إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

الجماعة تنفي تأثر قدراتها وتتعهد باستمرار التصعيد

قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
TT

إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)

سارعت إيران إلى الاطمئنان على الجماعة الحوثية وشَدّ أزرها إثر الضربات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة التي استهدفت الحديدة وصنعاء، فيما أكدت الجماعة مُضيّها في التصعيد، واستمرار الهجمات، وعدم تأثر قدرتها العسكرية.

وتأتي عملية الاطمئنان، التي عبر عنها اتصال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بوزير خارجية الجماعة الحوثية، جمال عامر، في وقت تتصاعد فيه المخاوف في طهران من خسارة أهم أذرعها بالمنطقة عقب خروج «حزب الله» اللبناني من المعادلة وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وذكر الإعلام الحوثي أن وزير الجماعة جمال عامر ناقش مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في اتصال هاتفي، العلاقات الثنائية وآخر التطورات بالمنطقة.

ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن وزير الجماعة أكد للوزير عراقجي فشل الهجمات التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل، زاعماً وجود دعم شعبي يحظى به زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، يتمثل في الحشود الأسبوعية التي يدعو إليها كل جمعة.

جانب من مجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية وهمية معروضة بأحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وفي إشارة ضمنية إلى رفض الانقلابيين المساعي الأممية والإقليمية للتوصل إلى سلام في اليمن، قال المسؤول الحوثي إن جماعته ترفض ما وصفه بـ«الابتزاز السياسي والاقتصادي والعروض» التي تقدَّم للتوقف عن التصعيد؛ تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى أن تصعيد جماعته تجاه السفن وإسرائيل يأتي بالنيابة عن كل الدول العربية والإسلامية، كما ادعى فرار حاملات الطائرات الأميركية والمدمرات أمام هجمات جماعته، وتباهى بالهجمات تجاه إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات.

ونسب الإعلام الحوثي إلى وزير الخارجية الإيراني أنه أدان هجمات أميركا وإسرائيل وبريطانيا على الجماعة الحوثية، ووصفها بأنها تعدّ «انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي» مع تأكيده وقوف طهران إلى جانب الجماعة أمام هذه الهجمات.

ونقل إعلام الجماعة عن عراقجي قوله إن «ما ترتكبه الولايات المتحدة من انتهاك صارخ لمبادئ وقواعد القانون الدولي، نيابة عن الكيان الصهيوني وحلفائه، يأتي في إطار خطتهم المشتركة لتدمير وإضعاف الدول الإسلامية والهيمنة على المنطقة».

تجديد الوعيد الإسرائيلي

وفي ظل الهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المسيّرة تجاه إسرائيل، التي أخذت منعطفاً جديداً مع سقوط نحو 23 جريحاً في تل أبيب السبت الماضي جراء انفجار صاروخ لم يُعترض، جددت إسرائيل وعيدها للحوثيين، وهدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالتحرّك ضد الجماعة «بقوة وتصميم»، وقال في مقطع فيديو بثّه مكتبه: «كما تصرّفنا بقوّة ضدّ الأذرع المسلّحة لمحور الشر الإيراني، فسنتحرّك ضدّ الحوثيين... بقوة وتصميم وحنكة». وأضاف: «حتى لو استغرق الأمر وقتاً، فستكون النتيجة نفسها كما حدث مع المجموعات الإرهابية الأخرى».

عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يتفقدون موقع سقوط صاروخ حوثي بمنطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

وكان الحوثيون تبنوا، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وأعقب الهجوم الإسرائيلي بساعات تنفيذ الجيش الأميركي ضربات استهدفت في صنعاء منشأة صواريخ حوثية ومنشأة للقيادة والتحكم، بالتوازي مع التصدي لهجمات حوثية بالمسيّرات والصواريخ، مما أدى إلى تحطم مقاتلة لإصابتها بنيران صديقة، وهي أول مقاتلة تخسرها واشنطن منذ بدء حملتها ضد الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2023.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن، وغرق اثنتين، وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

قلق أممي

ووسط هذا التصعيد، الذي يتكهن مراقبون بأنه سيقود إلى حملة إسرائيلية واسعة مدعومة أميركياً للانتقام من الحوثيين، جدد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الاثنين، دعواته لضبط النفس وحماية المدنيين.

وقال غروندبرغ إنه يضم صوته إلى صوت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «لضبط النفس وحماية المدنيين في ظل التصعيد الأخير»، ورأى أن هذه التطورات «تعوق جهود الوساطة وتقوض المسار نحو السلام».

طراد الصواريخ الموجهة الأميركي من فئة «تيكونديروجا يو إس إس جيتيسبيرغ» يبحر بمنطقة البحر الأحمر (رويترز)

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضرر مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

دخان يتصاعد من محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات إسرائيلية (رويترز)

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات؛ وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شن الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)
العالم العربي فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يعززون بعناصر أمن صوب 3 محافظات

دفع الحوثيون بالمئات من عناصرهم الأمنيين من مناطق متفرقة في محافظة إب، صوب محافظات تعز والحديدة والضالع بعد أن فشلوا في حشد مزيد من المجندين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النساء يمثلن نحو 19% من المهاجرين الواصلين الشهر الماضي إلى اليمن (الأمم المتحدة)

رقم قياسي لعدد المهاجرين الأفارقة الواصلين إلى اليمن خلال شهر

وصل 18 ألف مهاجر أفريقي إلى اليمن الشهر الماضي في رقم قياسي منذ عام ونصف، في حين عاد طوعياً 1500 مهاجر إثيوبي في رحلات بحرية خطرة.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يتفقدون موقع سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض مسيّرة انطلقت من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، اعتراض سلاح الجو الإسرائيلي لطائرة مسيرة، أُطلقت من اليمن صوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

ضمن السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، يقود «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» برئاسة الدكتور عبد الله بن محفوظ مبادرة «رؤية سعودية وتنمية يمنية».

أسماء الغابري (جدة)

مصر: اتهامات لـ«الإخوان» بـ«التضليل» إثر مزاعم عن مظاهرات

عشرات الآلاف من المصريين خلال مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
عشرات الآلاف من المصريين خلال مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مصر: اتهامات لـ«الإخوان» بـ«التضليل» إثر مزاعم عن مظاهرات

عشرات الآلاف من المصريين خلال مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
عشرات الآلاف من المصريين خلال مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

اتَّهم برلمانيون وإعلاميون مصريون عناصر جماعة «الإخوان» المحظورة، بـ«التضليل» ونشر «الشائعات»، عقب مزاعم عن وجود مظاهرات في أنحاء مصر.

وفي حين تناقلت عناصر موالية للجماعة مقاطع فيديو، مدّعين أنَّها لمظاهرات حديثة، أسرع مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تأكيد «زيف تلك المقاطع»، لافتين إلى أنها «تعود لأحداث قديمة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعةً إرهابيةً» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

ووصف عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، أفراد اللجان الإلكترونية الإخوانية بأن لديهم «خيالاً واسعاً»، مؤكداً على منصة «إكس»، أن «أكاذيبهم مفضوحة، ويستعينون بفيديوهات قديمة، ومظاهرات شعبية لا وجود لها».

ودلَّل المدون المصري لؤي الخطيب، على «زيف» ما نشرته بعض الصفحات الإلكترونية من مقاطع فيديو، قيل إنها لمظاهرات في مصر، مشيراً عبر صفحته على «إكس»، إلى «ارتداء المتظاهرين الذين يظهرون في المقاطع ملابس صيفية، رغم برودة الطقس في مصر».

وعدّ الخطيب أن مزاعم «الإخوان» حول وجود مظاهرات «تجسيد عملي لكلام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أيام»، في إشارة لحديثه عن خطر الشائعات وتحذيره من الانسياق وراءها، واستغلال البعض مواقع التواصل الاجتماعي لتزييف الوعي ونشر الأكاذيب؛ بهدف ضرب استقرار الدولة المصرية.

ويثق المدون المصري بأن «ما تروِّج له جماعة الإخوان هو عمل أجهزة خارجية تستهدف مصر، وليس عمل أفراد».

واتفق الإعلامي المصري أحمد موسى، مع سابقه حول تفنيد صحة مقاطع الفيديو بالإشارة إلى «الملابس الصيفية»، في ظل درجة حرارة تصل إلى 12 درجة مئوية، واصفاً إياها بـ«الفيديوهات المفضوحة»، التي تعود إلى 6 سنوات ماضية.

وقال الإعلامي المصري جابر القرموطي، إن أفراد الإخوان يستهدفون «إسقاط مصر»، عبر «التحريض الواضح ضد الدولة والجيش والمؤسسات المصرية».

ووصف الباحث المصري في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، دعوات التظاهر، التي تطلقها جماعة «الإخوان» بين الحين والآخر على منصات التواصل الاجتماعي، على أمل تكرار السيناريو السوري في مصر، بأنها «خطة مفلسين».

واتَّهم فرغلي تلك العناصر بـ«الحصول على مئات الآلاف من الدولارات نظير دعم نموذج أحمد الشرع، والدعوة إلى تطبيقه في مصر، تعقب ذلك دعوات للتظاهر والثورة، مغلفة بفيديوهات ومنشورات كاذبة عن أوضاع النظام، تصيب الناس باليأس».

ولا يبدي عضو مجلس النواب المصري محمود بدر، أي قلق إزاء دعوات التظاهر، مؤكداً أن «نزول الشارع وعمل فوضى سيواجه شعبياً قبل تصدي الجيش والشرطة».

وسخر رواد آخرون من دعوات التظاهر وبث مقاطع الفيديو الكاذبة، عبر توظيف «الكوميكس» والمشاهد الدرامية، التي تتهكم على ما تروِّج له «الإخوان».

في حين حذَّر آخرون من تصاعد تحريض «الجماعة» خلال الأيام المقبلة.