مصر تعمّق حضورها في دول حوض النيل... «مائياً»

وزير الري يزور أوغندا بعد رواندا

وزير الموارد المائية والري المصري يزور أوغندا (الري المصرية)
وزير الموارد المائية والري المصري يزور أوغندا (الري المصرية)
TT

مصر تعمّق حضورها في دول حوض النيل... «مائياً»

وزير الموارد المائية والري المصري يزور أوغندا (الري المصرية)
وزير الموارد المائية والري المصري يزور أوغندا (الري المصرية)

ضمن مساعٍ مصرية لتعميق حضورها في منطقة حوض النيل، تعمل الحكومة المصرية على التوسع في إقامة مشروعات «مائية وتنموية» مع دول الحوض.

وقام وزير الري المصري هاني سويلم، الأربعاء، بزيارة إلى أوغندا، تفقد خلالها أعمال المرحلة السادسة من المشروع المصري لمقاومة الحشائش المائية بالبحيرات العظمى. وحسب إفادة لـ«الري»، أشار سويلم إلى أن «المشروع يأتي استجابة من بلاده لطلب الحكومة الأوغندية مواجهة مشكلة انسداد بحيرة (كيوجا) بالنباتات المائية، ما تسبب في ارتفاع منسوب المياه بها ونزوح آلاف السكان».

سويلم يتفقد مشروعات مائية في أوغندا (الري المصرية)

وتعد زيارة أوغندا محطة ثانية بحوض النيل، بعد زيارته لرواندا، الاثنين، ناقش خلالها «تعزيز التعاون بين بلاده ورواندا، عبر مذكرة تفاهم، تشمل تنفيذ مشروعات تنموية ومائية».

وحسب بيان «الري المصرية»، أشار سويلم إلى أن «المشروع المصري لمقاومة الحشائش المائية أسهم في الحد من مخاطر الفيضانات، والحفاظ على القرى والمدن المطلة على البحيرات العظمى بأوغندا»، إلى جانب «إنشاء سوق سمكية، ما انعكس على تحسن أحوال الصيد بالمنطقة»، ونوه بـ«مشروع درء مخاطر الفيضان بمقاطعة كسيسي (غرب أوغندا)، الذي أسهم في حماية المواطنين والممتلكات، وخلق فرص عمل».

وجرى التوقيع على المرحلة السادسة لمشروع مقاومة الحشائش المائية بأوغندا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ضمن فعاليات «أسبوع القاهرة السادس للمياه»، بتمويل 3 ملايين دولار لمدة 3 سنوات، بمنحة من الحكومة المصرية لأوغندا، وتشمل خطة عمل المرحلة، «تنفيذ الصيانة الدورية لتطهير منافذ البحيرات الاستوائية (فيكتوريا وكيوجا وألبرت)، ومصب نهر كاجيرا، وتطوير المرسى النهري في كامونجا، وإنشاء سوق سمكية في منطقة كامونجا، بنسبة تنفيذ تصل إلى نحو 16 في المائة»، حسب «الري المصرية».

احتفاء كبير بزيارة وزير الري المصري إلى أوغندا (الري المصرية)

وخلال زيارته لأوغندا، التقى سويلم مهندسي بعثة «الري المصرية» لمتابعة «مشروعات التعاون الثنائي الحالية بين القاهرة وكامبالا»، وأشار إلى أهمية «دور البعثة في تعزيز علاقات التعاون الثنائي في مجال المياه، بما يخدم رسالة بلاده في تحقيق التنمية لشعوب دول حوض النيل».

وتسعى مصر لتعزيز تعاونها الثنائي مع دول حوض النيل، لتأمين حصتها من نهر النيل، المورد الرئيسي لها من المياه، في ظل استمرار أزمة «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011، بداعي توليد الكهرباء، بينما تخشى دولتا المصب (مصر والسودان) تأثر حصتهما من مياه نهر النيل بسبب مشروع السد.

وتضع مصر قضية الأمن المائي والعلاقات مع دول حوض النيل أولوية في سياساتها الخارجية، وفق تقدير الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، مشيراً إلى أن «القاهرة تنظر لمسألة حقوقها المائية من نهر النيل بوصفها قضية وجودية لا غنى عنها»، إلى جانب «معاناة مصر من الفقر المائي وانخفاض نصيب الفرد من المياه».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

ويعتقد حجاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاهرة تحتفظ بعلاقات جيدة مع دول حوض النيل، باستثناء إثيوبيا، التي تتجاهل المطالب المصرية في قضية (سد النهضة)، وأظهرت تعنتاً في مسار المفاوضات على مدى سنوات»، مشيراً إلى أن «العلاقات المصرية مع حوض النيل لا تتوقف عند القضايا المائية، وتمتد إلى مشروعات تنموية أخرى، مثل مشروع سد جيوليوس نيريري في تنزانيا، وبرامج ومبادرات لتبادل الخبرات مع باقي الدول».

وخاضت مصر والسودان وإثيوبيا جولات متعددة للتفاوض على مدى نحو 13 عاماً، لكن دون الوصول إلى اتفاق حول قواعد «تشغيل السد».

بدوره، يرى أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، أهمية كبيرة في المشروعات المائية التي تنفذها مصر في دول حوض النيل الجنوبي، وقال إن «الحكومة المصرية تخصص ميزانية سنوية لمقاومة الحشائش المائية في منابع النيل وحفر آبار مياه الشرب لتأثيرها المباشر على مجرى المياه في النهر»، معتبراً أن «هذه المشروعات مهمة، لتأمين سريان المياه في روافد النيل دون عوائق».

ويتوقف نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع أهمية سياسية للدعم التنموي والمائي المصري لدول حوض النيل، وقال إن «هذه المشروعات تستهدف ربط مصالح بين القاهرة وهذه الدول لدعم المصالح المائية المصرية»، إلى جانب «مساندة مواقف مصر حال التصويت على اتفاقيات تعاون مشترك مع دول حوض النيل، كما حدث في اتفاقية (عنتيبي)».

وترفض مصر والسودان اتفاقية «عنتيبي» التي أُبرمت عام 2010، وتفرض إطاراً قانونياً لحل الخلافات والنزاعات، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية من دون التوافق مع دولتَي المصب (مصر والسودان)، وأعلنت الحكومة الإثيوبية، دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد تصديق 6 دول من حوض النيل عليها.


مقالات ذات صلة

مصر وتونس تستحوذان على جوائز «الأقصر السينمائي»

يوميات الشرق مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)

مصر وتونس تستحوذان على جوائز «الأقصر السينمائي»

استحوذت مصر وتونس على جوائز الدورة الـ14 من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، الذي اختتمت فعالياته، الثلاثاء، في محافظة الأقصر (جنوب مصر)

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي يونس علي جيدي خلال «مؤتمر التعدين 2025» (الشرق الأوسط) play-circle 01:50

وزير الطاقة الجيبوتي: توقيع اتفاقية تعاون مع السعودية لتعزيز قطاع التعدين

كشف وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، يونس علي جيدي، لـ«الشرق الأوسط» عن توقيع بلاده اتفاقية تعاون جديدة مع السعودية، في إطار تعزيز التعاون بين البلدين.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد جانب من عمليات الحفر في أحد مواقع التعدين الأفريقية (الشرق الأوسط)

مجموعة أفريقية تتطلع للتعاون مع السعودية بقطاع المعادن الحيوية

تأمل مجموعة «أفريقيا للمعادن الحيوية» توطيد التعاون مع السعودية بقطاع المعادن الحيوية، وذلك في ظل الاهتمام السعودي المتنامي بهذا المجال على المستوى العالمي

مساعد الزياني (الرياض)
أفريقيا مسلحون من جماعة «بوكو حرام» المتطرفة بالقرب من كومشي في نيجيريا يوم 6 مايو 2017 (رويترز)

مقتل 40 مزارعاً بهجوم ﻟ«داعش» في نيجيريا

قُتل ما لا يقل عن 40 مزارعاً بولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا في هجوم نفّذه، مساء الأحد، مسلحون من فرع تنظيم «داعش» هناك، وفق ما أفاد به مسؤول حكومي، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
رياضة عربية اتحاد العاصمة الجزائري تأهل لربع نهائي الكونفدرالية (نادي اتحاد العاصمة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: اتحاد العاصمة الجزائري إلى ربع النهائي

حسم اتحاد العاصمة الجزائري تأهله إلى دور الثمانية لبطولة الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم بفوزه 2 - 1 على مضيفه أورابا يونايتد الأحد.

«الشرق الأوسط» (فرانسيستوون )

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)
38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)
TT

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)
38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق وصف ناشطين يمنيين، حيث تسببت الكوارث الناتجة عنها في 76 في المائة من حركة النزوح الأخيرة، فيما كانت الحرب التي أشعلها الحوثيون سبباً في نزوح 24 في المائة خلال تلك الفترة.

وبحسب مبادرة «ريش» المعنية بتقديم بيانات مفصلة وتحليلات بشأن سياق الأزمات والكوارث والنزوح، فإنه بحلول عام 2023، تغير المشهد المتعلق بالنزوح الداخلي في اليمن، ووصل النزوح المرتبط بالمناخ إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات، وشكل 76 في المائة من حالات النزوح الجديدة، بينما نُسب 24 في المائة من النزوح إلى الحرب.

ومع دخول الحرب عامها العاشر، تؤكد المبادرة أن الشعب اليمني ما زال يتحمل وطأة الأعمال العدائية المستمرة والتدهور الاقتصادي الشديد. وتشير إلى أنه في عام 2024، بلغ العدد الإجمالي للنازحين داخلياً 4.5 مليون شخص، أي ما يعادل 14 في المائة من السكان الذين ما زالوا يتحملون وطأة الأعمال العدائية والتدهور الاقتصادي الشديد.

وبحسب هذه البيانات، فقد بلغ إجمالي عدد النازحين داخلياً 4.5 مليون يمني في عام 2024، أي ما يعادل 14 في المائة من السكان. ومن بين هؤلاء، يعيش نحو 1.6 مليون نازح داخلياً في 2297 موقعاً دون المستوى المطلوب، ويقيمون بشكل أساسي في محافظات الحديدة وحجة ومأرب وتعز، ويمثل هؤلاء 4.5 في المائة من إجمالي سكان البلاد ويعانون من ظروف قاسية للغاية دون بدائل قابلة للتطبيق.

مواقع النزوح في اليمن مكتظة بالسكان، وتفتقر إلى الاحتياجات الأساسية (إعلام حكومي)

وطبقاً لما أوردته المبادرة، فإن هذه المواقع غالباً ما تكون مكتظة بالسكان، وتفتقر إلى المأوى المناسب، والوصول محدود إلى الاحتياجات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي ومرافق النظافة، وتواجه مخاطر صحية وحماية متزايدة.

تراجع الدعم الدولي

هذه الأوضاع ترافقت مع تراجع مستوى الدعم الدولي لخطة الاستجابة الإنسانية، حيث تلقت الخطة لعام 2023 أقل من 40 في المائة من احتياجاتها التمويلية، في حين بلغ مستوى تمويل هذه الخطة خلال عام 2024 أقل من 28 في المائة، وهو أدنى معدل تمويل تم تلقيه منذ بداية الحرب. ويشكل هذا النقص، وفقاً للمبادرة، تحدياً لقدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الخدمات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والمأوى والتعليم والحماية، مما يؤثر على الفئات السكانية الضعيفة، بمن في ذلك النازحون داخلياً.

وفي ظل هذا المشهد الصعب، كانت مجموعة تنسيق وإدارة المخيمات في اليمن واحدة من أكثر المجموعات التي تعاني من نقص التمويل، حيث حصلت على 7.8 في المائة فقط من إجمالي الأموال المطلوبة البالغة 47 مليون دولار، مقارنة بـ10.6 في المائة من 78.5 مليون دولار في عام 2023، حيث تؤدي الأزمة الاقتصادية ونقص فرص كسب العيش إلى تفاقم هذا الوضع، مما يحد من الوصول إلى الخدمات الأساسية ويزيد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية.

التغيرات المناخية في اليمن تصدرت أسباب النزوح خلال الأعوام الأخيرة (إعلام حكومي)

وتوقعت المبادرة أن تتدهور الظروف المعيشية المتردية بالفعل في مواقع النازحين داخلياً بشكل أكبر. وقالت إن نقص الموارد لا يعيق جهود الإغاثة الفورية فحسب، بل يعرض أيضاً الحلول الأطول أجلاً للنازحين داخلياً والتقدم نحو حلول دائمة للخطر. مشيرة إلى أن أكثر المحافظات تضرراً هي تعز ومأرب.

وأكدت أن القدرة المحدودة للمنظمات الإنسانية على تلبية احتياجات السكان في مواقع النازحين تراجعت، واستمرت الفجوة قائمة بين التمويل والاحتياجات، وكان التأثير أكثر وضوحاً في المحافظات التي بها وجود كبير للنازحين، مثل مأرب والحديدة وعدن، حيث كان التدهور القطاعي واضحاً في مجالات مثل المواد غير الغذائية والمأوى والتغذية والحماية.

وأعاد تحليل المبادرة أسباب التراجع إلى العدد الكبير من السكان المتضررين في مأرب، مما يترك العديد منهم دون إمكانية الوصول الكافية إلى الخدمات الأساسية.