«توترات التهجير» بين مصر وإسرائيل... هل تؤثر على صمود اتفاق «الهدنة»؟

القاهرة تستهجن «تضليل نتنياهو المتعمد»

نازحون فلسطينيون يتفقدون الأضرار في شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يتفقدون الأضرار في شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«توترات التهجير» بين مصر وإسرائيل... هل تؤثر على صمود اتفاق «الهدنة»؟

نازحون فلسطينيون يتفقدون الأضرار في شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يتفقدون الأضرار في شمال مدينة غزة (أ.ف.ب)

توترات جديدة بين مصر وإسرائيل، فجرتها تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، زعم خلالها «حصار القاهرة لسكان غزة وتحويل القطاع سجناً كبيراً» برفض تهجير الفلسطينيين، وسط عقبات إسرائيلية بشأن استكمال المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في قطاع غزة، وتعثر في بدء مفاوضات المرحلة الثانية منذ نحو أسبوع.

ورفضت القاهرة بشدة تصريحات نتنياهو ضدها، وعدَّتها «تضليلاً مرفوضاً»، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تصعيداً جديداً بين البلدين، يسعى إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي متعمداً؛ لتجاوز أزماته الداخلية، مع رفض بعض الوزراء بشأن استكمال المرحلة الثانية من الهدنة. وتوقعوا سيناريوهين، أحدهما «متفائل بإمكانية استمرار الاتفاق للحاجة إلى إطلاق سراح باقي الرهائن»، والآخر «يرجح التعثر مع حرص نتنياهو على بقائه السياسي في ظل تهديدات اليمين المتطرف بالانسحاب من الائتلاف الحاكم وحصوله على ضوء أميركي أخضر بتعطيل الصفقة، مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تصبّ في الاتجاه نفسه».

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر نتساريم وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية بثتها ليلة السبت - الأحد، زعم نتنياهو أن قطاع غزة عبارة عن «سجن مفتوح»، مع منع مصر سكانه من المغادرة طوعاً، مضيفاً: «سنكون قد أخرجنا 75 في المائة من الرهائن الأحياء بنهاية الأسبوع المقبل، وسنحقق النصر التام على (حماس)» من دون توضيح كيفية تحقيق ذلك الهدف واستمراره بالصفقة من عدمه.

مصر، عبر وزارة الخارجية، ردت مساء الأحد، مستهجنة تصريحات نتنياهو، وقالت إنها «تستهدف التغطية وتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين والمنشآت الحيوية الفلسطينية وتتضمن ادعاءات وتضليلاً متعمداً ومرفوضاً يتنافى مع الجهود التي بذلتها وتبذلها مصر منذ بدء العدوان على غزة».

وعبَّرت «الخارجية المصرية»، عن «رفضها التام لأي تصريحات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني، وتضامنها مع أبناء غزة البواسل الذين يتمسكون بأرضهم رغم كل ما يتعرضون له من أهوال».

وتأتي تصريحات نتنياهو والرد المصري، بعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض مع رئيس وزراء إسرائيل، عزمه السيطرة على غزة وتهجير الفلسطينيين منها، وسط ترحيب من الأخير بالفكرة، ورفض القاهرة لها، وإعلان «الخارجية» المصرية، استضافة قمة عربية طارئة في 27 فبراير (شباط) الحالي حول تطورات القضية الفلسطينية.

كما أبدى الرئيس الأميركي، امتعاضه من «الحالة المتردية» للرهائن الثلاث في صفقة التبادل الخامسة، مؤكداً أن الولايات المتحدة قد تفقد صبرها تجاه وقف إطلاق النار في غزة.

ووفق الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، فإن «مثل هذه التصريحات تزيد من التوتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل، لكن يجب أن تؤخذ في إطارها بأن حكومة نتنياهو في حالة أزمة داخلية حقيقية وتحاول أن تروّج مزاعم وأكاذيب وشائعات بدأت مرحلتها الأولى قبل أشهر ضد القاهرة بأنها تهرّب أسلحة عبر الأنفاق رغم النفي المصري المتكرر، وبدأت مرحلتها الثانية بأن القاهرة تحاصر القطاع وأخرى بأنها تدعم المقاومة».

وباعتقاد فهمي، فإن «الرد المصري ينقل رسالة لإسرائيل بأن العلاقات في حالة توتر واحتقان لأسباب مرتبط بعضها بملف التهجير، خصوصاً أن طرح ترمب حرض نتنياهو على مزيد من التعنت والضغط والمراوغة وتصدير أزمته الداخلية لمصر والأردن والعودة إلى إعادة سرديات مزعومة».

في حين يرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن تصريحات نتنياهو «حرب كلامية، تريد افتعال معارك وهمية واستفزاز الأطراف الرئيسية بالمنطقة لإشغال الرأي العام عن انتقاده وفشله المتواصل».

وتأتي التصريحات المتبادلة بين مصر وإسرائيل، مع استمرار تأخير انعقاد مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق التي كانت من المفترض أن تنطلق قبل أسبوع و«قبل أن يلتئم المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، مساء الثلاثاء، لبحث الموقف من تلك المرحلة في ظل معارضة عدد من الوزراء للخوض فيها، منهم وزير الشتات عميحاي شيكلي، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش»، بحسب ما نقلته قناة «الحرة» الأميركية، الاثنين.

ويرجّح فهمي ألا يؤدي التوتر الجديد بين مصر وإسرائيل بشأن ملف التهجير إلى أزمة كبيرة، خصوصاً أن الموقف المصري واضح أنه مع التهدئة والسلام بالمنطقة، مستدركاً: «لكن قد تهدد مصر بوقف بعض بنود معاهدة السلام وتحشد عسكرياً في سيناء بوصفه حقاً سيادياً لها وغير مخالف للاتفاقية، وتم سابقاً بالاتفاق مع إسرائيل في سنوات محاربة الإرهاب، وهنا على واشنطن دور بصفتها ضامناً لاتفاقية السلام أن تتدخل بما يرجِع إسرائيل عن تصعيدها غير المبرر».

وبشأن تأثيرات ذلك التوتر على اتفاق الهدنة، يتوقع فهمي سيناريوهين «الأول تفاؤلي باستكمال الصفقة مع المماطلة والتأخير في التنفيذ بإرسال وفود غير مختصة أو مواصلة التصريحات الاستفزازية، والآخر واقعي يتمثل في تعثر للمفاوضات وإقدام إسرائيل على مزيد من الخروق والدخول في مرحلة شد وجذب جديدة بهدف ضمان نتنياهو بقاءه السياسي في ظل الرافضين لاستكمال الصفقة».

لكن اللواء فرج يرجّح ألا تؤثر تلك التصريحات على استمرار مفاوضات الهدنة؛ لأسباب منها رغبة ترمب في استكمال الصفقة للحصول على باقي الرهائن كما وعد، والدليل على ذلك الانسحاب من محور نتساريم وسط غزة رغم الممانعة الكبيرة السابقة من نتنياهو، مشيراً إلى أن «انهيار الاتفاق سيكون في حالة خرق كبير لـ(حماس) عبر هجوم على إسرائيل أو غيره وهذا لن يحدث».


مقالات ذات صلة

مقتل 6 أطفال في غارة إسرائيلية على مبنى بمدينة غزة

المشرق العربي مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ) play-circle 00:31

مقتل 6 أطفال في غارة إسرائيلية على مبنى بمدينة غزة

لقي 6 أطفال حتفهم وأصيب آخرون إثر قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية بمدينة غزة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة الإعلان عن مقتل أسامة طبش التي نشرها الجيش الإسرائيلي play-circle 00:31

إسرائيل تعلن اغتيال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية لـ«حماس» في جنوب غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الجمعة)، مقتل أسامة طبش رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية لحركة «حماس» في جنوب غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري مسلحون من حركة «حماس» في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز) play-circle

تحليل إخباري تهديد «حماس» ما زال قائماً رغم ردّها الباهت على الضربات الإسرائيلية

ألحقت إسرائيل خسائر فادحة بـ«حماس»، عبر غارات جوية، هذا الأسبوع، لكن مصادر قالت إن الحركة أظهرت أنها قادرة على تحمُّل أضرار كبيرة ومواصلة القتال والحُكم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي القائمة بأعمال مبعوث أميركا بالأمم المتحدة دوروثي شيا (أ.ب)

أميركا أمام مجلس الأمن: «حماس» مسؤولة عن سقوط القتلى في غزة منذ استئناف القتال

قالت الولايات المتحدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، إن حركة «حماس» هي المسؤولة عن سقوط قتلى في قطاع غزة منذ استئناف الأعمال القتالية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تحليل إخباري مقاتلون من «حماس» في خان يونس يوم 20 فبراير الماضي (رويترز)

تحليل إخباري الأسرى الورقة الأهم... على ماذا تراهن «حماس» في غزة؟

رغم النكسات التي مُنيت بها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، لا تزال حركة «حماس» تُحاول إظهار نوع من التحدي والصمود في مواجهة الدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الحوثيون يعلنون تعرض صعدة لغارات أميركية

مقاتلة أميركية تُقلع من حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تُقلع من حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون تعرض صعدة لغارات أميركية

مقاتلة أميركية تُقلع من حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تُقلع من حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)

أفاد إعلام تابع لجماعة «الحوثي» اليمنية، بوقوع غارات على معقلهم محافظة صعدة، الجمعة، وحمّلت الجماعة «العدوان الأميركي» المسؤولية.

وأورد تلفزيون «المسيرة» التابع للجماعة، نقلاً عن مراسله في صعدة بشمال اليمن، وقوع «عدوان أميركي يستهدف مديرية ساقين غرب المحافظة»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكان ترمب أمر، السبت الماضي، بإطلاق حملة ضد الحوثيين، وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، لإرغامهم على وقف تهديد الملاحة، بعد أن هددت الجماعة باستئناف الهجمات على خلفية منع إسرائيل المساعدات عن غزة، وذلك قبل أن يعود نتنياهو للحرب مجدداً على القطاع.

وحمّل الرئيس الأميركي، إيران، المسؤولية عن هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن والأصول الأميركية في البحر الأحمر، في حين قالت وزارة دفاعه إن العمليات لن تتوقف حتى يتوقف الحوثيون عن هجماتهم.

وتوعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الحوثيين، بالقول إنه سيقضي عليهم، وكتب على منصته «تروث سوشيال»، الأربعاء، أن «أضراراً كبيرة لحقت بالهمجيين الحوثيين، وراقبوا كيف سيتدهور الوضع تدريجياً. هذه ليست معركة عادلة، ولن تكون أبداً على هذا النحو. سيتم القضاء عليهم تماماً».

وبثت القيادة المركزية الأميركية مشاهد لطائراتها في أثناء تدمير المسيّرات الحوثية، كانت واشنطن أكدت أن حملتها ضد الجماعة ستستمر أياماً، وحتى أسابيع، بهدف إرغام الجماعة على وقف هجماتها ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وغداة إطلاق الجماعة، الأربعاء، صاروخاً باليستياً فرط صوتي باتجاه إسرائيل، اعترفت وسائل إعلامها بتلقي كثير من الغارات في صعدة، استهدفت مواقع في مديرية الصفراء، بعد يوم من استهداف مواقع في مديرية مجز.