تصفيات حوثية لأعيان محافظة إب رداً على الرفض الشعبي للجماعة

قيادي قتل زعيماً قبلياً وسط مساعٍ لتمييع اعتداء سابق

الجماعة الحوثية تفرض وجودها في إب بالفوضى الأمنية وممارسات الفساد (غيتي - أرشيفية)
الجماعة الحوثية تفرض وجودها في إب بالفوضى الأمنية وممارسات الفساد (غيتي - أرشيفية)
TT

تصفيات حوثية لأعيان محافظة إب رداً على الرفض الشعبي للجماعة

الجماعة الحوثية تفرض وجودها في إب بالفوضى الأمنية وممارسات الفساد (غيتي - أرشيفية)
الجماعة الحوثية تفرض وجودها في إب بالفوضى الأمنية وممارسات الفساد (غيتي - أرشيفية)

بينما لا يزال أبناء محافظة إب اليمنية يطالبون بتسليم قتلة أحد أعيانهم، قتل قيادي حوثي شخصية اجتماعية أخرى في المحافظة، الأحد، في وقت تتفاقم فيه الفوضى الأمنية وتتصاعد الانتهاكات بحق المنتمين إليها.

وذكرت مصادر محلية في محافظة إب (192 كيلومتراً جنوب صنعاء) أن الشيخ القبلي علي السنفاني في مديرية يريم شمال المحافظة، نقل إلى المستشفى بعد إصابته برصاص القيادي الحوثي أبو حمزة السحاري خلال مساعيه لحل نزاع حول قطعة أرض كان السحاري أحد طرفيه، إلا أنه توفي متأثراً بإصابته قبل أن يتمكن الأطباء من إسعافه.

وتسببت الحادثة في إثارة سخط شعبي واسع في المحافظة التي تشهد فوضى وانفلاتاً أمنيين متصاعدين منذ سيطرة الجماعة الحوثية عليها قبل أكثر من 10 أعوام.

وأكدت المصادر أن الواقعة جاءت عقب تدخل الشيخ السنفاني، في قضية استيلاء القيادي الحوثي على أرض تابعة لأحد التجار المنتمين إلى مديرية يريم، وبدلاً من الاستماع إلى رأي السنفاني، لجأ السحاري إلى إطلاق النار عليه وإصابته بعدة عيارات نارية.

مظاهرة شعبية للاحتفال بالثورة اليمنية ورفض النفوذ الحوثي في إب العام الماضي (إعلام محلي)

وتوقعت المصادر أن تؤدي هذه الحادثة إلى مزيد من الغليان الشعبي في المحافظة، خصوصاً أنها تأتي متزامنة مع الاحتجاجات القبلية المتصاعدة على خلفية مقتل الشيخ صادق أبو شعر منذ أسابيع، على يد قيادي حوثي في صنعاء.

ويتهم سكان إب الجماعة الحوثية بالسعي لتصفية محافظتهم من القيادات والشخصيات الاجتماعية والأعيان الذين يحظون بالاحترام والتقدير.

وتنقل مصادر «الشرق الأوسط» عن السكان قناعتهم بأن الجماعة باتت تخشى من مواقفهم ورفضهم لوجودها وسيطرتها وممارساتها، وتبدي قلقاً من الشخصيات المؤثرة التي يمكن أن يؤدي التفافهم حولها إلى حدوث انتفاضة شعبية، خصوصاً مع تزايد نقمتهم بسبب الانتهاكات وسوء الأوضاع الأمنية والمعيشية، وتعبيرهم عن ذلك في مختلف المناسبات والمواقف.

مخاوف حوثية

أعادت المصادر المحلية في محافظة إب التذكير بالاختطافات التي تنفذها الجماعة الحوثية بحق أبناء المحافظة، خصوصاً في مناسبات مثل الاحتفال بأعياد الثورة اليمنية ورفع العلم الوطني، أو على خلفية المطالبة بالكشف عن سبب وفاة الشخصية المؤثرة حمدي المكحل منذ ما يقارب العامين.

من تشييع الناشط حمدي المكحل الذي توفي في سجون الحوثيين قبل قرابة عامين (إكس)

وتوفي الناشط حمدي المكحل في سجون الجماعة الحوثية في إب في مارس (آذار) 2022، في ظروف وملابسات غامضة، بعد اختطافه وإيداعه السجن على خلفية تسجيلات فيديو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ينتقد فيها ممارسات الجماعة وخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي.

كما يتوقع السكان أن تكون عمليات تصفية القيادات الاجتماعية في إب مقدمة لإحلال القيادات الحوثية التي استقدمتها الجماعة من معقلها في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء) والمحافظات المجاورة لها، لتوسيع نفوذها في إب، وتولي مهام الإشراف والسيطرة والرقابة على مختلف مناحي الحياة وأنشطة الأهالي.

وأشاد طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، في تصريحات حديثة، بدور أهالي المحافظة في مواجهة الجماعة الحوثية، مثمّناً التضحيات التي يقدمونها والوعي الوطني الذي يتحلون به.

طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي أشاد بمواقف سكان إب ضد الجماعة الحوثية (إعلام حكومي)

وفي لقائه بمحافظ إب عبد الوهاب الوائلي، وصف صالح الممارسات الحوثية بالحقد التاريخي على أبناء المحافظة لدورهم الكبير في ثورة 26 من سبتمبر (أيلول) عام 1962 وفي كل محطات الدفاع عن النظام الجمهوري، ومكتسبات الثورة اليمنية، وفقاً لما أورده الإعلام الرسمي.

تسويف واستخفاف بالدم

منح المحتجون من أهالي إب الجماعة الحوثية مهلة جديدة مدتها عشرة أيام إضافية للقبض على باقي المتورطين بمقتل الشيخ القبلي صادق أبو شعر ومحاسبتهم، في حين تتحدث أنباء عن إطلاق سراح اثنين من المتهمين الذين تم القبض عليه.

وكان الشيخ أبو شعر قُتِل برصاص عناصر أمن حوثيين يتبعون القيادي علوي الأمير في حي جنوب العاصمة المختطفة صنعاء أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أن أطلقوا النار عليه دون سبب وهو يقود سيارته.

رفض أهالي إب ممارسات الجماعة الحوثية تسبب بتصاعد مخاوفها من انتفاضة شعبية (إكس)

ومنذ ذلك الحين ينظم أهالي وأعيان من محافظة إب وأولياء دم القتيل احتجاجات متواصلة للمطالبة بالقبض على القيادي الحوثي الأمير والأفراد التابعين له، بينما حاولت الجماعة الحوثية إقناعهم بالقبول بصلح دون تحقيقات أمنية وقضائية في الواقعة، ويتم بموجبها قبول عائلة أبو شعر بالدية والتعويض المالي.

وكشف بيان عن المحتجين، أخيراً، أن ثلاثة من المتهمين لم يتم التحقيق معهم، وسط مطالبات بسرعة تحويل ملف القضية مع من جرى التحقيق معهم إلى النيابة وسرعة التحقيق مع من تبقى منهم، وإخراج جثة الشيخ صادق أبو شعر من الثلاجة ودفنها.

والأسبوع الماضي وردت أنباء بإفراج الجماعة الحوثية عن اثنين من المتهمين بقتل الشيخ أبو شعر، أحدهما القيادي فيها علوي الأمير، بعد ضغوط وأوامر من قيادات عليا منعت إحالة ملف القضية إلى النيابة، ما تسبب بغضب المحتجين وعائلة أبو شعر الذين يرون أن الغرض من كل هذه الممارسات والتسويف هو تمييع القضية.

شباب من محافظة إب جندتهم الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة (إعلام حوثي)

في غضون ذلك، تتوقع مصادر محلية في المحافظة حدوث مواجهات مسلحة داخل مدينة إب بين قياديين حوثيين ضمن تنافس السيطرة على الأراضي والممتلكات العامة والخاصة.

وبينت المصادر أن الخلافات بين القياديين الحوثيين عبد الحميد الشاهري وأبو عماد الجلال، تصاعدت خلال الآونة الأخيرة إلى درجة التلويح باستخدام القوة للسيطرة على الموارد المالية في المحافظة، بعد أشهر من الممارسات التي أقدم عليها كلاهما، وتضمنت انتهاكات بحق السكان وممتلكاتهم، إلى جانب نهب الممتلكات العامة والسيطرة عليها.

وعينت الجماعة الحوثية الشاهري وكيلاً لمحافظة إب، بينما يشغل الجلال منصب مدير مكتب القيادي الحوثي عبد الله الرزامي في المحافظة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتبنون أولى هجمات السنة الجديدة باتجاه إسرائيل

المشرق العربي عنصر حوثي يحمل مجسماً لصاروخ وهمي في صنعاء خلال تجمع لأتباع الجماعة (أ.ف.ب)

الحوثيون يتبنون أولى هجمات السنة الجديدة باتجاه إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران أولى هجماتها في السنة الميلادية الجديدة باتجاه إسرائيل، الجمعة استمرارا لتصعيدها الذي تزعم أنه يأتي لمناصرة الفلسطينيين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

بدأ العام الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل اليمن على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

سكان صنعاء يتخوفون من انهيار معيشي جراء التصعيد مع إسرائيل

تزداد مخاوف السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء يوماً بعد آخر من التدهور للأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو-9» (أ.ب)

الحوثيون يتبنّون إسقاط مسيّرة أميركية غداة ضربات في صنعاء

غداة ضربات نفذها الجيش الأميركي استهدفت مرافق عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء، تبنّت الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، إسقاط طائرة أميركية من دون طيار.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي برج مطار صنعاء الخاضع للحوثيين بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (د.ب.أ)

منظمات دولية تحذّر من العبء الإنساني للضربات الإسرائيلية في اليمن

انتقدت كبرى المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية في اليمن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مطار صنعاء ومواني الحديدة ومحطات الكهرباء، محذرة من العبء الإنساني.

محمد ناصر (تعز)

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.