، لكن من الواضح أن حركة «تحريك إنصاف» قد انخرطت في حملة دعاية مناهضة للجيش على وسائل التواصل الاجتماعي طيلة السنوات الثلاث الماضية.

وكذلك، هناك مجموعات أخرى ومثقفون وصحافيون يقومون بدعاية مناهضة للجيش على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد انتقد بعض نشطاء هذه الوسائل تعليقات الجنرال منير بالقول إن مصطلح «الإرهاب الرقمي» هذا غير واضح، إلا أنه قد يتم استخدامه لاعتقال الأشخاص الذين يوجهون نقداً سياسياً حقيقياً لمشاركة الجيش في السياسة.

حملات ملاحقة

وشهدت باكستان في السنوات الأخيرة حملات ملاحقة استهدفت نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، حيث تم اعتقال الكثير من الصحافيين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بسبب حملاتهم ضد الجيش وغيره من مؤسسات الدولة الأخرى.

تحذير من «الفوضى» عبر «المعلومات المضللة»

وحذّر الجنرال عاصم منير، في خطابه، من استخدام الإرهاب الرقمي لنشر «الفوضى والمعلومات المضللة» ضد القوات المسلحة، وكان الجنرال قد صرَّح في وقت سابق من أغسطس (آب) الماضي، في اليوم الوطني السابع والسبعين لباكستان في مقر «أكاديمية الجيش الباكستاني»، في أبوت آباد، قائلاً إن الإرهاب الرقمي يهدف إلى بث الفرقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين.

رجال الشرطة يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق أنصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان زعيم «حركة إنصاف» الباكستانية خلال تجمع حاشد في راولبندي - باكستان 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

ويقول منتقدو قائد الجيش الباكستاني إنه لم يحاول التمييز بين المعارضين السياسيين للجيش الذين يرون أنه يجب أن يلعب دوراً أصغر في الحكومة المدنية للبلاد، وبين الجماعات الانفصالية المتمردة في أماكن مثل بلوشستان الذين يقاتلون الجيش منذ سنوات، كما أنه لم يحدد أيضاً أي أفراد أو مجموعات أو أحزاب باعتبارهم قادة لما أسماه «حملة الإرهاب الرقمي».

قوات عسكرية باكستانية خلال تدريبات في شمال البلاد (الجيش الباكستاني)

وبرزت قضية تدخل الجيش الباكستاني في السياسة مثيرةً للجدل في المجتمع الباكستاني، حيث تنقسم الآراء بعمق حول هذه القضية، كما دخل حزبان سياسيان رئيسيان في البلاد في منافسة شرسة لكسب ود الجيش الباكستاني لتأمين الوصول إلى دهاليز السلطة.

ضباط شرطة يسيرون ببنادقهم لتفريق أنصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان زعيم «حركة إنصاف» الباكستانية أثناء تجمع حاشد في راولبندي - باكستان 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وعندما بات حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز» في السلطة، فإنه بدأ في مدح الجيش، بينما تطلق «تحريك إنصاف»، أثناء وجودها في صفوف المعارضة، حملة دعاية مناهضة للمؤسسة العسكرية، ذلك على الرغم من أن حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز» نفسه قد انخرط في الماضي في حملة دعاية مناهضة للجيش عندما كانت حركة «تحريك إنصاف» تمتدح الجيش.

ويتظاهر الجيش بأنه مشغول في محاربته ضد الإرهاب والجماعات المسلحة، وخلال الأسبوع الماضي، قضى قائد الجيش، الجنرال عاصم منير، وقته مع قواته المنتشرة في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وزار منطقة وانا في إقليم وزيرستان الجنوبي، حيث تلقى إحاطة شاملة على الوضع الأمني الحالي، ​والعمليات الجارية لمكافحة الإرهاب، وكذلك المبادرات التنموية، وخلال حديثه مع الضباط والجنود، أشاد الجنرال منير بمستوى الجاهزية العالي والمعنويات الاستثنائية لمواجهة التهديدات العدائية.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت المدن والبلدات الحدودية الباكستانية مستويات عالية من العنف بشكل استثنائي، ومع ذلك، تم تحويل انتباه الجيش الباكستاني وحكومته بعيداً عن عمليات مكافحة الإرهاب، حيث تعرّض الجيش الباكستاني وقيادته لانتقادات لاذعة من رئيس الوزراء السابق عمران خان وحزبه، حيث أطلقا حملة قوية على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الجيش طيلة العام الماضي، والتي وصفها قادة الجيش بأنها تمثل «إرهاباً رقمياً».

عناصر معادية تدعم «الإرهاب الرقمي»

وقال الجنرال عاصم منير إن عناصر معادية من الخارج تدعم «الإرهاب الرقمي» في باكستان، ويقول المحللون الباكستانيون الآن إن انتباه الجيش في إسلام آباد بات مشتتاً، ولم يعد بإمكانه التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب.

وكانت قوات الأمن الباكستانية قد قتلت ثمانية مسلحين في عملية مداهمة ليلية على معقل سابق لحركة «طالبان الباكستانية» في المنطقة الشمالية الغربية المضطربة المتاخمة لأفغانستان، كما صادرت القوات أسلحة وذخيرة من مخبأ المتمردين بعد تبادل إطلاق نار عنيف في شمال وزيرستان، وهي إحدى مناطق إقليم خيبر بختونخوا، بحسب بيان صادر عن الجيش.

القوات الباكستانية تعتقل إرهابيين في شمال وزيرستان (الإعلام الباكستاني)

ولم يقدم الجيش الباكستاني أي تفاصيل عن القتلى من المسلحين أو انتماءاتهم، لكن غالباً ما تستهدف مثل هذه العمليات حركة «طالبان الباكستانية»، المعروفة أيضاً باسم «تحريك طالبان باكستان»، وكانت شمال وزيرستان قاعدة لـ«طالبان الباكستانية» وغيرها من الجماعات المتمردة حتى تم قتل الكثير منهم أو أُجبروا على الخروج في عمليات متعددة من قِبل قوات الأمن في البلاد.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

باكستان: 38 قتيلاً في هجمات على حافلات ركاب

شرطي باكستاني يقف خارج مركز تعرّض لأضرار جزئية بسبب احتجاجات (إ.ب.أ)
شرطي باكستاني يقف خارج مركز تعرّض لأضرار جزئية بسبب احتجاجات (إ.ب.أ)
TT

باكستان: 38 قتيلاً في هجمات على حافلات ركاب

شرطي باكستاني يقف خارج مركز تعرّض لأضرار جزئية بسبب احتجاجات (إ.ب.أ)
شرطي باكستاني يقف خارج مركز تعرّض لأضرار جزئية بسبب احتجاجات (إ.ب.أ)

كشف نديم أسلم تشودري، رئيس وزراء إقليم خيبر بختون خوا الباكستاني، إن 38 قتيلاً على الأقل و29 مصاباً سقطوا عندما فتح مسلحون النار على حافلات ركاب الخميس، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأضاف تشودري أن امرأة وطفلاً من بين قتلى الهجوم الذي وقع في منطقة كورام القبلية بشمال غربي البلاد.

وأردف قائلاً: «إنها مأساة كبرى، ومن المرجح أن يرتفع عدد القتلى. والتوتر مستمر بين الشيعة والسُّنة منذ عقود بسبب نزاع على أراضٍ في المنطقة القبلية المتاخمة لأفغانستان». ولم تعلن أي جماعة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم.

وقال زيارات حسين، وهو واحد من سكان باراتشينار، لـ«رويترز» عبر الهاتف: «كانت هناك قافلتان من حافلات الركاب، إحداهما تنقل الركاب من بيشاور إلى باراتشينار، والأخرى من باراتشينار إلى بيشاور، عندما فتح مسلحون النار عليهما».

وأضاف أن «أقارب له كانوا في القافلة المسافرة من بيشاور».

وندد الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، في بيان بشدة بالهجوم.