تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية
TT

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية

صعّدت الجماعة الحوثية انتهاكاتها ضد منتسبي الجامعات الحكومية، بما في ذلك عمليات التضييق، والاستبعاد من الوظيفة، وإجبار الطلبة والكادر التعليمي على الانخراط في برامج تعبوية ودورات عسكرية تمهيداً للزج بهم إلى جبهات القتال.

وأكدت مصادر أكاديمية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن الممارسات الحوثية الأخيرة تركزت على استهداف منتسبي جامعات إبّ وصنعاء والحديدة، وذلك ضمن مساعٍ لتدمير ما تبقى من قطاع التعليم العالي في المناطق الخاضعة تحت سيطرة الجماعة الانقلابية.

مبنى كلية العلوم التطبيقية والتربوية في مديرية النادرة (فيسبوك)

وتمثل آخر الانتهاكات في اقتحام القيادي الحوثي محمد النُّديش برفقة مسلحين مبنى كلية العلوم التطبيقية والتربوية في مديرية النادرة التابعة إدارياً لجامعة إبّ (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وإرغام الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين على تلقي دروس تعبوية ودورات قتالية تستمر 15 يوماً، ضمن حملات تجنيد واسعة تستهدف كافة فئات المجتمع.

واشتكى أكاديميون وطلبة من تكرار الانتهاكات ضدهم، وإجبار الجماعة الحوثية لهم عقب اقتحام الكلية على إلحاق أسمائهم في استمارات خاصة بالتعبئة العامة تحت شعار «طوفان الأقصى» والتوقيع عليها، لإلزامهم بالحضور يومياً للاستماع إلى المحاضرات ذات المنحى الطائفي، والالتحاق بدورات قتالية.

وتوعد القيادي النُّديش - بحسب المصادر - المتغيبين عن الحضور بحرمانهم من مواصلة التعليم والرسوب الحتمي في جميع المقررات الدراسية.

البوابة الرئيسة لجامعة إبّ اليمنية (الشرق الأوسط)

ويتزامن ذلك مع استبعاد الجماعة الحوثية خمسة من المدرسين لمادة «الفكر الإسلامي» في جامعة إبّ، وإسناد تدريس مقررات «الثقافة الإسلامية» لآخرين من أتباعها لا يحملون مؤهلات تتناسب مع شروط التدريس لتلك المقررات.

وكان قد سبق للقيادي الحوثي عبد الفتاح غلاب المعين مشرفاً على محافظة إبّ، أن أصدر في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي توجيهاته بتسريح 3 من أعضاء هيئة التدريس لمادة «الثقافة الإسلامية» من ذات الجامعة.

تعبئة مستمرة

توالياً لذلك الاستهداف الذي امتد إلى منتسبي جامعة صنعاء (كبرى الجامعات اليمنية)، فرضت الجماعة على طلاب وطالبات الجامعة المشاركة في مسيرات احتجاجية تقام كل يوم أربعاء، ووعدت بمنح 10 درجات إضافية في كل مادة دراسية لكل من شارك في المسيرات.

وألزمت الجماعة، وفق المصادر، الطلبة المشاركين في المسيرات بتقييد أسمائهم ضمن قوائم تُشرف عليها عمادات الكليات في جامعة صنعاء، حتى يتم بنهاية كل وقفة احتجاجية معرفة الطلبة المتغيبين ليتم معاقبتهم.

واستنكر طلاب وأكاديميون في جامعة صنعاء ذلك الإجراء، وعدوه انتهاكاً صارخاً لحقوقهم وتكريساً لـ«ملشنة» التعليم الجامعي؛ إذ باتت الدرجات الدراسية أداة ضغط لدفعهم للمشاركة في فعاليات تعبوية لا تخدم التعليم.

مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون في جامعة الحديدة (إعلام حوثي)

وفيما يخص جامعة الحديدة في المحافظة الساحلية التي تحمل الاسم نفسه، أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بوجود مساعٍ حوثية لشن موجة جديدة من التعسفات تستهدف منتسبي الجامعة خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويأتي هذا التوجه عقب لقاء جمع قيادات انقلابية قدِم بعضها من صنعاء بأخرى تُدير شؤون جامعة الحديدة، وخُصص لمناقشة ما تسميه الجماعة «جهود تعزيز أنشطة التعبئة والتحشيد في أوساط منتسبي الجامعة».

وخرج الاجتماع بتوصيات عدة، تتضمن إخضاع منتسبي الجامعة لمزيد من برامج التعبئة الفكرية والعسكرية تحت اسم «دورات تثقيفية وتوعوية».

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن القيادي علي الأهدل المعين في منصب رئيس جامعة الحديدة، اعتزامه إطلاق سلسلة دورات لجميع منتسبي الجامعة بزعم الدفاع عن القضية الفلسطينية، ونصرة الشعبين اللبناني والسوري.


مقالات ذات صلة

إصابة 14 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب

شؤون إقليمية آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

إصابة 14 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون تظهر لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

الحوثيون يتبنون هجمات ضد إسرائيل بالاشتراك مع فصائل عراقية

غداة شن تل أبيب ضربات استهدفت منشآت حيوية خاضعة للحوثيين في صنعاء والحديدة، تبنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد إسرائيل بالطائرات المسيّرة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اعتصام لقبائل محافظة إب لمطالبة الحوثيين بالقبض على أحد القتلة (إعلام محلي)

احتجاجات قبلية في صنعاء لتواطؤ الحوثيين مع مدانين بالقتل

تحوّلت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إلى ساحة لاحتجاجات القبائل ضد الحوثيين؛ لتواطئهم مع مدانين بالقتل، وإصدار قرارات بالعفو مخالفة للقانون اليمني النافذ.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي لقطات نشرها الجيش الإسرائيلي في 19 ديسمبر 2024 تظهر غارات إسرائيلية على أهداف للحوثيين (رويترز)

اليمن يدين الغارات الإسرائيلية ويحمّل الحوثيين المسؤولية

وسط قلق أممي من التصعيد، أدان مجلس القيادة الرئاسي في اليمن الغارات الإسرائيلية الجديدة على صنعاء والحديدة، وحمّل الحوثيين مسؤولية تعريض اليمن لانتهاك سيادته.

علي ربيع (عدن)
تحليل إخباري دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)

تحليل إخباري ضربات إسرائيل في صنعاء تضاعف المخاوف المعيشية والأمنية

يخشى السكان في صنعاء من تأثير الضربات الإسرائيلية على معيشتهم وحياتهم ومن ردة فعل الجماعة الحوثية واستغلال الفرصة لمزيد من الانتهاكات بحقهم.

وضاح الجليل (عدن)

مصر وتركيا... مسار مصالحة مستمر رغم تباين الرؤى بشأن ملفات إقليمية

السيسي يصافح إردوغان الذي يزور مصر للمشاركة في قمة الدول الثماني النامية (الرئاسة المصرية)
السيسي يصافح إردوغان الذي يزور مصر للمشاركة في قمة الدول الثماني النامية (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وتركيا... مسار مصالحة مستمر رغم تباين الرؤى بشأن ملفات إقليمية

السيسي يصافح إردوغان الذي يزور مصر للمشاركة في قمة الدول الثماني النامية (الرئاسة المصرية)
السيسي يصافح إردوغان الذي يزور مصر للمشاركة في قمة الدول الثماني النامية (الرئاسة المصرية)

للمرة الثانية خلال عام واحد، يزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مصر، فيما عدّه خبراء ومراقبون تأكيداً لاستمرار مسار المصالحة بين القاهرة وأنقرة، بعد قطيعة دامت سنوات، رغم «تباين» الرؤى السياسية بشأن بعض الملفات الإقليمية الدائرة الآن.

وتسارعت خطوات التقارب المصري - التركي أخيراً، منهية عقداً من التوترات. خصوصاً مع أول زيارة رسمية للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لأنقرة في سبتمبر (أيلول) الماضي، التي أعقبت أخرى مماثلة لنظيره التركي، للقاهرة، في فبراير (شباط) الماضي، ليدشن البلدان «حقبة جديدة» من التعاون.

ووصل إردوغان إلى القاهرة، الخميس، للمشاركة في القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي (D8). وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في منشور على منصة «إكس»، إن «إردوغان شارك في جلسات خاصة حول فلسطين ولبنان تُعقد على هامش القمة، وعقد لقاءات ثنائية مع القادة المشاركين في القمة، لبحث آخر التطورات الإقليمية والدولية، خاصة الملفين السوري والفلسطيني».

وتأتي زيارة إردوغان لمصر في ظلّ تطورات إقليمية متسارعة، أظهرت تبايناً في الرؤى السياسية بين القاهرة وأنقرة بشأن بعض الملفات، وتوافقاً في ملفات أخرى، خصوصاً مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعم تركيا لفصائل المعارضة السورية المسلحة.

ووفق مصدر تركي مطلع على ملف المصالحة بين القاهرة وأنقرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الاختلافات في التصورات والأولويات، لم يكن ولن يكون لها تأثير كبير على العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا، لأن الجانبين بذلا كثيراً من الجهد للوصول إلى هذه النقطة من التقارب والمصالحة».

وبينما أكد المصدر التركي «اختلاف الأولويات والمخاوف بين القاهرة وأنقرة فيما يتعلق بالوضع في سوريا»، قال إن «الحوار الوثيق المستمر من شأنه أن يساعد».

وأوضح المصدر التركي أن «أنقرة تتفاعل وتتواصل مع السلطات الجديدة في دمشق، وتركز على الاستقرار ووحدة البلاد»، مؤكداً أن «موقف تركيا المنفتح واستعدادها للعمل مع مصر والدول العربية الأخرى، يجب أن يكون مطمئناً حيث تشدد أنقرة على سلامة أراضي سوريا كدولة عربية، ولا تسعى إلى الحصول على مجال نفوذ».

وأشار إلى أن «أنقرة تتفهم مخاوف القاهرة بشأن طبيعة الانتماءات السابقة لـ(جبهة النصرة)، وتستخدم نموذجها وقنوات الاتصال الخاصة بها لإقناع السلطات في دمشق بالاعتدال والشمول واحترام جميع شرائح المجتمع».

ودعمت تركيا النظام الجديد في سوريا، في حين أكدت مصر دعمها لسوريا والحفاظ على سلامة مؤسساتها، وفقاً لأربعة محددات، من بينها «بدء عملية سياسية شاملة تُؤسس لمرحلة جديدة من دون تدخلات خارجية».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن كثيراً من الدول لديها تحفظات على «هيئة تحرير الشام» التي قادت العمليات العسكرية في سوريا.

وقال: «الوقت سيحسم هذه التحفظات، وسيبين ما إذا كانت (هيئة تحرير الشام) ستفي بوعودها بشأن مدنية الدولة أم لا»، مشيراً إلى أن «التشاور الثنائي المستمر بين القاهرة وأنقرة بشأن الملفات الإقليمية من شأنه أن يسهم في حلحلة بعض التباينات السياسية، خصوصاً بشأن الوضع في سوريا أو ليبيا».

سوريا ليست الملف الخلافي الوحيد بين القاهرة وأنقرة، فحتى وقت قصير كان الملف الليبي في مقدمة القضايا الخلافية، بين البلدين، خصوصاً مع الوجود العسكري التركي في ليبيا، الذي سبق أن أكدت القاهرة رفضها له.

وبينما أكد المصدر التركي وجود خلافات في الرؤى السياسية بين البلدين، أشار إلى «تقارب واضح في المواقف حالياً بشأن الوضع في ليبيا». وقال: «مصر وتركيا تتحدثان في هذا الملف بصراحة، وعزّزت أنقرة تواصلها مع شرق ليبيا. وكذلك، فإن القاهرة على اتصال بالشرق». وتابع: «الحوار مستمر بين الجانبين، وكل طرف مطمئن إلى أن الطرف الآخر لن يسمح بحدوث أي شيء ضد الأمن القومي والمصالح الأساسية للطرف الآخر».

ويبدو أن هناك مساعي تركية لحلحلة الصراع بين الشرق والغرب في ليبيا، حيث أجرت أنقرة محادثات مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» المتمركز في الشرق، وفق تقارير إعلامية.

على صعيد آخر، تبنّت القاهرة وأنقرة مواقف متوافقة إلى حد كبير بشأن الحرب في غزة، والأوضاع في السودان. لكن في منطقة القرن الأفريقي، ما زالت الأمور بين مصر وتركيا لم تتضح بعد، فبينما دعمت مصر وحدة وسيادة الصومال في مواجهة «مذكرة التفاهم» التي وقّعتها إثيوبيا مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، مطلع العام الحالي، تقود تركيا حالياً بمفردها جهود وساطة بين مقديشو وأديس أبابا كلّلت أخيراً باتفاق ينتظر أن ينهي توتراً في القرن الأفريقي استمرّ نحو عام. وما زالت القاهرة تترقب تبعات هذا الاتفاق، الذي لم تعلق عليه رسمياً حتى الآن.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: «من الواضح أن القاهرة وأنقرة اتفقتا على فصل العلاقات الثنائية عن الملفات والقضايا الإقليمية، إلا حال تعارض تلك الملفات مع مصالح أي من الدولتين بشكل كبير»، مؤكداً أن «مسار المصالحة بين البلدين لن يتأثر حالياً بأي تباين أو خلاف بشأن القضايا الإقليمية».

وبشكل قاطع، يؤكد الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، بشير عبد الفتاح، لـ«الشرق الأوسط»، أن مسار العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا «لن يتأثر على الإطلاق» بأي خلافات أو تباينات في الرؤى السياسية، وقال: «تتعامل أنقرة والقاهرة بحرفية شديدة في فصل المسار السياسي عن الاقتصادي، حتى خلال فترة التباعد بين البلدين ظل التعاون الاقتصادي قائماً».

وأشار عبد الفتاح إلى «تقلص الفجوة في المواقف السياسية بين البلدين خلال الفترة الأخيرة وزيادة مساحات التلاقي».