حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
TT

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن بدعم من القوات الروسية عدة حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» خلال العام الجاري، فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

وشهدت مناطق البادية وسط سوريا تصعيداً كبيراً في عمليات «داعش» ضد القوات الحكومية، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان نحو 211 عملية قام بها التنظيم منذ بداية العام الجاري قتل فيها نحو 592 شخصاً، منهم 56 من عناصر «داعش»، و478 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة، و58 مدنياً.

وقال المرصد في تقرير له، اليوم الاثنين، إن تنظيم «داعش» انتعش بشكل كبير داخل الأراضي السورية، منذ بداية العام الجاري، خصوصاً ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. وأكد المرصد فشل القوات الحكومية وسلاح الجو الروسي في القضاء على «التنظيم»، محذراً من ازدياد مخاطر عملياته العسكرية.

تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

وتركزت هجمات «داعش» في بادية حمص، حيث تم تسجيل 93 هجوماً، تلتها بادية دير الزور بواقع 70 هجوماً، و26 هجوماً في بادية الرقة، و19 في بادية حماة، وهجومين في بادية حلب.

ومع دحر تنظيم «داعش» من المناطق المأهولة بالسكان عام 2017، تغلغلت خلايا منه في البادية السورية في اتجاه دير الزور ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفي اتجاه غرب نهر الفرات في المناطق سيطرة الحكومة السورية.

وتشير تقارير إعلامية إلى بناء «داعش» مخابئ ومخازن سلاح ذخائر في مناطق نائية في البادية، إلا أن مركزها الأهم بادية السخنة، شرق تدمر وسط سوريا. وقبل نحو شهرين قامت الفرقة 25 مهام خاصة في القوات الحكومية السورية، بحملة تمشيط للبادية بريف حمص الشرقي، بمساندة الطيران الحربي الروسي، انطلقت من السخنة وأطراف جبل البشري غرباً وحتى سبخة الكوم وبئر أبو فياض شمالاً، وصولاً إلى جبل العمور وجبل البلعاس غرباً لملاحقة خلايا التنظيم وتأمين طرق البادية السورية الواصلة بين مناطق الحدود مع العراق ومحافظة حمص، حيث تقوم خلايا التنظيم بهجمات متكررة على صهاريج النفط الآتية من مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية.

وعلى رغم الخسائر التي تكبدها التنظيم فإنه لا يزال يشن هجماته على امتداد «البادية دير الزور - حمص - حماة - الرقة - حلب»، لتأكيد وجوده، حيث تمثل البادية كجغرافيا ممتدة ومتصلة مع دول الجوار ساحة للتنقل وإعادة التمركز.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو تبناه التنظيم لعملية إعدام سائق صهريج على طريق الشدادي جنوب الحسكة، فيما تبنى التنظيم مساء أمس الأحد تفجيرات في العراق أودت بحياة ضباط من الجيش العراقي وعدد من قوات «البيشمركة».


مقالات ذات صلة

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

تفجر التوتر في البوكمال في وقت تعمل فيه إيران على إعادة تموضع ميليشياتها في سوريا على خلفية الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها داخل الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )

انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة غاز الطهي في إب

يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)
يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)
TT

انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة غاز الطهي في إب

يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)
يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)

يعاني أغلبية السكان في محافظة إب اليمنية منذ أسبوع من انعدام شبه كلي لغاز الطهي، وسط اتهامات لقيادات رفيعة في جماعة الحوثيين بالوقوف وراء اختفاء المادة الحيوية وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، حتى تتمكن من جني المزيد من الأموال لتمويل فعالياتها التي تُقام حالياً في أسبوع الذكرى السنوية لقتلاها.

وكشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط» عن وجود أزمة في الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره منذ أسبوع، وهي مشكلة باتت تؤرق ملايين السكان في المحافظة القابعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية (192 كيلومتراً جنوب صنعاء).

يمنيان ينامان في طابور بصنعاء انتظاراً للحصول على أسطوانة غاز (فيسبوك)

وتؤكد المصادر أن الأزمة برزت في الأيام القليلة بشكل مفاجئ، مما يوحي بأنها مفتعلة من قبل جماعة الحوثيين بغية إنعاش السوق السوداء، مرجحة أن قادة حوثيين من خارج المحافظة يقفون وراء افتعال الأزمة.

وجاء انعدام المادة الحيوية متوازياً مع أوضاع معيشية صعبة يكابدها ملايين السكان في إب يرافقها غياب شبه كلي للخدمات، وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة التي دفعت السكان إلى حافة المجاعة.

واشتكى سكان في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» من انعدام غاز الطهي وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، حيث يتراوح سعر الأسطوانة الواحدة بين 12 و15 ألف ريال يمني، بعد أن كانت تُباع رسمياً بنحو 7 آلاف ريال (الدولار نحو 530 ريالاً بمناطق الحوثيين).

تكسب متعمد

يذكر أحمد.ن، وهو أحد سكان مديرية العدين غربي المحافظة، أنه عاجز منذ يومين عن توفير أسطوانة غاز واحدة لعائلته، ويرجع ذلك إلى تدهور ظروفه المادية جراء انقطاع الرواتب وقلة فرص العمل، وكذا سياسات التجويع الحوثية الممنهجة.

ويقول أحمد إنه طاف مُعظم مراكز ونقاط البيع بالمدينة وضواحيها بحثاً عن الغاز؛ لكنه وجدها مغلقة؛ حيث أبلغه أحد العاملين بعدم توفر المادة لأسباب لا يعلمها، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مُعظم سكان المحافظة باتوا اليوم على دراية تامة بأن الجماعة الحوثية هي الجهة التي تتكسب من وراء الأزمات المفتعلة من قبلها.

أسطوانات غاز فارغة في طريقها للتعبئة بصنعاء (إ.ب.أ)

ويتهم عصام -وهو يسكن في مديرية الظهار وسط مدينة إب- الجماعة الحوثية بالفشل في إجبار سكان المحافظة ومديرياتها على تقديم الأموال لمصلحة تمويل فعالياتها ذات الصبغة الطائفية. ويؤكد أن ذلك الفشل قاد الجماعة إلى حيلة أخرى لتوفير المال، تتمثل في إخفاء غاز الطهي وبيعه بأسعار مضاعفة.

وتتحدث المصادر في إب عن أن الجماعة الحوثية أوقفت عبر فرع شركة الغاز التابعة لها، عملية تعبئة المادة للوكلاء ونقاط البيع، بغية افتعال الأزمة.

وهاجمت المصادر قادة الجماعة وفرع شركة الغاز بسبب تجاهلهم المستمر لمعاناة وأوجاع السكان وما يلاقونه من صعوبات أثناء رحلة البحث على أسطوانة غاز، في حين توزع الجماعة المادة مجاناً وباستمرار على أتباعها.

تبرير غير مقنع

تُبرر الجماعة الحوثية اختفاء الغاز في إب وما جاورها بأنه نتيجة تأخر وصول السفينة المحملة بكميات من المادة المستوردة التابعة لأحد التجار الموالين لها إلى ميناء الحديدة، حيث تعتمد أغلب المحافظات تحت سيطرة الجماعة بما فيها إب كلياً على الغاز المستورد، في ظل استمرار المنع الحوثي لدخول الشحنات المحلية القادمة من مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية.

وسبق للجماعة الانقلابية أن منعت في منتصف العام الماضي دخول غاز الطهي من محافظة مأرب إلى المناطق تحت قبضتها، مستعيضة بالغاز المستورد القادم مُعظمه من إيران عبر ميناء الحديدة، ضمن سلسلة إجراءات تأتي في إطار حربها الاقتصادية على الحكومة والمواطنين.

يمنيون في صنعاء خلال طوابير شراء أسطوانات الغاز (غيتي)

وكانت شركة الغاز الحكومية في مأرب حذّرت من منع جماعة الحوثي وصول الغاز المحلي، وأفادت بتلقيها معلومات بحصول الجماعة على كميات من الغاز المجاني من إيران والعراق.

ورأت الشركة أن ذلك «تأكيد على سعي الجماعة ومضيها في مسيرة التجويع والتضييق لإخضاع كل فئات الشعب اليمني لمشروعها الطائفي». وذكرت أن الهدف من تلك الخطوات هو إثراء قيادات ومشرفي الجماعة على حساب مضاعفة الأعباء على اليمنيين الذين عبثت بكل مقدراتهم وتفننت في كل الأساليب من أجل تجويعهم.

وحمل البيان جماعة الحوثي كامل المسؤولية القانونية والإنسانية المترتبة على منع دخول مقطورات الغاز المنزلي إلى المواطنين في المحافظات التي تسيطر عليها ودعت إلى «وقف المتاجرة بمعاناة الشعب وخدماته الضرورية والأساسية».