«صحراء النقب»... هل تكون بديلاً لـ«التهجير»؟

في ظل تمسُّك ترمب بترحيل أهل غزة ورفض السيسي

TT

«صحراء النقب»... هل تكون بديلاً لـ«التهجير»؟

فلسطيني ينعى أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني ينعى أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تهجير الفلسطينيين للقاهرة وعمان، ما زال يقابل برفض مصري - أردني - عربي، صاحبه تداول حديث سابق لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، عبر منصات التواصل الاجتماعي، بنقلهم داخل أراضيهم المحتلة في «صحراء النقب».

بين ذلك الإصرار وعودة الحديث عن «صحراء النقب»، دعا مبعوث لترمب القاهرة وعمان لطرح بدائل في حال استمر رفضهما مقترح الرئيس الأميركي بنقل الفلسطينيين خارج بلادهم، وهو ما يراه خبراء -تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»- أنه سيكون مثار جدل الفترة المقبلة، بين تمسُّك مصري بالرفض، والبحث عن حلول أخرى، وأهمها إقامة دولة مستقلة، مقابل تكرار أميركي للمحاولات، واحتمال قبول مقترحات أخرى ليس بينها «صحراء النقب».

و«صحراء النقب» تقع في الجزء الجنوبي من فلسطين المحتلة، أو ما يُعرف باسم جنوب إسرائيل، وتحدها شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة من الغرب، وتعد غنية بالثروات المعدنية.

قاعدة عسكرية إسرائيلية في النقب (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)

وأقام الاحتلال مشروعات استراتيجية بها، وعلى رأسها مفاعل «ديمونا» النووي وقواعد عسكرية وأمنية، مع محاولات تهجير سكانها الأصليين البدو لصالح المستوطنين، في حين تُقدَّر مساحتها بأكثر من 12.5 ألف كيلومتر مربع، بحيث تُشكِّل ما يقارب نصف مساحة فلسطين التاريخية (27 ألف كيلومتر مربع)، ونحو 60 في المائة من مساحة دولة الاحتلال.

وعقب اندلاع حرب غزة، تزايدت دعوات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، وقابلها الرئيس المصري، بالرفض، داعياً لنقلهم إلى أراضيهم المحتلة في «صحراء النقب»، متمسكاً بـ«حل الدولتين»، وقالت وسائل إعلام مصرية، حينها، إن «دعوته كانت ساخرة من المقترحات الإسرائيلية لنقلهم إلى سيناء».

وأعاد صهر وكبير مستشاري ترمب السابقين، غاريد كوشنر، في مارس (آذار) 2024، خلال ندوة بجامعة هارفارد، الأميركية، طرح إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى «صحراء النقب» حتى ينهي جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته برفح، قائلاً إن «هذا خيار أفضل»، وفق ما نقلته صحيفة «الغارديان»، البريطانية وقتها.

وغداة طرح ترمب مقترحاً في 25 يناير (كانون الثاني)، برز هاشتاغ «صحراء النقب» بقوة، وأعاد مغردِّون حديث الرئيس المصري عن إمكانية نقل الفلسطينيين داخل أراضيهم المحتلة، وتحديداً في ذلك المكان، وواصل الهاشتاغ حضوره حتى الجمعة، وفق رصد «الشرق الأوسط»، وسط تقديمه بوصفه «حلّاً مقبولاً، لا يتضمن طرد الفلسطينيين من أرضهم».

امرأة تجلس بالقرب من جثث ملفوفة بالبطانيات في مشرحة المستشفى المعمداني بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتزامن ذلك مع ما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، الخميس، عن مبعوث الرئيس الأميركي ترمب الخاص بشؤون الرهائن، آدم بوهلر، قوله إنه يتعيّن على مصر والأردن تقديم حل أفضل من وجهة نظرهما قابل للتنفيذ بالفعل، بعد رفضهما فكرة استقبال الفلسطينيين. وأوضح أن ترمب عرض خياراً يراه مناسباً لمصر والأردن، لكنه منفتح على خيارات أخرى.

ودعا الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير علي الحفني، لعدم التركيز على مثل هذه التعقيدات الأميركية، والمُضيّ في تنفيذ اتفاق الهدنة كاملاً، لافتاً إلى أنه من قبل، كانت إسرائيل ترفض فتح معبر رفح بوجود فلسطيني، والجمعة يُفتح بجانب مشاركة أوروبية أيضاً، ومن ثم ليست كل الأحاديث قد تطبق.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن الرفضين المصري والفلسطيني واضحان، سواء في حشود الفلسطينيين العائدين لشمال غزة منذ أيام رغم الدمار، وفي حشود المظاهرات المصرية، الجمعة، أمام معبر رفح، ورسالة الرفض باتت واضحة.

قرى بدوية في النقب لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من إسرائيل (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفكرة «صحراء النقب» قد تكون مقبولة للفلسطينيين باعتبار أنه سيتم نقلهم إلى جزء من بلادهم المحتلة، وفق الرقب، الذي أضاف: «لكن هل ستُقبل إسرائيل وأميركا بذلك أم هم فقط يريدون التهجير؟».

ويُنبِّه الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، إلى أن الموقف المصري واضح في رفض التهجير ومدعوم شعبياً، ولن ينفذ على أرضه، داعياً مستشاري الرئيس الأميركي أن يقرأوا هذه الرسائل جيداً، والابتعاد عن تلك المقترحات، والبحث عن حلول عادلة، أهمها إقامة دولة فلسطينية، مشككاً في «قبول إسرائيل أو أميركا فكرة صحراء النقب».

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتحدّثت «القناة 13» الإسرائيلية، الخميس، عن أن بوهلر، ناقش مع رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بالتفصيل خطة ترحيل سكان قطاع غزة، تزامناً مع تمسك ترمب في تصريحات، الخميس، بأن مصر والأردن ستقبلان بمقترحه.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، أعلنت مصر مواقف رسمية رافضة لتهجير الفلسطينيين خارج بلادهم، سواء بشكل مؤقت أو طويل، من «الخارجية» والبرلمان والأزهر، وكان أشدها حديث الرئيس المصري، الأربعاء، بتأكيد أن التهجير «ظلم لا يمكن أن تُشارك مصر فيه»، مشيراً إلى أنه سيعمل مع ترمب لضمان تطبيق السلام وحل الدولتين.

الحفني شدد على أن الموقف المصري ثابت في رفض التهجير بكل أشكاله، والرئيس السيسي يؤكد ذلك بقوة، لافتاً إلى إمكانية أن تعمل مصر بقوة خلال الفترة المقبلة على «مسار السلام، وحل الدولتين بوصفه حلّاً عادلاً وباباً لاستقرار المنطقة».

ويتوقَّع الرقب استمرار الرفضين المصري والعربي تجاه مقترح ترمب، الذي كرره أكثر من مرة، داعياً إدارة الرئيس الأميركي لعدم محاولة تكرار الأخطاء نفسها التي ارتكبتها الإدارة السابقة مع نتنياهو، والبحث عن حلول تزيد استقرار المنطقة.

كما يستبعد فرج أن يكون تصريح ترمب بشأن التهجير مجرد «بالون اختبار»، متوقعاً استمرار الرفض المصري الرسمي والشعبي، والدفع عبر تشاورات عربية ودولية نحو «بحث حلول عادلة تنتهي بإقامة دولة فلسطينية».


مقالات ذات صلة

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

ندّدت 14 دولة من بينها فرنسا وبريطانيا، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عنه

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز) play-circle

الرئيس الفلسطيني: ماضون في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان اليوم الأربعاء، إن السلطة ماضية في تنفيذ برنامج إصلاحي وطني شامل، يهدف إلى تطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

شرعت آليات إسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من 4 طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة».

«الشرق الأوسط» (القدس)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.