تركيا تعترض على منح كافالا «جائزة فاتسلاف هافيل»

بدعوى سجنه مدى الحياة لإدانته بمحاولة الانقلاب على إردوغان

الناشط المدني البارز التركي عثمان كافالا (أرشيفية - أ.ف.ب)
الناشط المدني البارز التركي عثمان كافالا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

تركيا تعترض على منح كافالا «جائزة فاتسلاف هافيل»

الناشط المدني البارز التركي عثمان كافالا (أرشيفية - أ.ف.ب)
الناشط المدني البارز التركي عثمان كافالا (أرشيفية - أ.ف.ب)

اعترضت تركيا على منح جائزة «فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان» لعام 2023، المقدّمة من قبل «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا»، إلى الناشط المدني البارز، رجل الأعمال التركي عثمان كافالا المحكوم بالسجن مدى الحياة.

 

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان (الثلاثاء): «من غير المقبول أن تُمنح جائزة فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان لشخص أُدين بشكل نهائي من قبل القضاء في تركيا».

 

سجن مدى الحياة

 

وأيدت محكمة النقض في تركيا، الشهر الماضي، الحكم بالسجن مدى الحياة ضد كافالا (66 عاماً)، إلى جانب الحكم بالسجن 18 عاماً في حق 4 آخرين، بينهم جان أطالاي، الذي تم انتخابه نائباً بالبرلمان عن حزب «العمال» في مايو (أيار) الماضي، على خلفية تقديم المساعدة لمحاولة الإطاحة بالحكومة خلال احتجاجات «غيزي بارك» بإسطنبول في مايو 2013.

الناشط المدني المسجون التركي عثمان كافالا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأسقطت المحكمة تهماً عن 3 متهمين آخرين، بينهم اثنان يقبعان بالفعل داخل السجن، ومن المتوقع إطلاق سراحهما.

 

وأثارت قضية كافالا خلافات شديدة بين تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ ينظر الغرب إليها على أنها «مسيّسة».

 

ووصف رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، الحكم بـ«العار الكبير»، منتقداً القضاء الذي شارك في إظهار «نضال غيزي» من أجل الديمقراطية على أنه «جريمة»، من خلال الأحكام التي أصدرها «بموجب التعليمات الصادرة إليه».

 

جائزة حقوق الإنسان

 

وقال تيني كوكس، رئيس «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا»، التي تمنح الجائزة، خلال إعلان منحها لكافالا: «اليوم، أكثر من أي وقت مضى، من الأهمية بمكان الاحتفال بالنساء والرجال الذين، بشجاعتهم وتصميمهم وقوتهم، يظهرون لنا الطريق إلى الحرية. معركتهم مثال لنا جميعاً».

 

وتسلّمت الأكاديمية التركية عائشة كافالا الجائزة، التي تبلغ قيمتها 60 ألف يورو، (الاثنين)، نيابة عن زوجها. وتلت بياناً نيابة عنه أهدى فيه كافالا الجائزة إلى «مواطنيه المحتجزين بشكل غير قانوني في السجون التركية».

معارضون للحكم على كافالا يتظاهرون في إسطنبول في أبريل 2022 (رويترز)

وتُمنح الجائزة، التي سُمّيت على اسم المنشق التشيكي السابق، رئيس جمهورية التشيك لاحقاً فاتسلاف هافيل، من قبل «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا» منذ عام 2013.

 

رفض تركي

 

وقالت وزارة الخارجية التركية: «من غير المقبول أن تُمنح جائزة فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان لعام 2023 لشخص أُدين بشكل نهائي من قبل القضاء في تركيا... منح هذه الجائزة تحت مظلة (الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا)، التي ينبغي أن تعمل بتوجيه من مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، يعني تجاهل مكتسبات مجلس أوروبا تجاه المثل الأعلى لحقوق الإنسان، والجهود الجماعية التي بُذلت لسنوات عديدة من أجل هذا المثل الأعلى».

 

وعدّ البيان أن «منح الجائزة لمَن صدر بحقه حكم نهائي هو امتداد لمحاولات تسييس القانون». وقال: «لا ينبغي استخدام المنظمات الدولية التي يُتوقع منها أن تخدم حماية القيم المشتركة أداةً لمثل هذه المساعي لوضع الأجندات السياسية... بهذا الإجراء، الذي يشكّل عدم احترام للقرار القضائي، تضررت سمعة ومصداقية (الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا) بشكل خطير».

 

وزار زعيم المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، (الجمعة) الماضي، كافالا و4 آخرين من المحكومين في قضية «غيزي» في سجن مرمرة في ضواحي إسطنبول. ووصف سجنهم بأنه «غير قانوني».

 

وقال كليتشدار أوغلو: «واجبي أن أجعل هذا الظلم أكثر وضوحاً. يجب أن نقف إلى جانب أولئك الذين يتعرضون لهذا الظلم، والمسجونين دون وجه حق وبصورة غير شرعية».

 

دعم واتهامات

 

وُلد كافالا، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، عام 1957 في باريس. وبدأ دراسته في مدرسة تركية في إسطنبول قبل أن ينتقل إلى بريطانيا ليكمل تعليمه الجامعي في جامعة مانشستر. وفي عام 1982، عاد إلى إسطنبول بعد وفاة والده ليدير أعمال العائلة. ونشط في مجال الدفاع عن التراث التركي وتنوعه الثقافي عبر «مركز الأناضول الثقافي»، الذي أغلقته الحكومة، وأسس دار نشر «إليتشيم»، وكان مؤيداً لإعادة بناء المعالم التاريخية، بما في ذلك الكنائس الأرمنية.

متظاهرون يرفعون لافتات ويهتفون بشعارات في إسطنبول لدعم الناشط التركي عثمان كافالا في أبريل 2022 (أ.ف.ب)

برز اسم كافالا في عام 2013 بوصفه أحد الناشطين الأساسيين في حركة الاحتجاج ضد اقتطاع الحكومة جزءاً من حديقة «غيزي» لصالح تطوير ميدان تقسيم في إسطنبول، التي سرعان ما تحولت لاحتجاجات واسعة ضد إردوغان، الذي كان يرأس الحكومة آنذاك قبل أن يصبح رئيساً للبلاد، وعدّها محاولة للانقلاب عليه.

 

وعرف كافالا أيضاً بدفاعه عن القضيتين الكردية والأرمنية، وشارك عام 2015 في إحياء الذكرى المئوية للإبادة الجماعية للأرمن في إسطنبول، علماً بأن السلطات التركية لا تزال ترفض الاعتراف بالمجازر التي وقعت ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى على أنها «إبادة».

 

ودعا كافالا في عام 2017 إلى مقاطعة الاستفتاء على تعديل الدستور، الرامي للانتقال إلى النظام الرئاسي، وتعزيز صلاحيات الرئيس إردوغان. وتم توقيفه في 18 أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام.

 

واتهم إردوغان كافالا بأنه ذراع للملياردير الأميركي من أصل مجري جورج سورس، ولقبه بـ«سورس تركيا الأحمر»، وتعهد بعدم خروجه من السجن ما دام بقي في حكم تركيا.

 

ويعدّ الغرب كافالا رمزاً لحملة القمع الشاملة التي شنها إردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، التي بسببها اعتُقل مئات الآلاف، كما أُغلقت مؤسسات إعلامية ومدارس وجامعات. وعُدّت حملة لقمع أي صوت معارض.

 

وأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أكثر من قرار بالإفراج الفوري عن كافالا، لكن إردوغان رفضها.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نائبة الرئيس الفلبيني تتوعده بالاغتيال إذا تم قتلها

TT

نائبة الرئيس الفلبيني تتوعده بالاغتيال إذا تم قتلها

نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز)
نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي (رويترز)

أعلنت نائبة الرئيس الفلبيني سارة دوتيرتي اليوم (السبت) أنها أمرت شخصاً بقتل الرئيس فرديناند ماركوس جونيور في حال تم اغتيالها، ما دفع المكتب الرئاسي إلى التعهد «باتخاذ لإجراء المناسب الفوري»، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

في إشارة دراماتيكية إلى الخلاف المتزايد بين أقوى عائلتين سياسيتين في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، قالت دوتيرتي في مؤتمر صحافي إنها تحدثت إلى قاتل مأجور، وأمرته بقتل ماركوس وزوجته ورئيس مجلس النواب الفلبيني إذا تعرضت للاغتيال.

قالت دوتيرتي في الإحاطة المليئة بالشتائم: «لقد تحدثت إلى شخص. قلت له (إذا قُتلت، اذهب واقتل بي بي إم (ماركوس)، والسيدة الأولى ليزا أرانيتا، ورئيس مجلس النواب مارتن روموالديز)... لا مزاح... قلت له ألاّ يتوقف حتى يقتلهم».

كانت نائبة الرئيس ترد على أحد المعلقين عبر الإنترنت الذي حثها على البقاء آمنة، قائلاً إنها كانت في أرض العدو، حيث كانت في الغرفة السفلى من الكونغرس طوال الليل. لم تذكر دوتيرتي أي تهديد مزعوم ضدها.

الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور (أ.ب)

ورد مكتب الاتصالات الرئاسية ببيان قال فيه: «بناءً على بيان نائبة الرئيس الواضح الذي لا لبس فيه بأنها تعاقدت مع قاتل لاغتيال الرئيس إذا نجحت مؤامرة مزعومة ضدها، أحالت السكرتيرة التنفيذية هذا التهديد النشط إلى قيادة الأمن الرئاسي لاتخاذ إجراء مناسب فوري... يجب دائماً التعامل مع أي تهديد لحياة الرئيس على محمل الجد، خاصة أن هذا التهديد تم الكشف عنه علناً بعبارات واضحة ومؤكدة».

وتابعت نائبة الرئيس في الإحاطة: «هذا البلد ذاهب إلى الجحيم لأن شخص لا يعرف كيف يكون رئيساً وكاذب، يقوده».

وفي يونيو (حزيران)، استقالت دوتيرتي، ابنة سلف ماركوس، من مجلس الوزراء بينما ظلت نائبة للرئيس، مما يشير إلى انهيار التحالف السياسي الهائل الذي ساعدها وماركوس في تأمين انتصاراتهما الانتخابية في عام 2022 بهامش كبير.

وتُعدّ تصريحات دوتيرتي الأخيرة الأحدث في سلسلة من العلامات القوية للعداء في السياسة الفلبينية. في أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت ماركوس بعدم الكفاءة، وقالت إنها تخيلت قطع رأس الرئيس.

العائلتان على خلاف بشأن السياسة الخارجية والحرب القاتلة التي شنها الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي على المخدرات، من بين أمور أخرى.

في الفلبين، يتم انتخاب نائب الرئيس بشكل منفصل عن الرئيس وليس لديه مهام رسمية. وقد سعى العديد من نواب الرؤساء إلى المساهمة في أنشطة التنمية الاجتماعية، في حين تم تعيين بعضهم في مناصب وزارية.

وتستعد البلاد لانتخابات التجديد النصفي في مايو (أيار)، والتي يُنظر إليها على أنها اختبار حاسم لشعبية ماركوس وفرصة له لتعزيز سلطته وإعداد خليفة له قبل انتهاء فترة ولايته الوحيدة التي تبلغ ست سنوات في عام 2028.