حرب غزة في عامها الثالث... هدنتان وآمال بسلام دائم

طفلة فلسطينية تجلس خارج إحدى الخيام التي تؤوي النازحين بسبب الحرب شمال غربي خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تجلس خارج إحدى الخيام التي تؤوي النازحين بسبب الحرب شمال غربي خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حرب غزة في عامها الثالث... هدنتان وآمال بسلام دائم

طفلة فلسطينية تجلس خارج إحدى الخيام التي تؤوي النازحين بسبب الحرب شمال غربي خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تجلس خارج إحدى الخيام التي تؤوي النازحين بسبب الحرب شمال غربي خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تدخل الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، الثلاثاء، عامها الثالث لتطوي وراءها هدنتين أسفرتا عن إطلاق سراح رهائن وأسرى من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، بينما يترقب العالم نتائج خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي قال إنها ستقود لـ«سلام دائم».

ذلك العام الثالث الذي يدخل بينما تجري مفاوضات في شرم الشيخ المصرية لوقف الحرب قد يشهد هدنة جديدة على منوال ما تم خلال العامين الماضيين، على أمل أن تقود المساعي لوقف الحرب بشكل نهائي، شريطة أن تغادر واشنطن انحيازها لإسرائيل الذي عطل الاتفاق النهائي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وكان طريق وقف الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تشكل سريعاً عقب وساطة ثلاثية من مصر وقطر والولايات المتحدة، أدارت مهامها بشكل رئيسي بين 4 عواصم هي: القاهرة والدوحة وباريس وروما، وفق رصد «الشرق الأوسط».

ولعبت الوساطة لا سيما المصرية والقطرية، بحسب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار غباشي، وسفير فلسطين السابق بالقاهرة بركات الفرا، دوراً مهماً، رغم ما شهدته غزة من حرب إبادة غير مسبوقة، والتعنت الإسرائيلي والانحياز الأميركي المتكرر.

والد طفل فلسطيني قُتل في غارة جوية إسرائيلية بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأسفرت وساطة وقف الحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، عن إبرام هدنة وحيدة لم تستمر أسبوعاً، تضمنت الإفراج عن 109 رهائن لدى «حماس» و240 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل، بخلاف إدخال مزيد من المساعدات للقطاع.

وعلى مدار نحو عام، سعى الوسطاء لإبرام هدنة ثانية، عبر تقديم 4 مقترحات رئيسية، سعت لهدن جزئية نوقشت في العواصم الأربعة، واصطدمت بعقبات إسرائيلية، أبرزها عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، ولم يفلح المقترح الأبرز المتمثل في خريطة الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن في 31 مايو (أيار) 2024 في حلحلة الأزمة.

وكانت إسرائيل هي السبب كما يعتقد السفير بركات الفرا، في إفشال محاولات عديدة لوقف الحرب، خاصة أن إدارة بايدن لم تكن قادرة على الضغط عليها بشكل جاد وحقيقي، ما جعل الحرب تستمر تحت ظروف إنسانية غير مسبوقة.

وباعتقاد غباشي، فإن الوسيط الأميركي منذ الحرب كان سبباً رئيسياً في تعطيل التوصل لاتفاق سريع وحقيقي وجاد، مشيراً إلى أن كل خطوات القاهرة والدوحة للأمام في مسار الوساطة عطلتها واشنطن بانحيازها لإسرائيل.

ومع ولاية جديدة من ترمب، كان الأمل يعود للسلام مجدداً مع رغبة متكررة من الرئيس الوافد الجديد للبيت الأبيض. وأعلن الوسطاء، في 15 يناير (كانون الثاني) 2025، التوصل إلى هدنة تسمح بتسليم 33 رهينة مقابل 1900 أسير فلسطيني، قبل أن تنهار في مارس (آذار) بعد استئناف إسرائيل عمليتها العسكرية مجدداً بالقطاع.

وعلى مدار 3 أشهر، حاول الوسطاء عبر مقترحات عديدة المضي نحو هدنة ثالثة، وكادت التفاهمات تصل في اجتماعات بالدوحة يوليو (تموز) الماضي لاتفاق جديد، قبل أن ينسحب الفريقان التفاوضيان الأميركي والإسرائيلي من المحادثات، وتبادلت «حماس» وإسرائيل اتهامات بالمسؤولية عن تخريبها.

ووسط تصعيد عسكري لاحتلال مدينة غزة، بدأ يتصاعد في أغسطس (آب)، قابله نشاط عربي دولي للاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر (أيلول)، عاد ترمب للواجهة بخطة في 29 سبتمبر قال إنها ستقود لسلام دائم بغزة، وتجاوبت معها حركة «حماس» وقادة دول عربية وإسلامية، قبل أيام، والاثنين انطلقت مفاوضات جولتها الأولى في مدينة شرم الشيخ المصرية.

وأبدى ترمب، الأحد، تفاؤلاً، وقال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: «تم إبلاغي بأنه من المقرر إتمام المرحلة الأولى (من الخطة) هذا الأسبوع، وأدعو الجميع إلى التحرك بسرعة».

ويرى غباشي أن «تجاوب المقاومة مع خطة ترمب فيها قدر كبير من الدهاء، لكن الواقع يقول إننا على مشارف صعوبة في التنفيذ وفي ضبط الإيقاع الإسرائيلي ضمن سياق الاتفاق، وسط مخاوف من تواطؤ أميركي إسرائيلي بعد تسليم الرهائن عبر التراجع عن الوعود».

ويعتقد غباشي أن يكون العام الثالث عام قلق من عدم اكتمال اتفاق وقف الحرب نهائياً في ضوء الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 2026 ومواقف أميركية مزاجية قد تعطل المسار قليلاً ضمن ضغوط غير مقبولة لاحقاً.

ولا يعتقد السفير الفلسطيني السابق بركات الفرا، أن المسار الحالي قد يقود لسلامٍ دائم كما يتحدث ترمب، خاصة أنه قد لا يضغط بشكل حقيقي على نتنياهو بعد تسلم الرهائن الأحياء والجثث كاملين خلال أيام، مستدركاً: «لكن ستحدث هدن جديدة، ونأمل أن تستمر وتقود لسلام دائم، وألا يعرقلها نتنياهو الذي لم يتورع أن يضرب دولة الوساطة قطر الشهر الماضي ويخرب المفاوضات».

وبرأي الفرا، فإن نتنياهو الذي ينتظر انتخابات 2026 (التجديد النصفي للكونغرس)، ويتطلع للاستمرار حفاظاً على مصالحه، سيكون أحرص على ألا تتوقف الحرب بشكل دائم وأن يكون هناك ألغام أمام حدوث ذلك، مؤكداً أن الوساطة لا سيما المصرية والقطرية والشركاء الداعمين لوقف الحرب عليهم دور كبير في تحقيق أمل السلام الدائم الذي يتمناه الجميع.


مقالات ذات صلة

بعد قطيعة بسبب حرب غزة... بوليفيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

بعد قطيعة بسبب حرب غزة... بوليفيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل وبوليفيا ستوقعان اتفاقاً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف وسط الأنقاض في رفح جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز) play-circle

تحركات إسرائيلية لفرض منطقة عازلة جديدة في غزة

أظهرت تحركات ميدانية إسرائيلية متواصلة سعياً لفرض منطقة عازلة جديدة في قطاع غزة بعمق يقارب 3 كيلومترات غرب الأصفر الذي يفصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا الحكومة البريطانية تعلن استضافة مؤتمر لإنشاء صندوق دولي للسلام من أجل إسرائيل وفلسطين (إ.ب.أ)

بريطانيا تعلن استضافة مؤتمر «لبناء السلام» لفلسطين وإسرائيل في مارس المقبل

أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، أنها سوف تستضيف في الثاني عشر من مارس (آذار) المقبل مؤتمراً هاماً لبناء السلام والمساعدة في إنشاء صندوق دولي للسلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون داخلياً بينهم أطفال يحملون أواني الطعام في أثناء تجمعهم لتلقي الطعام من مطبخ خيري في مدينة غزة أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

«يونيسف»: أعداد «صادمة» من أطفال غزة ما زالوا يعانون سوء التغذية الحاد

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم (الثلاثاء)، من استمرار ارتفاع حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية عند المعبر الحدودي الرئيسي بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن إعادة فتح معبر اللنبي مع الأردن بدءاً من الأربعاء

أعلنت إسرائيل اليوم (الثلاثاء)، عزمها على إعادة فتح معبر اللنبي (جسر الملك حسين) مع الأردن غداً (الأربعاء) لنقل البضائع والمساعدات إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».


دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
TT

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

انطلاقاً من إيمان السعودية بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء الشعوب وصناعة التنمية، واصلت الرياض تقديم دعم واسع وشامل للقطاع التعليمي في اليمن، عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، الذي نفّذ خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع والمبادرات النوعية، أسهمت في تحسين بيئة التعليم وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات الطلاب والكوادر الأكاديمية في مختلف المحافظات.

يأتي هذا الدعم، امتداداً لالتزام سعودي راسخ بدعم استقرار اليمن وتنميته، وإدراكاً للدور الحيوي الذي يؤديه التعليم في تعزيز رأس المال البشري ودفع عجلة التنمية الشاملة.

وبحسب بيانات رسمية، نفّذ البرنامج السعودي، 5 مشروعات ومبادرات تعليمية شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة يمنية، ضمن جهود السعودية لدعم القطاعات الحيوية في اليمن.

في قطاع التعليم العام، ركّز البرنامج على بناء بيئة تعليمية حديثة وآمنة للطلاب، من خلال إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات. وتضمّ هذه المدارس فصولاً دراسية متطورة ومعامل حديثة للكيمياء والحاسب الآلي، بما يرفع مستوى جودة التعليم ويحفّز الطلاب على التعلم النشط واكتساب المهارات العلمية.

ولضمان استمرارية التعليم، قدّم البرنامج خدمات النقل المدرسي والجامعي عبر حافلات مخصّصة، ما أسهم في تخفيف أعباء التنقل عن آلاف الأسر وساعد في انتظام الطلاب والطالبات في الدراسة، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

دعم الجامعات

على مستوى التعليم العالي، نفّذ البرنامج مشاريع نوعية لتحسين البنية التحتية للجامعات ورفع جودة البيئة الأكاديمية. فقد شمل دعمه جامعة عدن من خلال تجهيز 28 مختبراً حديثاً في كلية الصيدلة، تغطي تخصصات الكيمياء والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، إلى جانب إنشاء مختبر بحث جنائي هو الأول من نوعه في اليمن، ما يشكّل إضافة مهمة للعمل الأكاديمي والبحثي.

كما يعمل البرنامج، على تجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، لما يمثله ذلك من دور محوري في سد النقص الكبير في الكوادر الصحية وتعزيز قدرات القطاع الطبي في البلاد. ويتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تطوير البحث العلمي ورفع مستوى التعليم الأكاديمي المتخصص.

وفي محافظة مأرب، أسهم البرنامج في معالجة التحديات التي تواجه جامعة إقليم سبأ، من خلال تنفيذ مشروع تطوير يشمل إنشاء مبنيين يضمان 16 قاعة دراسية، ومبنى إدارياً، وتأثيث مباني الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وتحسين جودة التعليم الجامعي.

التدريب المهني والتعليم الريفي

في مجال التدريب الفني والمهني، يعمل البرنامج السعودي على إنشاء وتجهيز المعهد الفني وكلية التربية في سقطرى، بقدرة استيعابية تشمل 38 قاعة دراسية ومعامل متخصصة للحاسوب والكيمياء، ما يساعد في توفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والمتدربين.

كما دعم البرنامج، مشروعاً مشتركاً مع «مؤسسة العون للتنمية»، لتعزيز تعليم الفتيات في الريف، واختُتم بمنح 150 فتاة، شهادة دبلوم المعلمين، ما يسهم في رفع معدلات تعليم الفتيات وتشجيعهن على مواصلة التعليم العالي.

يُذكر، أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، نفّذ حتى الآن 268 مشروعاً ومبادرة في ثمانية قطاعات حيوية تشمل التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والنقل، ودعم قدرات الحكومة والبرامج التنموية، ما يجعل دوره من أهم المساهمات الإقليمية في دعم استقرار وتنمية اليمن.