مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

على غرار أزمة محال «بلبن»

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».


مقالات ذات صلة

هل يُسهم حديث ترمب عن «سد النهضة» في حلحلة الأزمة بين مصر وإثيوبيا؟

شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

هل يُسهم حديث ترمب عن «سد النهضة» في حلحلة الأزمة بين مصر وإثيوبيا؟

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «سد النهضة» تساؤلات حول مدى إمكانية تدخل واشنطن لحلحلة الأزمة القائمة بين القاهرة وأديس أبابا حول «السد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عبور سفينة حاويات قناة السويس (هيئة قناة السويس)

مصر تؤكد عدم تأثر حركة الملاحة في قناة السويس بـ«حادثة القنطرة»

أكّدت مصر عدم تأثر حركة الملاحة في قناة السويس بـ«حادثة القنطرة»، مشددة على تعامل قاطرات الإنقاذ البحري بهيئة قناة السويس بـ«احترافية» مع طوارئ الملاحة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا مصطفى مدبولي خلال تفقد سفينة تغييز في ميناء العين السخنة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تكثف جهود تأمين احتياجات الغاز في ظل المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية/

تكثف مصر جهودها لتأمين احتياجات الغاز في ظل المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية، من أجل ضمان استقرار الكهرباء خلال فصل الصيف

أحمد عدلي (القاهرة )
تحليل إخباري مصر لتكثيف جهودها لإيجاد حل سياسي للصراع الإسرائيلي - الإيراني (الشرق الأوسط)

تحليل إخباري مصر ستكثّف جهودها لإيجاد حل سياسي للصراع الإسرائيلي - الإيراني

جاء اتصالا عبد العاطي بويتكوف وعراقجي في إطار «الاتصالات المصرية لاحتواء التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران»، حسب وزارة الخارجية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مطار شرم الشيخ الدولي يشهد زحاماً (محافظة جنوب سيناء)

شرم الشيخ مزدهرة سياحياً في ظل المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية

مصادر سياحية في مصر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «حركة السياحة تسير بشكل طبيعي في محافظة جنوب سيناء المجاورة لإسرائيل».

هشام المياني (القاهرة )

تغيّرات المناخ أثّرت على سلوك المجتمع في اليمن

مزرعة موز تأثرت بالتغيرات المناخية في اليمن (الأمم المتحدة)
مزرعة موز تأثرت بالتغيرات المناخية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

تغيّرات المناخ أثّرت على سلوك المجتمع في اليمن

مزرعة موز تأثرت بالتغيرات المناخية في اليمن (الأمم المتحدة)
مزرعة موز تأثرت بالتغيرات المناخية في اليمن (الأمم المتحدة)

مع زيادة التحديات البيئية التي تواجه اليمن جراء التغيرات المناخية، أكدت بيانات أممية أن هذه التغيرات أثّرت على سلوك المجتمعات في البلاد، وألقت بظلالها على مصادر العيش؛ إذ تجاوز عدد المتضررين منها خلال العام الماضي 1.3 مليون شخص، وسط شكوى حكومية من تأخر الجانب الأممي في تنفيذ المشاريع المرتبطة بقضايا المناخ والبيئة.

وبحسب هذه البيانات، فإنه في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بتغير المناخ وتأثيره على المجتمعات المحلية اليمنية، فقد أدت الفيضانات وتقلبات الطقس إلى أضرار كبيرة سواء على الأراضي الزراعية أو الطرقات، وحالت دون القدرة على الوصول إلى المناطق والأسواق.

وأوضحت منظمة الهجرة الدولية في تقرير حديث أن تغير المناخ غيّر أسلوب حياة الناس في اليمن، وأكدت وجوب أن تتكيف استجابة المنظمات الإغاثية مع هذه الحقائق المتغيرة، لبناء القدرة على الصمود في مواجهة تزايد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك الفيضانات والأعاصير، والتي لها آثار مدمرة على الفئات السكانية الضعيفة.

امرأة تحمل حصاد إحدى المزارع في حين تواجه البلاد موجة جفاف شديدة (الأمم المتحدة)

وذكرت أن اليمن شهد ظواهر جوية متطرفة متزايدة؛ إذ أثّرت الفيضانات على أكثر من 1.3 مليون شخص خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 61 في المائة عن العام الذي سبقه.

وقالت إن هذه الفيضانات غالباً ما تُسبب دماراً واسع النطاق للبنية التحتية والمنازل والطرق وشبكات المياه، وتُقوّض أيضاً الأمن الغذائي وسبل العيش.

شكوى حكومية

كانت الحكومة اليمنية ناقشت مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، سبل تسريع تنفيذ المشاريع البيئية والمناخية المشتركة، وتعزيز آليات التنسيق والمتابعة لضمان فاعلية الأداء وتحقيق الأهداف الوطنية والدولية.

وحثت الحكومة الشرعية الأمم المتحدة على تسريع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ عدد من المشاريع الحيوية، وفي مقدمتها مشروع البلاغ الوطني، مؤكدة أهمية هذا المشروع الذي يمثل ركيزة أساسية لإعداد المساهمات المحددة وطنياً، والتي يتوجب تسليمها قبل مؤتمر المناخ المقبل.

استياء حكومي من تأخير تنفيذ مشاريع البيئة والمناخ (إعلام حكومي)

وكُرّس لقاء جمع وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي، مع نائبة الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لمناقشة التأخير المستمر في تنفيذ مشروع استراتيجية التنمية النظيفة منخفضة الانبعاثات، على الرغم من مرور أكثر من عام على اعتماده، ووصول الدفعة المالية الأولى من صندوق المناخ الأخضر منذ ثمانية أشهر، دون استكمال تعيين الفريق الفني.

وشدد الوزير اليمني على ضرورة البدء الفوري في تنفيذ الخطة الوطنية للتكيف التي تم اعتمادها حديثاً، بالتنسيق مع فريق الوزارة لتجنب تكرار التأخير الإداري والفني، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

ونبّه الشرجبي إلى ضرورة عقد اجتماعات دورية منتظمة، سواء أسبوعية أو نصف شهرية، بين فرق الوزارة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لمتابعة سير العمل ومناقشة المستجدات، والالتزام التام بآليات التنسيق والتنفيذ المتفق عليها مسبقاً، مع ضمان وجود الخبراء المحليين داخل الوزارة، وتحت إشراف الفريق الوطني ومديري المشاريع لضمان سير العمل بسلاسة.