احتفالات شعبية يمنية بثورة «26 سبتمبر» رغم قمع الحوثيين

السكان تحدوا إجراءات الجماعة الأمنية

المئات من سكان إب خرجوا إلى الشوارع للاحتفال بذكرى الثورة برغم الإجراءات القمعية الحوثية (إكس)
المئات من سكان إب خرجوا إلى الشوارع للاحتفال بذكرى الثورة برغم الإجراءات القمعية الحوثية (إكس)
TT

احتفالات شعبية يمنية بثورة «26 سبتمبر» رغم قمع الحوثيين

المئات من سكان إب خرجوا إلى الشوارع للاحتفال بذكرى الثورة برغم الإجراءات القمعية الحوثية (إكس)
المئات من سكان إب خرجوا إلى الشوارع للاحتفال بذكرى الثورة برغم الإجراءات القمعية الحوثية (إكس)

شهد عدد من المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين احتفالات شعبية واسعة بالذكرى الـ63 لـ«ثورة 26 سبتمبر»، على الرغم من تحذيرات الجماعة، وتشديد إجراءاتها الأمنية، وملاحقاتها للسكان والناشطين الراغبين في الاحتفال، وإصدار تعليمات بمنع رفع العلم الوطني أو تعليق ونشر الزينات.

وخرج سكان في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) إلى الشوارع، للاحتفال في عدد من التجمعات التي رفع فيها العلم اليمني مع ترديد الأغاني الوطنية وأداء الرقصات، كما أطلقت الألعاب النارية في سماء المدينة وعدد من أرياف المحافظة، وأُشعلت النيران على أسطح المنازل وقمم الجبال، ورُفعت الأعلام على المنازل والسيارات.

وذكر شهود في المحافظة أن الاحتفالات في الشوارع جرت على مرأى ومسمع من مسلحي الجماعة الحوثية الذين انتشروا بشكل مكثف منذ أيام، وضاعفوا من انتشارهم من بعد ظهر الخميس، إلا أنهم لم يتدخلوا لفض التجمعات الاحتفالية، واكتفوا بمراقبتها بحذر.

إلا أن مصادر محلية في مركز المحافظة ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية، وبعد انتهاء الاحتفالات الشعبية في الشوارع، أوقفت، في نقاط تفتيش مستحدثة، عدداً من الشبان المحتفلين الذين تأخروا في العودة إلى منازلهم، ولم يعرف هل أفرجت عنهم أم اعتقلتهم.

وفي أكثر من مناسبة، طلبت الجماعة من السكان الاحتفال بذكرى الثورة معها ووفقاً لشروطها، في حين يصف الأهالي احتفالاتها بهذه الذكرى بالمسرحية والفعاليات المزيفة لامتصاص غضبهم منها، ويتهمونها بمعاداة قيم ومبادئ وأهداف الثورة التي قامت، قبل 6 عقود، ضد حكم أسلافهم الأئمة.

قيود مضاعفة

وكانت الجماعة نفذت منذ أيام حملات اعتقالات واسعة في عدد من المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرتها بحق سكان من مختلف الفئات، بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة، أو إبداء مظاهر احتفالية مثل رفع الأعلام والزينات أو الاستماع للأغاني الوطنية، إلى جانب عشرات تم اعتقالهم بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وواصلت الجماعة، حتى ليل الخميس، حملات الاعتقال والاختطاف التي طالت عدداً غير معروف في مختلف المناطق.

وتقول المصادر إن نقاط تفتيش مستحدثة ومكثفة انتشرت على مختلف الطرق والشوارع في المدن والأرياف، وجرى إيقاف المئات من سائقي وراكبي السيارات والدراجات النارية للتحقيق معهم، دون أن يُعلم أعداد من جرى اقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز.

وتشير المصادر إلى أن أجهزة أمن الجماعة أصدرت تعليمات صارمة للشخصيات الاجتماعية والوجهاء والأعيان وشيوخ القبائل ومسؤولي الأحياء المعروفين بـ«عقال الحارات» بتحذير الأهالي من أي مظاهر أو بوادر احتفال، ومنع أي تجمعات.

وبيّنت أن أكثر من 10 أشخاص تم اعتقالهم، الخميس، في مديريات ذي السفال، السياني، والمخادر، وتركزت الاعتقالات في مديرية السدة التي شهدت إجراءات أمنية مشددة منذ أسابيع، مرجعة ذلك إلى كون المديرية شهدت، خلال الأعوام الماضية، احتفالات حاشدة بذكرى الثورة أكثر من غيرها من المناطق.

شبان في ريف محافظة إب يرفعون العلم الجمهوري قرب خزان مائي (إكس)

وفي مديرية خمر بمحافظة عمران، شمال العاصمة المختطفة صنعاء، اعتقلت الجماعة الحوثية الشيخ القبلي حارث الخشار، على خلفية نشره شعاراً احتفالياً بذكرى ثورة سبتمبر على قصة حسابه في تطبيق «واتساب»، دون أن يكون قد أبدى أي نوايا أو شارك في مظاهر احتفالية أخرى.

تجسس وملاحقات

تنقل مصادر «الشرق الأوسط» في صنعاء عن الأهالي أنهم التزموا أقصى درجات الحيطة والحذر حتى في أحاديثهم في مقار أعمالهم وتجمعاتهم مع أقاربهم وأصدقائهم، بعد أن زادت وقائع الاعتقال على خلفيات أحاديث أو منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويبرر الأهالي حذرهم بسبب نشر الجماعة الحوثية مخبريها في أوساطهم للتجسس على مختلف أنشطتهم وممارساتهم اليومية، لدرجة التلصص على أحاديثهم الخاصة ورسائلهم الجماعية في مواقع التواصل الاجتماعي.

عناصر حوثيون في فعالية للاحتفال بذكرى الثورة وهو ما يصفه اليمنيون بالادعاء (إعلام حوثي)

وكانت وزارة الداخلية في حكومة الجماعة غير المعترف بها حذرت، الثلاثاء الماضي، من أي بوادر أو مساعٍ للاحتفال بذكرى الثورة، متهمة الراغبين بذلك بالعمالة لإسرائيل، والمشاركة في «مخططات معادية لاستهداف الجبهة الداخلية»، متوعدة بإفشالها والتصدي لها، وزعمت حصولها على معلومات بإنفاق، من وصفتهم بـ«الأعداء»، أموالاً لتحويل المناسبات الوطنية إلى منصات لإثارة الفوضى.

وشملت الإجراءات المدارس والجامعات العمومية والخاصة بفرض قيادات حوثية للإشراف عليها بالتنسيق مع إداراتها، وعمّمت، بواسطة هؤلاء المشرفين، بمنع الطلاب والمدرسين من أي أنشطة أو فعاليات أو حتى أحاديث داخل القاعات الدراسية أو التجمعات حول ذكرى الثورة اليمنية، ووجهتهم باستئذان الإدارة والمشرفين الحوثيين قبل الشروع في أي نشاط له صلة بها.

يُذكر أن الجماعة الحوثية تنظم احتفالاً شكلياً محدوداً في صنعاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر، مقارنة باحتفالاتها بذكرى انقلابها في الـ21 من الشهر ذاته، ويرى اليمنيون في تلك الممارسات تعبيراً عن نقمة على الثورة، وتعكس رغبة في إسقاطها من وجدانهم.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.