أتراك المهجر يختتمون التصويت في انتخابات مفصلية

TT

أتراك المهجر يختتمون التصويت في انتخابات مفصلية

امرأة تقف أمام ملصق انتخابي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
امرأة تقف أمام ملصق انتخابي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)

اختتم ملايين الأتراك الذين يعيشون خارج تركيا، التصويت الثلاثاء، في انتخابات تشهد توترات كثيرة، وتحوّلت استفتاءً على حكم الرئيس رجب طيب إردوغان المستمر منذ عقدين. وتعدّ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تجري الأحد، بمثابة حكم على القائد التركي الذي أمضى الفترة الأطول في الحكم، وعلى التحوّل الاجتماعي الذي قاده حزبه «العدالة والتنمية».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الانتخابات تعدّ الأكثر أهمية في تركيا منذ أجيال، كما أنّها الأصعب في مسيرة الرئيس البالغ 69 عاماً. وتُظهر استطلاعات الرأي، أنّ إردوغان يخوض معركة متقاربة مع منافسه العلماني كمال كليتشدار أوغلو، وتحالفه القوي المكوّن من ستة أحزاب تعكس الانقسام الثقافي والسياسي في تركيا.

وأُدليت الأصوات الأولى من قِبل الأتراك الذين انتقلوا من المقاطعات الأفقر إلى أوروبا الغربية على مدى عقود، في ظلّ خططٍ تهدف إلى مكافحة نقص اليد العاملة في القارة في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ويشكّل هؤلاء 3.4 مليون ناخب من مجموع الناخبين المسجّلين في تركيا، والبالغ عددهم 64.1 مليون ناخب، كما يميلون إلى دعم المرشّحين الأكثر محافظة.

أفيد بأنّ نسبة المشاركة الرسمية الثلاثاء في صباح اليوم الأخير من التصويت في الخارج، وصلت إلى 51 في المائة، أي أقل بقليل من الانتخابات السابقة، الأمر الذي يعدّ مصدر قلق محتملاً لإردوغان. وقال بيرلينر كوتاي يلماز في اليوم الأول من التصويت في ألمانيا أواخر الشهر الماضي «أنا هنا لأنّ تركيا في وضع مروّع للغاية في الوقت الحالي». وأضاف «أريد أن أعود (إلى تركيا) يوماً ما. لهذا جئت إلى هنا اليوم وأدليت بصوتي. أريد أن يتغيّر الزعيم».

أعمال عنف

ترافق التصويت مع موجة من أعمال العنف التي تعكس الغضب السائد في المجتمع التركي المستقطب، في مواجهة أعمق أزمة اقتصادية يشهدها منذ التسعينات. وقالت الشرطة الهولندية الأحد، إنّها اضطُرّت إلى فضّ «شجار كبير شارك فيه نحو 300 شخص» في مكتب اقتراع في أمستردام. كذلك، استخدمت الشرطة في مدينة مرسيليا الفرنسية الغاز المسيل للدموع لفض شجار مماثل بين أنصار إردوغان ومعارضيه الأسبوع الماضي.

أنصار مرشح المعارضة للرئاسة كمال كليتشدار أوغلو (رويترز)

غير أنّ ذلك لم يمنع شجاراً آخر من الاندلاع في مركز الاقتراع نفسه في مرسيليا في وقت لاحق. كما أوقفت الشرطة الفرنسية شخصين. تفاقم التوتر خلال جولة قام بها رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو الأحد، في معقل للمحافظين في تركيا. إذ رشق متظاهرون يمينيون حافلة حملته الانتخابية بالحجارة والزجاجات، بينما كان يحاول إلقاء خطاب من على متنها. وقال وزير الدفاع التركي، الثلاثاء، إنّه تمّ فصل رقيب مشاة لحين انتهاء التحقيق في تورّطه في أعمال العنف. ودفعت هذه الحادثة كليتشدار أوغلو (74 عاماً)، الذي يريد أن يعيّن إمام أوغلو نائباً له، إلى مناشدة الجميع قائلاً «من فضلكم، ابقوا هادئين». وقال في مقابلة تلفزيونية «إننا متجهون إلى انتخابات وليس إلى حرب».

عرض قوة

يعكس الجو المحموم المخاطر بالنسبة إلى جميع الأطراف. إذ ترى المعارضة أنّ هذه الانتخابات هي أمر حاسم بالنسبة لمستقبل تركيا الديموقراطي. من جهته، ركّز إردوغان السلطة في يديه وأطلق العنان لعمليات تطهير واسعة في العقد الثاني من حكمه.

غير أنّ تقرّبه من روسيا وتوغّلاته العسكرية في سوريا، أدّيا إلى تدهور علاقاته مع الغرب. لكنّ الرئيس التركي لا يزال يحظى بدعم بين الناخبين الأكثر فقراً والأكثر تديّناً، والذين لا يزالون يتذكّرون الفساد والضائقة اللذين تميّز بهما نصف قرن من الحكم العلماني. ونظّم إردوغان تجمّعاً لعرض قوته في إسطنبول الأحد، استقطب مئات الآلاف من مناصريه المتحمّسين.

تجمع انتخابي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

كذلك، أعلن زيادة جديدة بنسبة 45 في المائة في أجور 700 ألف موظف حكومي، الثلاثاء، هي الأحدث في سلسلة طويلة من إعلانات مماثلة خلال حملته الانتخابية.


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.