الجيش الباكستاني يخوض حرباً ضد الإرهاب على جبهتين

«طالبان» الحركة المسلحة الرئيسية في البلاد كثَّفت هجماتها

الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)
الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)
TT
20

الجيش الباكستاني يخوض حرباً ضد الإرهاب على جبهتين

الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)
الجنرال عاصم منير بعد وضع إكليل من الزهور على نصب قتلى الجيش الباكستاني في راولبندي (الجيش الباكستاني)

يخوض الجيش الباكستاني صراعاً شرساً على جبهتين، حيث يشارك في عمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، من جهة، وفي الوقت نفسه يتم استهدافه من قِبل أحزاب المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفه قوة تتدخل في النظام السياسي للبلاد.

وفي الأشهر الستة الماضية، كثَّفت حركة «طالبان الباكستانية»، وهي الحركة المسلحة الرئيسية في البلاد، هجماتها الإرهابية على قوات الأمن، ومن ناحية أخرى، أطلق حزب المعارضة الرئيسي حركة «تحريك إنصاف» الباكستانية، حملة ضخمة من الدعاية المناهضة للجيش على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي كلمة ألقاها أمام حشد من الجماهير في إسلام آباد، قال قائد الجيش الباكستاني، الجنرال عاصم منير، أثناء إعلانه الحازم إن الجيش الباكستاني لن يسمح لأي شخص بزعزعة السلام في المجتمع الباكستاني، وإن الجيش يواجه «إرهاباً رقمياً» من قوى معادية مدعومة من أعداء إسلام آباد.

الجنرال عاصم منير رئيس أركان الجيش الباكستاني (الجيش الباكستاني)
الجنرال عاصم منير رئيس أركان الجيش الباكستاني (الجيش الباكستاني)

ولم يحدد الجنرال عاصم منير مَن يقف وراء هذا «الإرهاب الرقمي»، لكن من الواضح أن حركة «تحريك إنصاف» قد انخرطت في حملة دعاية مناهضة للجيش على وسائل التواصل الاجتماعي طيلة السنوات الثلاث الماضية.

وكذلك، هناك مجموعات أخرى ومثقفون وصحافيون يقومون بدعاية مناهضة للجيش على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد انتقد بعض نشطاء هذه الوسائل تعليقات الجنرال منير بالقول إن مصطلح «الإرهاب الرقمي» هذا غير واضح، إلا أنه قد يتم استخدامه لاعتقال الأشخاص الذين يوجهون نقداً سياسياً حقيقياً لمشاركة الجيش في السياسة.

حملات ملاحقة

وشهدت باكستان في السنوات الأخيرة حملات ملاحقة استهدفت نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، حيث تم اعتقال الكثير من الصحافيين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بسبب حملاتهم ضد الجيش وغيره من مؤسسات الدولة الأخرى.

تحذير من «الفوضى» عبر «المعلومات المضللة»

وحذّر الجنرال عاصم منير، في خطابه، من استخدام الإرهاب الرقمي لنشر «الفوضى والمعلومات المضللة» ضد القوات المسلحة، وكان الجنرال قد صرَّح في وقت سابق من أغسطس (آب) الماضي، في اليوم الوطني السابع والسبعين لباكستان في مقر «أكاديمية الجيش الباكستاني»، في أبوت آباد، قائلاً إن الإرهاب الرقمي يهدف إلى بث الفرقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين.

رجال الشرطة يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق أنصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان زعيم «حركة إنصاف» الباكستانية خلال تجمع حاشد في راولبندي - باكستان 28 سبتمبر 2024 (رويترز)
رجال الشرطة يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق أنصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان زعيم «حركة إنصاف» الباكستانية خلال تجمع حاشد في راولبندي - باكستان 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

ويقول منتقدو قائد الجيش الباكستاني إنه لم يحاول التمييز بين المعارضين السياسيين للجيش الذين يرون أنه يجب أن يلعب دوراً أصغر في الحكومة المدنية للبلاد، وبين الجماعات الانفصالية المتمردة في أماكن مثل بلوشستان الذين يقاتلون الجيش منذ سنوات، كما أنه لم يحدد أيضاً أي أفراد أو مجموعات أو أحزاب باعتبارهم قادة لما أسماه «حملة الإرهاب الرقمي».

قوات عسكرية باكستانية خلال تدريبات في شمال البلاد (الجيش الباكستاني)
قوات عسكرية باكستانية خلال تدريبات في شمال البلاد (الجيش الباكستاني)

وبرزت قضية تدخل الجيش الباكستاني في السياسة مثيرةً للجدل في المجتمع الباكستاني، حيث تنقسم الآراء بعمق حول هذه القضية، كما دخل حزبان سياسيان رئيسيان في البلاد في منافسة شرسة لكسب ود الجيش الباكستاني لتأمين الوصول إلى دهاليز السلطة.

ضباط شرطة يسيرون ببنادقهم لتفريق أنصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان زعيم «حركة إنصاف» الباكستانية أثناء تجمع حاشد في راولبندي - باكستان 28 سبتمبر 2024 (رويترز)
ضباط شرطة يسيرون ببنادقهم لتفريق أنصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان زعيم «حركة إنصاف» الباكستانية أثناء تجمع حاشد في راولبندي - باكستان 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وعندما بات حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز» في السلطة، فإنه بدأ في مدح الجيش، بينما تطلق «تحريك إنصاف»، أثناء وجودها في صفوف المعارضة، حملة دعاية مناهضة للمؤسسة العسكرية، ذلك على الرغم من أن حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز» نفسه قد انخرط في الماضي في حملة دعاية مناهضة للجيش عندما كانت حركة «تحريك إنصاف» تمتدح الجيش.

ويتظاهر الجيش بأنه مشغول في محاربته ضد الإرهاب والجماعات المسلحة، وخلال الأسبوع الماضي، قضى قائد الجيش، الجنرال عاصم منير، وقته مع قواته المنتشرة في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وزار منطقة وانا في إقليم وزيرستان الجنوبي، حيث تلقى إحاطة شاملة على الوضع الأمني الحالي، ​والعمليات الجارية لمكافحة الإرهاب، وكذلك المبادرات التنموية، وخلال حديثه مع الضباط والجنود، أشاد الجنرال منير بمستوى الجاهزية العالي والمعنويات الاستثنائية لمواجهة التهديدات العدائية.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت المدن والبلدات الحدودية الباكستانية مستويات عالية من العنف بشكل استثنائي، ومع ذلك، تم تحويل انتباه الجيش الباكستاني وحكومته بعيداً عن عمليات مكافحة الإرهاب، حيث تعرّض الجيش الباكستاني وقيادته لانتقادات لاذعة من رئيس الوزراء السابق عمران خان وحزبه، حيث أطلقا حملة قوية على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الجيش طيلة العام الماضي، والتي وصفها قادة الجيش بأنها تمثل «إرهاباً رقمياً».

عناصر معادية تدعم «الإرهاب الرقمي»

وقال الجنرال عاصم منير إن عناصر معادية من الخارج تدعم «الإرهاب الرقمي» في باكستان، ويقول المحللون الباكستانيون الآن إن انتباه الجيش في إسلام آباد بات مشتتاً، ولم يعد بإمكانه التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب.

وكانت قوات الأمن الباكستانية قد قتلت ثمانية مسلحين في عملية مداهمة ليلية على معقل سابق لحركة «طالبان الباكستانية» في المنطقة الشمالية الغربية المضطربة المتاخمة لأفغانستان، كما صادرت القوات أسلحة وذخيرة من مخبأ المتمردين بعد تبادل إطلاق نار عنيف في شمال وزيرستان، وهي إحدى مناطق إقليم خيبر بختونخوا، بحسب بيان صادر عن الجيش.

القوات الباكستانية تعتقل إرهابيين في شمال وزيرستان (الإعلام الباكستاني)
القوات الباكستانية تعتقل إرهابيين في شمال وزيرستان (الإعلام الباكستاني)

ولم يقدم الجيش الباكستاني أي تفاصيل عن القتلى من المسلحين أو انتماءاتهم، لكن غالباً ما تستهدف مثل هذه العمليات حركة «طالبان الباكستانية»، المعروفة أيضاً باسم «تحريك طالبان باكستان»، وكانت شمال وزيرستان قاعدة لـ«طالبان الباكستانية» وغيرها من الجماعات المتمردة حتى تم قتل الكثير منهم أو أُجبروا على الخروج في عمليات متعددة من قِبل قوات الأمن في البلاد.


مقالات ذات صلة

تركيا تتهم إسرائيل بتهديد أمن المنطقة... والسعودية تشدد على رفض التهجير

شؤون إقليمية إردوغان دعا المجتمع الدولي لإيجاد حلول للمشكلات وبخاصة في الشرق الأوسط في افتتاح منتدى أنطاليا الدبلوماسي (الرئاسة التركية)

تركيا تتهم إسرائيل بتهديد أمن المنطقة... والسعودية تشدد على رفض التهجير

انتقدت تركيا عجز النظام العالمي عن وضع حلول ناجعة للمشكلات وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، متهمة إسرائيل بتهديد أمن المنطقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي مدرب من قوات العمليات الخاصة الأميركية يتحدث إلى مجندي «داناب» في عام 2023. درَّبت الولايات المتحدة وجهَّزت وحدات مختارة من القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم «داناب». حقوق الصورة (نيويورك تايمز)

انقسام حول مستقبل عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في الصومال

اقترح بعض مسؤولي وزارة الخارجية إغلاق السفارة في العاصمة الصومالية مقديشو إجراءً وقائياً بعد التقدم الأخير الذي أحرزه مقاتلو «حركة الشباب».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا استنفار أمني ألماني بعد عملية إرهابية (متداولة)

خبير: دوافع آيديولوجية وشخصية وراء الأنشطة الإرهابية

قال مارتن كاهل، الخبير في مجال مكافحة الإرهاب، الخميس، إن الدوافع الشخصية لعبت دوراً إلى جانب الآيديولوجية في العديد من الهجمات الإرهابية الإسلاموية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع وفد إيمرالي للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (الرئاسة التركية)

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

في أول تماس مع سياسيين أكراد منذ 13 عاماً، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «وفد إيمرالي» للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية - متداولة)

الشرطة البريطانية تعتقل رومانياً بتهمة مساعدة جهاز مخابرات أجنبي

قالت شرطة لندن، الخميس، إنها ألقت القبض على روماني بتهمة مساعدة جهاز مخابرات أجنبي في إشعال حريق بمستودع لشركة (دي إتش إل) للبريد السريع في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شي: على الصين والاتحاد الأوروبي «مقاومة سياسة الإكراه»

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (يسار) والرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدثان خلال سيرهما بعد اجتماع في بكين (رويترز)
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (يسار) والرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدثان خلال سيرهما بعد اجتماع في بكين (رويترز)
TT
20

شي: على الصين والاتحاد الأوروبي «مقاومة سياسة الإكراه»

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (يسار) والرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدثان خلال سيرهما بعد اجتماع في بكين (رويترز)
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (يسار) والرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدثان خلال سيرهما بعد اجتماع في بكين (رويترز)

دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ، اليوم (الجمعة)، الاتحاد الأوروبي إلى الانضمام لبكين في «مقاومة سياسة الإكراه»، على خلفية حرب الرسوم الجمركية مع واشنطن، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة، «شينخوا».

وقال شي، خلال اجتماع في بكين مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز: «يجب على الصين والاتحاد الأوروبي تحمُّل مسؤولياتهما الدولية، وحماية العولمة الاقتصادية وبيئة الأعمال الدولية بشكل مشترك، ومقاومة سياسة الإكراه الأحادي بشكل مشترك».

وشدَّد على أن «هذا لن يحمي حقوقهما ومصالحهما المشروعة فحسب، بل سيحمي أيضاً العدالة والإنصاف الدوليَّين».

من جهته، صرَّح رئيس الوزراء الإسباني، اليوم، بأن التوترات التجارية مع بكين «يجب ألا تعوق» التعاون بين الاتحاد الأوروبي والعملاق الآسيوي، عقب اجتماعه مع الرئيس الصيني في بكين.

وقال سانشيز في مؤتمر صحافي: «إسبانيا وأوروبا لديهما عجز تجاري كبير مع الصين يجب أن نسعى جاهدين لتصحيحه، ويجب ألا نسمح للتوترات التجارية بإعاقة إمكانات نمو العلاقات (...) بين الصين والاتحاد الأوروبي».

وتأتي زيارة سانشيز بينما يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في علاقاته التجارية الدولية أمام الفوضى الناجمة عن رسوم الاستيراد الأميركية التي أُعلنت، الأسبوع الماضي، وتسببت بهبوط أسواق المال العالمية.

وهذه الزيارة الثالثة لرئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي إلى الصين خلال أكثر بقليل من عامين.