المصارف الخاضعة للحوثيين تعتزم النزوح الجماعي تفادياً للعقوبات الأميركية

«المركزي» اليمني رحَّب بالخطوة وأبدى تقديم الدعم والحماية

المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT
20

المصارف الخاضعة للحوثيين تعتزم النزوح الجماعي تفادياً للعقوبات الأميركية

المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

تعتزم البنوك اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين تنفيذ عملية نزوح جماعي إلى العاصمة المؤقتة عدن تفادياً للعقوبات الأميركية المفروضة على الجماعة، وسط مخاوف من ردود فعل حوثية انتقامية تشمل مصادرة أصول هذه البنوك وتقييد حركة الأموال.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعادت تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية» مع اتخاذ وزارة الخزانة عقوبات مالية واقتصادية ضد الكيانات والقيادات الحوثية مع منح استثناءات تتعلق بالجوانب الإنسانية.

ومع ترحيب البنك المركزي اليمني بخطوة انتقال البنوك، أفاد بأنه تلقى بلاغاً خطياً من غالبية البنوك التي تقع مراكزها في صنعاء بأنها قررت النقل لمراكزها وأعمالها إلى العاصمة المؤقتة عدن تفادياً لوقوعها تحت طائلة العقوبات الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أعلنت البدء في تنفيذ قرار التصنيف».

وأكد البنك استعداده وجاهزيته لتقديم كافة أشكال الدعم والحماية الممكنة لجميع البنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية لضمان استمرارها في تقديم خدماتها للمواطنين اليمنيين في الداخل والمهجر وفي جميع المحافظات، مشيراً إلى أنه سيقوم بالتأكد من تنفيذ قرار النقل الكامل ويصدر شهادات بذلك.

مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

كما أكد «المركزي اليمني» استعداده للعمل مع كافة المؤسسات المالية والإغاثية الدولية والإقليمية والتعاون معها بما يحفظ النظام المصرفي في اليمن، ويمكنها من مزاولة أعمالها ومهامها دون معوقات.

ودعا المركزي اليمني جميع البنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية إلى التعامل مع الحدث بمسؤولية وعناية فائقة من أجل الحفاظ على ممتلكات المواطنين، وعلى استمرار خدماتها، وتجنب أي عواقب غير مواتية تعقد التعاملات مع النظام المالي والمصرفي المحلي والإقليمي والدولي.

كما دعا البنك الجميع إلى التعامل بمسؤولية وطنية تأخذ في الاعتبار مصلحة المواطنين والبلد تفادياً لمزيد من التعقيدات والمعاناة، مضيفاً أنه يدرك تعقيدات الموقف، ويتعامل بحرص ومسؤولية من منطلق واجباته القانونية والمهنية والتزاماته الدولية، ويهدف بشكل أساسي إلى تفادي أي تداعيات قد تضر بمصالح المواطنين والاقتصاد الوطني وفي القلب منه القطاع المصرفي.

وحث البنك المركزي اليمني الجميع على تفهم هذه الظروف، والعمل بروح المسؤولية الوطنية لتجنيب القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني هذه المخاطر، محذراً من تداعيات التساهل مع هذه التطورات، ومؤكداً على ضرورة الالتزام بأحكام القوانين النافذة ومراعاة القواعد الحاكمة للتعاملات المالية والمصرفية مع الإقليم والعالم، وفق ما جاء في بيان البنك.

عملية معقدة وخطرة

يرى باحثون اقتصاديون أن عملية نقل البنوك مقارها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر، نظراً إلى الخطوات الانتقامية التي يمكن أن يقدم عليها الحوثيون.

ويعلق الباحث الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي على طلب البنوك نقل مقراتها من صنعاء، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن ذلك يعكس حقيقة أن بيئة العمل المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين أصبحت مرتفعة المخاطر، بخاصة بعد تصنيف الجماعة منظمة إرهابية أجنبية.

عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)
عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

ويشير الباحث اليمني إلى أن هذا التصنيف يضع المؤسسات المالية أمام تحدٍّ كبيرٍ، حيث تصبح عملياتها في صنعاء مصدر تهديد قانوني لها دولياً، مما قد يؤدي إلى عزلها عن النظام المالي العالمي.

وينتقد المساجدي بيان المركزي اليمني، لأنه حسب رأيه لم يكن خطوة فعلية لتنفيذ النقل، بل مثّل كشفاً للبنوك أمام الحوثيين، مما يجعلها عرضة لإجراءات انتقامية قد تصل إلى مصادرة أصولها. ويجزم أن «أي محاولة لنقل الأرصدة تحتاج إلى خطة مدروسة وآليات تنفيذية واضحة».

وبدلاً من تسهيل عملية النقل، وضع البنك المركزي في عدن البنوك في موقف صعب، وفقاً للمساجدي، حيث أصبحت مطالبة بتوضيح موقفها علناً بعد أن أجبرها الحوثيون على إصدار بيانات رسمية تؤكد أو تنفي تقديم طلبات الانتقال.

ويتابع المساجدي حديثه بالقول: «إن غياب آلية واضحة للتعامل مع أرصدة العملاء في صنعاء يزيد من الغموض، بخاصة مع وجود فروقات كبيرة في سعر الصرف بين صنعاء وعدن، مما قد يؤثر على استقرار القطاع المصرفي ككل».

خطوات سابقة

يشار إلى أن البنك المركزي اليمني كان في أبريل (نيسان) 2024 أمهل المصارف في مناطق سيطرة الحوثيين 60 يوماً من أجل نقل مقارها إلى عدن، واتخذ قراراً بسحب العملة القديمة التي يستخدمها الحوثيون.

وكانت هذه القرارات تهدف إلى تحرير القطاع المصرفي والرد على الحرب الاقتصادية الحوثية، إلا أن وساطة أممية أدت إلى تعليق تنفيذ هذه القرارات، بعد أن هدد الحوثيون بتفجير الحرب ونسف التهدئة.

رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم منعوا تداول الفئات الرسمية المطبوعة في عدن (إ.ب.أ)
رغم اهتراء العملة في مناطق سيطرة الحوثيين فإنهم منعوا تداول الفئات الرسمية المطبوعة في عدن (إ.ب.أ)

ونص قرار محافظ البنك المركزي اليمني في عدن حينها على نقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر من مدينة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأمهل القرار البنوك 60 يوماً للتنفيذ، وتوعد من يتخلف بأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه طبقاً لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب النافذة ولائحته التنفيذية.

وقال البنك إن قراره جاء نتيجة لما تتعرض له البنوك والمصارف العاملة من إجراءات غير قانونية من قبل جماعة مصنفة إرهابياً من شأنها أن تعرض البنوك والمصارف لمخاطر تجميد حساباتها وإيقاف التعامل معها خارجياً.

وخلال السنوات الماضية أدت تدابير الجماعة الحوثية إلى انقسام مصرفي، وفرضت سعراً محدداً للدولار في مناطق سيطرتها، ومنعت تداول الأوراق النقدية الصادرة عن البنك المركزي في عدن، كما فرضت عمولات على تحويل الأموال إلى مناطق سيطرتها تصل إلى ثلاثة أضعاف المبالغ المحولة من مناطق سيطرة الحكومة.


مقالات ذات صلة

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

العالم العربي الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

تعهد مسؤولون أميركيون شن المزيد من الضربات في اليمن حتى يقرر الحوثيون وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، كما هددوا باتخاذ إجراءات ضد إيران التي قالوا.

بدر القحطاني (لندن) علي ربيع (عدن)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ) play-circle

غوتيريش يدعو إلى ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية باليمن

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الأمين العام دعا إلى «أقصى درجات ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية في اليمن».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

الإرياني: الحوثيون يتحمّلون مسؤولية ضربات ترمب

حمل وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب، واتهمهم بأنهم اختاروا التصعيد تنفيذاً لرغبات إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب) play-circle 02:30

ترمب ينقل المواجهة مع الحوثيين إلى خانة «القوة المميتة»

نقل الرئيس الأميركي دونالد ترمب المواجهة مع الجماعة الحوثية من «رد الفعل» على الهجمات إلى «القوة المميتة» وسط تشكيك في إمكانية ردع الجماعة دون عمل بري.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب) play-circle 00:36

واشنطن تعلن مقتل قيادات حوثية أساسية... وترمب يضع الجماعة أمام واقع جديد

أعلن البيت الأبيض مقتل قيادات حوثية خلال الحملة العسكرية الأميركية ضد الحوثيين. وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مجموعة باحثين يمنيين وغربيين لقراءة التداعيات.

بدر القحطاني (لندن)

أميركا تشن ضربتين جويتين على الحديدة... والحوثيون يستهدفون مجددا الحاملة ترومان

مقاتلة «أف- 18» تقلع من حاملة طائرات أميركية متوجهة إلى اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة «أف- 18» تقلع من حاملة طائرات أميركية متوجهة إلى اليمن (أ.ف.ب)
TT
20

أميركا تشن ضربتين جويتين على الحديدة... والحوثيون يستهدفون مجددا الحاملة ترومان

مقاتلة «أف- 18» تقلع من حاملة طائرات أميركية متوجهة إلى اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة «أف- 18» تقلع من حاملة طائرات أميركية متوجهة إلى اليمن (أ.ف.ب)

ذكرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين، ليل الأحد الإثنين، بأنّ محافظة الحديدة الساحلية الخاضعة لسيطرة المتمردين في غرب اليمن تعرضت لغارتين أميركيتين، غداة غارات مماثلة استهدفت العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بالبلاد أسفرت عن سقوط 53 قتيلا.

وأوردت هذه الوسائل وقوع «عدوان أميركي بغارتين استهدفتا محلجا للقطن في مديرية زبيد» في محافظة الحديدة الساحلية والتي سبق وتعرضت لضربات إسرائيلية العام الماضي.

وأعلنت جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، في وقت مبكر من صباح اليوم الإثنين، استهداف حاملة الطائرات الأميركية «يو أس أس هاري ترومان» للمرة الثانية خلال 24 ساعة في شمال البحرالأحمر. وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيان «تم الاستهداف بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة في اشتباك استمر لعدة ساعات».

وأوضح أن القوات المسلحة (التابعة للحوثيين) «نجحت في إفشال هجوم معاد كان العدو يحضر لشنه على بلدنا». وأشار سريع إلى أن «مقاتلات العدو - في إشارة إلى المقاتلات الأميركية- المحلقة اضطرت إلى العودة من حيث انطلقت بعد إطلاق صواريخ ومسيرات على حاملة الطائرات والقطع التابعة لها».

وأكد المتحدث العسكري الحوثي، أن قوات جماعته «ستمضي قدما في تنفيذ ما ورد بكلمة زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، بشأن الخيارات التصعيدية في حال استمر العدوان على اليمن». كما أكد استمرارهم في حظر مرور السفن الإسرائيلية من منطقة العمليات في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب حتى رفع الحصار عن قطاع غزة.

إلى ذلك، نقلت صحيفة (وول ستريت جورنال) اليوم الأحد عن مسؤولين أميركيين القول إن الهجمات على الحوثيين التي بدأت أمس السبت صُممت لاستعراض قوة ساحقة للحد من قدرة الجماعة اليمنية على تهديد ممرات الشحن في البحر الأحمر.

وأضاف المسؤولون الأميركيون، الذين لم تفصح عنهم الصحيفة، أن الهجمات «استهدفت بشكل مباشر قيادة الحوثيين وهو خيار تجنبته إدارة (الرئيس السابق جو) بايدن». وتهدف الهجمات ضد الحوثيين أيضا إلى توجيه رسالة لإيران، بحسب المسؤولين الأميركيين.

وأبلغت مصادر الصحيفة الأميركية بأن القصف الأميركي استهدف منصات إطلاق صواريخ كانت تُنقل إلى المناطق الساحلية استعدادا لهجمات جديدة على حركة الملاحة البحرية. وقال مسؤولون أميركيون أمس السبت إن الضربات التي تستهدف جماعة الحوثي ستستمر أياما وربما أسابيع إذا لم تتوقف هجمات الحوثيين على حركة الشحن في البحر الأحمر.