لماذا أثار نصّ دعوة إلى قمة العشرين جدلاً واسعاً في الهند؟

وزراء حكومة مودي يدعون لاعتماد اسم «بهارات» رغم تحذيرات المعارضة

صورة أرشيفية لمتفرجين على مباراة كريكيت يحملون عَلماً هندياً عليه شعار «جيش بهارات» (أ.ب)
صورة أرشيفية لمتفرجين على مباراة كريكيت يحملون عَلماً هندياً عليه شعار «جيش بهارات» (أ.ب)
TT

لماذا أثار نصّ دعوة إلى قمة العشرين جدلاً واسعاً في الهند؟

صورة أرشيفية لمتفرجين على مباراة كريكيت يحملون عَلماً هندياً عليه شعار «جيش بهارات» (أ.ب)
صورة أرشيفية لمتفرجين على مباراة كريكيت يحملون عَلماً هندياً عليه شعار «جيش بهارات» (أ.ب)

تشهد الهند نقاشاً سياسياً حادّا، بالتزامن مع استضافتها قادة أكبر اقتصادات العالم في إطار قمة العشرين التي تنظمها السبت والأحد.

وأثارت دعوات عشاء وجّهتها الهند إلى ضيوفها أشارت إلى رئيس الهند بوصفه «رئيس بهارات»، جدلاً واسعاً وتساؤلات حول ما إذا كان هذا البلد الذي يزيد عدد سكانه على 1.4 مليار نسمة بات يعتمد اسمه السنسكريتي القديم. وفي غياب أي موقف رسمي واضح، شجّع الوزراء في حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ومؤيدوه القوميون الهندوس، وبعض نجوم بوليوود، ولاعبي الكريكيت، على تغيير اسم الهند رسمياً إلى بهارات، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

لوحة ترحيب بالمشاركين في قمة العشرين بنيودلهي (رويترز)

وتُعرف الهند باسمين: الهند، وهو الاسم المستخدم في جميع أنحاء العالم، والتسمية السنسكريتية «بهارات». ويتردد صدى احتمال اعتماد الاسم الثاني لدى القوميين الهندوس، الذين يشكّلون قاعدة التصويت الأساسية لرئيس الوزراء ناريندرا مودي. ويرون أن اسم «الهند» يرتبط بالاستعمار والعبودية، وهو الشعور الذي يشاركه حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم بقيادة مودي منذ فترة طويلة. في المقابل، يحذّر معارضون لتغيير اسم البلاد من وجود أسباب سياسية وثقافية وتاريخية أعمق بكثير.

سوابق دولية

شهد العالم بعض محاولات تغيير اسم دول خلال العقود الأخيرة، إذ تخلت دول عن أسماء فُرضت عليها من الحكام الاستعماريين. فتغير اسم «سيلان» إلى «سريلانكا» عام 1972، وتغير اسم «روديسيا» إلى «زيمبابوي» عام 1980، فيما تحولت «بورما» إلى «ميانمار» عام 1989. وفي العام الماضي، تم تغيير كتابة تركيا بالحروف اللاتينية لتعكس طريقة نطقها باللغة التركية لا الإنجليزية. وتشمل القائمة كذلك «كمبوديا» التي أصبحت «كامبوشيا»، و«سوازيلاند» إلى «إسواتيني»، و«مالايا» إلى «ماليزيا». أما في الهند، فتنبع مطالب إعادة تسمية البلاد من منظور ثقافي وديني أكثر. وغالباً ما يبرر القوميون الهندوس موقفهم بالإشارة إلى أن اسم «بهارات» يعكس أصالة الأمة العريقة.

لقطة من تطبيق خاص بقمة العشرين يشير إلى الهند بـ«بهارات» (أ.ب)

من الناحية الرسمية، لم تتخذ الحكومة الهندية أي قرار ولم تُصدر أي بيان. كما رفض أحد كبار القادة التكهنات بتغيير الاسم، ووصفها بأنها «مجرد شائعات». ولكن وزير خارجية الهند، سوبرامانيام جايشانكار، بدا كأنه يدعو إلى زيادة استخدام اسم «بهارات» هذا الأسبوع. وقال إن «الهند، باسمها بهارات، موجودة في الدستور. أرجوكم، أود دعوة الجميع إلى قراءته». الواقع أن دستور الهند يذكر مصطلح «بهارات» مرة واحدة فقط: «الهند، التي هي بهارات، سوف تكون اتحاداً بين الولايات». وفي كل موضع آخر، يُشار إلى البلاد باسم الهند.

تاريخ بهارات

اسم «بهارات» هو كلمة سنسكريتية قديمة، يعتقد مؤرخون أنها تعود إلى الكتب الهندوسية المقدسة القديمة. أما اسم «الهند»، فله جذور اشتقاقية من نهر السند، الذي كان يسمى «سندهو» بالسنسكريتية. وهناك اسم شعبي آخر، ولكن غير معترف به قانونياً للبلد، وهو «هندوستان»، الذي يعني «أرض السند» باللغة الفارسية. وكانت جميع الأسماء الثلاثة مستخدَمَة قبل فترة طويلة من الحكم البريطاني. لكنّ حكومة مودي، التي فازت في الانتخابات الوطنية عام 2014 وعادت إلى السلطة عام 2019، تميل إلى تغيير الأسماء. فقد فعلت ذلك مع الكثير من المدن والبلدات والطرق البارزة التي ارتبطت لفترة طويلة بالحكم البريطاني والتراث الإسلامي، بحجة أنها جهد مستمر لإنقاذ البلاد من وصمة الاستعمار ومن تسميهم «الغزاة المسلمين». من أبرز هذه الجهود إعادة الحكومة تسمية مدينة الله آباد الشمالية، التي حصلت على اسمها من الحكام المسلمين المغول قبل قرون، إلى اسم «براياراج» باللغة السنسكريتية.

دوافع سياسية

يرى مراقبون أن عملية تغيير الأسماء مدفوعة بأسباب سياسية. ويخشى معارضو تغيير اسم الهند من تسبب هذه الخطوة في تفاقم العنف ضد الأقليات غير الهندوسية في البلاد، لا سيما المسلمين. فالهند، الدولة ذات الأغلبية الهندوسية، لطالما أعلنت عن طابعها متعدد الثقافات، وتشمل أقلية مسلمة كبيرة تبلغ 14 في المائة من السكان.

ويشير تطبيق طوّرته الحكومة الهندية، مخصَّص لوسائل الإعلام ومندوبي مجموعة العشرين الذين يحضرون القمة، إلى البلاد باسم «بهارات». كما ترحب لوحات ضخمة في شوارع نيودلهي بالضيوف المشاركين في القمة، عبر الإشارة إلى البلاد باسمَي «بهارات» و«الهند».

ردة فعل مبالغة؟

ووسط رفض واسع بين أحزاب المعارضة لتغيير اسم البلاد، أعلنت حكومة مودي عن جلسة مفاجئة للبرلمان الاتحادي دون الكشف عن جدول أعمالها. ورجّحت أحزاب المعارضة أن إعادة التسمية الرسمية قد تكون مطروحة.

جانب من تجمّع سياسي معارض لحكومة مودي (أ.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت أحزاب المعارضة في الهند عن تحالف جديد أُطلق عليه اسم «الهند»، في محاولة للإطاحة بمودي وهزيمة حزبه قبل الانتخابات الوطنية عام 2024. ويرمز الاسم المختصر إلى «التحالف الإنمائي الوطني الهندي الشامل (إنديا)». ومنذ ذلك الحين، طالب بعض المسؤولين في حزب مودي بأن تسمى البلاد «بهارات» بدلاً من «الهند». تقول زويا حسن، وهي أكاديمية وعالمة سياسية هندية، إن تشكيل هذا التحالف «قد يكون الاستفزاز الفوري فيما يتعلق بهذه المسألة». وقالت لوكالة «أسوشييتد برس»: «إنه نقاش سياسي يهدف إلى إحراج المعارضة التي أعادت الاستيلاء على المنصة القومية باسمها الجديد. لقد أربك هذا الأمر المؤسسة الحاكمة، وهم يريدون استعادة احتكارهم للقومية من خلال استحضار اسم (بهارات) القديم». وأضافت أن توقيت استخدام بهارات فجأة يثير الفضول، نظراً لحادثة معينة وقعت مؤخراً. إذ حث زعيم «راشتريا سوايامسيفاك سانغ» أو «منظمة التطوع الوطنية» الهندوسية القومية الراديكالية المتهمة على نطاق واسع بإذكاء الكراهية الدينية بآراء عدوانية معادية للمسلمين، المواطنين الهنود على استخدام الاسم السنسكريتي في كثير من الأحيان.

في الأثناء ذاتها، احتفى قادة حزب مودي بما يسمونه تغييراً تشتد الحاجة إليه. وكتب السياسي في حزب «بهاراتيا جاناتا»، هيمنتا بيسوا سارما، على موقع «إكس»: «جمهورية بهارات... سعيد وفخور بأن حضارتنا تمضي قدماً بجرأة نحو (أمريت كال)»، وهي عبارة هندية تعني «العصر الميمون»، وغالباً ما يستخدمها مودي لوصف ما يسميه الانبعاث الهندي الجديد تحت ظل حكومته. وكان معارضو مودي أقل ترحيباً بالأمر، حيث قال كثيرون إن أولويات الحكومة في غير محلها في خضمّ أزمات أكثر إلحاحاً مثل زيادة البطالة، واتساع نطاق الصراع بين الأقليات الدينية، وتراجع الديمقراطية.



كوريا الشمالية تطلق صاروخاً باليستياً باتجاه بحر الشرق

صورة بثتها وكالة الأنباء الكورية المركزية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالقرب من صاروخ باليستي عابر للقارات (أ.ب)
صورة بثتها وكالة الأنباء الكورية المركزية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالقرب من صاروخ باليستي عابر للقارات (أ.ب)
TT

كوريا الشمالية تطلق صاروخاً باليستياً باتجاه بحر الشرق

صورة بثتها وكالة الأنباء الكورية المركزية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالقرب من صاروخ باليستي عابر للقارات (أ.ب)
صورة بثتها وكالة الأنباء الكورية المركزية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالقرب من صاروخ باليستي عابر للقارات (أ.ب)

أعلنت كوريا الشمالية، اليوم (الخميس)، أن زعيم البلاد كيم جونغ أون حضر اختباراً «حاسماً» لصاروخ باليستي عابر للقارات يهدف إلى تعزيز الردع النووي للبلاد.

وقال كيم، خلال الإطلاق، إن «هذا الاختبار هو عمل عسكري مناسب يلبي تماماً هدف إبلاغ الخصوم بعزمنا على الرد المضاد»، وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية.

وأفادت سيول، اليوم، بأن كوريا الشمالية أطلقت أحد أقوى صواريخها الباليستية، في أول اختبار أسلحة لكيم جونغ أون منذ اتهامه بإرسال جنود إلى روسيا. وكانت سيول قد حذرت قبل يوم من أن كوريا الشمالية قد تختبر صاروخاً عابراً للقارات أو حتى تجري تجربة نووية قبل الانتخابات الأميركية، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

حذرت سيول من أن بيونغ يانغ قد تحصل على تكنولوجيا الصواريخ من روسيا مقابل مساعدتها في حربها مع أوكرانيا.

وأعلنت كوريا الجنوبية، اليوم، فرض قيود جديدة على الصادرات لمواد لازمة لإنتاج وقود الصواريخ الصلب للحد من تطوير كوريا الشمالية للصواريخ الباليستية. وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن قيود الصادرات ستشمل 15 مادة يصعب على كوريا الشمالية إنتاجها بنفسها مثل الهياكل وأنابيب الاحتراق.

وانتقدت الولايات المتحدة، الأربعاء، الاختبار الصاروخي لكوريا الشمالية ووصفته بأنه «انتهاك صارخ» لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشيرة إلى أنه قد يؤدي إلى زعزعة الأمن في المنطقة.

وحضّ المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت، في بيان، «جميع الدول على إدانة هذه الانتهاكات»، مطالباً «جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بوقف أفعالها المزعزعة للاستقرار والانخراط في حوار جاد». وجاءت عملية الإطلاق بعد ساعات معدودة من دعوة وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن والكوري الجنوبي كيم يونغ - هيون، كوريا الشمالية لسحب قواتها من روسيا؛ حيث تقول واشنطن إن بيونغ يانغ نشرت 10 آلاف جندي هناك تحضيراً لعمل عسكري محتمل ضد القوات الأوكرانية.

من جهتها، أشارت هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي إلى أنها تابعت الاستعدادات لإطلاق الصاروخ مع طوكيو وواشنطن حليفتي سيول، وأنها سترد «بتدريبات مشتركة تشمل وسائل استراتيجية أميركية»، وهو ما يثير غضب الشمال دائماً. وقال الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول إن بلاده «ستفرض عقوبات مستقلة جديدة» على الشمال وستعمل مع شركائها والأمم المتحدة لمعاقبة «انتهاكات بيونغ يانغ المعتادة لقرارات مجلس الأمن».

صرف الانتباه

قال يانغ مو–جين، رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن إطلاق بيونغ يانغ الصاروخ «يبدو أنه نُفّذ لصرف الانتباه عن الانتقادات الدولية لنشر قواتها» في روسيا. وتتّهم سيول كوريا الشمالية المسلحة نووياً بإرسال أسلحة لموسكو لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا، وقالت إن بيونغ يانغ تحركت لنشر جنود بشكل جماعي عقب توقيع كيم جونغ أون اتفاق دفاع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو (حزيران). وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الأربعاء: «أدعوهم إلى سحب قواتهم من روسيا»، خلال مؤتمر صحافي مشترك في البنتاغون مع نظيره الكوري الجنوبي كيم يونغ-هيون الذي حضّ على «سحب فوري» لقوات بيونغ يانغ.

وأشار أوستن إلى أن نشر بيونغ يانغ قوات في روسيا يشكل «تهديداً أمنياً كبيراً». وأوضح يانغ أن مدّة تحليق الصاروخ الخميس وارتفاعه يظهران أن كوريا الشمالية «حاولت تقييم ما إذا كان صاروخاً باليستياً عابراً للقارات ثقيلاً متعدد الرؤوس يمكنه الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة». ورجّح خبراء أن تكون كوريا الشمالية تسعى في مقابل إمدادها روسيا بقوات إلى الحصول على تكنولوجيا عسكرية، من أقمار اصطناعية لأغراض المراقبة إلى غواصات، إضافة إلى ضمانات أمنية محتملة من موسكو.

وقال الباحث آن تشان-إيل، الذي يدير المعهد العالمي للدراسات حول كوريا الشمالية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن من المرجح أن يكون اختبار الخميس محاولة لصرف الانتباه عن نشر بيونغ يانغ قوات ولفت «انتباه العالم قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية». ورداً على ذلك، أشارت سيول التي تعد من كبار مصدري الأسلحة إلى أنها تدرس إرسال أسلحة بشكل مباشر إلى أوكرانيا، وهو ما تجنبته في السابق بسبب اتباعها سياسة داخلية منذ أمد طويل بتجنب تصدير أسلحة لأطراف في حالة نزاع.

ونفت كوريا الشمالية إرسال قوات، لكن نائب وزير خارجيتها صرح لوسائل إعلام رسمية، في أول تعليق، بأنه في حال حدوث أمر مماثل فسيكون متوافقاً مع القانون الدولي. وتحظر عقوبات الأمم المتحدة على بيونغ يانغ إجراء اختبارات باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، لكن كيم جونغ أون كثّف عمليات إطلاق الصواريخ هذا العام، في حين حذر خبراء من أنه قد يكون يختبر أسلحة قبل تسليمها إلى روسيا.