حرَّك قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدراسة تصنيف 3 فروع لجماعة الإخوان المحظورة ببلدان عربية، المياه الراكدة بشأن مستقبل الجماعة التي تأسَّست بمصر عام 1928، وملاحَقةً حالياً من القاهرة. وبات فرعها المصري الذي يدير التنظيم من الخارج منقسماً على نفسه.
بيانات رفض واتهامات صدرت من تنظيم الإخوان الأم، ترفض قرار ترمب وتعتزم ملاحقته قضائياً، وهو ما يرى خبراء أمن وجماعات متشددة تحدَّثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه «جراء ارتباك داخلي وصدمة من القرار»، متوقعين أن «يكون القرار المحتمل مسماراً أخيراً في نعش الجماعة ويزيد التعقيدات في المشهد بدول عربية وأوروبية لها ارتباطات بالجماعة قد يدفعها لتغيير هويتها ونكران النسب».
وقال بيان لجماعة «الإخوان» المحظورة بمصر والموجودة بالخارج جبهة صلاح عبد الحق، مساء الأربعاء: «نرفض بشكل قاطع أمر ترمب الصادر في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) بشأن الجماعة»، وزعم أن التنظيم لا يعمل من خلال فروع بل بكيانات منفصلة تتخذ قراراتها الخاصة وتتصرف وفقاً للقانون في البلدان التي توجد فيها، وعدّ التصنيف «يُقوّض الأمن القومي الأميركي والاستقرار الإقليمي».
وأكد البيان أن «الجماعة ستستخدم كل السبل القانونية المتاحة للطعن على هذه الإجراءات، وأنها تظل مستعدة للتعاون بحُسن نية في هذا الصدد مع الإدارة الأميركية».
في حين قالت الجبهة الثانية بالتنظيم المصري للجماعة بالخارج المعروفة باسم «تيار التغيير»، إن «القرار لا يستهدف جماعة بعينها فحسب، بل يستهدف كل صوت حر، أو مقاوم للاحتلال»، مؤكدة أن «الإدارة الأميركية هي العدو الأول لحرية المنطقة»، بينما لم تصدر جبهة محمود حسين بياناً بشأن القرار الأميركي بعد.
وتصنّف السلطات المصرية، «الإخوان»، «جماعةً إرهابيةً» منذ عام 2013، في عودة لعقود من تلك المواجهات، ويقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما هناك آخرون هاربون في الخارج ومطلوبون للقضاء المصري، ويديرون حالياً التنظيم وسط انقسامات حادة.

ويرى المختص في شؤون الأمن القومي، اللواء محمد عبد الواحد، أن «القرار أثار ارتباكاً دون شك للإخوان أنفسهم، وتحركات الجماعة لن تُفشِل القرار الذي حاول ترمب أن يمرره في ولايته الأولى عام 2019 ولم يستكمله لمعارضة داخلية»، مضيفاً أن «الرئيس الأميركي حالياً يتخذ طريقاً أسهل له بإصدار أمر تنفيذي قد يحق له ولغيره من الرؤساء تغييره بعيداً عن قرارات الكونغرس الصعبة في التمرير أو الإلغاء».
ويعتقد أن «ترمب يحاول إرضاء الشركاء في المنطقة الذين يريدون تقويض الجماعة، وبدأ بفروع عدة، على أن يرى رد الفعل بشكل عام، فإن مضى كما يرى سيتخذ قراراً بتصنيف التنظيم بالكامل إرهابياً».
ولا يختلف الخبير في شؤون الحركات المتطرفة منير أديب، عن ذلك التقدير، عادّاً أن «القرار سبَّب ارتباكاً للجماعة وليس أمامها إلا عقد اجتماع التنظيم الدولي لها (أعلى هيئة) لنظر ردود الفعل المتوقعة»، مشيراً إلى أن «القرار ربما يكون المسمار الأخير في نعش الإخوان بوصفه تنظيماً وليس أفكاراً خاصة، والدول العربية بذلت مجهوداً كبيراً في تقويضها».
ويعدّ أن «رفض الإخوان لهذا القرار بمثابة وضع أجهزة تنفس اصطناعي لعدم موت التنظيم ليس أكثر».
ووفقاً لبيان صادر عن البيت الأبيض، وقّع ترمب أمراً تنفيذياً، يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، بتقديم تقرير حول ما إذا كان سيتم تصنيف أي من فروع جماعة «الإخوان المسلمين» (تأسست عام 1928) كتلك الموجودة في لبنان ومصر والأردن، وذلك في غضون 45 يوماً، بحسب ما نقلته «رويترز»، الثلاثاء.
واتهمت إدارة ترمب فروعاً لـ«الإخوان المسلمين» في تلك الدول بدعم أو تشجيع شنّ هجمات عنيفة على إسرائيل وشركاء الولايات المتحدة، أو تقديم الدعم المادي لـ«حماس».
وفي تصريحات لموقع «جست ذا نيوز» اليميني الأميركي، الأحد، أكّد ترمب أن خطته لتصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً» باتت في مراحلها الأخيرة، وذلك بعد خطوة حاكم ولاية تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، الذي صنّف الأسبوع الماضي «الإخوان» و«مجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية (كير)» «منظمتين إرهابيَّتين أجنبيَّتين ومنظمتين إجراميَّتين عابرتين للحدود»، وطعن المجلس على التصنيف.
ويأتي التحرك الأميركي ضمن موجة أوسع من الإجراءات التي اتخذتها دول عربية وأجنبية عدة خلال السنوات الأخيرة ضد الجماعة، شملت حظراً قانونياً، وملاحقات قضائية، وتجفيفاً لمصادر التمويل، حيث حظرتها بلدان عدة أو وضعتها على قوائم الإرهاب، من بينها مصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين، في ظل اتهامات بتأجيج التوترات الإقليمية، ودعم جماعات مسلّحة.
ويعتقد عبد الواحد، أن «التصنيف الأميركي حال صدوره سيصعّب موقف التنظيم كونه يضيق الخناق على التمويلات التي تعدّها الجماعة شرياناً أساسياً للبقاء».
في حين يرى أديب أن القرار حال صدوره «سوف يقطع الشبكة المالية وسبل الإمدادات ويجعل الجسد الضخم دون حراك، وقد تلجأ الجماعة لتغيير جلدها بظهور أسماء جديدة، وبيع مقراتها، واللجوء لسياسة الهروب للأمام لعدم محاصرتها والقضاء عليها».









