اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية

تسجيل مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي

أسرة يمنية  نازحة داخلياً في موقع للنازحين بمحافظة الضالع (الأمم المتحدة)
أسرة يمنية نازحة داخلياً في موقع للنازحين بمحافظة الضالع (الأمم المتحدة)
TT

اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية

أسرة يمنية  نازحة داخلياً في موقع للنازحين بمحافظة الضالع (الأمم المتحدة)
أسرة يمنية نازحة داخلياً في موقع للنازحين بمحافظة الضالع (الأمم المتحدة)

مع إبلاغ الحكومة الأميركية برنامج الأغذية العالمي بوقف تمويل عشرات المشاريع الممولة من وكالة التنمية الأميركية، يبرز اليمن كإحدى أكبر الدول المتضررة من القرار، خاصة أن المساعدات السنوية الأميركية التي كان يحصل عليها تزيد على 700 مليون دولار تقريباً، وفق مصادر حكومية وإغاثية.

ووفق ما ذكره عاملون في قطاع الإغاثة ومصادر حكومية يمنية، فإن الولايات المتحدة تأتي في طليعة المانحين لليمن بعد السعودية، حيث تُستخدم الأموال التي تُقدم عبر وكالة التنمية الأميركية لتغطية الاحتياجات الغذائية لملايين السكان الذين يحتاجون إلى المساعدات أو في تمويل إعادة بناء المدارس والمنشآت الصحية التي تضررت من الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي.

وأكدت المصادر أنه مع حلول السنة الميلادية الجديدة، زاد الحرمان الشديد من الغذاء في اليمن إلى 42 في المائة، وانتشر الاستهلاك العالي للغذاء السيئ بنسبة 49 في المائة في أوساط النازحين داخلياً، في حين أن وضع انعدام الأمن الغذائي في البلاد لا يزال عند مستويات مقلقة باستمرار، حيث إن 64 في المائة من الأسر لم تتمكن من الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية مع نهاية 2024.

وفي وسط أزمة تمويل خانقة تواجهها الأمم المتحدة، كانت دفعتها لإيقاف العديد من البرامج واستبعاد أكثر من أربعة ملايين يمني من قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية، لا تعرف المنظمات الإغاثية الكيفية التي سيتم من خلالها تغطية النقص الذي سببه وقف الولايات المتحدة مساعداتها.

الاستهلاك غير الكافي للغذاء في اليمن انتشر بنسبة 62% (إعلام محلي)

وتظهر أحدث البيانات الأممية أن الأسر في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية عاشت انتشاراً أعلى نسبياً لاستهلاك الغذاء غير الكافي (67 في المائة) مقارنة بمناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، التي كانت النسبة لديها 63 في المائة.

تصاعد أعداد المحتاجين

في حين انضم مليون يمني إلى قائمة المحتاجين للمساعدات الطارئة هذا العام، أعاد برنامج الأغذية العالمي أسباب تراجع مستوى انعدام الأمن الغذائي إلى الاضطرابات الاقتصادية، وفجوات المساعدات الإنسانية، وخاصة توقف توزيع المساعدات الغذائية في معظم مناطق سيطرة الحوثيين، ومحدودية فرص كسب العيش.

إلى جانب ذلك، يرى البرنامج أن تزايد الخروق للتهدئة العسكرية خلال الربع الأخير من عام 2024 ساهم في زيادة التدهور في وضع الأمن الغذائي في اليمن، خاصة في الخطوط الأمامية في محافظات تعز والضالع وأبين.

إلى جانب خفض التمويل أعاقت ممارسات الحوثيين العمل الإنساني (إعلام محلي)

ومع هذه الخروق ارتفع مستوى الحرمان الغذائي الشديد (استهلاك الغذاء الرديء) إلى 38 في المائة بحلول نهاية العام الماضي (40 في المائة في مناطق الحكومة و37 في المائة في مناطق سيطرة الحوثيين). وتجاوزت جميع المحافظات اليمنية العتبة «المرتفعة جداً»، التي تبلغ 20 في المائة لاستهلاك الغذاء الرديء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستثناء محافظة صنعاء.

وبحسب البيانات الأممية، تبنت 52 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين و44 في المائة في مناطق الحكومة استراتيجيات تكيف شديدة قائمة على خفض الوجبات الغذائية، وشملت الممارسات الشائعة تقليل أحجام الوجبات.

تحديات عميقة

كانت الأمم المتحدة قد وصفت عام 2024 بأنه كان مليئاً بالتحديات العميقة بالنسبة لليمن، حيث اتسم بالتصعيد الإقليمي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة التهديدات لسلامة وأمن الموظفين الأمميين والإنسانيين.

وأكدت المنظمة الدولية أن الهجمات من وعلى اليمن قد هددت بإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية للموانئ البحرية، «وعرّضت تدفق الغذاء الأساسي والوقود والواردات الأخرى التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين للخطر، وهددت بتسرب نفطي غير مسبوق».

الحوثيون يواصلون تجنيد الطلاب وتوجيه الأموال لخدمة مشروعهم الطائفي (إعلام حوثي)

كما نبهت الأمم المتحدة إلى أن الأزمة الاقتصادية في اليمن تدفع بشكل متزايد الأسر إلى اللجوء إلى «طرق بديلة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك زواج الأطفال». كما انتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، حيث يؤثر على أكثر من مائتي ألف شخص، وشردت الفيضانات أكثر من نصف مليون شخص خلال موسم الأمطار الشديد نتيجة أزمة المناخ.

ووفق كبير المسؤولين الإنسانيين في الأمم المتحدة، فإن نقص التمويل لعمليات الإغاثة أجبر برامج حيوية على الإغلاق، حتى مع ارتفاع العدد الإجمالي للأشخاص المحتاجين في اليمن منذ بداية العام من 18.2 إلى 19.5 مليون شخص.

وعلى الرغم من التحديات، قال المسؤول الأممي إن العاملين في المجال الإنساني، الذين يعملون من كثب مع المجتمعات المحلية، بقوا وقدموا استجابة واسعة النطاق قائمة على المبادئ لنحو 7.8 مليون شخص في عام 2024، وأضاف: «سنبقى ونقدم الدعم لمعالجة المعاناة الإنسانية أينما وجدت، بناءً على الحاجة وحدها».


مقالات ذات صلة

اتهام للحوثيين بنهب مخازن غذاء أممية في صعدة

العالم العربي يمني في صنعاء يظفر بحصة من المساعدات الغذائية (إ.ب.أ)

اتهام للحوثيين بنهب مخازن غذاء أممية في صعدة

أقدم الحوثيون على نهب مستودعات الأغذية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في صعدة، حيث معقلهم الرئيسي، وسط إدانة يمنية وأميركية ودعوات لاتخاذ خطوات حاسمة

علي ربيع (عدن)
العالم العربي دخان يتصاعد عقب ضربة أميركية استهدفت الحوثيين في اليمن (رويترز)

وعورة التضاريس تصعّب مهمة أميركا في تدمير قدرات الحوثيين

تبدو خيارات واشنطن محدودة لتدمير قدرات الحوثيين بسبب وعورة التضاريس؛ مما يرجح اللجوء إلى سيناريو إسرائيل في تدمير قدرات «حزب الله» بلبنان.

محمد ناصر (تعز (اليمن))
العالم العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط) play-circle

وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»: سنتعامل بحزم مع أي مغامرة حوثية

أكد وزير الدفاع اليمني أن القوات المسلّحة اليمنية وجميع التشكيلات العسكرية في جهوزية عالية للتعامل بصلابة وحزم مع أي اعتداءات أو مغامرات حوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي طائرة مقاتلة هجومية أميركية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات الأميركية «هاري إس ترومان» في البحر 16 مارس 2025 (أ.ف.ب)

قصف أميركي يستهدف محافظتي صعدة وحجة اليمنيتين

أفادت قناة «المسيرة» التلفزيونية، التابعة لجماعة الحوثي، بأن قصفاً أميركياً استهدف، اليوم (الثلاثاء)، محافظتي صعدة وحجة في شمال غربي اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة في 18 مارس 2025 (رويترز)

إطلاق مقذوف من اليمن نحو إسرائيل... وتفعيل صفارات الإنذار

أُطلقت صفارات الإنذار مساء الثلاثاء في مدن عدة بجنوب إسرائيل، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي بأنها فُعّلت إثر إطلاق مقذوف من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)
الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)
TT

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)
الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)

كشفت واقعة اختفاء امرأة في إحدى المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، والعثور عليها في محافظة أخرى، عن انتشار عصابات متعددة لاختطاف النساء وابتزاز عائلاتهن، في ظل سياسة تعتيم إعلامية حوثية.

وأفادت مصادر محلية مطلعة بأنه عُثر قبل أيام لدى عصابة في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) على امرأة فاقدة الذاكرة، وفي حالة صحية سيئة، بعد نحو أسبوعين من تعرضها للاختطاف من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وتبيَّن أن العصابة متخصصة في اختطاف النساء، وترتبط بعصابات أخرى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

ووفق مصادر مقربة من عائلة المرأة المختطفة فإن أجهزة الأمن التابعة للجماعة الحوثية فرضت على جميع المطلعين على تفاصيل الواقعة، وما جرى خلال فترة البحث، تحري الصمت وعدم النشر، وهددت بمحاسبة كل من ينشر حولها في وسائل التواصل الاجتماعي، واكتفت باحتجاز العصابة دون اتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبتها، والكشف عن باقي ممارساتها.

وأوضح من خلال تسجيلات كاميرات المراقبة في مدينة إب، محل واقعة الاختطاف، أن المرأة اسْتُدرِجت من امرأة أخرى، إثر مغادرتها محل صرافة، ولم يتم التعرف على أفراد العصابة التي استدرجتها واختطفتها، ولم تُعرف وجهتها بعد ذلك، بسبب احتراف العصابة في التمويه.

فتاتان في إحدى جامعات مدينة تعز في انتظار بدء اليوم الدراسي (أ.ف.ب)

واستخدمت العصابة، كما ظهر في تسجيلات كاميرات المراقبة، حقنة لتخدير المرأة بعد وصولها إلى سيارة كانت في انتظارها رفقة المرأة التي استدرجتها، في حين لم تتضح الحيلة التي استُخدمت في عملية الاستدراج.

وتُفيد المصادر بأن الكشف عن مكان وجود المرأة المختطفة تَطَلَّبَ من عائلتها بذل كثير من الجهود، وإنفاق كثير من الأموال رشاوى لقيادات أمنية حوثية طوال أسبوعين، حتى جرى القبض على عصابة متخصصة في اختطاف النساء بمحافظة صعدة، وهي معقل الجماعة الحوثية في شمال اليمن.

رشاوى وتعتيم

وعلى الرغم من العثور على 6 من النساء المحتجزات لدى هذه العصابة، فإن المرأة المنشودة لم تكن بينهن، واضطرت عائلتها لدفع مزيد من الأموال مقابل استمرار التحقيق معها والضغط عليها للإدلاء بأي معلومات، خصوصاً أن عدداً من النساء المحتجزات لديها ينتمين إلى محافظات بعيدة عن صعدة.

النساء اليمنيات يواجهن صعوبات حياتية كبيرة بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

واضطر أفراد العصابة للإدلاء بمعلومات عن عصابة أخرى مقربة منهم في محافظة ذمار، ليتم القبض عليها، والعثور على المرأة، و9 نساء أخريات لديها، في حالة صحية سيئة، تشي بتعرضها لممارسات جسدية ونفسية خطرة.

وأثارت الواقعة مخاوف السكان، خصوصاً أن الجماعة الحوثية فرضت التعتيم الإعلامي عليها، ومنعت النشر في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتهم الأهالي الجماعة الحوثية بالتستر على العصابات المتخصصة في اختطاف النساء، وعدم الجدية في التعاطي مع وقائع وشكاوى الاختطافات، خصوصاً أن الوقائع حدثت في مناطق سيطرتها، في حين ينتمي عناصرها إلى معقلها في صعدة.

يمنية مسنة تتسوق حاجياتها في إحدى أسواق مدينة تعز (أ.ف.ب)

وتتهم تقارير حقوقية محلية ودولية وأممية الجماعة الحوثية بممارسات خطرة ضد النساء، تتضمن الاختطاف والتعذيب والاستغلال الجنسي والابتزاز والتجنيد للتجسس.

انفلات أمني

استمرت وقائع الانفلات الأمني في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية؛ حيث قتل أحد سكان منطقة السحول، شمال مركز المحافظة، وأصيبت طفلتاه في هجوم نفذه مسلحون يرجح أنهم يتبعون الجماعة، منتصف الشهر الحالي.

زيادة حوادث اختطاف النساء في مناطق سيطرة الحوثيين تثير مخاوف السكان (رويترز)

ووفق أهالي المنطقة، فقد اقتحم المسلحون المنزل، وأطلقوا النار على العائلة قبل أن يغادروا دون أن يتركوا ما يشير إلى سبب الواقعة أو هوياتهم سوى السيارة التي أقلتهم، ويكشف مظهرها عن تبعيتها لقوات الأمن الحوثية.

ومنذ أسبوعين، تم العثور في مديرية مذيخرة (جنوب غربي المحافظة) على جثة مشوهة لطفل في الثالثة من عمره بعد 10 أيام من اختفائه في ظروف غامضة.

وطوال فترة اختفاء الطفل لم تتدخل أجهزة الجماعة الحوثية بالبحث أو مساعدة عائلته في التحقيق والتحري عن الواقعة، وتجاهلت مناشدة سكان المنطقة الذين لجأوا لإجراء عمليات البحث بأنفسهم، حتى تمكنوا من العثور على جثة الطفل، وقد بترت أطرافها وشوه وجهها.